ما حكم أكل الحيوانات البحرية من غير الأسماك؟
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على حل أكل حيوان البحر ما لم يكن في أكله ما يتضرَّر به الإنسان في صحته؛ كأن يكون سامًّا أو محمَّلًا بالأمراض أو غير ذلك، مما يُعْلَمُ بالرجوع إلى أهل الاختصاص؛ لما قد تقرَّرَ في القواعد الفقهية أنه "لا ضَررَ ولا ضِرارَ"، واستثنى بعض الشافعية من الحلّ: ما كان له نظير محرم في البر، واستثنى الحنابلة ما كان مستخبثًا؛ كالضفدع، ولهم في ذي الناب -كالتمساح- روايتان.
المحتويات
الأصل في كل ما خرج من البحر من الأطعمة هو الحل؛ لعموم قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [ المائدة: 96].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البحر: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، وعنه الإمام الشافعي في "الأم" والإمام أحمد في "المسند"، وأصحاب السنن الأربعة، وصححه البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
وكلُّ ما كان من جنس السمك لغةً وعرفًا فهو حلالٌ بلا خلاف في ذلك، ونقَلَ الإجماعَ على إباحة السمك بكلِّ أنواعه كذلك غيرُ واحد من العلماء؛ قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (13/ 86، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد أجمع المسلمون على إباحة السمك] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 619، ط. دار المعرفة): [لا خلاف بين العلماء في حِلِّ السمك على اختلاف أنواعه] اهـ.
اختلف العلماء فيما يخرج من البحر من الدواب من غير الأسماك:
فعند الحنفية: أنه يكره كراهة تحريمية أكل ما سوى السمك من دواب البحر؛ لأن ما سوى السمك خبيث والخبائث محرمة؛ قال القاضي أبو يوسف الحنفي في "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" (ص: 137، ط. لجنة إحياء المعارف النعمانية): [وإذا أصاب الرجل من صيد البحر شيئًا سوى السمك، فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول: "لا خير في شيء من صيد البحر سوى السمك"، وبه نأخذ] اهـ.
وقال العلامة الميرغيناني الحنفي في "الهداية" (4/ 353، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال: "ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك"] اهـ.
قال العلامة داماد أفندي الشهير بشيخي زادة الحنفي في "مجمع الأنهر" (2/ 514، ط. إحياء التراث العربي): [(وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ) وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مَثْوَاهُ وَعَيْشُهُ فِي الْمَاءِ عِنْدَنَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (إلَّا السَّمَكُ بِأَنْوَاعِهِ) غَيْرَ الطَّافِي.. وَمَا سِوَى السَّمَكِ خَبِيثٌ] اهـ.
وعند المالكية: أنه يباح أكل كل ما يخرج من البحر، سواء كان طافيًا أم غير طافٍ؛ جاء في "المدونة" للإمام مالك (1/ 452، ط. دار الكتب العلمية): [قال: وقال مالك: يؤكل كل ما في البحر الطافي، وغير الطافي من صيد البحر كله ويصيده المحرم] اهـ.
وعند الشافعية: ذهبوا إلى التفرقة في حيوان البحر؛ بين ما لا حياة له إذا خرج من الماء، وما له حياة خارج الماء (البرمائي).
فأما ما لا حياة له خارج الماء، وهو كالسمك بأنواعه: فأكله حلال مطلقًا بلا خلاف.
وأما ما له حياة خارج المياه: فعلى ثلاثة أقوال: الحل، والحرمة، والتفرقة بين ما له نظير حلال في البر فيحل، وما لا فلا؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (9/ 31، ط. دار الفكر): [فقال أصحابنا: الحيوان الذي لا يهلكه الماء ضربان: (أحدهما) ما يعيش في الماء وإذا خرج منه كان عيشه عيش المذبوح، كالسمك بأنواعه؛ فهو حلال ولا حاجة إلى ذبحه بلا خلاف؛ بل يحلّ مطلقًا سواء مات بسببٍ ظاهرٍ كضغطة أو صدمة حجر، أو انحسار ماء، أو ضرب من الصياد، أو غيره، أو مات حتف أنفه، سواء طفا على وجه الماء أم لا، وكله حلال بلا خلاف عندنا.
وأما ما ليس على صورة السموك المشهورة، ففيه ثلاثة أوجه مشهورة: ذكرها المصنف في "التنبيه"، وقال القاضي أبو الطيب وغيره: فيه ثلاثة أقوال:
أصحها: عند الأصحاب يحلُّ الجميع، وهو المنصوص للشافعي في "الأم" و"مختصر المزني" واختلاف العراقيين؛ لأن الصحيح أن اسم السمك يقع على جميعها، وقد قال الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ﴾، قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: "صيده: ما صيد، وطعامه: ما قذف"؛ ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».
والوجه الثاني: يحرم، وهو مذهب أبي حنيفة.
الثالث: ما يؤكل نظيره في البر كالبقر والشاة وغيرهما: فحلال، وما لا يؤكل كخنزير الماء وكلبه فحرام؛ فعلى هذا ما لا نظير له حلال] اهـ.
وعند الحنابلة: أنه يباح أكل كل حيوان البحر إلا الضفدع؛ لكونه من المستخبثات، والتمساح؛ لكونه ذا ناب على أحد القولين، وكل ما له نظير محرم في البر كالخنزير؛ قال الإمام ابن قدامة في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (1/ 558، ط. دار الكتب العلمية): [حيوان البحر يبــاح جميعه؛ لقول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾ [المائدة: 96]، إلا الضفدع؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتلها؛ ولأنها مستخبثة.
وكره أحمد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التمساح؛ لأنه ذو ناب، فيحتمل أنه محرم؛ لأنه سبع، ويحتمل أنه مباح للآية. وقال ابن حامد: يحرم الكوسج؛ لأنه ذو ناب، وقال أبو علي النجاد: لا يؤكل من البحري ما يحرم نظيره في البر، ككلب الماء وخنزيره وإنسانه، والأول أولى] اهـ.
وقال في "الشرح الكبير" (11/ 87، ط. دار الكتاب العربي): [(وجميع حيوان البحر مباح؛ لقول الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾، إلا الضفدع والحية والتمساح، وقال ابن حامد: إلا الكوسج) كل صيد البحر مباح إلا الضفدع، وهذا قول الشافعي] اهـ.
وقال الإمام أبو البركات مجد الدين ابن تيمية الحراني الحنبلي في "المحرر في الفقه" (2/ 189، ط. مكتبة المعارف): [ويباح حيوان البحر كله إلا الضفدع، وفي التمساح روايتان] اهـ.
مقتضى ذلك أن جمهور الفقهاء على حل أكل حيوان البحر ما لم يكن في أكله ما يتضرَّر به الإنسان في صحته؛ كأن يكون سامًّا أو محمَّلًا بالأمراض أو غير ذلك، مما يُعْلَمُ بالرجوع إلى أهل الاختصاص؛ لما قد تقرَّرَ في القواعد الفقهية أنه "لا ضَررَ ولا ضِرارَ"، واستثنى بعض الشافعية من الحلّ: ما كان له نظير محرم في البر، واستثنى الحنابلة ما كان مستخبثًا؛ كالضفدع، ولهم في ذي الناب -كالتمساح- روايتان.
ومما ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التضحية بالطيور؟ فإن بعضُ المتصدّرين يُرَوّج للقول بجواز التضحية بالطيور، وأن بعض الصحابة فعل هذا، فما مدى صحة هذا الكلام؟
ما حكم بيع ما يؤكل من الحيوان وتحديد ثمنه بالوزن وهو حي؟ فرجلٌ يعمل في تجارة المواشي، ويقدِّر ثمن الحيوان حيًّا بحسب وزنه بالكيلو جرام القائم ساعة بيعه وفقًا للعُرف الجاري بين التُّجار، على أن الكيلو جرام القائم بكذا، بحيث يَزِنُهُ قبل البيع، ويحدد ثمنه بضرب ثمن الكيلو جرام الواحد في الوزن القائم، ويَعرضه على المشتري فيرضى به أو يُفاوضُه فيه، ثم يتم بينهما البيع بالثمن الذي يَتَرَاضَيَان عليه، فهل يصحُّ هذا البيع شرعًا؟
يقول السائل: امرأة أسقطت الحمل في (130) يومًا؛ أي: بعد نفخ الروح في الجنين؛ فهل على الأب أن يعُق عن هذا السقط؟
ما الذي يترتب على من أراد الأضحيةِ وفاته وقتها ولم يضحّ؟ فهناك رجلٌ يتطوع بالأضحية كلَّ عام، وفي هذا العام اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه قد طرأت له بعض الظروف في يوم عيد الأضحى واليوم الذي يليه حالت بينه وبين ذبحها حتى أصبح في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، فهل يجزئه التطوع بالأضحية بعد ذلك؟ وما الحكم لو خرج الوقت دون أن يذبح؟ هل يشرع له الذبح بعده وتكون أضحية؟
يطلب السائل بيان الحكم الشرعي في استخدام دماء ولحوم الخنزير في تصنيعها كغذاء للدواجن وغيرها، وكذلك دماء ولحوم الأنواع الأخرى من الحيوانات التي تعد لحومها للأكل من الأبقار والجاموس والجمال والأغنام التي يتم ذبحها حسب الشريعة الإسلامية ويثبت عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي إلى جانب الحيوانات التي تنفق قبل ذبحها، مع العلم بأن المجازر الآلية للدواجن التي أنشئت في السنوات الأخيرة بمصر تضم مصانع لتصنيع مخلفات الذبح من الدماء واللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، وكذلك النافقة منها، والتي تعتبر مصدرًا أساسيًّا لأعلاف تغذية الدواجن.
ما حكم تأخير الفطر وترك السحور لكسر الشهوة؟ فأنا شابٌّ لم يمنَّ الله عليَّ بالزواج بعدُ، والصيام لا يكسر شهوتي؛ فهل يجوز لي تأخير الفطر في رمضان والصيام من غير سحور لكسر الشهوة؟