ما هو وقت طواف الإفاضة في الحج؟ حيث كنتُ في الحج العام الماضي، وبعد الوقوف بعرفة وبالتحديد في يوم النحر مرضتُ فلم أستطع أن أؤدي طواف الإفاضة في هذا اليوم، وقمتُ بأدائه في اليوم الثاني من أيام التشريق، والسؤال: ما هو آخر وقت يصح فيه طواف الإفاضة؟ وإذا أخَّرتُ عن هذا الوقت فهل علَيَّ دم؟
ما قمتَ به من طواف الإفاضة في اليوم الثاني من أيام التشريق صحيح شرعًا ومجزئ، ولا شيء عليك، فطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يسقط إلَّا بأدائه، ووقته يبدأ بعد دخول نصف ليلة النحر، ويستحب فعله في أيام النحر وهي: العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، ويجوز أداؤه بعدها في أي وقت يتمكن الحاج من أدائه فيه، ولا حرج في ذلك.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن الطواف منسك من مناسك الحج، فمنه ما هو سنة، ومنه ما هو ركن، والطواف الذي هو ركن يُسمى: "طواف الإفاضة" ومعنى الإفاضة: الزَّحْف والدَّفْع في السير، وسُمِّي بذلك لأنَّ الحاج في هذا الطواف يدفع من منى لمكة ثم يرجع لمنى مرة أخرى، ومن أسمائه أيضًا: "طواف الرُّكْن"، و"طواف يوم النَّحْر"، و"طواف الزِّيارة".
والأصل في أن طواف الإفاضة ركنٌ من أركان الحج ولا يتم الحج إلَّا به؛ قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199]، وقال عزَّ وجَلَّ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
قال الإمام الرازي في "تفسيره" (23/ 222، ط. دار إحياء التراث العربي): [أما قوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ فالمراد الطواف الواجب وهو طواف الإفاضة والزيارة] اهـ.
وكذلك ما ورد من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: حاضتِ السيدة صفِيَّةُ بِنت حُيَيٍّ رضي الله عنها بعدما أفاضت، فذكرْتُ حَيْضَتَها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» فقُلْتُ: يا رسول الله، إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَلْتَنْفِرْ» متفق عليه.
قال العلامة أبو بكر العراقي في "طرح التثريب" (5/ 125، ط. الطبعة المصرية القديمة): [فيه أن طواف الإفاضة ركن لا بد منه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لما لم يعلم أنها طافت للإفاضة: «أحابستنا هي؟» وهو كذلك بالإجماع] اهـ.
وقد أجمع العلماء على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، قال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 220، ط. دار الفكر) في حكم طواف الإفاضة: [هذا الطواف ركن من أركان الحج لا يصح الحج إلا به بإجماع الأمة] اهـ، وهو ما أفاده كذلك العَلَّامة ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (2/ 109، ط. دار الحديث)، والعَلَّامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 390، ط. مكتبة القاهرة).
لطواف الإفاضة وقته المشروع، وهو على سبيل الإجمال يكون بعد الوقوف بعرفة، ويدخل ضمن أعمال يوم النحر.
أمَّا على سبيل التفصيل فاختلف الفقهاء في تحديد أول وقته، فيرى الحنفية والمالكية والإمام أحمد في رواية أن طواف الإفاضة يدخل وقته بعد طلوع فجر يوم النحر.
قال العلامة أبو بكر الزَّبِيدِي في "الجوهرة النيرة" (1/ 159، ط. المطبعة الخيرية): [(طواف الزيارة سبعة أشواط)، ويسمى طواف الإفاضة، وطواف يوم النحر، والطواف المفروض، ووقته أيام النحر، وأول وقت الطواف بعد طلوع الفجر من يوم النحر] اهـ.
وقال الشيخ الدردير في "الشرح الصغير" (2/ 60، ط. دار المعارف): [(ووقته): أي طواف الإفاضة (من طلوع فجر يوم النحر) فلا يصح قبله] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين الـمَرْداوي في "الإنصاف" (4/ 43، ط. دار إحياء التراث العربي) في كلامه عن وقت طواف الزيارة: [وعنه: وقته من فجر يوم النحر] اهـ.
بينما يرى الشافعية والحنابلة في المذهب أن أول وقتٍ لطواف الإفاضة يبدأ من منتصف ليلة النحر.
قال الإمام محيي الدين النَّووي في "المجموع" (8/ 220) عن أول وقت طواف الإفاضة: [قال الأصحاب: ويدخل وقت هذا الطواف من نصف ليلة النحر] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين الـمَرْداوي في "الإنصاف" (4/ 43): [قوله: (ووقته: بعد نصف الليل من ليلة النحر) يعني: وقت طواف الزيارة، وهذا المذهب وعليه الأصحاب] اهـ.
أما آخر وقتٍ لطواف الإفاضة فالفقهاء قد اختلفوا في تحديد آخر وقته على ثلاثة مذاهب:
الأول: هو مذهب الشافعية في المعتمد، والحنابلة: أنَّ طواف الإفاضة لا حدَّ لآخره، فمتى فعله الحاج بعد دخول وقته أجزأه وليس عليه دم، ووافقهم الصاحبان من الحنفية في أنه إن أتى به بعد خروج وقته -وهو خروج اليوم الثاني من أيام التشريق- أجزأه ولا شيء عليه.
قال العَلَّامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (4/ 251، ط. دار الكتب العلمية) في كلامه عن وقت طواف الإفاضة: [وآخر وقته: اليوم الثاني من أيام التشريق، فإن أخَّره عنها طاف وعليه دم عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: لا شيء عليه] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 282) عند كلامه على أول وآخر وقت طواف الإفاضة: [وآخره: آخر عمر الإنسان، وإن بقي خمسين سنة وأكثر، ولا دَمَ عليه في تأخيره] اهـ.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "المبدع" (3/ 225، ط. دار الكتب العلمية): [(ويطوف للزيارة)... والطواف ركن فيه ليس له وقت معين يفوت بفواته] اهـ.
والثاني: وهو مذهب الإمام أبي حنيفة أن وقت طواف الإفاضة هو أيام النحر -وهي ثلاثة: العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر مِن شهر ذي الحجة-، فإن أخَّر الطواف عن هذه الأيام وجب عليه دم.
قال العلامة الـمَرْغِيناني الحنفي في "الهداية" (ص: 146، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ثم يأتي مكة مِن يومه ذلك، أو من الغد، أو من بعد الغد، فيطوف بالبيت طواف الزيارة سبعة أشواط... وهذا الطواف هو المفروض في الحج)... ويكره تأخيره عن هذه الأيام لما بيَّنا أنَّه مُوقَّت بها، وإن أَخَّره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة] اهـ.
والثالث: وهو مذهب المالكية أنَّ وقت طواف الإفاضة ينتهي بآخر شهر ذي الحجة، وتأخيره عن ذلك موجبٌ للدم.
قال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 16، ط. دار الفكر) في كلامه عن طواف الإفاضة: [واختلف إذا أخر الطواف والحلاق بعد أن خرجت أيام التشريق، فقيل: عليه الدم، وقيل: لا دم عليه؛ لأن الوقت باق حتى يخرج الشهر، فإن خرج الشهر كان عليه الدم قولًا واحدًا، وعليه أن يحلق ويطوف انتهى] اهـ.
وقال العلامة الدردير في "الشرح الصغير" (2/ 62-63) فيمن أخَّر طواف الإفاضة حتى خرج شهر ذي الحجة: [تأخير طواف (الإفاضة للمحرم) فدم؛ لفعل الركن في غير أشهر الحج] اهـ.
والمختار للفتوى: ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة في المذهب من أن وقت طواف الإفاضة لا حدَّ لآخره، فمتى فعله بعد دخول وقته أجزأه وليس عليه دم، وذلك تيسيرًا ورفعًا للحرج، وإن كان الأولى المبادرة بأدائه متى تمكن الحاج منه.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: ما قمتَ به من طواف الإفاضة في اليوم الثاني من أيام التشريق صحيح شرعًا ومجزئ، ولا شيء عليك، فطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يسقط إلَّا بأدائه، ووقته يبدأ بعد دخول نصف ليلة النحر، ويستحب فعله في أيام النحر وهي: العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، ويجوز أداؤه بعدها في أي وقت يتمكن الحاج من أدائه فيه، ولا حرج في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الذهاب للعمرة لمن لا تجد مَن يعتني بأطفالها؟ حيث أرغب في الذهاب للعمرة وعندي القدرة المالية لكن لا أجد مَن يعتني بأطفالي في وقت سفري؛ خاصة أن أحدهم ما زال في مدة الرضاع، ويصعب عليَّ اصطحابهم معي لصغر أعمارهم، فهل عليَّ إثم إن تخلفتُ عن العمرة في هذا العام، وهل الأفضل لي السفر أو البقاء لرعاية أولادي؟
ما حكم خروج المتمتع إلى ميقات مكاني كأبيار علي؟ فهناك شخص سافر مع شركة سياحية لأداء الحج، وكان برنامج الرحلة أن يذهب إلى مكة حتى نهاية الحج، ثم يتوجهون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوى الحجَّ متمتعًا، وبعد أدائه العمرة وتحلُّله منها، أخبره المشرفون أن برنامج الرحلة قد تغير، وأن موعد زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون قبل أداء الحج لظروف طارئة، فذهب للزيارة، وفي أثناء عودته أحرم بالحج من أبيار علي، فهل انقطع تمتعه أو لا؟ وإن لم ينقطع فهل يلزمه الهدي؟ وإذا أحرم منها فهل يمكنه أن يحرم متمتعًا أو قارنًا؟ وهل يلزمه هدي أو لا؟ وهل يصح إحرامه بعمرة ثانية؟ كما يُرجى الإفادة عن حكم ما فعله بعض المرافقين في الرحلة حيث لم يُحرموا من أبيار علي وأحرموا من داخل الحرم، فمنهم من أفرد، ومنهم من تمتع، ومنهم من قرن، وجزاكم الله خيرًا.
ما حكم حج مريض الزهايمر؟ فوالدي رجل مسنٌّ ويعاني من مرض ألزهايمر، فهل تسقط عنه فريضة الحج أو أنه مطالبٌ بها؟ أفيدوني.
هل يجوز الأكل من الهدي التطوعي غير دم التمتع والقران؟ فقد أدَّى والدي مناسك الحج، وقال له أحد أصدقائه: إنه يستحب له أن يذبح هديًا في رحلته إلى الحج، وأن يأكل منه، وبالفعل ذبحه وأكل منه، فهل ما فعله والدي صحيح؟
ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ فهناك سائلة تسأل وتقول: جاءتني العادة الشهرية بعد الوقوف بعرفة وطواف الزيارة، ولم أتمكن من طواف الوداع؛ لعذر الحيض، فهل عليَّ شيء؟ حيث أخبرني بعض الحجاج بضرورة توديع البيت، وبأن ترك طواف الوداع يلزمه دم، فهل هذا صحيح؟
هل يجوز لأصحاب الأعذار وكبار السن والأمراض المزمنة الإقامة بمكة المكرمة أيام المبيت بمنى (أيام التشريق)؟ ولكم خالص الشكر والتحية.