الأربعاء 19 نوفمبر 2025م – 28 جُمادى الأولى 1447 هـ

حكم اشتراك المضحي مع غير المضحي في ذبيحة واحدة

تاريخ الفتوى: 10 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8635
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الذبائح
حكم اشتراك المضحي مع غير المضحي في ذبيحة واحدة

ما حكم اشتراك المضحي مع غير المضحي في ذبيحة واحدة؟

يجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة، سواء كان المشارك له مريد قربة كالعقيقة والنذور أو غير قربة كمريد اللحم، بشرط أن تكون الذبيحة مما يصح فيها الاشتراك كالإبل والبقر، وأن يعين المضحي نيته عند الشراء أو الذبح.

المحتويات

 

فضل الأضحية

إن من أفضل الأعمال عند الله وأرجاها للقبول إطعام الطعام؛ لما فيها من الثواب العظيم، وإبرازًا للقيم المثلى من التعاون والتكافل وسد الحاجة والمؤازرة بين الناس، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين فقال عز وجل: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: 8].

ومن صور إطعام الطعام في الإسلام ذبح الأضاحي من الإبل والبقر والغنم يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي.

حكم الأضحية

قد مضت سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحر الأضاحي في الأيام المخصصة لها، فقد روي أنه كان يتولى الذبح بنفسه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ. رواه مسلم.

وهي سُنَّة مؤكَّدة في حق المسلم القادر كما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وهو المختار في الفتوى، كما في "المعونة" للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: 657، ط. المكتبة التجارية)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 385، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام موفق الدين ابن قدامة الحنبلي (9/ 435، ط. مكتبة القاهرة).

حكم اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة

يجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة كما قرره جمهور الفقهاء بشرط: أن تكون الذبيحة من جنس البقر أو الإبل، ولا يجوز الاشتراك في الشياه، وأن لا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة؛ لأن البقرة والبدنة تجزئ عن سبعة، ودليل ذلك ما جاء عن جابر رضي الله عنه قال: "نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ" رواه مسلم.

قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (5/ 17-18، ط. الحلبي): [(وإن اشترك سبعة في بقرة أو بدنة جاز إن كانوا من أهل القربة) يعني مسلمين، (ويريدونها) يعني يريدون القربة] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (6/ 126، ط. دار الكتب العلمية): [(والبعير والبقرة) يجزئ كل منهما (عن سبعة)؛ لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة»] اهـ.

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6 / 386، ط. طبعة وزارة العدل السعودية): [(و) تجزئ كل من (البدنة والبقرة عن سبعة)... (فأقل) أي: وتجزئ البدنة والبقرة عن أقلّ من سبعة بطريق الأولى] اهـ.

حكم اشترك المضحي مع غير مريد الأضحية في ذبيحة واحدة

إذا اشترك المضحي مع غير مريد الأضحية في ذبيحة واحدة، فحال الغير إما أن يريد بها قربة أو غيرَ قُربةٍ كَلَحْمٍ وشَحْمٍ، فإن أراد قربة كذبح للعقيقة: جاز على ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة؛ لأن مقصودَ الكلِّ التقربُ، فاتَّحدَت الجهة.

قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (12/ 15، ط. دار الكتب العلمية): [والبدنة تُجزئ عن سبعةٍ إذا كانوا يريدون بها وجه الله سبحانه وتعالى، وكذلك البقرة] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (9/ 349، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(و) يجزئ (البعير والبقرة) الذكر والأنثى منهما، أي كل منهما (عن سبعة) من البيوت هنا ومن الدماء وإن اختلفت أسبابها كتحلل المحصر؛ لخبر مسلم به] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 76، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (والبدنة والبقرة عن سبع، سواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم والباقون اللحم) وهذا المذهب نصَّ عليه، وعليه الأصحاب؛ لأن القسمة إفراز، نص عليه"] اهـ.

وأما إن أراد المشارك غيرَ قربةٍ كَلَحْمٍ ونحوه، فذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز ذلك، وإجزاء ما كان بنية القربة عنها، وتحصيل المشارك نسبته على نيته من غير أن ينقص في جزاء مريد التضحية وإجزائه؛ لأن كل إنسان منهم إنما يجزئ عنه نصيبه، فلا تضره نية غيره في عُشره، وهو المختار للفتوى.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 502، ط. دار الفكر): [ولو اشترك جماعةٌ في ذبح بدنةٍ أو بقرةٍ وأراد بعضهم الهدي وبعضهم الأضحية وبعضهم اللحم: جاز] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/ 126): [(والبعير والبقرة) يجزئ كل منهما (عن سبعة)؛ لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة»... وظاهره أنهم لم يكونوا من أهل بيت واحد، وسواء اتفقوا في نوع القربة أم اختلفوا، كما إذا قصد بعضهم التضحية، وبعضهم الهدي، وكذا لو أراد بعضهم اللحم وبعضهم الأضحية ولهم قسمة اللحم؛ لأن قسمته قسمة إفراز على الأصح كما في "المجموع"] اهـ.

وقال الإمام موفق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 437-438، ط. مكتبة القاهرة): [وتُجزئ البدنة عن سبعة وكذلك البقرة، وهذا قول أكثر أهل العلم.. فسواء كان المشتركون من أهل بيت أو لم يكونوا، مفترضين أو متطوعين، أو كان بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فيجوز اشتراك المضحي مع غيره في ذبيحة واحدة، سواء كان المشارك له مريد قربة كالعقيقة والنذور أو غير قربة كمريد اللحم، بشرط أن تكون الذبيحة مما يصح فيها الاشتراك كالإبل والبقر، وأن يعين المضحي نيته عند الشراء أو الذبح.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

كيف توزع ذبيحة الفداء؟ وهل يأكل منها صاحبها؟


ما حكم إعطاء الجزار من الأضحية؟ فقد اشتركنا جماعة في ذبح عجل كأضحية، واتفقنا مع الجزار على أجرة معينة، فذَبَحَ الأضحية وأخذ حق الذبح، وأخذ أيضًا الرأس والرجلين، ثم اكتشفنا أنه لا يحق له أخذ شيءٍ من الأضحية، فرجعنا له نطالبه بما أخذ فقال بأنه قد باعها لينتفع بثمنها، فما حكم ما أخذه الجزار من الأضحية بهذه الطريقة، وهل يؤثر ذلك على قبول الأضحية؟ وهل لنا أن نسترد هذه الأموال من الجزار؟ أفيدونا أفادكم الله.


ما حكم التضحية بماشية طرأ عليها عيب مؤثر فيها قُبَيل ذبحها؟ فقد اشترينا خروفًا للأضحية قبل عيد الأضحى بأسبوع، وكان الخروف صحيحًا سليمًا لا عيب فيه، وتركناه عند التاجر وأعطيناه ثمن أكله وإقامته عنده حتى يوم عيد الأضحى، وبالفعل أخذنا الخروف يوم العيد لنذبحه، وفي الطريق حصل حادث أدَّى إلى قطع أقل -قليلًا- من نصف ألية الخروف؛ فهل يجوز لنا أن نضحي به بعد حدوث هذا الأمر؟


ما حكم ذبيحة أهل الكتاب وعدم تسميتهم عليها؟ فالسائل قرأ تفسيرًا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللغة الإنجليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد، والمنشور في 1979م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيرًا لهذه الآية ما ترجمته: "اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب. كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور".
والسؤال هو: هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد خنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟


ما حكم الاقتراض للأضحية؟ فالأضحية لها فضل عظيم، فهل إذا حضر وقتها ولم يكن معي مال كاف لها، هل يجوز لي أن أقترض من غيري لكي أقوم بها؟


ما حكم المشاركة في الأضحية بالسُّبع في بقرة بقصد طلب اللحم؟ وهل يؤثر على صحة الأضحية؟ فنحن سبعة أصدقاء نشترك كل عام في أضحية عبارة عن بقرة، وفي هذا العام اعتذر أحد الأصدقاء فقال الآخر: أنا سوف آخذ السُّبعَ لحمًا لأهل بيتي، فهل هذا يؤثر على صحة الأضحية.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :53
الشروق
6 :23
الظهر
11 : 40
العصر
2:37
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :18