حكم الدعاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين

تاريخ الفتوى: 12 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5007
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم الدعاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين

هل يجوز الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا المستجد من غير المسلمين من أبناء وطننا؟ أو من بلدان العالم؟

يجوز للمسلم الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين أن يكشف الله عنهم البلاء ويصرف الوباء، رحمةً بالخلق وإحسانًا إليهم، بغض النظر عن الدين والمعتقد؛ فإن البشر كلهم إخوة في الإنسانية، وقد جاءت الشريعة بصلة غير المسلمين والبر بهم والدعاء لهم بالصحة والشفاء وتكثير المال والولد ورفع العقوبات والبلايا الدنيوية؛ فإن الإسلام رحمة للعالمين جميعًا، وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب المتبوعة، بالإضافة إلى ما دعت إليه الشريعة من غوث الملهوفين وكشف كرب المكروبين أيا ما كانت أديانهم؛ حتى أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة على رقية غير المسلمين، ويزداد تأكد ذلك للمواطنين من أبناء البلد الواحد؛ فإن ازدياد الروابط يستوجب تأكد الحقوق، فيتأكد حينئذ الدعاء لغير المسلمين من المواطنين بالشفاء والعافية، وأن يحفظ الله تعالى بمنه البلاد والعباد من المرض والوباء والبلاء.

المحتويات

 

مبدأ التعايش في الإسلام

دعا الإسلام إلى مبدأ التعايش مع جميع الناس بمختلف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم، وانتماءاتهم وطوائفهم وأديانهم؛ حيثُ كانت الغاية الأساس من التنوع البشري والتعدد الإنساني هو التعارُف لا التناكر، والتكامل لا التصارع؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]، وأخبر سبحانه وتعالى أنه لو شاء لخلق عباده على ملة واحدة وسَنَنٍ واحد، ولكن جرت سنته في الخلق على التنوع والاختلاف، واقتضت حكمته استمرار ذلك حتى يرث الأرض ومن عليها؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ۝ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118-119]، وقال جل شأنه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99].
كما أخبر سبحانه أن الاختلاف في الأديان يستوجب التعاون بين بني الإنسان، ويتطلب التنافس في حسن المعاملة وفعل الخير، وأن يظهر أهل كل دين جمال ما عندهم من القِيَم والأخلاق، وأن الله هو الذي سيفصل يوم القيامة بين الجميع في أمر اختلافهم؛ فقال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48].

الإخوة الإنسانية

البشر كلهم إخوة في الإنسانية؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وجاء في كتاب سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لمالك بن الأشتر النخعي الذي وجهه به إلى أهل مصر من "التذكرة الحمدونية" (1/ 316-317، ط. دار صادر): [وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سَبُعًا ضاريًا تغتنم أكلهم؛ فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلْق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه؛ فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك! وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم] اهـ.

الإحسان لأهل الكتاب

وصى المولى بالإحسان إلى أهل الكتاب؛ فقال سبحانه: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46]، وأمر بالبر وحسن المعاملة مع من سالمنا من غير المسلمين؛ فقال سبحانه: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبِرَّهم، والإحسان إليهم، من الأمور المستحبة شرعًا.

حكم الدعاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين

من مظاهر الإحسان لغير المسلمين: الدعاء لهم بما يصلح دنياهم ويقيم معاشهم؛ من الصحة والشفاء من الأمراض وتكثير المال والولد؛ لِما فيه من معاني الرحمة والشفقة على الخَلْق، والإسلام دين السلام والرحمة والأمان للبشرية جميعًا؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
وكانت رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامةً شاملةً للعالمين جميعًا؛ لا تختص بعرق دون عرق، ولا بلون على لون، ولا بدين عن دين، بل كانت رحمة لكل البشر، وكان يأمر الناس بذلك، ويجعل دخول الجنة موقوفًا على ذلك:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ؛ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ» رواه عَبدُ بنُ حُمَيد في "مسنده".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ»، قلنا: يا رسول الله، فكلُّنا رحيمٌ، قال: «لَيْسَ الَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ خَاصَّةً، وَلَكِنِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ عَامَّةً» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
وقد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح من بعده لغير المسلمين بالصحة وطول العمر وكثرة المال والولد:
فعن إبراهيم النخعي قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: اُدْعُ الله لي، فقال: «كَثَّرَ اللهُ مَالَكَ، وَوَلَدَكَ، وَأَصَحَّ جِسْمَكَ، وَأَطَالَ عُمُرَكَ» أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن إبراهيم النخعي قال: "لا بأس أن يقول لليهودي والنصراني: هداك الله".
وعن قتادة أن يهوديًّا حلب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ناقة، فقال: «اللهم جمِّله»، فاسوَدَّ شعره. أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لرجل نصراني: "أكثرَ اللهُ مالَكَ وَوَلَدَكَ" رواه الدينوري في "المجالسة"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وعقد الإمام البخاري أيضًا في "الأدب المفرد" بابًا أسماه: (كيف يدعو للذمي؟)، وأسند فيه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: أنه دعا لرجل نصراني؛ فقال: "أطال الله حياتك، وأكثر مالك، وولدك".
وقد نص فقهاء المذاهب المعتمدة على جواز الدعاء لغير المسلم بالصحة والعافية ونحو ذلك مما يصلح به دنياه:
قال العلامة إسماعيل حقي الحنفي في "روح البيان" (2/ 253، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالدعاء للكافر والذمي بما يصلحه في دنياه، قال ابن الملك: "الدعاء لأهل الكتاب بمقابلة إحسانهم غير ممنوع"] اهـ.
وقال العلامة عليش المالكي في "فتح العلي المالك" (2/ 350، ط. دار المعرفة): [لا يرتد الرجل بقوله لنصراني: أحياك الله لكل عام؛ حيث لم يقصد به تعظيم الكفر ولا رضي به] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (2/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويجوز الدعاء للكافر بنحو صحة البدن والهداية] اهـ.
وقال الحافظ زين الدين المناوي في "فيض القدير" (1/ 345، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويجوز الدعاء للكافر أيضًا؛ بنحو هداية، وصحة، وعافية] اهـ.
وقد دعت الشريعة إلى غوث الملهوف وكشف الكرب عن المكروب أيا ما كان دينه أو معتقده، بل استحبت ذلك للحيوان أيضًا؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» متفق عليه.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إقرار الصحابة على رقياهم لغير المسلمين من أمراضهم؛ وفي هذا دليل على سعي المسلم في علاج الناس جميعًا؛ مسلمين وغير مسلمين، واحتسابه في ذلك الأجر والثواب من رب الأرباب.
ففي "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نفرًا من الصحابة نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيد ذلك الحي، فرقاه أحد الصحابة على جعل من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه ويقرأ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فكأنما نشط من عقال؛ فشُفِيَ الرجل، فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له، فقال: «وَمَا يدْريك أَنَّهَا رُقْيَةٌ! قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الإمام السراج ابن الملقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (24/ 67): [فإن قلت: كيف شفي الكافر برقية أبي سعيد رضي الله عنه بالفاتحة، وقد قال تعالى: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82]؟ قلت: الرحمة إنما جعلت لهم؛ لأنهم كانوا في مخمصة، فانتفعوا بها] اهـ.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء بالمغفرة لغير المسلمين من قومه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فمن العلماء من حمله على معنى الدعاء بالهداية المؤدية للمغفرة، ومن العلماء من فسره بالمغفرة التي تصرف عنهم عقوبات الدنيا وبلاياها.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضربه قومه فأدمَوْه، فهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» متفق عليه.
قال الإمـــام الطحـــاوي الحنفي (ت321هـ) في "شرح مشكل الآثار" (6/ 287، ط. مؤسسة الرســـالة): [ففي هذا الحديث: استغفـــارُه صلى الله عليه وآله وسلم لقومه الذين لا يعلمون، وهم الذين لم يؤمنوا به ولم يصدقوه] اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي (ت543هـ) في "عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي" (11/ 251، ط. دار الكتب العلمية): [يحتمل أن يطلب لهم المغفرة في الدنيا برفع العقوبة عنهم حتى إلى الآخرة؛ كما قال الله: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33] اهـ.
وقال الإمام ابن الملقن الشافعي (ت804هـ) في "التوضيح بشرح الجامع الصحيح" (10/ 114، ط. دار النوادر): [قيل: أراد مغفرة تصرف عنهم عقوبة الدنيا من المسخ وشبهه] اهـ. وكذا قال الإمام العيني الحنفي (ت855هـ) في "عمدة القاري" (8/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي).
وقال العلامة القليوبي الشافعي (ت1069هـ) في حاشيته على "شرح المحلي على المنهاج" (1/ 339، ط. دار الفكر): [وفي كلام ابن حجر حرمة الدعاء للكافر بأخروي، وفيه نظر، والراجح خلافه؛ كما هو مقرر في محله، ومنه: جواز الدعاء له بالمغفرة؛ خلافًا لما في "الأذكار"] اهـ.
كما وصَّى الشرع الشريف بالجار وأوجبَ له حقوقًا على جاره، ودعا إلى مشاركته في أفراحه، ومواساته في أتراحه، ولا فرق في ذلك بين الجار المسلم وغير المسلم؛ كما ظهر ذلك جليًّا في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهدي الصحابة رضي الله عنهم، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا مع إخوانهم في الدين والوطن والإنسانية بحسن الخلق وجميل الخصال؛ ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان.
فعن مجاهد، أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ذُبحت له شاةٌ في أهله، فلما جاء قال: "أهدَيتُمْ لجارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أهدَيتُمْ لجارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»" أخرجه الترمذي في "السنن" وحسّنه، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، والخرائطي والطبراني في "مكارم الأخلاق".
وفي لفظ البيهقي في "شعب الإيمان"، و"الآداب" عن مجاهد قال: كنا جلوسًا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وغلامه يسلخ شاة، فقال لغلامه: "يا غلامُ إِذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ، حتى قالها ثلاثًا".
وما تمر به بلدان العالم ومنها مصر من ظروف جرَّاء هذا الفيروس الوبائي يستوجب التكاتف والتعاون ومد يد المساعدة للمحتاجين من المرضى المصابين بهذا الفيروس، والمساعدة كما تكون بالمال والجهد تكون أيضًا بالدعاء وتمني الخير للغير، فالكل شركاء في البشرية، وإخوة في الإنسانية، وعلى المسلم الدعاء بالشفاء لكل البشر من كل البلدان على اختلاف الأديان.
فأما غير المسلمين من المواطنين: فيزداد حقهم؛ جوارًا وصحبةً وتكاتفًا وتعاونًا بين أبناء الوطن الواحد، بما يستوجب مزيد الدعاء لأبناء الوطن من غير تفرقة بينهم؛ ولذلك ضمت منظومة العلاج الطبيب المسلم وغير المسلم، واستهدفت في علاجها المسلم وغير المسلم من غير فرق؛ لأنهم أبناء وطن واحد، فالشركة في الوطن تستلزم التلاحم والتشارك بين أفراده مهما اختلفت أديانهم وتنوعت معتقداتهم، وهذا من دماثة الخلق وطيب العشرة التي يعيش بها المسلم مع مَن حوله لينشر السلام والأمان؛ إذ أمره الإسلام أن يتعامل مع جيرانه ومواطنيه وجميع الناس بالخلق الحسن، فيشاركهم في سعودهم وأفراحهم ويواسيهم في أحزانهم وأتراحهم.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للمسلم الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين أن يكشف الله عنهم البلاء ويصرف الوباء، رحمةً بالخلق وإحسانًا إليهم، بغض النظر عن الدين والمعتقد؛ فإن البشر كلهم إخوة في الإنسانية، وقد جاءت الشريعة بصلة غير المسلمين والبر بهم والدعاء لهم بالصحة والشفاء وتكثير المال والولد ورفع العقوبات والبلايا الدنيوية؛ فإن الإسلام رحمة للعالمين جميعًا، وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب المتبوعة، بالإضافة إلى ما دعت إليه الشريعة من غوث الملهوفين وكشف كرب المكروبين أيا ما كانت أديانهم؛ حتى أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة على رقية غير المسلمين، ويزداد تأكد ذلك للمواطنين من أبناء البلد الواحد؛ فإن ازدياد الروابط يستوجب تأكد الحقوق، فيتأكد حينئذ الدعاء لغير المسلمين من المواطنين بالشفاء والعافية، وأن يحفظ الله تعالى بمنه البلاد والعباد من المرض والوباء والبلاء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بناء المسجد على المقابر المندرسة؟ فعندنا مسجد يضيق بالمصلين ولا توجد به دورة مياه، فقام أهل الحي بتوسيعه ليكون مسجدًا جامعًا يتسع للمصلين وتكون به دورة مياه، ولا يوجد مكان في هذا الحي إلا في البقعة المجاورة للمقبرة الموضحة بخريطة المسجد المرفقة مع نص السؤال، وهذه البقعة خالية وليس بها قبور ولم يثبت أنه دُفِن فيها أحدٌ بالفعل؛ حيث إن أهل الحي منعوا من الدفن في هذه البقعة وقاموا منذ زمن طويل بوضع ثلاثة حواجز لِمنع الدفن فيها نتيجة للرائحة التي يتأذى بها أهل الحي، كما كانت توجد بئر قديمة يسقي منها أهل الحي حدائقهم، ولم يكن يوصَل إلى هذه البئر إلا من خلال المرور بهذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد الآن، والبئر الآن مهجورة، وهذه البقعة بها ثلاث مغارات كان يلجأ إليها أهل الحي عند نزول المطر والغارات الجوية فيما مضى، ولم يكن يوصَل إلى هذه المغارات إلا من خلال المرور بها؛ مما يدل على عدم وجود مقابر في هذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد.
علمًا بأن المغارات الثلاث والبئر القديمة ومكان الحواجز الثلاث والمكان الذي بُنِيَ فيه المسجد على هيئة هضبة مجاورة للمقبرة؛ أعلاها يبدأ من البئر القديمة ثم تنحدر هذه الهضبة وتنتهي عند الطريق العمومي كما هو موضح بالخريطة.
كما نوضح لفضيلتكم أن الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد الآن ليست من جنس أرض المقابر؛ لأنها كانت قبل بناء المسجد عليها مرتفعةً عن بقية أرض المقبرة كما سبق توضيحه، وقد تم تجريف هذا الارتفاع من الأرض وتسويته تمامًا بالجرافات الآلية، ونُقِلت التربة بعربات النقل حتى أصبحت الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد مثلَ غيرها من الأرضين وخرجت عن كونها أرض مقبرة مع عدم ثبوت الدفن فيها، وبعد تسويتها قمنا بوضع قواعد خراسانية فيها ثم رُدِمَت هذه القواعد بتربة رملية، وقد تم بناء المسجد اعتمادًا على المعطيات السابقة والمعلومات الموضحة بالخريطة المرفقة:
أولًا: المسجد محاط بالمقابر من جهتين؛ الشرقية بأكملها تجاه القبلة، والجنوبية بأكملها كما بالخريطة.
ثانيًا: قبل بناء المسجد ترك مُشيِّدوه مسافة على هيئة طريق مسلوك يعتبر فاصلًا بين المسجد والمقبرة؛ أضيقه ثلاثة أمثار وأوسعه ستة أمتار وذلك موضح بالخريطة المرفقة مع نص السؤال.
وبعد ذلك كله فوجئنا بمن امتنع عن الصلاة في هذا المسجد بدعوى أن الأرض التي بُنِيَ المسجد عليها وقفٌ للمقبرة، والمقبرة أقدم من المسجد من حيث المكان، فاعتبروا بذلك أن المسجد مبني على أرض المقبرة، كما جعلوا المجاورة الشديدة بين المسجد والمقبرة من اتخاذ القبور مساجد، واستندوا إلى العظام والرميم التي وُجِدَت أثناء حفر السور وذكروا أنهم سمعوا سائقَ الجرَّافة أو أحد سائقي عربات النقل يذكر أنه رأى عظامًا أثناء تجريف الأرض، وأبدوا احتمالًا بوجود قبر آخر بداخل السور محاذٍ للقبر الذي هو خارج السور المشار إليه برقم (1) في الخريطة، وأنه يمكن أن يكون قد تم نبشه عن طريق الجرافة من غير أن يعلم أحد.
وقد تقصينا الأمر في ذلك وخرجنا بالنتائج التالية:
الأرض التي تم بناء المسجد عليها ليست وقفًا للمقبرة؛ لأنه لم يثبت عندنا لأحد من أهل الحي خاصة وأهل البلد عامة ملك أحد منهم لهذه الأرض، وليس هناك حجة أو قرينة تثبت ذلك من قريب أو بعيد.
أما العظام التي وُجِدت أثناء حفر السور فقد وُجِدَت بعد الانتهاء من بناء المسجد وفي غير المكان الذي بُنِيَ فيه بل في مكان يبعد عنه ستة أمتار كما هو موضح بالخريطة وذلك عند بناء السور الذي يفصل المقبرة عن الطريق والمسجد وليس في البقعة التي تم إحلالها وبناء المسجد فيها، وأما احتمال وجود قبر داخل السور تم نبشه فلم نجد ما يؤيده.
وسألنا سائق الجرَّافة عما نقلوه عنه فأنكر صدوره منه، وأنكر أنه رأى أي رميم أو عظام أثناء قيامه بتجريف الأرض، وحتى على فرض أن أحدًا رأى شيئًا فإن هذه الأرض التي بني فيها المسجد كانت خربة وكان بعض أهل الحي يدفنون فيها بهائمهم الميتة.
فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وهل تدخل توسعته بذلك في اتخاذ القبور مساجد؟


يشيع في الدراسات الفقهية الاستدلال بقاعدة: "للإمام تقييد المباح"، فما معنى هذه القاعدة؟ وهل هي على إطلاقها؟


ما حكم لعبة البوكيمون؛ حيث انتشرت في هذه الفترة لعبة جديدة في أغلب دول العالم، وهي مختلفة تمامًا عمَّا اعتاده الشباب والأطفال من ألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية، وهذه اللُعبة تعتمد على اصطياد بعض الكائنات الخيالية (البوكيمون) الموجودة في أماكن تواجد الهاتف، وعن طريق كاميرا الهاتف تكشف اللُعبة كل هذه الأماكن من غير إذن أصحابها، ويقوم اللاعب بتوجيه الهاتف نحو البوكيمون على مسافةٍ قريبةٍ منه، ولكي يجمع اللاعب أكبر عدد من البوكيمونات الموجودة؛ لا بد له من تتبع كل واحد منها أيًّا كان مكانه، فيدخل الإنسان أماكن غير مسموح له الدخول فيها، ويسير في طرقات غير آمنة حتى يستطيع أن ينتهز فرصة اصطياد البوكيمون.
والسؤال: ما رأي الشرع الشريف في هذه اللُعبة؟


هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان في الإسلام؟ وما سنده الفلسفي إن وجد؟ وما العلاقة بينه وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تبعه من إعلانات ومواثيق؟ وهل حال المسلمين اليوم حجة على الإسلام في هذا المجال؟


ما حكم الإنفاق على الفقراء بدلا من الحج والعمرة في أيام الوباء؟ فمع انتشار وباء كورونا قامت السلطات السعودية بتأجيل العمرة، كما قامت بقصر الحج على حجاج الداخل من السعودية فقط؛ تحرزًا من انتشار عدوى الوباء، وأمام حزن الكثيرين ممن كانوا يحرصون على أداء العمرة بشكل مستمر في شهر رمضان أو غيره من مواسم الطاعات، وكذلك الحج تطوعًا في موسمه، خرجت دار الإفتاء المصرية بمبادرة عنوانها "كأنك اعتمرت": أكثر من ثواب العمرة، تدعو فيها من يريد الذهاب للعمرة إلى إنفاق الأموال المعدة لها، على الفقراء والمساكين والغارمين وأصحاب العمالة اليومية (الأرزقية) وكل من تضرروا بظروف الوباء؛ تفريجًا لكروبهم، وقضاءً لحوائجهم، وإصلاحًا لأحوالهم.
فهل يكون ذلك مساويًا لثواب العمرة والحج تطوعًا فضلًا عن أن يكون زائدًا عليها؟


ما حكم التنفل بالصلاة لرفع الوباء؛ فقد اجتاح فيروس كورونا معظم دول العالم، وأصبح وباءً عالميًّا، ومات بسببه الكثير من الأشخاص؛ من المسلمين وغيرهم: فما حكم التنفل بالصلاة لرفع هذا الفيروس الوبائي والشفاء منه؟ وما حكم الدعاء فيها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :43
الشروق
6 :19
الظهر
1 : 0
العصر
4:37
المغرب
7 : 42
العشاء
9 :6