حكم صيام أيام التشريق للمتمتع

تاريخ الفتوى: 14 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 7649
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم صيام أيام التشريق للمتمتع

ما حكم صيام أيام التشريق للمتمتع؟ حيث إن هناك بعض الحجاج يحُجُّون متمتعين ولا يقدرون على شراء هدي التمتع، ويريدون أن يصوموا عِوَضًا عن الهدي ثلاثة أيام في الحج، فهل يجوز صيام هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة؟

ما يقوم به بعص الحجاج من صيام أيام التشريق -الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة- عن الأيام الثلاثة التي وجبت عليهم في الحج عِوَضًا عن هدي التمتع بسبب عدم القدرة على القيام به؛ هو صيام صحيح وجائز شرعًا، ولا حرج عليهم في ذلك، ولا يلزمهم إعادة الصوم.

المحتويات

 

مفهوم حج التمتع وسبب تسميته بذلك

نُسُك التمتع: هو أنْ يُحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو من غيره من المواقيت التي يمر بها أو ما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج، وإنما سمي بالتمتع؛ لتمتع صاحبه بإحلال محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدة في حقه إلى الميقات ليُحرِمَ منه بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا. ينظر: "تبيين الحقائق" للإمام فخر الدين الزيلعي الحنفي (2/ 45، ط. الأميرية)، و"الفواكه الدواني" للعلامة النفراوي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).

ما يجب على المتمتع في الحج

إذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام على النحو المذكور سابقًا: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء، ويجب عليه حينئذٍ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام عشرة أيام؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 68، ط. دار الآثار).

والأصل في ذلك أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة بعد رجوعه لأهله؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].

حكم صيام أيام التشريق للمتمتع

أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر؛ أي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وهي أيام منى؛ كما في "تبيين الحقائق" للإمام فخر الدين الزيلعي الحنفي (2/ 34)، و"النوادر" للعلامة ابن أبي زيد القيرواني المالكي (4/ 313، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"الحاوي الكبير" للإمام الماوردي الشافعي (4/ 194، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر الخرقي" للإمام الزركشي الحنبلي (2/ 635، ط. دار العبيكان).

وقد ذهب جمهور الفقهاء؛ من المالكية، والإمام الشافعي في القديم ورجحه الإمام النووي، والحنابلة في معتمد المذهب، إلى أنه يجوز للمتمتع الذي لم يجد الهدي أن يصوم الأيام الثلاثة التي وجبت عليه في الحج في أيام التشريق الثلاثة -الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة-، وهو المروي عن أبي بكر الصديق، وأم المؤمنين السيدة عائشة، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، وعروة بن الزبير، وابن شهاب الزهري، وربيعة الرأي، والأوزاعي، وإسحاق رحمهم الله جميعًا، وهو المختار للفتوى.

فعن أم المؤمنين عائشة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم؛ قالَا: "لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ".

وعن عروة بن الزبير قال: "كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِمِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا" أخرج هذه الآثارَ الإمامُ البخاري في "صحيحه".

قال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (1/ 466، ط. المكتبة التجارية): [ويجوز للمتمتع صوم أيام التشريق] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (1/ 346، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [لا يجوز صوم يوم الفطر، ولا يوم الأضحى لأحدٍ من الناس، وكذلك أيام التشريق، إلا أن المتمتع إذا لم يجد هديًا وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج ولم يصمها قبل يوم النحر: رخَّصَ له مالك وأصحابه في صيام أيام التشريق.. وقد روي ذلك عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، وهو قول ابن شهاب وعروة] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 378، ط. دار الفكر): [إن أخَّر الصيام إلى يوم النحر فإنه يصوم أيام التشريق، وهي الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر وإن نُهِيَ عن صيامها في غير هذا] اهـ.

وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (4/ 53): [فأما أيام منى الثلاثة، ففي جواز صومها للمتمتع قولان: قال في القديم يجوز للمتمتع صومها، وهو قول مالك وربيعة وعائشة وابن عمر، رضي الله عنهم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 445، ط. دار الفكر): [فرع في مذاهب العلماء في صوم أيام التشريق.. قال ابن عمر وعائشة والأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق في رواية عنه: يجوز للمتمتع صومها] اهـ.

وقال في "روضة الطالبين" (2/ 366، ط. المكتب الإسلامي): [أما أيام التشريق؛ فلا تقبل على الجديد، وقال في القديم: يجوز للمتمتع وللعادم للهدي صومُها عن الثلاثة الواجبة في الحج.. وهذا القديم هو الراجح دليلًا وإن كان مرجوحًا عند الأصحاب] اهـ.

وقال علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 352، ط. دار إحياء التراث العربي): [وذكر الترمذي عن أحمد جواز صومها عن دم المتعة خاصة، قال الزركشي: خص ابن أبي موسى الخلاف بدم المتعة، وكذا ظاهر كلام ابن عقيل: تخصيص الرواية بصوم المتعة، وهو ظاهر "العمدة" فإنه قال: ونهى عن صيام أيام التشريق، إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد هديًا، واختاره المجد في "شرحه"، قلت: وقدم المصنف في هذا الكتاب في باب الفدية: أنها تصام عن دم المتعة إذا عُدم، وجزم به في "الإفادات"، وصححه في "الفائق" في باب أقسام النسك، وقدمه في "الرعاية الكبرى" في آخر باب الإحرام؛ قال ابن مُنَجَّى في "شرحه" في باب الفدية: هذا المذهب، وقدمه الشارح هناك والناظم] اهـ.

وقال تقي الدين ابن النجار الحنبلي في "منتهى الإرادات" (2/ 39، ط. مؤسسة الرسالة): [ولا يصح صوم أيام التشريق إلا عن دم متعة أو قران] اهـ.

وقال أبو السعادات البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 495، ط. عالم الكتب): [(إلا عن دمِ متعةٍ أو قِرَانٍ) لمن عدمه؛ فيصح صومها عنه] اهـ.

والقول بصحة وجواز صوم أيام التشريق للمتمتع هو ما يتوافق مع قواعد الشرع الحنيف من أنَّ "مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ قَلَّدَ مَنْ أَجْازَ"؛ كما في "حاشية العلامة الشرواني" (1/ 119، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، وأن تصرُّفات المكلفين بعد صدورها منهم محمولة على ما صحَّ من مذاهب المجتهدين وأقوالهم، ومتى وافق عمل العامي قول أحد المجتهدين ممن يقول بالصحة أو الحل كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه باتفاق العلماء؛ كما في "الفتاوى" للشيخ العلامة محمد بخيت المطيعي -مفتي الديار المصرية الأسبق- (1/ 225، ط. دار وهبة).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما يقوم به بعص الحجاج من صيام أيام التشريق -الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة- عن الأيام الثلاثة التي وجبت عليهم في الحج عِوَضًا عن هدي التمتع بسبب عدم القدرة على القيام به؛ هو صيام صحيح وجائز شرعًا، ولا حرج عليهم في ذلك، ولا يلزمهم إعادة الصوم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صيام يوم السابع والعشرين من شهر رجب؟ فإني اعتدتُ صيامه كل عام؛ تعبيرًا مني عن الفرح بما أنعم الله به على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الليلة المباركة.


ماحكم صيام أصحاب الأمراض بشكل عام؟ وهل الصوم بالنسبة لهم هو الأصل والإفطار رخصة أو العكس؟


ما حكم تحويل جهة النذر؟ حيث نذر شخص لله بعد أن شفاه من مرضه بأن يقوم بإحياء ليلة لأحد أولياء الله الصالحين، وأن يقوم بإطعام أهل القرية، وأن يحضر القراء والمبتهلين ويعمل مجلس ذكر. ويوجد بالقرية مسجد آيل للسقوط ويريد أهل القرية بناؤه، ويُقرّر السائل أن عنده ذبيحة؛ فهل يجوز أن يدفع مصاريف تلك الليلة في تكملة بناء المسجد، وأن يذبح الذبيحة ويوزع لحمها على الفقراء وأهل البلدة أو أن يبيع هذه الذبيحة ويدفع ثمنها هو الآخر في تكملة بناء المسجد؟


يحتج البعض ممن يطلق عليهم نُشطاء حقوق الحيوان على الطريقة التي يتمُّ بها معاملة الحيوان في الإسلام؛ حيث يزعمون أن ذبح الماشية يُعدُّ من الوحشية وتعذيب للحيوان، حتى طالبت إحدى المنظمات بوقْف بيع الحيوانات لدول الشرق الأوسط، مدعين أن طريقة ذبح المسلمين للحيوان خالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل موته!
فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟ وهل لم يراع الإسلام جانب الرحمة بالحيوان عند ذبحه؟ أفيدونا أفادكم الله تعالى.


ما الحكم فيمَن أكل أو شرب ناسيًا في رمضان أو في صيام التطوع؟ هل يكمل الصوم؟


ما حكم الاستبدال في لحوم الأضاحي؟ فنحن نحيط سيادتكم علمًا بأننا جهة خيرية تقوم بتنفيذ مشروع الأضاحي للاستفادة من لحوم الصدقات والأضاحي، ومنذ تأسيس المشروع لا نخطو خطوة إلا بعد الرجوع إلى دار الإفتاء المصرية. وحيث إننا حصلنا على فتوى باستبدال اللحوم (في المطلق) لزيادة الكمية الموزعة على المسلمين فإننا نسأل سيادتكم استكمالًا لهذه الفتوى: هل يجوز أخذ الجزء المستبدل (الكمية الزائدة) قبل العيد لتوزيعها صدقات لإدخال الفرحة على المسلمين لحين وصول كمية لحوم الأضاحي بعدها بشهرين؟ وهل يمكن استبدال جميع الكمية بعد ذبحها أضاحي ونأخذ بدلًا منها لحومًا مذبوحةً صدقات لتصنيعها معلبات؟ حيث إننا نتعاقد مع المجازر ونقوم بإدارة المشروع كاملًا ونحن نعين الجزارين، ونتفق مع المجزر بأن يأخذ الأجزاء الخلفية المرتفعة الثمن ويعطينا بدلًا منها لحومًا أمامية أكثر.
ولو فرضنا أن العجل يعطي 150 كيلو من اللحم الأمامي والخلفي فإننا نأخذ كمية زائدة تصل إلى 50 كيلو لكل عجل، ويصبح إجمالي كمية اللحوم المأخوذة من العجل 200 كيلو بدلًا من 150 كيلو، وللعلم نذبح هذه العجول والخراف جميعها في أوقات التشريق كأضاحٍ، أما كمية الزيادة المستبدلة فتذبح قبل أو بعد أيام التشريق كصدقات.
وقد تبين من خلال المسؤولين عن جهتنا الخيرية أنهم يدفعون ثمن الأضاحي قبل مدةٍ مِن ذبحها وقبل أخذ الأموال من المُضَحِّين، ويتفقون مع المجازر على أخذ الجزء الزائد ابتداءً قبل العيد، ثم يأخذون الباقي بعد العيد.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 مايو 2025 م
الفجر
4 :18
الشروق
5 :58
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 45
العشاء
9 :14