حكم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في الاستفتاء

تاريخ الفتوى: 22 سبتمبر 2025 م
رقم الفتوى: 8784
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في الاستفتاء

ما حكم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في الاستفتاء؟ فإني ألجأ غالبًا إلى عدة تطبيقات (AI) للسؤال عن الحكم الشرعي في بعض المسائل التي تَحدُث لي.

لا يجوز شرعًا الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في الحصول على الفتوى، فعلى الرُّغْم مِن التقدم التكنولوجي إلَّا أنه لا توجد حتى الآن برامج تُضاهي المرونة البشرية التي تملك أدوات الإفتاء الكاملة من علوم ومعارف، ومراعاة اختلاف الفتوى حسب اختلاف الزمان والمكان والظروف الخاصة المصاحبة لكل فتوى، وإن كانت بعض هذه التطبيقات قد وصلت إلى مستويات أداء الخبراء والمحترفين البشريين في تنفيذ بعض المهام إلَّا أَّن ذلك في نطاقات مُحدَّدة بعيدًا عن الفتوى.

المحتويات

 

حكم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو قدرة الحاسوب الرقمي أو الروبوت المُتحكّم به حاسوبيًّا على أداء مهام تَرتبط عادةً بالكائنات الذكية، وهذا المصطلح يُستخدم غالبًا للإشارة إلى مشروع تطوير أنظمة تتمتع بالعمليات الفكرية المُميّزة للبشر، مثل القدرة على التفكير المنطقي، واكتشاف المعنى، والتَّعلُّم مِن التجارب السابقة، بحيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي بهذا المعنى المُحدد في تطبيقات مُتنوّعة مثل التشخيص الطبي، ومحركات البحث الحاسوبية، والتعرّف على الصوت أو الكتابة اليدوية، وبرامج الدردشة الآلية. ينظر: "الذكاء الاصطناعي واقعه ومستقبله" آلان بونيه، ترجمة: د. علي صبري فرغلي، ص: 11، ط. عالم المعرفة.

واستخدام الذكاء الاصطناعي وما يعمل عليه مِن تقنيات -أمرٌ مباح مِن حيث الأصل؛ لقوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْه﴾ [الجاثية: 13]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ الْعَافِيَةَ» أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: "حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

 إلا أنَّه وإن كان مباحًا من حيث أصله، لكنه تابعٌ مِن حيث الحكم لما يقصد منه، فمتى كان وسيلة لأمرٍ مباحٍ أو مندوبٍ أو واجبٍ أو مكروهٍ أو محرمٍ أَخَذ حكمه مِن حيث هو؛ وذلك لما قَرَّره الفقهاء من أَنَّ الوسائل تأخذ أحكام المقاصد، وأَنَّ الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام العز بن عبد السلام في "فوائده" (ص: 43، ط. دار الفكر).

عناية الشريعة الإسلامية باستخدام كل ما هو جديد ومتطور لخدمة الإنسان

عَنَت الشريعة الإسلامية عناية خاصة بكل ما مِن شأنه نفع الفرد والمجتمع، واستخدام كل ما هو جديد ومتطور، وتطويع ذلك لخدمة الإنسان، بما يحقِّق النفع والصلاح، ومِن ذلك مواكبة التطور التكنولوجي، والثورة الهائلة في كافة المجالات العلمية والتقنية، وذلك للاستفادة منها في نشر سماحة الإسلام، وبيان مبادئه العادلة، وأحكامه المنصفة، وحضارته العظيمة، ليعم بذلك النفع والاستفادة، ويُعدّ ذلك استغلالًا مفيدًا لما سَخَّره الله تعالى للإنسان في الأرض وأباح له الاستفادة منه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29].

بيان أهمية الفتوى

الفتوى: هي تبيين الحكم الشرعي للسائل عنه. يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبُهُوتي (3/ 483، ط. عالم الكتب).

ولا شك أنَّ الفتوى مِن الأمور المؤثِّرة في حياة الفرد والمجتمع، ولها مِن الخطورة الكبيرة والمكانة العظيمة ما لا يخفى، حتى أَنَّ الله تعالى شَرَّفها فعزاها إليه في غير موضع من القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ [النساء: 127]، وقال أيضًا: ﴿َيَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ [النساء: 176]، وعَزَاها لأنبيائه في قوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ [يوسف: 46]. فهي بهذا ذات منصبٍ عظيم الأثر، بعيد الخطر، وهي وظيفة إسلامية جليلة، وعمل ديني رفيع، ومهمة شرعية جسيمة، ينوب فيها الشخص بالتبليغ عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه، قال الإمام النووي في "آداب الفتوى" (ص: 13-14، ط. دار الفكر): [اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر كبير الموقع كثير الفضل؛ لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقائم بفرض الكفاية لكنه معرَّض للخطأ؛ ولهذا قالوا: المفتي موقع عن الله تعالى] اهـ.

أهم شروط المفتي

بما أنَّ المفتي قائم مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونائب عنه في تبليغ الأحكام، وتعليم الأنام، وإنذارهم بها لعلهم يحذرون، فلا بد له من شروط تؤهله إلى هذه المكانة، ومن أهم شروط المفتي: أن يكون مكلفًا مسلمًا، ثقة مأمونًا، متنزهًا من أسباب الفسق ومسقطات المروءة، ويكون فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط مستيقظًا؛ لأن من لم يكن كذلك فقوله غير صالح للاعتماد وإن كان من أهل الاجتهاد. ينظر: "أدب المفتي والمستفتي" لابن الصلاح (ص: 86، ط. مكتبة العلوم والحكم).

حكم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الفتوى

المفتي هو الـمُخبِر في الأحكام عن الله تعالى بأمره، والعالم بأحكام الوقائع شرعًا عن طريق الأدلة والبراهين ومعرفة غالب الفقه، وهو القائم مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التبليغ، فالعلماء ورثة الأنبياء، وقد ثبت بالتجربة العملية مِن خلال توجيه أسئلة معينة لبرامج الذكاء الاصطناعي -أنَّه يفتقد في عمله إلى كثير من معايير الجودة والدقة العلمية والشرعية، فهو عند تجربته يعطي السائل نتائج لإجابات تحتمل الخطأ والصواب، بل قد تتعدَّى ذلك الأمر فتأتي النتائج على خلاف الحقيقة، الأمر الذي لا يتماشى مع الفتوى التي هي بيان ما أُشْكِل مِن أمور شرعية بيانًا قويًّا وظاهرًا.

كما أنَّ النتائج تخرج دون الاعتماد على أي منهجٍ علميٍّ رصينٍ يُؤكِّد هذه النتائج، أو يُؤصِّل لها، أو أصولٍ تساعده على استنباط الأحكام الشرعية، أو معرفة المصادر المعتمدة مِن غيرها، أو معرفة الكتب التي يبحث فيها، هذا بالإضافة إلى عدم قدرة هذه التطبيقات على تقييم المعلومات الأَوَّليَّة والنتائج الأخيرة في الموضوع محل البحث.

ومن المقرر أن الأحكام المبنية على العادات والأعراف ومصالح العباد تتغير تبعًا لتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، يقول الإمام القرافي في "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام" (ص: 218، ط. دار البشائر الإسلامية): [إن إجراء الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد: خلاف الإجماع وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد: يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة] اهـ.

وعند الكلام عن اعتبار العرف في تغير الفتوى يقول أيضًا الإمام القرافي في "الفُروق" (1/ 176، ط. عالم الكتب): [فمهما تجدد من العُرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجلٌ من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تُجْرِهِ على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأَجْرِهِ عليه وأَفْتِهِ به دون عُرفِ بلدك والمقرَّرِ في كتُبك، فهذا هو الحقُّ الواضح بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين] اهـ. وهذه التغيرات في العادات والأعراف التي لها أثر في تغير الفتوى لا يدركها إلا المفتي البشري ويُفتقد في هذه التطبيقات الحديثة.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّه لا يجوز شرعًا الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في الحصول على الفتوى، فعلى الرُّغْم مِن التقدم التكنولوجي إلَّا أنه لا توجد حتى الآن برامج تُضاهي المرونة البشرية التي تملك أدوات الإفتاء الكاملة من علوم ومعارف، ومراعاة اختلاف الفتوى حسب اختلاف الزمان والمكان والظروف الخاصة المصاحبة لكل فتوى، وإن كانت بعض هذه التطبيقات قد وصلت إلى مستويات أداء الخبراء والمحترفين البشريين في تنفيذ بعض المهام إلَّا أَّن ذلك في نطاقات مُحدَّدة بعيدًا عن الفتوى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التغيب عن الجمعة خوفا من الإصابة بكورونا؟ ففي ظل انتشار "فيروس كورونا المستجد" واتجاه دول العالم إلى ضرورة التعايش مع ظروف هذا الوباء، ودراسة الأجهزة المعنية في الدولة آلية وضوابط العودة التدريجية لصلاة الجمعة؛ فهل يجوز لـمَنْ غَلَب على ظنه الإصابة بهذا الفيروس أن لا يحضر لصلاة الجمعة؟ وهل عليه إثم في ذلك؟


هل يجوز للعامي أن يأخذ الأحكام الشرعية من الكتب دون الرجوع إلى أهل العلم والفتوى المتخصصين؟


هل يجوز الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا المستجد من غير المسلمين من أبناء وطننا؟ أو من بلدان العالم؟


أنا طالب مسلم أدرس الفيزياء في جامعة في أمريكا، وكنت قد سمعت من أحد الأساتذة في إحدى المحاضرات: أنه توجد عملية تسمى Time travel وتترجم إلى العربية السفر عبر الزمن وهي إلى المستقبل والماضي أو إلى المستقبل فقط، وقد أصبح ذلك ممكنًا عن طريقة نظرية Twin paradox.
وأما السفر إلى الماضي فغير ممكن حاليًا. لكن بعض العلماء يقولون إن من الممكن أن يحدث هذا في المستقبل؛ لأن الاكتشافات كانت في الأسس أحلامًا، فمن غير المستبعد حدوث هذا في المستقبل. وعندما قلت هذا لإمام أحد المساجد وجدته يعترض بشدة، بل قال: إن هذا لم يحدث ولن يحدث؛ لأنه يوجد نصوص في القرآن والسنة تنفي حدوث هذه الفكرة صراحة، وإن اعتقدت بهذه الفكرة فأنت آثم؛ لأنك تعتقد بحدوث أمر الله، وقال إنه لن يحدث، وعندما قلت له: إن بعض المشايخ قال هذا على عملية الاستنساخ قبل حدوثها، رد بأن العلماء قالوا إن من يحاول إنجاح الفكرة آثم، ولم يقولوا إن هذه الفكرة مستحيل حدوثها، بخلاف فكرتك السابقة فإنه يوجد نصوص تمنع حدوث مثل هذه الفكرة. فما القول الصحيح؟ هل يوجد نصوص تقول إن هذه الفكرة لم تحدث، أو من المكن أن تحدث لكن أصحابها آثمون أم من الممكن حدوثها؟


في ظل ما يمرُّ به المجتمع من أزمة انتشار وباء فيروس كورونا، بدا جليًّا ما يقوم به الأطباء والممرضون من عمل جليل؛ حيث يتصدرون أول صفوف مواجهة انتشار هذا الفيروس، ويحرصون على تقديم عملهم على أتم وجه غير عابئين بأنهم أكثر الناس عرضةً للإصابة بالعدوى، مما يعرض حياتهم وذويهم للخطر، وذلك من أجل إغاثة المرضى والقيام بالواجب الوطني والمجتمعي. فكيف هي نظرة الإسلام لمن يقوم بمثل هذا العمل العظيم؟ وما واجب المجتمع تجاههم حينئذ؟


هل يجوز الاعتكاف في البيت بسبب كورونا؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من (فيروس كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ تعالت أصوات تنادي بصحة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في البيوت السكنية. فنرجو من سيادتكم توضيح مدى صحة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان في البيوت، وهل للاعتكاف مدة زمنية محددة شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28