لي جارٌ يملك مسكنًا كبيرًا ويسكن فيه، ولكن ليس معه مالٌ ينفق منه، فهل يجوز أن أعطيَه من مال الزكاة؟
يجوز لك شرعًا أن تعطي جارك من الزكاة؛ حتى وإن كان مسكنًا كبيرًا ما دام محتاجًا، وليس عنده ما يكفيه من حاجاته الأصلية من طعامٍ أو دواءٍ أو كساءٍ أو غير هذا مما يحتاجه الإنسان.
الغرضُ من الزكاة في الشريعة الإسلامية هو سدُّ حاجة ذوي الحاجات، وتحقيقُ التعاون بين أفراد المجتمع؛ بحيث لا يوجد من هو في أشد حالات الحاجة، ولا يجدُ ما يسدُّ به حاجته من طعامٍ أو دواءٍ أو كساءٍ أو غير هذا مما يحتاجه الإنسان.
ومن المقرَّر أن الإسلام قد حصرها فيمن يستحقون، وليس الغنيُّ منهم، وأصحابُ الأملاك من القصور أو غيرها معدودون من جملة الأغنياء؛ فإذا وُجد غنيٌّ قد ذهب ماله مع بقاء شيءٍ من ممتلكاته؛ كنحو قصر -كما هو وارد في هذا السؤال يعني مسكنًا كبيرًا- فإنه في هذه الحالة فقير يد؛ أي: لا مال له، فهو من جملة المحتاجين، ولا يمنع كونه محتاجًا أنه مالك لقصرٍ أو غيره؛ لأنه ليس عنده ما يكفيه، وقد وسعته رحمةُ الإسلام، فلم يُكلَّف بيعُ قصره هذا لسدِّ حاجته، إنما هو في حالٍ يلزم معها مراعاة المجتمع له؛ ولذا فقد أباح له الفقهاءُ أن يأخذ من الزكاة لحاجته إلى ذلك، ولأن الحال التي هو عليها تجعله يُوصف بكونه فقيرًا أو مسكينًا حتى وإن كان له عقار باهظ الثمن؛ فقد جاء في "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" (1/ 223، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا) تُدفَع (إلى غنيٍ) خلافًا للشافعي في أغنياء الغزاة إذا لم يكن لهم شيءٌ في الديوان ولم يأخذوا من الفيء (يملك نصابًا من أيِّ مالٍ كان)، سواء كان من النقود أو السوائم أو العروض، وهو فاضلٌ عن حوائجه الأصلية؛ كالدين في النقود، والاحتياج في الاستعمال في أمر المعاش في غيرها بلا اشتراط النماء، حتى لو كان له كتاب مكرَّر يُحْسَبُ أحدُهُما من النصاب، ولو كان له داران يسكن في إحداهما ولا يسكن في الأخرى، تُعتَبَرُ قيمةُ الثانية، سواء يؤجِّرُها أو لا] اهـ.
وقال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (2/ 410، ط. دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان): [والغنيُّ أن يملكَ نصابًا، أو ما قيمته نصابٌ فاضلًا عن مسكنه وأثاثه وثيابه] اهـ.
وقال الإمام ابن الحاجب المالكي في "التوضيح في شرح المختصر الفرعي" (2/ 347، ط. مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث): [قال اللخمي: واختلف في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ». فقيل: هو من كانت له كفاية وإن كان دون النصاب. وقيل: من كان له النصاب؛ لحديث: «أُمِرْتُ أَن آخُذَ الصَّدقَةَ»، وقيل: المراد الكفاية. فمن كان له أكثر من نصاب ولا كفاية له فيه حلَّت له وهو ضعيف؛ لأنه تجب عليه الزكاة، فلم يدخل في اسم الفقير، ولأنه لا يدري هل يعيش حتى يفرغ ما بيده أم لا، ولا خلاف بين الأمة فيمن له نصاب وهو ذو عيال ولا يكفيه ما في يده أن الزكاة واجبة عليه، وهو في عدد الأغنياء. انتهى] اهـ.
وقال العلامة ابن الملقن الشافعي في "عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج" (3/ 1142، ط. دار الكتاب-الأردن): [فرع: لو كان له عقار ينقص دخلُهُ عن كفايته فهو فقيرٌ أو مسكين، فيعطَى من الزكاة تمامها، ولا يُكَلَّف بيعه، ذكره في "الروضة" عن الجرجاني وآخرين] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن ملك نقدًا ولو خمسين درهمًا فأكثر، أو قيمتها من الذهب أو غيره)؛ كالعروض (ولو كثرت قيمته، لا يقوم) ذلك (بكفايته فليس بغني؛ فيأخذ تمام كفايته سَنَةً) من الزكاة، (فلو كان في ملكِهِ عروض للتجارة قيمتها ألف دينار، أو أكثر) من ذلك (لا يُرَدُّ عليه ربحها)، أي: لا يحصل له منه (قدر كفايته) جاز له أخذ الزكاة، (أو) كان (له مواشٍ تبلغ نصابًا، أو) له (زرعٌ يبلغ خمسة أوسق، لا يقوم) ذلك (بجميع كفايته، جاز له أخذ الزكاة) ولا يمنع ذلك وجوبها عليه.
(قال) الإمام (أحمد) في رواية محمد بن الحكم: (إذا كان له ضيعة أو عقار يستغلها، عشرة آلاف أو أكثر، لا تكفيه، يأخذ من الزكاة، وقيل له) أي: لأحمد (يكون له الزرع القائم، وليس عنده ما يحصده، أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم، قال الشيخ: وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنته، وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة، وكذا من له كتبٌ يحتاجُها للحفظ والمطالعة، أو لها حُليّ للبس، أو كراءٌ تحتاج إليه) فلا يمنعها ذلك الأخذ من الزكاة، فالغنى في باب الزكاة نوعان: نوع يوجبها، ونوع يمنعها، والغنى هنا ما تحصلُ به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه الزكاة، وإن لم يملك شيئًا، وإن كان محتاجًا حلَّت له ولو ملك نصابًا فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث قبيصة رضي الله عنه: «فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أو سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ» رواه مسلم، والسِدَادُ: الكفاية. وذكر أحمد قول عمر: "أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا"] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز أن تعطي جارك الذي يملك قصرًا -أي مسكنًا كبيرًا- ويسكن فيه من أموال الزكاة ما دام محتاجًا، وليس عنده ما يَفِي بحاجته الأصلية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشرع في شراء معدات طبية تستخدم للمرضى في العناية الفائقة بشكل خدمي بدون مقابل، وذلك من أموال الزكاة؟
طلب مجلس إدارة مشروع إنشاء معهد أمراض الكبد بيان ما إذا كان يجوز شرعًا دفع الزكاة أو جزء منها لهذا المشروع أم لا يجوز؟ وبعد الاطلاع على الكتيب الذي حوى فكرة المشروع، وتقدير تكاليف إنشائه وضرورته بسبب انتشار أمراض الكبد انتشارًا كبيرًا في مصر وباقي الأقطار العربية، وفي مراحل العمر المختلفة، وأن الجمعية القائمة على المشروع قد تم شهرها وتسجيلها بالشؤون الاجتماعية جنوب القاهرة، وأن المعهد سيلحق به مستشفًى لعلاج القادرين بأجر في حدود نسبة معينة من المرضى، وذلك كمورد لتشغيل المعهد ومؤسساته بالإضافة إلى الموارد الأخرى المبينة بالكتيب.
هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها؟ وإن وجد إنسان مسلم في بلاد المسلمين يجهل وجوبها، ومرَّ عليه أعوام، فهل يجب عليه قضاء ما فات؟
سائل يسأل عن مصارف إنفاق أموال الصدقات، وهل هي قاصرة على المسلمين أو أنه يجوز حكم إعطاء غير المسلمين منها؟
ما حكم الزكاة على الذهب المشترى للزينة فسيدة متزوجة تملك ذهبًا وزنه 120 جرامًا عبارة عن شبكة قدمها لها الزوج في سبتمبر سنة 1970م، ولم يخرج عنه زكاة حتى الآن. والسؤال: هل تجب الزكاة في هذا القدر؟ وكيف يمكن حسابها عن عشر السنوات الماضية علمًا بأن الزوج لا يرى ضرورة في أداء هذه الزكاة، والزوجة تريد تنفيذ شرع الله، وفي حالة وجوب الزكاة وعدم موافقة الزوج على أدائها، فهل إذا أخرجتها الزوجة دون علم زوجها من مالها الخاص تعتبر عاصية لزوجها؟ ويقول السائل في طلبه: مع ملاحظة أنها لا تلبس هذا الذهب بل هو محفوظ في بيتها. وطلب بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم تزويج الشباب غير القادرين من مال الزكاة؟ حيث توجد لجنة تجمع أموال الزكاة والصدقات والتبرعات، وتصرفها على المستحقين، ويتقدم إليها بعضُ الشباب من غير القادرين لمساعدتهم في إتمام زيجاتهم وتقديم إعانات مادية ونقدية لزواجهم. فهل يجوز أن يكون هذا من الأموال المخصصة للزكاة؟