حكم وضع الجنائز فوق بعضها عند الصلاة عليها

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5235
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم وضع الجنائز فوق بعضها عند الصلاة عليها

ما حكم وضع الجنائز فوق بعضها عند الصلاة عليها؟ فأنا أعمل في مستشفى لعزل المصابين بفيروس كورونا، وكثيرًا ما تحدث حالاتُ وفاةٍ كثيرةٌفي اليوم الواحد، وهذه الحالات تُجَهّز في المستشفى ويُصلى عليها، ونجد مشقَّةً في وضع صناديقِ الجنازات خلفَ بعضها؛ نظرًا لضيق المكان الذي نُصلي فيه، فاقترح أحد العاملين أن توضعَ الجنازات عند الصلاة عليها في (ركات) متعددة الطوابق بحيث يكون بعضها فوق بعض، كل جنازة في طابق، فهل هناك مانع شرعي من هذا؟

الأمر في ترتيب الجنائز وكيفية وضعها عند اجتماعها للصلاة عليها مبنيٌّ على السعة، وجارٍ على وفق المسموح به من مساحة المنطقة التي توضع فيها أمام الإمام، ولا مانعَ من عمل طوابق (ركات) متعددة الطوابقِ لوضْع الجنازات عند الصلاة عليها مجتمعةً؛ لأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف وهما مقصدانِ شرعيان، وحتى لا تشغل مساحات كبيرة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.

من المعلوم أن أمر الجنائز في ترتيبها وكيفية وضعها مبنيٌّ على السعة؛ إذ تواردت نصوص الفقهاء على أن الشأنَ وَاسعٌ في وضع الجنازات وكيفية ترتيبها عند اجتماعها للصلاة عليها، ما دام أنها توضع أمام الإمام إلى القبلة؛ فنصوا على أنه إذا وضعت الجنازات أمامَ الإمامِ واحدةً خلفَ واحدةٍ كان حسنًا، وإن جُعل الرجالُ صفًّا واحدًا، ثم الصبيان خلفهم، ثم النساء خلفهم مما يلي كان حسنًا، ويقوم الإمام وسطهم ويصلي عليهم، ويصنع بالنساء كما يصنع بالرجال، وإن وضعت الجنازات شبه الدرج؛ بأن تكون رأس جنازة الثاني عند صدر جنازة الأول كان حسنًا، وإن اختلف الترتيب في الصلاة وقدم النساء على الرجال والصغار على الكبار مضت الصلاة، ولم تجب إعادتها.
قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (2/ 65، ط. دار المعرفة، بيروت): [(قال): وإذا اجتمعت الجنائزُ، فإن شاؤوا جعلوها صفًّا وإن شاؤوا وضعوا واحدًا خلف واحد، وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول: توضع شبه الدرج؛ وهو أن يكون رأس الثاني عند صدر الأول، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه أنه إن وُضِع هكذا فحسن أيضًا؛ لأن الشرط أن تكون الجنائز أمامَ الإمامِ وقد وجد ذلك كيف وضعوا، فكان الاختيار إليهم] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 628، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت): [وأما إن كثروا، مثل العشرين والثلاثين، فلا بأسَ أن يُجْعَلوا صفَّيْنِ وثلاثةً ممدودةً عن يمين الإمام ويساره، ويُقدَّم الأفضلُ والأسنُّ إلى الإمام وقُرْبه] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 278، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت): [الأَمرُ في ذلك وَاسعٌ؛ فلو أخطأ في ترتيب الجنائزِ للصلاة عليها، فقدّم النساء على الرجال والصغار على الكبار لمضت الصلاة ولم تجب إعادتها، وإن علم بذلك بالقرب قبل الدفن] اهـ.
وقال العلامة ابن المُلقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (9/ 625، ط. دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث): [قيل: يوضع شبه الدرج؛ رأس الثاني عند صدر الأول، وإن شاؤوا جعلوها واحدًا بعد واحدٍ، وإن شاؤوا صفًّا واحدًا، وإن كان القوم سبعة: قاموا ثلاثة صفوف خلفه: ثلاثة، ثم اثنان، ثم واحد. قلتُ: والأولى عندي: اثنان ثم اثنان ثم اثنان؛ لكراهية الانفراد] اهـ.
وهذا كلُّه يقتضي أنَّ الأمرَ في ترتيبِ الجنائز واسعٌ، وأنه جارٍ على وفق المسموح به من مساحة المنطقة التي توضع فيها أمام الإمام، ولا يخفى الاحتياج -مع كثرة الجنازات- إلى وضعها في طوابق كما في السؤال، وأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الشرع في حصول الصلاة، وكونها أمامَ الإمام.
وبناءً على ذلك: فلا مانعَ من عمل طوابق (ركات) متعددة الطوابقِ لوضْع الجنازات عند الصلاة عليها مجتمعةً؛ لأن ذلك لا يخرجُ عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف، وهما مقصدانِ شرعيان، وحتى لا تشغل مساحات كبيرة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التعقيم بالكحول وأثره في الطهارة؛ ففي ظل ما يعيشه العالم في هذه الآونة من خوف انتشار عدوى وباء كورونا، انتشرت بين الناس مواد التعقيم؛ كالكلور، والكحول، وصارت تعقم بها المساجد وبيوت العبادة؛ تأمينًا ووقاية لها من انتشار العدوى، كما صار الكثير من الناس يحرصون على تعقيم أيديهم عقب الوضوء، فخرج بعضهم يدعي أن ذلك حرام؛ لأن فيه تنجيسًا للمساجد، ووضعًا للنجاسة على اليد بعد الوضوء؛ بدعوى أن الكحول خمر، وأن الخمر نجسة، والصلاة يشترط فيها طهارة البدن والثوب والمكان. فما هو الحكم الصحيح في ذلك؟


هل يعد فيروس كورونا عقابًا من الله تعالى أنزله على أعدائه كما تدعي التيارات المتطرفة؟ حيث يقول متحدثوهم بأن هذا الوباء أرسله الله بقدرته على أتباع طواغيت هذا الزمان وأشياعهم ومنتخبيهم وعبيدهم وجنودهم عذابًا من عنده. فما رأي الشرع في ذلك؟


ما حكم التسليمة الثانية في صلاة الجنازة؟ فقد كثرت الخلافات في الفترة الأخيرة في المساجد والقرى حول التسليم في صلاة الجنازة؛ هل هو تسليمة واحدة أو تسليمتان؟


كثير من الإخوة يمرون عبر الحدود التركية إلى الدولة اليونانية، فبعض منهم مع الأسف الشديد يموتون إمَّا غرقًا أو بالألغامِ، ثم نحن ندفنهم باعتبار أنهم مسلمون، لكن تواجهنا أوضاع حرجة، وهي أنَّ الجثَّةَ تكون في وضعٍ لا يمكن أن تغسَّل لبقائها مدةً طويلةً في البلقان وفي الجبال، حيث يأكلها الديدان، أو تمكث في المستشفيات اليونانية مدَّةً طويلة، فما الحل في هذه الحالة، هل يجزئُ التَّيمُّم على الأكفانِ، أو لا بد من الغسل، أو هل يسقط حتى التيمم؟ أفيدونا أفادكم الله.


حكم قراءة صحيح البخاري وكتب السنة لرفع الوباء حيث ورد سؤال يقول صاحبه: في ظِلِّ ما يمرُّ به العالمُ من تفشِّي وباء كورونا يقومُ بعضُ العلماء وطلبة العلم بتنظيم قراءة "صحيح البخاري" بتقسيمه على من يحِبُّ المشاركةَ في ختمه، عن طريق وسائلِ التواصل الاجتماعي؛ تبرُّكًا وتوسُّلًا إلى الله تعالى لكشْف وباء كورونا، جريًا على ما اعتاده علماءُ الأزهر من قراءته في الملمَّات والنوازل: كدفع الوباء، وكشف البلاء، ومواجهة الغلاء.
لكن خرج بعضُ مدَّعي العلمِ على بعض المواقع زاعمًا أن التَّعبُّدَ بتلاوة صحيح البخاري لمجرد التِّلاوة بدعة، وأن التبرُّك والتوسُّل به حرام، وأنه لا فرقَ في ذلك بين "صحيح البخاري" و"مسلم" مثلًا، وأنها مجرَّد طقوس ابتدعها بعض الجهلة لمواجهة الأوبئة، وأنَّ توظيف "صحيح البخاري" للاستشفاء والتحصين لرفع البلاء أمرٌ متكلَّف، وأنَّ من ضرورياتِ الدين أنَّ المقصودَ مِن كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هو العمل بِمَا فيهما مِن الأوامرِ والنَّواهي، والإيمان بِمَا فيهما مِن الأخبار، وليس المقصود مجرَّد تلاوتهما ألفاظًا وتعبُّدًا.. فبَيِّنوا لنا الصوابَ في ذلك مشكورين.
1- عادة إقراء "صحيح البخاري" عند النوازلِ من الكوارثِ والأوباء قديمة، جرت على لسان السراج البلقيني في اليقظة والمنام.
2- لعل أمر هذه الظاهرة يعودُ إلى أقدم من وباء الطاعون الذي عمَّ الدنيا سنة 749هـ، واشتهرت هذه الظاهرة عند قدوم تيمورلنك إلى بلاد المسلمين.
3- أشهر الإمام سراج الدين البلقيني العمل بها، ودوَّنتها كتب التراجم والتأريخ، ونقلنا ذلك عنه فيما مضى.
4- التحقيق أن هذا العمل ليس موصولًا بعصور السلف، وأنَّ شيوعَه وذيوعَه بحكم وقوعه ووجوده لا يعطيه الحجِّية، وأنه ما زال يحتاجُ للدليل، وأن مجرَّد رؤيةِ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يأمرُ به لا يكفي مُستَدلًّا؛ فالمنامات يُسْتَأنس بها وليست -عند أهل السنة والجماعة- حجةً وبرهانًا، وأن الاتِّكاء عليها مع ترْك الأخْذ بالأسباب بدعةٌ في الدين، ومضادَّة لمقاصدِ الشريعة الكلية، والله المستعان وهو الواقي والعاصم.


ما حكم صلاة الجمعة بأقل من أربعين في زمن الوباء؟

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد..
فإن من نوازل العصر ومتقلبات الأحوال: جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره، أسأل الله تعالى السلامة منه لجميع الناس.
وهذه الأزمة تجعل المتغيرات إلى المرونة والتمسك بيسر الدين الإسلامي وملامح رحمته ومحاسن تشريعه، فيما نقوم به من الطاعات كالجمعة والجماعة والتجمع لأداء العبادات والتباعد في الصفوف، وتقليل عدد التجمع في الأماكن العامة ودور العبادات.
وقد أعلنت وزارة الصحة التابعة لسيريلانكا والجهات المختصة بمنع التجمع بأكثر من خمسة وعشرين شخصًا في الأماكن العامة ودور العبادات، وفي إطار هذه الأزمة أفتت هيئة الإفتاء التابعة لجمعية علماء سيريلانكا بإقامة الجمعة في أماكن مختلفة، وذلك بناءً على جواز تعدد الجمعة في بلدٍ واحدٍ عند الحاجة في المذهب الشافعي.
ولكن لا يزال العلماء يناقشون مسألة التجمع بأقل من أربعين رجلًا في هذه الحالة الراهنة، علمًا بأن المعتمد في المذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر، فاختلفت آراء العلماء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: الإنكار بإقامة الجمعة بأقل من أربعين رجلًا؛ اعتمادًا على القول الراجح المعتمد في المذهب الشافعي، وتعليلًا بأن العدد غير مكتمل.
الاتجاه الثاني: تنفيذ إقامة الجمعة بالعدد المسموح؛ تعظيمًا لشعائر الله، ومراعاة للمصلحة الدينية.
وبينما هو كذلك قد عثرتُ على مخطوطٍ لعالم جليل وعلم من كبار علماء سيريلانكا، وركن من أركان علم الفلك، ومؤسس الكلية الحسنية العربية الشيخ العلامة عبد الصمد رحمه الله، الذي كان رئيسًا لجمعية علماء سيريلانكا فترة طويلة، وله عدة مؤلفات من المطبوع والمخطوط.
وقد ألف كتابًا في عام 1912م، بخطه وسماه بـ "ضوء الشرعة بعدد الجمعة"، وقد ناقش الأدلة والآراء ورجح القول بأن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر.
وما حاصله: وإذا كان أهل البلد أقل من الأربعين، فإن كانوا (الشافعية) بأربعة فصاعدًا وأرادوا تقليد الإمام أبي حنيفة في صحة الجمعة بأربعة، فيجوز أن يصلوا الجمعة إن قلدوه تقليدًا صحيحًا؛ بأن يحافظوا كلهم على جميع الشروط المعتبرة عنده، ولكنه تُسنّ إعادتها ظهرًا خروجًا من الخلاف القوي. وإذا أرادوا أن يعملوا باختيار بعض الأئمة الشافعية في صحة الجمعة بدون أربعين وصلوا الجمعة فلا بأس بذلك، ولكن يلزمهم أن يعيدوا الظهر بعدها لوجوب العمل بالراجح، فإن لم يعيدوا الظهر جماعة أو فرادى فينكر عليهم إنكارًا شديدًا.
أطلب من سماحتكم إبداء موقف دار الإفتاء في إعادة الظهر بعد الجمعة: هل هي لازمة إذا عملوا في هذه المسألة على المرجوح في المذهب الشافعي؟ أو هل هي مسنونة إذا قلدوا في هذه المسألة مذهب الحنفية أو المالكية حفاظًا على جميع شروطهم؟ ولكم جزيل الشكر ومن الله حسن الثواب.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يوليو 2025 م
الفجر
4 :24
الشروق
6 :6
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :26