ما حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه؟ فهناك شخصٌ يُصَوِّر بعضَ المنتَجات بالمحلات بعد إذن أصحابها مِن التُّجَّار، ثم يَعرِضُها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مُشيرًا إلى أنه سيُوَفِّرُها حسب الطلب، فإذا طلب المنتَجَ أحدُ المتابعين لصفحاته، فإن هذا الشخص المُعلِن يشتري المنتَجَ المطلوب مِن التاجر صاحب المحل الذي سَبَق أنْ أَذِنَ له بعَرْض مُنتَجه، ثم يبيعه للشخص الذي طلبه مِن خلال صفحته بزيادة عن السعر الذي اشتراه به من المحل، على أن يتم دفع ثمن السلعة عند الاستلام، فما حكم ذلك شرعًا؟
تصوير الشخص المذكور بعضَ المنتَجات والإعلان عنها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بإذن أصحابها قبل تملُّكها، ثم بيعها من خلال صفحات التواصل الخاصة به، وذلك بعد شرائها أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج، مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.
المحتويات
أباح الشرعُ الشريفُ التجارةَ، وجعل مبناها التراضي بين الناس، فقال جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، والتجارة: هي "تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح"، كما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 381، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ومِن صُور المعاملات الحديثة للبيع وما يَسبقه مِن تسويق للسِّلَع والمنتَجات المُراد بيعُها ما يُعرف الآن بـ"التسويق والبيع الإلكتروني"، ويُقصد به التسويق والبيع عبر المواقع والمنصَّات الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والذي أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة التي تستوعبها مرونة الإسلام وتتقبلها ما دام يحقق مصالح العباد ولا يشتمل على مُحَرَّمٍ بنصٍّ قطعيٍّ أو قاعدةٍ كلِّيةٍ.
مواقع التواصل الاجتماعي تُعَدُّ من أسهل وسائل التسويق والبيع الإلكتروني وأسرعها في واقعنا المعاصر، واستخدامُ تلك المواقِع كوسيلةٍ في الإعلان عن السِّلَع والمنتَجات، وتبادلِ البيع والشراء هو مِن الأمور التي يُجيزها الشرعُ الحنيفُ إذا ما تم ذلك في صورةٍ سَالِمَةٍ مِن الغرر والجهالة اللَّذَين يترتب عليهما وُقُوعُ الضرر على الغير، وذلك بالتزام الصدق والأمانة في وَصْف المنتَج وَصْفًا حقيقيًّا، مع ضمان حق المشتري في التخيير بين إتمام البيع أو إلغائه عند رؤيته للسلعة إذا كان فيها عيبٌ أو كانت على غير الوصف المُعلَن عنه سابقًا في مرحلة التسويق قبل عقد البيع وإتمام عملية الشراء.
الإعلان عن المنتَج عبر مواقع التواصل الاجتماعي -كما هي الحال في مسألتنا-، وما يَعقُب ذلك مِن طَلَب شراء المنتَج، ومِن ثَمَّ يشتريه المُعلِن، ثم يَبيعه لطالِبِه، يُكَيَّف شرعًا على أنه مِن باب بيع المرابحة (للآمر بالشراء)، وهو مِن البُيُوع التي أباحها الشرعُ الشريفُ وجاء بجوازها، وذلك في صورته التي نص عليها الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (3/ 39، ط. دار المعرفة) بقوله في بيانها: [أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحُك فيها كذا، فيشتريها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال: أُربحُك فيها، بالخيار، إن شاء أَحدَث فيها بيعًا، وإن شاء تَرَكَه. وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أُربحُك فيه، فكلُّ هذا سواء، يجوز البيع الأَوَّل، ويَكُونان بالخيار في البيع الآخَر، فإن جَدَّدَاهُ جاز] اهـ.
ولا يقدح في صحة هذه المعاملة عدمُ معرفة المشتري الثاني لسعر السلعة الأَوَّل ومقدار الربح فيها؛ لأنَّ اشتراط الفقهاء لمعلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المَزيد عليه تفصيلًا لِكِلَا الطرفين قبل إتمام بيع المرابحة -إنما هو للتحرز مِن الجهالة المؤدية إلى الغرر والنزاع بين المشتري طالب السلعة والمرابِح.
قال الإمام مجد الدين ابن مَوْدُودٍ المَوْصِلِي في "الاختيار" (2/ 29، ط. الحلبي): [ولا بد أن يكون الربح أو الوضيعة معلومًا؛ لئلَّا يؤدي إلى الجهالة والمنازعة] اهـ.
فإذا عُلِمَ ثمن السلعة إجمالًا، واتُّفق عليه بين الطرفين، فإنَّ هذا يحقق المعنى المَرْجُوَّ من الشرط، وهو رفع الجهالة ونفي الغرر ومنع النزاع، وقد تقرَّر في القواعد الفقهية أنَّ "الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا"، كما في "شرح الإمام الزَّرْكَشِي على مختصر الإمام الخِرَقِي" (3/ 504، ط. مكتبة العبيكان).
هذا، وقد نُقل عن الإمام مالكٍ كراهةُ عدم استيفاء هذا الشرط مع القول بصحة البيع.
قال الإمام أبو الوليد ابن رُشْد الجد في "البيان والتحصيل" (8/ 220، ط. دار الغرب الإسلامي): [ولو أنَّ رجلًا سأل رجلًا أن يبتاع طعامًا أو متاعًا بعَيْنه، إلا أنه لم يُسَمِّ له ما اشترى به، ولم يُسَمِّ له ما يربحه فيه -فإني سمعتُ مالكًا أيضًا يقول فيها: إني أكره أن يعمل به، فأما أنْ أبلُغَ به الفسخَ فلا، وأمضاه] اهـ.
وذهب الإمام سُحْنُون مِن فقهاء المالكية إلى أن المرابح إذا سَمَّى سعرَ السلعة المعروضة للبيع به فقط دون ثمنها الأول، وفات وقتُ الخيار، وتم البيع -صحَّ البيع ولا تُرَدُّ إلى القيمة، بل إنَّ مِن فقهاء المالكية مَن ذهب إلى أنه لا يلزم البائع أن يُبَيِّن السعرَ في هذه الحالة، كالإمام أبي إسحاق التونسي.
قال الإمام أبو الوليد ابن رُشْد الجد في "المقدمات الممهدات" (2/ 127-128، ط. دار الغرب الإسلامي): [ويلزمه أيضًا فيما له عَيْن قائمة -كالصبغ والكمد والفتل- أن يُبَيِّن فيقول: اشتريتُ بكذا وكذا، وصبغتُ بكذا وكذا، في الوجهين جميعًا، باع بربح مُسمًّى على جملة الثمن، أو للعشرة أحد عشرة، فإن لم يفعل وقال: شراء هذه السلعة بعشرة، وقد كان اشتراها بخمسة وصبغها بخمسة، فالمشتري بالخيار إن كانت السلعة قائمة بين أن يأخذها بالثمن أو يردها، وإن فاتت مضت بجميع الثمن ولم ترد إلى القيمة، هذا قول سُحْنُون في "العتبية".. وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه ليس عليه أن يُبَيِّن ذلك، كسلعتين باعهما مرابحةً صفقةً واحدةً وقد كان اشتراهما في صَفْقَتَيْن] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ تصوير الشخص المذكور بعضَ المنتَجات والإعلان عنها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بإذن أصحابها قبل تملُّكها، ثم بيعها من خلال صفحات التواصل الخاصة به، وذلك بعد شرائها أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج، مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع؟ فهناك رجلٌ يعمل في تجارة الأجهزة الكهربائية، واعتاد بعضُ الناس معاملتَه بدَفْع عربونٍ غير مُستَرَد عند شراء السلعةِ على ذمَّة إتمام البيع وسداد باقي الثمن، مع استلامِ مُستندٍ تِجَاريٍّ (فاتورةٍ) بذلك، فهل يجوز له التصرف فيما يقبضه منهم كعربونٍ على بعض السلع قبل إتمام البيع وتسليم تلك السِّلَع؟
أرجو من سيادتكم التكرم بإفادتنا حول هذا الموضوع:
جرت العادة من مئات السنين بين الفلاحين وغيرهم في قياس الأراضي أن يكون القياس بجمع كل ضلعين متقابلين، ثم قسمة حاصل الجمع لهذين الضلعين على 2، ثم ضرب الناتج من متوسط جمع كل ضلعين في بعضهما؛ ليكون ناتج الضرب هو مساحة هذه الأرض، وهذه الأراضي أغلبُها مسجل في الشهر العقاري والمحاكم من يوم أن قُنِّنَ بصحة التوقيع.
ومنذ ست عشرة سنة بعت أرضًا زراعية مساحتها 12 قيراطًا لرجل وأخيه، وكما جرت العادة تم قياس هذه المساحة في وجودي ووجود المشترييَن معًا، وتم وضع العلامات (الحديد) على الجوانب الأربعة لقطعة الأرض، وعليه فتسلمت الثمن واستلما الأرض.
ومنذ سنة تقريبًا اشترى مني نفس المشتري "قيراطين" بجوار الأرض السابقة ليضيفوها إلى مساحتها، ففوجئت بأنه يقيس بشكل مختلف عن سابقه، ولما سألته قال لي: القياس حديثًا يقاس بما يُسمَّى قياس "الوتر"، ولَمّا سألتُه عن الفرق بين القديم والحديث قال: قياس الوتر لمساحة ما يزيد عن القياس القديم بفرقٍ ما، وإذ بالمشتريين يطلبون منه إعادة القياس بالوتر للمساحة التي اشتروها مني منذ ست عشرة سنة، واندهشت من هذا الطلب الذي يلغي تمامًا قاعدة العرف الذي جرى عليها الناس في السنوات الماضية ومئات السنين، لكن لم يسمعا وجهة شرح الموضوع، وفرضا عليَّ القياس مرة أخرى، وعلى أساسه طلع الفرق 90 مترًا بين القديم والحديث، فقلت لهم: معنى ذلك أن كل العقود من مئات السنين يرجع فيه المشتري على البائع بهذا القياس، ويطالبوا بهذا الفرق بالمساحات، أو بأثمانها بالأسعار الجارية.
فنرجو من فضيلتكم إبداء الرأي الشرعي في هذه المسألة بما يفيد، ولكم جزيل الشكر.
نظرًا لمجهوداتكم لإنارة الحق في المسائل التي تخص الأمة الإسلامية، وإيضاح الحلال والحرام؛ عملًا بقوله تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7]؛ لذلك اطلب من سيادتكم فتوى في تعاملاتنا مع البنوك في الآتي:
التأجير التمويلي لاستيراد ماكينات من الخارج للمصنع الجديد للشركة:
هذه المعاملة المالية مستحدثة تشبه الشراء بالتقسيط، بمعنى: عند شراء ماكينة للمصنع نقوم بالاتفاق مع شركة التأجير التمويلي على أن تقوم هي بشراء الماكينة، ثم تقوم بتقسيط سعر الماكينة علينا بعد إضافة المصاريف السنوية، وبعض المصاريف الإدارية، وبعد نهاية سداد آخر قسط نقوم نحن المستأجر بتملك هذه الماكينة. ولسيادتكم جزيل الشكر.
ما حكم الكسب من عمل مشكوك في حرمته؟ فأنا أعمل مهندسًا بشركة مقاولات أ، وأُشرِف على تنفيذ محطة معالجة صرف صحي بالإسكندرية، ونظام الشركة التي أعمل بها هو أن يتم تنفيذ هذه الأعمال بواسطة مقاولين من الباطن، وتم التعاقد مع شركة من القاهرة "ب"، وهذه الشركة أعطت بعض الأعمال إلى مقاول آخر من الباطن "ج". وعند مرحلة معينة من العمل طلب مني الاستشاري الذي يشرف علينا أن يستبعد هذا المقاول الآخر ج من دون أسباب، وتم استبعاده. وكان يوجد مهندس بالشركة "ب" التي تم التعاقد معها صديق للاستشاري، تم استبعاده هو الآخر ولا أعرف السبب. وبعد مرحلة معينة طلب مني الاستشاري أن نستكمل أنا وهو باقي الأعمال التي استُبعد فيها المقاول الآخر "ج"، على أن نتقاسم الربح معًا، مع العلم أن تَسلُّم هذه الأعمال جميعًا يتم من قِبَل الاستشاري الذي يدرجها في المستخلصات بعد أن يتم تنفيذها طبقًا للمواصفات المطلوبة، مع العلم بأن الاستشاري الذي يتسلَّم هذه الأعمال هو الذي يشاركني في هذا الأمر. فهل هذا الأمر جائز؟
ما حكم البيع لشخص ماله من حرام؟ فأنا مُوَرِّد إسمنت، وهناك من التجار مَن يريد أن أورِّد له، ولكني علمت أن ماله ليس طاهرًا؛ لأنه يتعامل بالربا مع الناس، فهل يجوز لي أن أورد له؟
نتقدم لفضيلتكم بالاستفسار عن مدى شرعية المعاملة المصرفية التالية:
يتميز التمويل العقاري بصيغة المرابحة بطول فترة السداد التي قد تصل إلى 20 سنة، وهو الأمر الذي قد يعرض أحد طرفي التعامل للضرر، سواء البنك -الممول- أو المرابح؛ لطول فترة السداد مع ثبات العائد المحتسب والمتفق عليه منذ بدء التعامل، وبالتالي ما مدى جواز اتفاق كل من البنك والمرابح منذ بداية التعامل وبالتراضي على تضمين عقد المرابحة بندًا يتضمن الاتفاق على تحديد عائد البنك في تاريخ التنفيذ لمدة محددة -ولتكن سنتين مثلًا-؟ مع الالتجاء بعد انقضاء هذه المدة لطرف ثالث عدل -البنك المركزي- بحيث يتم مراجعة العائد المحتسب للمراجعة وفق ما يحدده البنك المركزي من سعر للاقتراض والخصم أو سعر للكوريدور وفق ما يراه البنك مع بداية كل عام من المدة الباقية للمرابحة مع إضافة نسبة محددة ولتكن 2% مثلًا فوق هذا السعر كهامش ربح للبنك، وبالتالي يعدل عائد البنك وفق هذا السعر سواء بالزيادة أو النقصان؟