زكاة شركات الأشخاص وكيفية إخراجها

تاريخ الفتوى: 31 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8276
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
زكاة شركات الأشخاص وكيفية إخراجها

ما كيفية إخراج الشركاء زكاة أموالهم في شركة الأشخاص؟ فأنا شريك في شركة أشخاص ومجال عملها نشاط تجاري ونسبتي في رأس مالها 25%، فهل تحسب الزكاة في أموال الشركة كلها، أو تحسب الزكاة في نصيبي فقط؟ وإذا حُسبتِ الزكاة في مال الشركة فهل تسقط بذلك عني؟

تجب الزكاة في شركات الأشخاص في نصيب كلِّ شريكٍ على حدةٍ، وذلك بعد تحديد صافي مستحقاته في أموال الشركة مضافًا إليها الأموالُ الخاصة به -إن وجدت- إذا توفرت في كلِّ ذلك شروط وجوب الزكاة.

ولا مانع إذا اتفق الشركاءُ فيما بينهم على تفويض مجلس إدارة الشركة أن يخرج الزكاة على مجموع أموال الشركة كأنها لشخصٍ واحدٍ، ويتم في هذه الحالة محاسبةُ الشركةِ كوحدةٍ واحدةٍ من حيث تحديدُ النصاب على رأس المال العامل واعتبار الديون وتحديد القدر الواجب إخراجه، ثم يوزَّع هذا العبءُ على الشركاءِ كلٌّ حسب نصيبِه، مع التنبيه على أن هذه الزكاةَ الخاصَّةَ بالشركةِ لا تُغني عن الزكاةِ الواجبةِ على كلِّ فردٍ في ماله الخاص إن كان له أموالٌ سوى هذه الشركة، وفق الشروط الخاصة بذلك.

المحتويات

 

حكمة الشريعة الإسلامية من فريضة الزكاة

الزكاة عبادة واجبة وركن من أركان الإسلام، ومن مقاصدها وحِكَم تشريعها سد حاجة الفقير، وتطهير نَفْس المزكي وتجريدها من نوازع الشُّحِّ والبخل واكتناز المال، قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 103].

مفهوم شركة الأشخاص

شركة الأشخاص هي شخصية اعتبارية تصدق على اشتراك عددٍ من الأفراد باعتباراتهم الشخصية بقصدِ ممارسةِ نشاطٍ من الأنشطة التجارية واقتسام الربح أو الخسارة فيما بينهم كلٌّ بحسب سهمه ونصيبه، على ما أفادته المادتان رقم (505، و506) من القانون المدني المصري.

مدى تأثير الخلطة أو الشركة بين الأشخاص على الزكاة وأقوال الفقهاء في ذلك

الشركة هنا -وإن كانت شخصية اعتبارية لها من الصفة القانونية والذمة المالية المستقلة ما يُلزمها بحقوق والتزامات تجاه بعض المؤسسات والأفراد- إلا أنها غير مقصودة بالخطاب التكليفي بفريضة الزكاة، وإنما المقصود به هو الشخصية الطبيعية المالكة للمال على الحقيقة، جريًا على ما قرره الفقهاء في بحث مدى تأثير الشِّركة بين الأشخاص في الأموال وعبَّروا عن ذلك بـ"زكاة الخلطة"، فقد اختلفوا في ذلك على قولين: فرأى الشافعية اعتبار الخلطة في رأس المال، بحيث تكون أموال المشتركين بمثابة شخصٍ واحدٍ من حيث نوع المال، ومقدار النصاب، والقدر الواجب إخراجه، وذهب الجمهور إلى عدم تأثير الخلطة في الزكاة لا في تقدير النصاب ولا في القدر الواجب إخراجه، وذلك على تفصيلٍ بينهم في نوع المال الذي تشمله الخلطة.

فذهب فقهاء الحنفية إلى عدم تأثير الخُلْطة أو الشَّركة بين الأشخاص على الزكاة مطلقًا، فيُخاطَب كلُّ شخصٍ من الشركاء بالزكاة منفردًا إن تحققت فيه شروطها وانتفت عنه موانعها.

قال الإمام القدوري الحنفي في "التجريد" (3/ 1200، ط. دار السلام): [قال أصحابنا: الخلطة لا تأثير لها في إيجاب الزكاة، فيعتبر كلُّ واحدٍ من الخليطين على حياله؛ فيوجب عليه عند الشَّركة ما يوجب عليه حال الانفراد] اهـ.

وقال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 132، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا تجب) الزكاة عندنا (في نصاب) مشترك (من سائمة) ومال تجارة (وإن صحتِ الخلطة فيه)] اهـ.

ووافقهم المالكية، والإمام الشافعي في القديم، والحنابلة في المعتمد في عدم تأثير الخلطة في الأموال من غير الماشية.

قال العلامة ابن عرفة المالكي في "المختصر الفقهي" (2/ 5، ط. مؤسسة خلف أحمد الحبتور): [الخلطة: اجتماع نصابي نَوْعِ نَعَمِ مالكينِ فأكثرَ فيما يُوجبُ تزكيتُهُمَا على مِلك واحدٍ، وصح: "لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة"] اهـ، وقوله: "نَوْعِ نَعَمِ" بيان للجنس المعتبر في زكاة الخلطة وهي زكاة الأنعام دون غيرها.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 172، ط. المكتب الإسلامي): [الخلطة تؤثر في المواشي بلا خلافٍ، وهل تؤثر في الثمار، والزروع، والنقدين، وأموال التجارة؟ أما خلطة الاشتراك ففيها قولان: القديم: لا يؤثر. والجديد: يؤثر] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 462، ط. مكتبة القاهرة): [إذا اختلطوا في غير السائمة، كالذهب، والفضة، وعروض التجارة، والزروع والثمار: لم تؤثر خلطتهم شيئًا، وكان حكمهم حكم المنفردين، وهذا قول أكثر أهل العلم] اهـ.

ومذهب الجمهور هو المختار للفتوى في مسألتنا، ومقتضاه أن الزكاة في شركة الأشخاص بأشكالها تكون على الأشخاص المشتركين بمقتضى الخطاب التكليفي بصفتهم الشخصية كمالكِين، كلٌّ بحسب سهمه ونصيبه، لأن الشريك فيها يكتسب صفة التاجر، كما أفادته المادة رقم (10) من قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999م.

كما أنَّ الزكاة عبادة يشترط في صحتها النية، فلا تصح بدونها على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (2/ 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب المالكي (1/ 389، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (6/ 180، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (2/ 476).

كما أن امتلاك النصاب ملكًا تامًّا مع كونه فائضًا عن الحاجه الأصلية وخاليًا عن الدَّين شرط لوجوب الزكاة، ولا يبعد أن يكون أحد الشركاء في الشركة ممن لا تتحقق فيهم هذه الشروط، فيكون إلزامه بإخراج الزكاة من حصته مما يوقعه في الضيق أو الحرج.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الزكاة في شركات الأشخاص تجب في نصيب كلِّ شريكٍ على حدةٍ، وذلك بعد تحديد صافي مستحقاته في أموال الشركة مضافًا إليها الأموالُ الخاصة به -إن وجدت- إذا توفرت في كلِّ ذلك شروط وجوب الزكاة.

ولا مانع إذا اتفق الشركاءُ فيما بينهم على تفويض مجلس إدارة الشركة أن يخرج الزكاة على مجموع أموال الشركة كأنها لشخصٍ واحدٍ، ويتم في هذه الحالة محاسبةُ الشركةِ كوحدةٍ واحدةٍ من حيث تحديدُ النصاب على رأس المال العامل واعتبار الديون وتحديد القدر الواجب إخراجه، ثم يوزَّع هذا العبءُ على الشركاءِ كلٌّ حسب نصيبِه، مع التنبيه على أن هذه الزكاةَ الخاصَّةَ بالشركةِ لا تُغني عن الزكاةِ الواجبةِ على كلِّ فردٍ في ماله الخاص إن كان له أموالٌ سوى هذه الشركة، وفق الشروط الخاصة بذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم زكاة المال المحتجز لخطابات الضمان البنكية؟ فإنه يوجد رجل لديه مبلغ محتجز في البنك لغرض إصدار خطاب ضمان لصالح إحدى الشركات التي هو شريك فيها، والمبلغ المحجوز عليه واقع تحت تصرف البنك منذ أكثر من عشرين سنة؛ حيث يقوم البنك بتجديد خطابات الضمان بشكل تلقائي كل سنة لصالح تلك الشركة، مع العلم أن العميل لا يجني أي عائد من وراء هذا المبلغ، ولا يمكنه الاستفادة منه.


ما حكم إيداع مبلغ في جمعية للحج بالقرعة؛ فقد تراضى لفيف من أعضاء إحدى الجمعيات على أن يدفع كلٌّ منهم ثلاثين قرشًا شهريًّا لنية الحج، وفي نهاية كل عام يجري اقتراع ليحج من بينهم عدد يتناسب والمبلغ المجموع، ويعتبر ما يستلمه العضو من مال الحج وديعة يسددها على أقساط شهرية عند العودة، مع العلم بأن مبلغ الثلاثين قرشًا الذي يدفع شهريًّا يعتبر كوديعة لدى الجمعية، بحيث يكون للدافع أن يسترد ما دفعه في أي وقت شاء، وهذه الفكرة نشأت بعد صدور قانون الجمعية فهو لا يتناولها وإن كان لا يتنافى معها.


جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.

وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:

أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.

ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.

ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.

رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.

خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.

سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).

سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.

فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟


ما حكم إخراج القيمة بدل الأعيان والأشياء في الزكاة؟ وهل ذلك يجوز؟


هل يجوز الصرف من زكاة المال في علاج فقراء المسلمين وتوفير الرعاية الصحية الشاملة لهم؛ من إجراء الفحوصات الطبية، والعمليات الجراحية، وصرف الدواء، ونحو ذلك؟


تقوم بعض الجمعيات بدعم المشروعات متناهية الصغر، عن طريق الصندوق الاجتماعي، وذلك بإعطاء السيدات مبلغًا من المال لاستخدامه في مشاريع إنتاجية، على أن يتمّ رد هذا المبلغ مُضافًا إليه المصاريف الإدارية على شكل أقساط لمدة عام. فما حكم هذه المعاملة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 يوليو 2025 م
الفجر
4 :25
الشروق
6 :7
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :25