31 يناير 2024 م

لماذا عاش كثير من الصحابة رضي الله عنهم بفلسطين؟

لماذا عاش كثير من الصحابة رضي الله عنهم بفلسطين؟

شهد الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم المسجدَ الأقصى باعتباره قبلةً يصلون إليها قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام، فلم تكن مقولة (أولى القبلتين) بالنسبة لهم حدثًا نقله تاريخ الإسلام إليهم، بل كان ذلك بالنسبة لهم واقعًا يعيشونه، ونسيمًا صافيًا يتنفسون وينهلون من هوائه الصافي.

كما أنَّ الصحابة رضي الله تعالى عنهم قد عاينوا معجزة الإسراء والمعراج التي كان المسجد الأقصى المبارك من أهم معالمها، وقد كان لهذه المعجزة وقْعٌ في قلوب جميع الناس آنذاك، مسلمين كانوا أو غير مسلمين؛ لما اشتملت عليه هذه المعجزة آيات ومواقفَ خارقة لعادة العقل البشري، بل ويصعب على العقل أن يتصورها أصلًا.

وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد حدَّث الصحابةَ رضي الله عنهم عن فضائل هذا البيت المُكرم، وعن فضل الصلاة فيه، وعن درجاتها، وغير ذلك.

ويُضاف إلى ذلك: أن فتح هذا البيت بالنسبة للصحابة كانت أمنية يرجون تحقيقها، وهدفًا يرغبون في الوصول إليه، وبشرى من البشريات النبوية التي ظلوا ينتظرونها، ويعملون على تحقيقها، وقد حصل ذلك لهم بالفعل في عهد سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه.

ومن هنا فقد اجتمعت الدوافع القوية التي تجعل الصحابة الكرام يتعلقون بهذه البلاد الكريمة، وترتبط قلوبهم بها، فإن مكانته في قلوبهم مُستمدةٌ من جوانب عديدة ومزايا كريمة؛ ولأجل ذلك فليس من العجيب أن نرى الصحابةَ الكرام تهفوا نفوسهم إليه، وتميل قلوبهم نحوه، وتسري أرواحهم تجاهه.

ومن أعظم هذه الدوافع إشارةُ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم بأن يعيشوا بفلسطين؛ فقد روى الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن ذي الأصابع -ثوبان بن يمرد- رضي الله عنه قَالَ: «قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكُمْ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَيَرُوحُونَ»، ولهذا كان الصحابة الذين عاشوا بهذه الأرض الطيبة أكثر من الحصر؛ قال العلَّامة أبو مجير العُليمي رحمه الله: «وأما من دخل بيت المقدس من الصحابة رضي الله عنهم فهم خلقٌ كثيرٌ لا يُحصيهم إلا الله».

ولقد كان للصحابة الذين عاشوا ودُفنوا بفلسطين في اختيارهم هذا المكان موطنًا لهم في الحياة والممات، القدوةُ والأسوةُ في آبائهم من السادة الأنبياء الكرام -عليهم أزكى الصلاة وأتم السلام- الذين عاشوا ودُفنوا على أرض فلسطين الحبيبة.

 المراجع:

  • الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 2/ 807، ط. دار الجيل.
  • أسد الغابة، 3/ 158، ط. دار الفكر.
  • البداية والنهاية لابن كثير (3/ 137، ط. دار إحياء التراث العربي).
  • الأنس الجليل، لمجير الدين العُليمي 1/ 264، ط. مكتبة دنديس.

من الصحابة المبرزين الذين عاشوا في فلسطين الحبيبة وأقاموا بها، سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي هو أحد النقباء الاثني عشر، وقد شهد بيعتي العقبة، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنويِّ رضي الله عنه، وكان من كبار الصحابة.


بداية العلاقة بين سيدنا تميم الدار وبين فلسطين كانت منذ مولده؛ حيث وُلِدَ رضي الله عنه وأرضاه في بيت لحم بفلسطين، وسيدنا تميم بن أوسٍ بن خارجة من بني عبد الدار، هو راهب هذه الأمة، وواعظهم في زمانه، وكُنْيَتُه: أبو رُقيَّة، وينتسب إلى بني عبد الدار بطنٍ من لخم، ويصل نسبُه إلى جده "الدار بن هانيء" الذي كان مقيمًا في أرض الخليل إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس.


من الصحابة الذين اتجهوا إلى فلسطين سيدنا شدادُ بن أوس الأنصارِي الخَزْرَجِي رضي الله عنه، ولا شك في أن مجيئه إلى دولة فلسطين مما يزيدها بهاءً، وليس ذلك لأنه من أعلام الصحابة الكرام فحسب، بل لأنه كان رضي الله عنه مِن الاجتهاد في العبادة على جانب عظيم، وكان إذا أخذ مضجعه -تعلَّق على فراشه وتقلَّب عليه- يقول: اللهم إن خوف النار قد أقلقني، ثم يقوم إلى صلاته. وقد قال عبادة بنُ الصامت: كان شدادٌ من الذين أُوتوا العلم والحلم. وقال أبو الدرداء: إن الله عز وجل يؤتي الرجل العلم ولا يؤتيه الحلم، ويؤتيه الحلم ولا يؤتيه العلم، وإن أبا يعلى شداد بن أوس ممن آتاه الله العلم والحلم.


صلةُ نبي الله داود عليه الصلاة والسلام بفلسطين قائمةٌ على أساس أن الله تعالى قد جعله خليفته في أرض بيت المقدس، ويظهر في كونه خليفةً لله تعالى في هذه البلاد أن في ذلك إشارة واضحة إلى تخصيص الله تعالى وإكرامه لهذه البلاد، فهي بهذا محل أنظار الله تعالى ورضوانه منذ زمن بعيد.


من الصحابة الذي سكنوا فلسطين وعاشوا فيها: سيدنا أبو قرصافة جندرة بن خيشنة بن نفير رضي الله تعالى عنه، والذي كان يسكن أولًا بلاد تهامة بأرض اليمن، ثم فلسطين بعد فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15هـ، وقد استطاب العيش له في عسقلان بفلسطين؛ فأقام بها ما يزيد عن عشرين سنةً من عمره وله فيها ذرية كبيرة لا سيَّما من بناته رضي الله عنه وعنهن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55