ما الذي ينبغي فعله على مَن أراد الدخول في صلاة الجماعة ولم يجد مكانًا في الصف؟
إذا دخل فردٌ المسجدَ ليصلي مع الجماعة، ولم يجد مكانًا في الصف، فإن له أن يُنَبِّه واحدًا من المصلين في الصف المكتمل إذا غلب على ظنه أنه سيستجيب له، ثم يجذبه بلُطفٍ كي يتأخر ويَصطَف معه في الصف المؤخَّر، فإن غلب على ظنه أنَّ أحدًا من المصلين لا يستجيب له، أو نَبَّهَ أحدَهم فلَمْ يستجب له، صلى بمفرده في الصف، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
صلاةُ الجماعة مَظهرٌ مِن مظاهر لَمِّ شمل المؤمنين، وتوحيد كلمتهم، وإظهار حقيقةِ أنهم يدٌ واحدةٌ، مُعتَصِمُون بحبل الله المتين، محققون الأمر الإلهي في قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
ومِن فضائل صلاة الجماعة: أنَّها عاصمةٌ مِن الشيطان وحزبه، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» أخرجه الأئمة: أبو داود، والنسائي، والحاكم.
ولِمَا لصلاة الجماعة من أهمية في حياة المسلم، حثَّ عليها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، ورغَّب فيها، ورتَّب على إقامتها خيرًا كثيرًا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفقٌ عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
مَن أراد الدخول في صلاة الجماعة، ولم يجد فُرجة ولا سَعَة في الصف فللفقهاء فيما يكون عليه القيام به مذاهبُ:
فمذهب الحنفية: أن من لم يجد في الصف فُرجة، قيل: يقوم وَحدَه، ويُعذر حينئذٍ، وقيل: يجذب واحدًا من الصف إلى نفسه فيقف إلى جَنبه، والأصح -وهو المروي عن الإمام محمد بن الحسن الشَّيْبَانِي، أحد صاحبَي الإمام أبي حنيفة-: أنه ينتظر إلى الركوع، فإن جاء رجلٌ صلى معه، وإلا جذب إليه رجلًا من الصف المكتمل، أو دخل في الصف، والقيامُ وَحدَه أَوْلَى إن غلب على ظنه أنه قد يُفسد صلاةَ غيره إذا جَرَّه للوقوف معه، واستَحسَن الإمامُ ابن عَابِدِين التوفيقَ بين الأقوال المذكورة بتفويض الأمر لرأي المبتلى بهذا الموقف، فإن رأى في الصف مَن لا يتأذى لكونه دَيِّنًا لَيِّنًا لا يتضجَّر منه أو صديقًا له زاحَمَه فوقف إلى جنبه، أو عالِمًا جذبه، وإلا انفرد. ينظر: "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (1/ 647، ط. دار الفكر).
والمراد بكونه عالمًا أي: بالحكم الشرعي في هذه المسألة، والمقصود من اشتراط كونه كذلك هو أن يكون عارفًا أن جذب أحد من الصف المتقدم مما ورد به الشرع، وما ينبغي عليه فعله بما لا تفسد به صلاتُه، فلا يعمل عملًا كثيرًا يترتب عليه فسادُ الصلاة، أو أن ينتظر بُرهة من الزمن قبل أن يستجيب للجاذب ويتأخر معه؛ خروجًا مِن خلاف مَن قال: إن الاستجابةَ له امتثالٌ لأمرِ غيرِ اللهِ تعالى في الصلاة، فتفسد به الصلاة. ينظر: "حاشية الإمام الطَّحْطَاوِي على مراقي الفلاح" (ص: 307، ط. دار الكتب العلمية).
ومذهب المالكية: يقف المتأخر منفردًا خلف الصف إذا لم يجد فُرجة فيه، ولا يجذب أحدًا يصلي إلى جواره في الصف المتأخر؛ لئلا يَحرِمَ غيرَه فضيلةَ الصف السابق، بل إنه إن جذب أحدًا فإن على المجذوب ألَّا يطيعه في ذلك، بل يبقى مكانَه. ينظر: "التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (2/ 446، ط. دار الكتب العلمية).
ومذهب الشافعية: أنه إذا وجد الداخلُ في الصف فُرجة أو سَعة دَخَلَها، وله أن يَخرِقَ الصف المتأخر إذا لم يكن فيه فُرجة وكانت في صف قَبلَه؛ لتقصير القائمين في ذلك الصف بترك تلك الفُرجة، فإن لم يجد فُرجة ولا سَعة ففيه قولان: أحدهما: يقف منفردًا خلف الصف، ولا يجذب أحدًا؛ حتى لا يَحرِمَ غيره من فضيلة الصف السابق، والقول الثاني -وهو الصحيح-: أنَّه يُستحب للمأموم -ليحصُل له فضيلة صفٍّ، وخروجًا من الخلاف- أن يجذب إليه شخصًا من الصف المكتمل ليصطف معه، ولا يفعل ذلك إلا بعد إحرامه بالصلاة. ينظر: "المجموع" للإمام النَّوَوِي (4/ 297-298، ط. دار الفكر).
ومذهب الحنابلة: أنه يقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك؛ لأنه موقف الواحد، فإن لم يمكنه ذلك فله أن يُنَبِّه رجلًا من الصف ليقف معه، ويُكره تنبيهه بجذبه، واستقبحه الإمامان: أحمد، وإسحاق؛ لما فيه من التصرف بغير إذنه، وقيل: يجوز له جذب مأمومٍ من غير كراهةٍ؛ للحاجة، فإذا جذبه فامتنع عن الخروج معه إلى الصف المؤخر لم يكن له أن يُكرهَه على ذلك أو يُلِحَّ في طلبه، ويصلي حينئذٍ منفردًا وَحدَه، أو ينتظر جماعةً أخرى يصلي معهم. ينظر: "المبدع في شرح المقنع" للإمام بُرهَانِ الدين بن مُفْلِح (2/ 95-96، ط. دار الكتب العلمية).
والمختار أنَّه إذا دخل فردٌ المسجدَ ليصلي مع الجماعة، ولم يجد مكانًا في الصف، فإن له أن يُنَبِّه واحدًا من المصلين في الصف المكتمل إذا غلب على ظنه أنه سيستجيب له، ثم يجذبه بلُطفٍ كي يتأخر ويَصطَف معه في الصف المؤخَّر؛ لما جاء عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ فَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، أَلَا وَصَلْتَ إِلَى الصَّفِّ، أَوْ جَرَرْتَ إِلَيْكَ رَجُلًا فَقَامَ مَعَكَ» أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى". فإن غلب على ظنه أنَّ أحدًا من المصلين لا يستجيب له، أو نَبَّهَ أحدَهم فلَمْ يستجب له، صلى بمفرده في الصف، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج. وبهذا يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة الأسير؟ فقد سأل رجل في صلاة أسير الحرب؛ هل يصليها تمامًا، أم يصليها قصرًا؟
قام مجموعة من الأشخاص ببناء مسجد جديد في قرية من قرى بلاد غير العرب، وقاموا بتسمية هذا المسجد باسم "مسجد الأقصى"، واختلف الناس في هذه التسمية. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم الترتيب عند قضاء الصلوات الفائتة؛ فأنا أقطن بأستراليا، وأبدأ العمل من الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ولا يمكنني أداء الصلوات في أوقاتها، وقد أتمكن من تنظيم عودتي للمنزل لكسر صيامي، وربما أداء صلاة المغرب، ثم أعود للعمل. فهل يمكنني أداء صلاة المغرب قبل صلاتي الظهر والعصر، على أن أصليهما بعد عودتي للمنزل في العاشرة؟
ما حكم الصلاة على النبي والذكر قبل إقامة صلاة العشاء وبين ركعات التراويح؟ فقد اعتاد الناس في بعض المساجد في شهر رمضان المُعظَّم قبل صلاة العشاء أن يُصَلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة الشافعية: اللهم صل أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد.. إلى آخرها، ثم يقيموا صلاة العشاء، وبعد صلاة سنة العشاء يقوم أحدهم مناديًا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، صلاةَ القيام أثابكم الله، ثم يصلون ثماني ركعات، بين كل ركعتين يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة، فاعترض أحد المصلين على ذلك بحجة أنها بدعة يجب تركها. فما حكم الشرع في ذلك؟
ما حكم صلاة المريض العاجز عن استقبال القبلة؟
ما حكم صلاة ركعتين عند الإحرام؟ وما الحكم لو أحرم المسلم من دون أن يصليها؟