ما حكم الإجارة بأجرة شهرية متزايدة كل سنة؟ فإن لي زميلًا يقوم باستئجار شقق سكنية لمدة خمس سنين فقط، وهي قابلة للزيادة وفقًا لما يتفق عليه الطَّرَفان نهاية هذه المدة، لكنه فوجئ بوضع صاحب العقار بندًا في عقد الإيجار بينهما يَقضِي بزيادة الأُجْرة الشهرية كل عام خلال هذه المدة بنسبة 10%، وتَمَّ التوافق بينهما على هذا البند، فما مدى جواز هذا الإجراء في هذه الزيادة؟
اتفاقُ المؤجر مع صاحب العقار في عقد الإيجار على زيادة سنوية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة اتفاقٌ معلومٌ لا يُفْضِي إلى النزاع، وهو جائزٌ شرعًا ولا حَرجَ فيه.
المحتويات
الإجارة من العقود التي شُرِعت تيسيرًا على الناس لقضاء حاجياتهم، فبعضهم يريد منفعة معينة وآخر يملكها ويريد المال، فشُرِعت الإجارة تيسيرًا عليهم ولحصول كلٍّ منهم على ما يحتاج إليه.
والإجارة في اصطلاح الفقهاء: عقد على منفعة معلومة مقصودة قابلة للبَذْل والإباحة بعوض معلوم، وأركانها عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، هي الصيغة من إيجاب وقبول، والعاقدان من مؤجر ومستأجر، والمعقود عليه من منفعة وأجرة، بينما يرى الحنفية أَنَّ للإجارة ركنًا واحدًا وهو الصيغة. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة علاء الدين الكاساني الحنفي (4/ 174، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الصغير" للشيخ الدردير المالكي (4/ 7-8، ط. دار المعارف)، و"روضة الطالبين" للإمام محيي الدِّين النووي (5/ 173، ط. المكتب الإسلامي)، و"شرح منتهى الإرادات" للعلامة أبي السَّعَادات البُهُوتي (4/ 8، ط. مؤسسة الرسالة).
مِن شروط عقد الإجارة أن تكون الأجرة معلومة علمًا تامًّا نافيًا للجهالة المفضية إلى النزاع؛ فإِنْ توافر ذلك مع بقية الشروط وتمام الأركان كانت الإجارة صحيحة؛ وكون اشتراط الأجرة معلومة هو ما تواردت عليه عبارات الفقهاء:
قال العَلَّامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (4/ 179-180): [وأما الذي يرجع إلى المعقود عليه فضروب: منها: أن يكون المعقود عليه وهو المنفعة معلومًا علمًا يمنع من المنازعة، فإن كان مجهولًا ينظر إن كانت تلك الجهالة مفضية إلى المنازعة تمنع صحة العقد، وإلا فلا؛ لأن الجهالة المفضية إلى المنازعة تمنع من التسليم والتسلم فلا يحصل المقصود من العقد، فكان العقد عبثًا لخلوه عن العاقبة الحميدة، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة يوجد التسليم والتسلم فيحصل المقصود] اهـ.
وقال العَلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (4/ 8) عند حديثه عن أركان الإجارة: [(و) الثالث: (أجر؛ كالبيع) من كونه طاهرًا منتفعًا به مقدورًا على تسليمه معلومًا ذاتًا وأجلًا أو حلولًا] اهـ.
قال العلامة الصاوي مُحَشِّيًا على ذلك: [قوله: معلومًا ذاتًا، أي إمَّا برؤية أو بوصف كالبيع، قوله: وأجلًا، أي إن أُجِّل فلا بد من علم الأجل وجهله مفسد للعقد] اهـ.
وقال العَلَّامة شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (5/ 266، ط. دار الفكر): [(ويشترط) لصحة الإجارة (كون الأجرة معلومة) جِنسًا وقَدْرًا وصفةً] اهـ.
وقال العَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي في "شرح منتهى الإرادات" (4/ 10): [(الشرط الثاني معرفة أجرة)؛ لأنه عوض في عقد معاوضة فاعتبر علمه كالثمن، ولخبر: «مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ»، ويصح أن تكون الأجرة في الذمة، وأن تكون معينة، (فما بذمة) من أجرة حكمه (كثمن) أي: فما صح أن يكون ثمنًا بذمة صح أن يكون أجرة في الذمة] اهـ.
فمِن شروط الأجرة أن تكون معلومة علمًا تامًّا نافيًا للجهالة، فكل اتفاق يؤدي إلى المنازعة يُفقِد الأجرة أحد شروطها، أما إن كان الاتفاق نافيًا للجهالة ولا يفضي إلى المنازعة فيكون صحيحًا وعلى الأطراف الالتزام به ما لم يخالف القانون، فإذا اتفق الطرفان على أجرة معينة تتزايد بنسبة 10% كل سنة كما في صورة السؤال، فالأجرة حينئذٍّ معلومة عِلْمًا تامًّا نافيًا للجهالة، وعليهم الالتزام بها؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].
قال العَلَّامة ابن جُزَيٍّ في "التسهيل لعلوم التنزيل" (1/ 219، ط. شركة دار الأرقم): [﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، قيل: إنَّ العقود هنا عقدة الإنسان مع غيره من بيع ونكاح وعتق وشبه ذلك] اهـ.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» رواه الترمذي في "سننه" من حديث عمرو بن عَوف المُزَني رضي الله عنه.
قال العَلَّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 402، ط. مكتبة الرشد): [قد أحكمت السنة أنه لا يجوز من شروط المسلمين شرط أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا، وأما معنى قوله: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» يعني: الجائزة بينهم] اهـ.
وهذا هو ما أخذ به القانون المدني حيث وضع مبدأ عامًّا وهو أَنَّ العقد شريعة المتعاقدين فتنص المادة (147 مدني) على أَنَّ [العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلَّا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يُقرِّرها القانون] اهـ.
بناءً على ما سبق: فاتفاقُ زميلِكَ مع صاحب العقار في عقد الإيجار على زيادة سنوية 10% من قيمة آخر أجرة اتفاقٌ معلومٌ لا يُفْضِي إلى النزاع، وهو جائزٌ شرعًا ولا حَرجَ فيه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نقوم بتأجير أرض زراعية نظير مبلغ نقدي متفق عليه يتم سداده عقب المحصول الصيفي، وفي كثير من الأحيان يتلكأ المستأجر في السداد. فهل إذا قلت له إن المبلغ المتفق عليه الآن هو ما قيمته الشرائية كذا إردبًّا، فأعطِني هذه الكمية أتصرف أنا فيها. فهل هذا يجوز؟
ما حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق؟ فأنا مالك لأرضٍ زراعية، والجمعيات الزراعية تقوم بإعطائي الكيماوي والسِّمَاد بأسعار مدعمة، وقد أجَّرتُ أرضي لأحد الأشخاص، وأقوم بأخذ حصتي من الكيماوي من الجمعية وأبيعها بسعر السوق للمستأجر، فما حكم ذلك؟
لو عثر شخص على شيء ذي قيمة لا يُعرَف صاحبُه، فأخذه، وبحث عن صاحبه حتى اهتدى إليه، فهل له الحق في أن يطالبه بمكافأة على ما فعل؟
سائل يقول: لديَّ مزرعة نخيل، وهذا النخيل بلغ مرحلة يصلح فيها للإثمار، وأقوم بالاتفاق مع بعض العمَّال على أن يرعاها ويقلِّمها ويلقِّحها ويقوم بما يلزم مِن رعايتها طول الموسم، وذلك على نسبةٍ مِن ناتجها، كالثلث أو نحوه مِمَّا يتم الاتفاق عليه، فما حكم ذلك شرعًا؟
ما هو الحكم الشرعي في مسألة عسب الفحل؟ حيث يمتلك أحد أصحاب الخيل سلالة نادرة من الخيل، ويقوم بإعطاء خيله لمن يمتلك خيلًا إناثًا لإجراء عملية التزاوج نظير مبلغ معين محدد مسبَّقًا.
هل يجوز لشركة اتصالات استئجار مئذنة مسجد ليكون مكانًا لاستقبال معلومات الاتصالات -الهواتف- للشركة؟