ترغيب الشرع في رعاية أهالي الجنود وكفالتهم

تاريخ الفتوى: 22 يناير 2023 م
رقم الفتوى: 7387
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: التعويضات
ترغيب الشرع في رعاية أهالي الجنود وكفالتهم

هل رعاية أهالي الجنود لها أصل في الشريعة الإسلامية؟ وما ثواب ذلك الأمر؟

من الشيم المستحبة والأخلاق الحسنة ما يقوم به الناس وخاصةً الجيران من تفقد أسر الجنود البواسل وأهليهم؛ للاطمئنان عليهم، ولتوفير احتياجاتهم حال قيام أبنائهم بواجب الجندية، وقد استحسن الشرع الشريف هذا العمل ورتب عليه أحكامًا خاصة لهم؛ إكرامًا لهؤلاء الجنود البواسل وتقديرًا لما يقومون به مِن دَوْرٍ عظيمٍ في الدفاع عن الوطن وحمايته.

المحتويات:

فضل الدفاع عن الوطن

فضَّل اللهُ تعالى الناس بعضهم على بعض بما عملوا وقدَّموا من أعمال خير وبر وفضل؛ فقال سبحانه: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 132].

ولَمَّا كان الدفاع عن الوطن وحمايته من أفضل الأعمال؛ إذ يبذل الإنسان أغلى ما يملكه: وهو نفسه، رفع الله تعالى قدر ذلك العمل وشرَع للقيام به من الأحكام ما لم تُشرع لغيره، تقديرًا لمَن يقوم به، واعترافًا بعظيم صنعه وكبير فضله.

ثواب رعاية أهل الجنود وكفالتهم، وحرص النبي على ذلك

مِن الأحكام التي اختص الشرعُ الشريفُ بها مَن يخرج من بيته للدفاع عن وطنه: أنْ كفل له رعاية أهله ومؤنتهم حتى يعود، وحثَّ على ذلك ورغَّب فيه، وجعل أجر مَن يقوم بذلك كأجر ذلك المجاهد سواء بسواء؛ ذلك أنهم لما خرجوا للدفاع عن الوطن كَفَوْا غيرهم مخاطر الدفاع عنهم، فتحتَّم على القاعدين برًّا وعرفانًا لهم أن يكفوهم أمر أسرهم بما كانوا يقومون به لو لم يخرجوا، وعلى ذلك تواردت النصوص.

فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» أخرجه الشيخان.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى بَنِي لَحْيَانَ: لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ لَسْتُ مُضَيِّعُهُنَّ وَلَا تَارِكُهُنَّ لِشَيْءٍ أَبَدًا: الْقُوَّةُ فِي مَالِ اللهِ وَجَمْعِهِ، حَتَّى إِذَا جَمَعْنَاهُ؛ وَضَعْنَاهُ حَيْثُ أَمَرَ اللهُ، وَقَعَدْنَا آلَ عُمَرَ لَيْسَ فِي أَيْدِينَا وَلَا عِنْدَنَا مِنْهُ شَيْءٌ. وَالْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ؛ أَلَّا يُحْبَسُوا وَلَا يُجْمَرُوا، وَأَنْ يُوَفَّرَ فَيْءُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى عِيَالَاتِهِمْ، وَأَكُونُ أَنَا لِلْعِيَالِ حَتَّى يَقْدُمُوا" ذكره الإمام الطبري في "تاريخ الرسل والملوك" (4/ 227، ط. دار التراث).

وهذه النصوص الشريفة وغيرها تُؤكِّد حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة من بعده على أن يَلقى أهالي الجنود من الرعاية والعناية ما يسدّ حاجتهم، ويعوضهم عن تغيب أبنائهم عنهم؛ لِمَا في ذلك من تفريغ خاطر هؤلاء الجنود للقيام بواجبهم في الحفاظ على مقدرات الدولة ومكتسباتها ومصالح أهلها وهم مطمئنو البال على ذويهم، مع ما في ذلك أيضًا من إبراز معاني التقدير والامتنان لعظيم عملهم إذ خرجوا للحافظ على أمن المجتمع، فَقَدَّر المجتمع لهم ذلك بحفظ أمن أهاليهم وسد حاجتهم.

قال العلامة الماوردي (ت: 450هـ) في "الأحكام السلطانية" (ص: 64، ط. دار الحديث): [يجوز أن يُرزق مَن بَلَغَ مِن أولاد الجيش ويُفرض لهم العطاء بغير أمر] اهـ.

وقال الإمام الطيبي في "شرح المشكاة" (8/ 2630، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز): [قوله: «وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا».. يقال: خَلَفَهُ في أهله إذا قام مقامه في إصلاح حالهم ومحافظة أمرهم؛ أي: مَن تولَّى أمر الغازي وناب منابه في مراعاة أهله زمان غيبته، شاركه في الثواب؛ لأن فراغ الغازي له واشتغاله به بسبب قيامه بأمر عياله فكأنه مسبب من فعله] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (13/ 40، ط. دار إحياء التراث العربي) :[«وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ؛ فَقَدْ غَزَا» أي: حصل له أجرٌ بسبب الغزو، وهذا الأجر يحصل بكل جهادٍ، وسواء قليله وكثيره، ولكل خالفٍ له في أهله بخيرٍ؛ مِن قضاء حاجةٍ لهم، وإنفاقٍ عليهم، أو مساعدتهم في أمرهم، ويختلف قدر الثواب بقِلَّة ذلك وكثرته] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "الكافي" (4/ 155، ط. دار الكتب العلمية): [يفرض للمقاتلة من المسلمين قدر كفايتهم؛ لأنهم كفوا المسلمين أمر الجهاد فيجب أن يكفوا المؤنة، ويتعاهد عدد عيالهم؛ لأنهم قد يزيدون وينقصون، ويتعرف أسعار ما يحتاجون إليه من الطعام والكسوة؛ لأنه قد يغلو ويرخص، لتكون أعطيتهم على قدر كفايتهم] اهـ.

تحذير الشرع من التعدي على أهل الجنود

لم تكتف الشريعة الغرَّاء بالترغيب في رعاية أهل الجنود وتوفير مؤنتهم، بل زادت على ذلك أنْ حذَّرت من المساس بهم، أو التعدي على شيء من حقوقهم حتى اختصتهم بالنص بالتحريم كحرمة الأهل؛ لمزيد من العناية بهم، مع لَفْتِ الانتباه إلى عظيم ما وراء التعدي عليهم أو الانتقاص من حقوقهم من إثم؛ فعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ، إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".

قال العلامة الأمير الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (5/ 344، ط. دار السلام): [«حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ» أي: أمهات القاعدين، خَصَّ نساء المجاهدين؛ لَمَّا كان الحديثُ مسوقًا لبيان فضيلة خلافة القاعد للمجاهد في أهله، لقضاء حوائجهم والنفع لهم، وكان فيه ضرورة الدخول إلى منازلهم، سَدَّ ذريعة الحرام بتخصيص هذا الحكم بهن، وإلا فكلُّ أجنبيةٍ محرمةٌ كحرمة الأم، وفي التسمية بـ"الأم" إشارةٌ إلى إنه ينبغي مِن القاعدين: البر بنساء المجاهدين، والنفع، وقضاء الحوائج، والإحسان] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ من الشيم المستحبة والأخلاق الحسنة ما يقوم به الناس وخاصةً الجيران من تفقّد أسر الجنود البواسل وأهليهم؛ للاطمئنان عليهم، ولتوفير احتياجاتهم حال قيام أبنائهم بواجب الجندية، وقد استحسن الشرع الشريف هذا العمل ورتب عليه أحكامًا خاصة لهم؛ إكرامًا لهؤلاء الجنود البواسل وتقديرًا لما يقومون به مِن دَوْرٍ عظيمٍ في الدفاع عن الوطن وحمايته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الاشتراك في صندوق الزمالة بالشركات؟ وهل هذا تبرعٌ أو يُعَدّ من الربا؟


السائل يقول: إنه في شهر يونيه سنة 1986م تعاقد مع مؤسسة عربية لبيع ماكينات الخياطة والتطريز على شراء ماكينتين للتطريز، على أن يطلب صاحب المؤسسة من الشركة إرسال هذه الماكينات في خلال مدة من 3 إلى 6 شهور، وتم الاتفاق بينه وبين البائع على تسليم الماكينات في ظرف ثلاثة أشهر مقابل مبلغ 74800 جنيه بالشروط التالية:
أ- يدفع من هذا المبلغ 20000 جنيه عند تحرير العقد، وقد دفع هذا المبلغ فعلًا.
ب- يدفع عند التسليم 10000 جنيه.
ج- باقي المبلغ 40800 جنيه تسدد على أقساط شهرية تبدأ بعد التسليم.
د- تحدد بالعقد شرط جزائي قدره 5000 جنيه يدفعها من يخل بشرط هذا العقد.
وسافر إلى عمان بعد أن وكل ابنه في استلام الماكينات، وادعى البائع بأن الماكينات في طريقها إلى الإسكندرية، وطلب المبلغ المتفق عليه عند التسليم، وفعلًا استلم مبلغ 10000 جنيه، وأصبح طرفه مبلغ 30000 جنيه، وعند عودته في يونيه سنة 1987م طالبه بالماكينات، ولكنه ادعى أن الشحنة وصلت بدون الماكينات المطلوبة، ووعد باستعجالها، وقرب السفر حدد موعدًا آخر يوافق وجوده بالسلطنة.
ومر عامٌ آخر وهو يعد ويخلف الوعد، وفي عام 1988م ادعى البائع بأن الماكينات سوف تصله، وحدد موعدًا يوافق يوم سفره بعد انتهاء الإجازة، وادعى بأنه مضطر أن يقدم من يدفع له الثمن نقدًا، ولكنه تقديرًا له يطلب منه مبلغ 10000 جنيه أخرى على أن يسلمه الماكينات في شهر سبتمبر سنة 1988م، وفعلًا دفع له هذا المبلغ، ثم قام زملاء السائل في شهر أكتوبر سنة 1988م بتجديد عقد الاتفاق السابق، وزادوا فيه قيمة الشرط الجزائي إلى 35% من قيمة المبلغ المدفوع أي ما يوازي 14 ألف جنيه، وحددوا موعدًا آخر هو 15 أغسطس سنة 1989م، في هذا الموعد كشف هذا البائع عن غدره، وأعلن أنه عاجز عن تنفيذ هذا العقد، وعن استعداده لدفع قيمة الشرط الجزائي، وفعلًا حرر السائل شيكات بمبلغ 50000 جنيه على خمسة أشهر، وبقي عنده 4 آلاف جنيه تحت المحاسبة.
ويسأل: هل يستحق هذا المبلغ 14 ألف جنيه قيمة الشرط الجزائي؟ وهل يكون حلالًا، أم لا؟ وكيفية التصرف فيه إذا كان غير حلال، وهل على المبلغ المدفوع زكاة باعتباره كان ثمنًا لآلات للعمل؟ وما مقدارها؟


ورثت مع إخوتي عمارة صغيرة عن والدتنا رحمها الله، والعمارة بها خمس شقق سكنية ودكان واحد، وكل وحداتها مؤجرة للغير بعقود قديمة، تتراوح الأجرة الشهرية لكل منها بين الثلاثة والخمسة جنيهات فقط، وجميع المستأجرين لا يقيمون بها، إلا واحدًا فقط يقيم فعلا في الدور الأرضي، وجميع المستأجرين مستعدون للإخلاء بمن فيهم الساكن المقيم بالدور الأرضي مقابل مبالغ ندفعها لهم، ولكننا لا نملك أي سيولة نقدية لذلك، والعمارة في حالة خلوها من السكان يمكن بيعها بما يقارب السبعمائة ألف جنيه، وجميع الورثة في حاجة إلى أنصبتهم في هذه القيمة. وهناك مستثمر موثوق فيه عندنا مستعد لسداد المبالغ المطلوبة من السكان، على أن يتم تنازل كل منهم عن الوحدة التي يستأجرها لهذا المستثمر حتى نتمكن من بيع العمارة للغير، وأخذ نصف القيمة من المشتري، مع التعهد له بتسليمه العمارة خالية من جميع السكان خلال شهر أو شهرين، ومن ثم يتنازل المستثمر لنا عن جميع الوحدات، على أن نرد له ما دفعه للسكان مضافا إليه عائد استثمار قدره عشرة بالمائة إذا تم ذلك خلال مدة يوم إلى شهر من تاريخ دفع المستثمر مقابل الإخلاء، أو خمسة عشر بالمائة إذا زادت المدة عن شهر إلى شهرين، أو عشرون بالمائة إذا زادت عن شهرين إلى ستة أشهر، أو وفقا لسعر السوق إذا زادت المدة عن الستة الأشهر. فما الحكم الشرعي في ذلك؟

 


ما حكم اشتراط المقرض على المقترض زيادة عند التأخر عن سداد الدين؟ فقد أقرضتُ صديقي مبلغًا من المال على أن يسدده لي بعد سنة من تاريخ الإقراض، ونظرا لأنني أدخر هذا المال لتجهيز بناتي في الزواج اتفقت معه على شرط مفاده أنه إذا تأخر في السداد سيدفع لي المبلغ مضافًا إليه نسبة 15% من قيمة القرض، ووافق على ذلك، وأخبرنا البعض أن هذا حرام، فهل هذا حرام فعلًا؟


كيف يتصرف الخيَّاط في الملابس التي يقوم بتفصيلها ويتأخر أصحابها في تسلمها عن موعدها المحدد؟ فهناك رجلٌ يعمل خياطًا، ويقوم الزبائن بإحضار أقمشةٍ إليه لتفصيلها وملابس لإصلاحها، ويواجه مشكلة أحيانًا؛ حيث يترك بعضُهم تلك الملابس مدةً طويلةً، قد تبلغُ السنةَ وأكثر، مما يُسبب له حرجًا وضيقًا في محلِ العمل، فما التصرف الشرعي المطلوبُ في مثل هذه الحالة؟


يقول السائل: امرأة توفيت عن إخوتها لأبيها ثلاث إناث وذكر، وتركت ما يورث عنها شرعًا، فهل تكفينها وتجهيزها حتى دفنها واجب في تركتها، أو على الورثة؟ وما هو اللازم شرعًا في التكفين والتجهيز حتى الدفن؟ وهل إذا صرف أحد الورثة من ماله في التجهيز والتكفين زيادةً عمَّا هو لازم لها حسب أمثالها، وكان ذلك بدون إذن الورثة، وكذا ما صرفه في غير التجهيز والتكفين مثل أجرة وتكاليف مكان العزاء؛ من مأكل ومشرب وغير ذلك، بدون إذن باقي الورثة أيضًا، هل يلزم ذلك الورثة أو لا يلزمهم ويكون متبرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 54
العشاء
9 :27