31 يناير 2024 م

لماذا دُفن كثير من الأنبياء بفلسطين؟

لماذا دُفن كثير من الأنبياء بفلسطين؟

تفضَّل الله تعالى على أرض فلسطين وخصها بمجموعة من المزايا والخصائص، وأكرمها بكثير من العطايا والهبات: فمنها أن جعلها مَسْرَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعراجَه، ومنها أن قَدْ أمّ صلى الله عليه وآله وسلم جميعَ أنبياء الله تعالى فيها، ومنها أنه تعالى جعلها أرضًا مباركة كما أخبر عن ذلك في كتابه العزيز: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾، ومنها أنَّ أكثرَ الأنبياء عليهم السلام قد بُعثوا منها وانتشرت شرائعهم وآثارُ بركتهم وطاعتهم لله تعالى فيها، فلا مراءَ في أن أرضًا يسكن بها أنبياء الله ورسله لابد أنها تشتمل على قدُسية وفضائل وهبات من الله تعالى.

فلـمَّا كان لهذه البلاد ذلكم الفضل وكانت تنعم بهذه الهبات الربانية والبركات الإلهية، كان تمام نعمة الله عليها بالبركة والفضل أن يجعلها تحوي أطهرَ الأجساد وأشرفَها، وهي أجساد الأنبياء الكرام، صفوة خلق الله عليهم جميعًا السلام. إضافةً إلى ذلك فإن للتاريخ عاملًا آخر رئيسًا في هذا الأمر، وذلك أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام قد استقرَّ في آخر حياته بفلسطين؛ وهذا سبب في أنه دُفن بها، فكونها هي مستقرَّ وموطنَ إقامته الأخير من أسباب دفنه بها.

ومن أسباب هذا الأمر أيضًا أن بعضهم عليهم السلام قد وُلد ونشأ ومات بها؛ فهي بلده أولًا وآخرًا، ومن هؤلاء نبي الله إسحاق عليه السلام؛ فقد عاش ونشأ ودُفِنَ في فلسطين، وقد قيل: إنه أَبَى إلا أن يُدْفَن حيث وُلِدَ، وعاش عليه السلام أُسوةً بأبيه الخليل عليه السلام، وقبره موجود في فلسطين في الحرم الإبراهيمي، ويقع في مغارة تحت الحرم بعمق ثمانية عشر مترًا تقريبًا تحت بناء الحرم.

وقد اشتهر أن سيدنا داود عليه السلام هو الذي شرع في تأسيس المسجد الأقصى، وتُوفي قبل أن يستتمَّ بناءه؛ وقد كان خليفة لله تعالى؛ يدعو الناس إلى الله على أرض هذه البلاد، ولما توفي كان قد أوصى إلى سليمان عليه السلام بإتمام بناء المسجد الأقصى، فكان هذا هو السبب في دفنه عليه السلام بفلسطين.

وهكذا كل نبي له قصة على أرض فلسطين، إما ولد بها، أو عاش على أرضها، أو ختم حياته فيها، وفي المجمل تعود هذه الأسباب كلها إلى سبب واحد، وهو أن الله تعالى قد جعل أرض فلسطين أرضًا مباركة.

المراجع:

  • الكامل في التاريخ، لابن الأثير، 1/ 86، وما بعدها.
  • "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس"، للعلامة محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري، 1/ 85.
  • قصص الأنبياء لابن كثير [المتوفى: 774هـ] 1/ 297، ط. دار التأليف.
  • البدء والتاريخ، لمطهر بن طاهر المقدسي [ت: نحو 355هـ]، 3/ 52.
  • البداية والنهاية، لابن كثير، 1/ 200.

من الصحابة الذي سكنوا فلسطين وعاشوا فيها: سيدنا أبو قرصافة جندرة بن خيشنة بن نفير رضي الله تعالى عنه، والذي كان يسكن أولًا بلاد تهامة بأرض اليمن، ثم فلسطين بعد فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15هـ، وقد استطاب العيش له في عسقلان بفلسطين؛ فأقام بها ما يزيد عن عشرين سنةً من عمره وله فيها ذرية كبيرة لا سيَّما من بناته رضي الله عنه وعنهن.


بداية العلاقة بين سيدنا تميم الدار وبين فلسطين كانت منذ مولده؛ حيث وُلِدَ رضي الله عنه وأرضاه في بيت لحم بفلسطين، وسيدنا تميم بن أوسٍ بن خارجة من بني عبد الدار، هو راهب هذه الأمة، وواعظهم في زمانه، وكُنْيَتُه: أبو رُقيَّة، وينتسب إلى بني عبد الدار بطنٍ من لخم، ويصل نسبُه إلى جده "الدار بن هانيء" الذي كان مقيمًا في أرض الخليل إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس.


من الصحابة الكرام الذين عاشوا وأحبوا فلسطين وكان لهم أثرٌ في فتحها وإنارتها بالعلم والنور: الصحابيُّ الجليل أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، وهو أبو أمامة صُدَيُّ بنُ عَجلان بن الحارث، وكنيته "أبو أمامة" من بني سهم، وغلبت عليه كُنيته، وقد كان للوقت الذي عاشه بفلسطين أثرٌ واضح وقيمة بارزة؛ وذلك لأنه كان من المُكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وقد حجَّ مع النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حجةَ الوداع وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وكان من أطول الصحابة عمُرًا رضي الله عنه؛ فهذه الأشياء جعلت أهل فلسطين يستفيدون من وجود سيدنا أبي أمامة ببلادهم؛ ولهذا كان من أهم الصحابة الذين عاشوا بهذه البلاد العامرة.


شهد الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم المسجدَ الأقصى باعتباره قبلةً يصلون إليها قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام، فلم تكن مقولة (أولى القبلتين) بالنسبة لهم حدثًا نقله تاريخ الإسلام إليهم، بل كان ذلك بالنسبة لهم واقعًا يعيشونه، ونسيمًا صافيًا يتنفسون وينهلون من هوائه الصافي.


الثابت تاريخيًّا أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام استقرَّ في آخر حياته بفلسطين ودُفن بها، وقد اختُلف في موطن ولادته؛ فقيل: وُلِدَ بِالسُّوسِ من أرض الْأَهْوَازِ. وقيل: ولد بِبَابِلَ. وقيل غير ذلك. ولكن المتفق عليه أنه تنقَّل كثيرًا بين بلدان متعددة؛ منها: مصر، والحجاز، والشام، وغيرها، وكانت فلسطين هي مستقرَّ وموطنَ إقامة نبي الله إبراهيم عليه السلام الأخير.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 مايو 2025 م
الفجر
4 :15
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 52
العصر
4:28
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :17