مدى اعتبار من يموت بحوادث الطريق من الشهداء

تاريخ الفتوى: 09 يوليو 2025 م
رقم الفتوى: 8705
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: السمعيات
مدى اعتبار من يموت بحوادث الطريق من الشهداء

هل يعتبر موتى حوادث الطرق من الشهداء؟

الشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.

المحتويات

 

فضل الشهادة في الإسلام

امتنَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بتعدُّد أسباب الشهادة وكثرة خصالها وعلو منازلها وتفاوت درجاتها رحمةً وتفضلًا على مَن اختصهم بها وجعلهم مِن أهلها؛ فعن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ» أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه -واللفظ له-.

بيان أسباب الشهادة والمراد بشهيد الآخرة

قد وردت جملة كبيرة من الأحاديث والآثار في بيان أسباب الشهادة وذِكْرها، منها: ما جاء في حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل من كان حاضرًا وقت وفاة عبد الله بن ثابت رضي الله عنه: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد -واللفظ له-، وأبو داود والنسائي.

واتفقت كلمة العلماء وشراح السُّنَّة النبوية المطهرة على أن المراد بـ"الشهادة" الواردة في هذا الحديث الشريف وأمثاله من الأحاديث والآثار ما أطلق على صاحبها "شهيد الآخرة"، بمعنى أن الذي مات بأحد هذه الموتات المذكورات له مثل أجر الشهيد في الآخرة فقط، فهو كالشهيد حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر وعظيم الثواب دون أن تجري عليه أحكام الشهيد حقيقةً في الدنيا، ولهذا يُغسَّل ويُكفَّن كسائر الموتى.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال العلماء: المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.

وقال الحافظ بدر الدين العَينِي في "شرح سنن أبي داود" (6/ 29، ط. مكتبة الرشد): [هؤلاء كالشهداء حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر، ولهذا يُغسَّلون ويُكفَّنون كسائر الموتى، بخلاف الشهيد الحقيقي، وهو الذي قُتل ظلمًا، ولم تجب بقتله دية، أو وُجد في المعركة قتيلًا] اهـ.

هل يعتبر من يموت بحوادث الطريق من الشهداء؟

تدور أسباب الشهادة الواردة في الأحاديث على تنوعها حول معنى واحد، وهو المرض مع شدة فيه أو كثرة ألم، مع ظهور تحرُّز الأشخاص المصابين بها قبل موتهم من خلال اتباع أساليب الأمان وعدم الإهمال في أسباب وأدوات الوقاية من خطر الإصابة قبل حدوثها، وخصوصًا في حالات الغرق أو الحرق أو الهدم، وإلا لحقهم إثم التقصير في التحرز.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا] اهـ.

ويتحقق هذا المعنى في حالات وفيات حوادث الطرق والسير سواء كانت الوفاة على الفور من وقوع الحادث أو حال تطور الإصابة الناجمة عن الحادث؛ وذلك لأن المُشاهدة تقضي بأن المتوفَّين بسبب ذلك أن الحادث أصابهم بقضاء الله وقدره ولم يلقوا بأنفسهم فيه على سبيل القصد والتخلص من الحياة، ولم يُفَرطوا في التحرز باتخاذ وسائل الأمان، وهذا بحسب الغالب، ومن ثَمَّ فلا تخلو -في الجملة- حالة من حالاتها من وجود سبب من أسباب الشهادة الواردة في السُّنَّة النبوية المطهرة؛ بل قد تجتمع في بعض الأحوال، فيُزاد في الأجر والثواب على تعدد الأسباب وتنوع الخصال؛ فـ"كلُّ مَن كثر أسباب شهادته زِيدَ له في فتح أبواب سعادته" كما قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1132، ط. دار الفكر).

وهذا كله مشروط بكون هذا الشخص المتوفَّى قد أصابه الحادث بقضاء الله وقدره ولم يُلقِ بنفسه فيه على سبيل التخلص من الحياة، ولم يُفَرط في التحرز عنه باتخاذ وسائل الوقاية والأمان ومعايير السلامة المقررة في هذا الشأن.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فالشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه، وهل يصح ذلك بعد التكفين؟


ما هو الرأي الشرعي والفتوى الشرعية بخصوص تعليق لافتات بأسماء المتوفًّيْنَ، ووضع هذه اللافتات داخل المدفن بغرض التباهي مما يتنافى مع حرمه الميت؟ مع العلم بأنَّ هذا المدفن معلوم لدى الجميع منذ إنشائه عام: 1960م، كمدفن لأهالي بلدة القوصية محافظة أسيوط المقيمين بالقاهرة، وليس ملكًا لأحد بعينه؟ يرجى التكرم بموافاتنا بالرأي الشرعي مكتوبًا حتى لا يصبح ذلك بدعةً يتبعها أهالي المتوفى.

 


هل حديث النبي عليه السلام: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا» يفيد رؤية المؤمنين لله يوم القيامة؟ وكيف تكون هذه الرؤية؟


كثير من الإخوة يمرون عبر الحدود التركية إلى الدولة اليونانية، فبعض منهم مع الأسف الشديد يموتون إمَّا غرقًا أو بالألغامِ، ثم نحن ندفنهم باعتبار أنهم مسلمون، لكن تواجهنا أوضاع حرجة، وهي أنَّ الجثَّةَ تكون في وضعٍ لا يمكن أن تغسَّل لبقائها مدةً طويلةً في البلقان وفي الجبال، حيث يأكلها الديدان، أو تمكث في المستشفيات اليونانية مدَّةً طويلة، فما الحل في هذه الحالة، هل يجزئُ التَّيمُّم على الأكفانِ، أو لا بد من الغسل، أو هل يسقط حتى التيمم؟ أفيدونا أفادكم الله.


سائل يسأل عن مدى صحة سماع الموتى لمن يزورهم أو يسلم عليهم، وهل يشعر بهم؟


ما الفضل الوارد في الشرع بخصوص الصلاة على الجنازة واتباعها؟ وما ثواب ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :41
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 56
العشاء
8 :14