هل يجوز استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ حسنةٍ للمشروعات، على أن يتم تدويرها على مستفيدين آخرين حتى تَعُمَّ الفائدةُ على أكبر عددٍ مُمْكِنٍ مِن الفقراء؟
لا يجوز شرعًا استخدام أموال الزكاة في صورة قروضٍ للمشروعات؛ لأنَّ الأصل هو تمليكها للفقراء؛ إذ عبَّر تعالى باللام التي تفيد المِلك فقال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: 60]، كما أن تأخيرها عن وقتها بتدويرها يضرُّ بمصلحة الفقير، ويتعارض مع المقصد الذي من أجله شرعت الزكاة وهو الإغناء.
حَدَّدَت الشريعةُ مصارفَ الزكاة في قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فجعل الله تعالى الفقراء والمساكين في صدارة مصارفها؛ لبيان أولويتهم في استحقاق الزكاة، وأنَّ الأصلَ فيها كِفايتُهم وإقامةُ حياتِهم ومَعاشِهم، ولذلك خَصَّهُم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في حديث إرسال معاذٍ رضي الله عنه إلى اليمن بقوله: «فَإن هُم أَطاعُوا لَكَ بِذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم» متفقٌ عليه.
وعَبَّرَت الآيةُ بِاللَّامِ المفيدةِ لِلمِلك؛ ولذلك اشتَرَطَ جمهورُ الفقهاء فيها التمليك؛ فأوجبوا تمليكها للفقير أو المسكين حتى يُنفِقَهَا في حاجَتِهِ التي هو أدرى بها مِن غيره، وهو ما يُخالف عملية الإقراض التي تَجعلُ أموالَ الزكاة مُعَلَّقَةً بِذِمَّةِ آخِذِهَا ويكون مُطَالَبًا بِرَدِّهَا، فيَجعَلُ ذلك مُستَحِقَّ الزكاة في دائرة الاستِحقاق لها على الدوام؛ فهو إنْ خَرَجَ مِن كونه فقيرًا دَخَلَ في كونه مِن الغارمين؛ فيَكِرُّ بذلك على المَعنَى الأَجَلِّ الذي شُرِعَت مِن أَجْلِهِ الزكاة بالبُطلان؛ وهو كفاية المحتاجين وإغناؤهم عن سؤال الناس وذُلِّ المُطالَبَةِ حتى يَصِلوا إلى الكفاية والِاستِغناء.
قال الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 313، ط. دار الكتب العلمية): [أضاف جميعَ الصدقات إليهم بِلَامِ التمليكِ وأَشْرَكَ بينهم بِوَاوِ التشريكِ؛ فَدَلَّ على أنه مَمْلُوكٌ لَهُم مُشتَرَكٌ بينهم] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 229، ط. دار الفكر): [وأضاف في الآية الكريمة الصدقاتِ إلى الأصناف الأربعة الأولى بِلَامِ المِلكِ، وإلى الأربعة الأخيرة بـفي الظرفية للإشعار بإطلاق المِلكِ في الأربعة الأولى وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يَحصُل الصرفُ في مصارفها استُرجِع] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (2/ 500، ط. مكتبة القاهرة): [وأربعةُ أصنافٍ يأخذون أخذًا مُستَقِرًّا ولا يُراعَى حالُهُم بعد الدفع وهم الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلَّفَة؛ فمَتَى أخذوها مَلَكوها مِلكًا دائمًا مُستَقِرًّا لا يجب عليهم رَدُّها بِحَالٍ، وأربعةٌ منهم وهم: الغارمون وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل، فإنهم يأخذون أخذًا مُرَاعًى، فإن صَرَفُوهُ في الجهة التي استَحَقُّوا الأخذَ لِأَجْلِهَا وإلَّا استُرجِعَ منهم. والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها: أن هؤلاء أَخَذُوا لِمَعنًى لَم يَحصُل بأخذهم للزكاة، والأَوَّلُون حَصَلَ المقصودُ بأخذهم وهو غِنَى الفقراء والمساكين وتأليف المؤلَّفِين وأداء أجر العاملين] اهـ.
ثم إنَّ إقراض أموال الزكاة للفقير مُشتَمِلٌ على مَضَرَّةٍ اقتصاديةٍ عامةٍ؛ وهي ما يُعرَفُ بالإغراق؛ حيث يَصِير الفقيرُ في دائرةٍ مفرغة من الدُّيُون، وهو ما يؤول به إلى الغَرَقِ في الدُّيُون بما يُعَرِّضُهُ وغيرَه إلى المُلَاحَقَةِ المُستَمِرَّةِ بالمساءلة الاجتماعية أو القانونية، وإلى دَوَامِ حالة إعساره؛ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ على وفائه بالديون، وهذا مخالفٌ لمقصود إعطاء الزكاة للفقير، ولا زالت عادةُ السلف والكرماءِ وأهلِ السماحةِ عبر العصور أنهم إذا أعطَوا أغنوا، وبذلك وصَّى أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنَّفَيْهما"، وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن زنجويه في كتابيهما في "الأموال"، وابن أبي الدنيا في "الإشراف في منازل الأشراف"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إِذَا أَعْطَيْتُمْ فَأَغْنُوا". ورواه الطبراني في "الجود والسخاء" من قول عمرو بن دينار رحمه الله.
قال الإمام أبو عُبَيْد القاسم بن سلام في "الأموال" (ص: 676، ط. دار الفكر): [وقد رُوِيَ ما هو أجَلُّ مِن هذا، ثم روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للسُّعَاة: "كَرِّرُوا عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ، وَإِنْ رَاحَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ"] اهـ.
كما أن هذا الأمرَ يَضَعُ كثيرًا مِن الفقراء أمام تقليل استهلاكهم مِن حاجاتهم الضرورية، وشُيُوعُ هذا السلوكِ معناه تحجيم الاستهلاك وتعطيل حركة المال في المجتمع بما يعني كَنْزَ الأموال، ومِن ثَمَّ يَقَعَ الإضرار بقطاعِ الإنتاجِ والأعمالِ والعامِلِين، وهذه مَفسَدَةٌ عظيمة.
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا للجمعية المذكورة أنْ تُعطِيَ أموال الزكاة للفقراء على هيئة قروضٍ؛ لأن الزكاة يُشتَرَط فيها التمليك عند إعطائها الفقراء، وحفاظًا على المقاصد الشرعية للزكاة في إغناء الفقير وسد حاجته وتمكينه من المال بما يساعد على بناء شخصيته والانتفاع بقدراته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إخراج الزكاة على المال المدخر لشراء شقة للأسرة؟ فأنا لديَّ مبلغ من المال يستحق أداء الزكاة عنه أودعته في البنك؛ لشراء شقة نعيش فيها أنا وزوجي وأولادي تليق بمركز زوجي الاجتماعي، مع العلم أن مرتب زوجي لا يكفي الأسرة لآخر الشهر في الاحتياجات العادية جدًّا. فهل أُخرِج الزكاة على هذا المال؟
هل يجوز أن أخرج زكاة الفطر تبرعًا مني عن جارٍ وصديقٍ عزيز لي وعن أولاده وزوجته؟ علمًا بأنه قادر على إخراجها، ولكنه مريض، وأريد مجاملته بذلك.
رجل حَقَّ عليه زكاة المال، ويقيم بالقاهرة، وهو من دمياط، وأهله وأقاربه وأخواته بدمياط فقراء، وله بنت أخت فقيرة جدًّا وبنتها تتزوج.
1- فهل تُعطَى بنت الأخت من زكاة المال لزواج ابنتها؟
2- وهل يجوز نقل زكاة المال من البلد محل الإقامة إلى البلد التي يسكن فيها أخواتي وأهلي، وأن أصل رحمي وأصرف عليهم من زكاة المال؟
3- وهل يصح إعطاء أخواتي الفقيرات وأقاربي زكاة المال والإنفاق عليهم في متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس وزواج إلى مصاريف العلاج؟
هل يحتسب ما يدفع للأخت المحتاجة من الزكاة؛ فأنا لي أخت تجاوزت السبعين من عمرها، وهي مريضة لا تقدر على الحركة، وتقيم بمفردها بمنزل الأسرة بالقرية؛ حيث لا زوج لها ولا أبناء، ويقوم على خدمتها خادمة، وأنا أسافر إليها كل عشرين يومًا، وأدفع لها مبلغًا يفي بثمن الدواء ويضمن لها حياة كريمة، كما أدفع أجرة الخادمة التي تقوم على خدمتها، وقد يصل المبلغ الذي أدفعه على مدار العام ثلث ما أخرجه عن ذات المدة من زكاة المال، علمًا بأنه لا دخل لها، ولا يساعدها بقية إخوتي إلا بالقليل. فهل يعتبر ما أنفقه عليها من زكاة المال؟ وهل يعد ما أدفعه على الوجه السابق كثيرًا مقارنًا بالثلثين التي توجه إلى مصارف شرعية أخرى؟
سائل يسأل عن الحكمة التي من أجلها شرع الله تعالى فريضة الزكاة؟
هل تستحق الزكاة على الذمم الدائنة؟ حيث إن شخصًا يمتلك عقارًا مؤجرًا، والمستأجر لا يدفع منذ ما يقارب الثلاث سنوات، والمستأجر مقر بالمبلغ، وسيسدد حسب توفر السيولة لديه، فما الحكم في ذلك؟