حكم حج الحامل والمرضع

تاريخ الفتوى: 26 يوليو 2023 م
رقم الفتوى: 7798
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم حج الحامل والمرضع

ما حكم حج الحامل و المرضِع؟ فهناك امرأتان: إحداهما حاملٌ، والأخرى مُرضِع، وتسألان: هل يجوز لهما أداء فريضة الحج؟

لا مانع شرعًا مِن ذهاب الحامل أو المرضِع إلى الحج إذا توافرت لهُما الاستطاعة المادية والبدنية، ومِن ذلك أَمْنُ الضرر على النَّفْس والجنين أو الرضيع، فإنْ لم تستطع الحامل أو المرضع أداء الحج لخوفها على نَفْسها أو جنينها أو رضيعها، أو لِمَشَقَّةٍ فوق المعتاد تَلحَقُها، سواء عَلِمَت ذلك مِن نَفْسها أو بتقرير الطبيب الثقة، وَجَب عليها تأخير الحج لحين أن تضع جنينها أو تَفْطم رَضيعَها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقرارات المُتَّخَذة في هذا الشأن مِن قِبَل جِهَات تَنظيم الحج.

المحتويات

 

بيان فرضية الحج بالكتاب والسنة وإجماع الأمة

الحجُّ ركنٌ مِن أركان الإسلام الخمسة التي وَرَدَ ذكرها في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.

والحج فرضٌ بالكتاب والسُّنَّة وإجماع الأُمَّة، وقد أناطه الشرعُ الشريفُ بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجلٌ: كلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فسَكَت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.

قال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 142، ط. دار الكتب المصرية): [ذَكَرَ اللهُ تعالى الحجَّ بِأَبْلَغِ ألفاظِ الوجوب، تأكيدًا لِحَقِّهِ وتعظيمًا لحُرمته، ولا خلاف في فريضته، وهو أَحَدُ قواعد الإسلام، وليس يَجِبُ إلا مرةً في العُمر] اهـ.

حكم حج الحامل والمرضع

يُشترط لوجوب الحج: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والاستطاعة المادِّية والبَدَنيَّة؛ كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (3/ 213، ط. مكتبة القاهرة)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 246-247، ط. الفاروق الحديثة).

ومِن ثَمَّ فإذا رَغِبَت الحامل أو المرضِع في الذهاب إلى الحج، وقَدرَت على أداء مناسكه مِن غير أن تَضُرَّ بنَفْسها أو جَنِينِها، بحيث تَجْتَنِبُ المَشَقَّةَ، فلا مانع شرعًا مِن ذهابها لأداء فريضة الحج مادامت مستطيعة قادرة، لا خوف عليها أو على جنينها.

والأصل في ذلك ما جاء في السُّنَّة المشرَّفة مِن أن السيدة أسماء بنت عميس زوجة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، حَجَّت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي في آخِر أيام حَمْلِها، حتى إنها وَلَدَت قَبل إحرامها، فأمَرَها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تغتسلَ وتُهِلَّ؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: نفست أسماء بنت عُمَيْسٍ بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر، «يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه". فجَمَع الحديثُ بين آخِر وقتٍ مِن حَمْلِها وبدايةِ وقتِ إرضاعها طِفْلَهَا.

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (8/ 133، ط. دار إحياء التراث العربي): [قولها: "نَفسَت" أي وَلَدَت.. وسُمِّي نِفَاسًا لخروج النَّفْس وهو المولودُ والدمُ أيضًا.. وفيه: صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مُجْمَعٌ على الأَمْرِ به] اهـ.

أما إذا وجدت الحامل أو المرضِع مشقة في حجها أو خافت على نفسها وجنينها ضررًا، بإبلاغ الطبيب الثقة لها أن ذهابها للحج وأداء مناسكه قد يسبب لها ضررًا، فالواجب عليها حينئذٍ عدم الذهاب للحج، والانتظار حتى تَضَع حَمْلَها أو تَفْطم رضيعَها؛ لأنها لا تكون مستطيعةً في هذه الحالة، ثم تذهب بعد ذلك عند تحقُّق الاستطاعة؛ لأن الشريعة الإسلامية جاءت بالتَّيسير ورفع الحرج عن المكلفين؛ فقال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، وقال سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وأناطت التكليف بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الشيخان.

كما أنَّ الشريعة قد دَعَت إلى المحافظة على الإنسان، فجَعَلت حِفظ النَّفْس مِن مقاصدها الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتَقَت بهذه المقاصد مِن مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تَكْتَفِ الشريعةُ الغَرَّاءُ بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نَفْسه، بل أوجَبَت عليه اتخاذَ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه، وتَمنع عنه الأذى والضرر، و"قد اتفَقَت الأُمَّةُ -بل سائرُ المِلَلِ- على أنَّ الشريعةَ وُضِعَت للمحافظة على الضروريات الخمس"؛ كما قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان)، ومنها: حفظ النفس وصيانتها.

والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والطبراني في معجميه "الكبير" و"الأوسط"، مِن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه الأئمة: الحاكم في "المستدرك" وصححه، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدِّينَوَرِي في "المجالسة"، مِن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانع شرعًا مِن ذهاب الحامل أو المرضِع إلى الحج إذا توافرت لهُما الاستطاعة المادية والبدنية، ومِن ذلك أَمْنُ الضرر على النَّفْس والجنين أو الرضيع، فإنْ لم تستطع واحدةٌ منهما أداء الحج لخوفها على نَفْسها أو جنينها أو رضيعها، أو لِمَشَقَّةٍ فوق المعتاد تَلحَقُها، سواء عَلِمَت ذلك مِن نَفْسها أو بتقرير الطبيب الثقة، وَجَب عليها تأخير الحج لحين أن تضع جنينها أو تَفْطم رَضيعَها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقرارات المُتَّخَذة في هذا الشأن مِن قِبَل جِهَات تَنظيم الحج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الإحرام في الحج والعمرة من غير اغتسال؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالحج، وعند إحرامه به لم يتمكن من الاغتسال؛ لضيق الوقت وخوف فوات الرحلة، فأحرم من غير أن يغتسل؛ فهل إحرامه صحيح شرعًا؟


شركة استثمار فندقية تطلب إبداء الرأي الشرعي في المشروع التالي: برنامج "عمرة دائمة".
مضمون المشروع: سيتم طرح برنامج عمرة دائمة مفاده: إمكانية إتمام عشر عمرات في العشر سنوات القادمة لكل معتمر.
هدف المشروع: التيسير على المسلمين بتخفيض أسعار الحج والعمرة لأقصى حد ممكن.
النظام المالي للمشروع: يدفع الطرف الثاني دفعة شهرية من المال على أن يتمّ عمل عمرة سنوية، ويتمّ دفع الدفعات في خلال 10 أعوام من تاريخ التعاقد، والسفر للاعتمار من بداية العام الثالث من تاريخ التعاقد إلى 10 أعوام.
يمكن الانسحاب من البرنامج في أي وقت، وفي حالة الانسحاب يتم ردّ جميع الدفعات السابقة -حتى آخر عمرة تمت- مع خصم 20 % مصاريف إدارية.
المستفيدون من المشروع:
-للعميل الحقّ في أن يملي أيّ اسم سيعتمر.
-للعميل أن يؤجل الاعتمار عامًا ليتمّ مضاعفته في العام التالي؛ ليصطحب معه آخر.
-للعميل أن يؤجل الاعتمار أكثر من عام ليتم مضاعفته في الأعوام التالية ليصطحب معه آخرين.


ما حكم صوم المرأة التي نزل عليها دم قبل الولادة بيوم وهي صائمة؟ فهناك امرأةٌ حاملٌ، ونَزَل عليها دَمٌ قَبْل الولادة بيومٍ مصحوبًا بشيءٍ مِن الآلام التي تَسبِقُ الولادة، وكان ذلك في نهار رمضان وهي صائمة، فهل تُكمِل صومها أو تفطر بسبب نزول هذا الدم؟


توفي زوجي عني، وعن بنته، ووالدته، وإخوته وأخواته الأشقاء، ولي مؤخر صداق قدره خمسة آلاف جنيه. فما نصيب كل وارث؟ وما الحكم الشرعي في مؤخر الصداق؟


نرجو منكم بيان فضل مكة على غيرها من البلدان؟ ولماذا سميت بـ "أم القرى"؟ 


ما حكم إهداء ثواب الطواف للأحياء؟ فأنا عندي ابن بارٌّ بي يعمل بمكة المكرمة وأحيانًا كثيرة أوصيه بالدعاء لي وأن يهب لي عملًا صالحًا؛ كالصدقة ونحوها، وقد أخبرني أنه قد طاف سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة ووهب ثوابها لي، أرجو الإفادة عن حكم ذلك، وهل يكون الثواب في صحيفة أعمالي رغم أنني ما زلت على قيد الحياة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13