حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء

تاريخ الفتوى: 20 نوفمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8501
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: البيع
حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء

ما حكم شراء السلع التي عليها خصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء؟ فهناك رجلٌ يعمل في شركةٍ توفر للعاملين بها خصوماتٍ على منتجاتها، فهل يجوز له شراء السلع للحصول على تلك الخصومات ثم بيعها بالثمن الأصلي بالسُّوق المحلي؟ علمًا بأنه قد لا يكون في حاجة إليها عند شرائها، وإنما يشتريها لغرض أن يبيعها بهامش ربح.

لا مانع شرعًا من الاستفادة بالخصومات المُقدَّمة مِن بعض الشركات للعاملين بها، وذلك لا يقدح أبدًا في جواز تملُّك المشتري لهذه السلعة بعد تمام شرائها، بحيث يكون له الحق في التصرف فيها بحسب إرادته كسائر أملاكه، فيجوز للرجل المذكور بعد شرائه السلع ذات الخصومات مِن شركته أن يبيعها بثمن السوق طلبًا للربح، مع وجوب مراعاة كافة شروط التجارة الشرعية وأخلاقها المرعية مِن نحو الصدق والأمانة، والسماحة، وعدم الاحتكار وغيرها، عملًا بعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى»، وبما لا يخالف عقد عمله بالشركة ولوائحها.

المحتويات:

 

بيان الحكمة من مشروعية البيع في حياة الناس

شرع اللهُ جَلَّ وَعَلَا البيعَ وسيلةً لدفع الضرورة عن الناس عامَّة، وقضاء حاجاتهم، وتحقيق مصالحهم، وذلك بتحقيق مصلحة البائع والمشتري في تبادل العِوَضَين بالتراضي، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه في "السنن"، وابن حِبَّان في "الصحيح"، وأبو يَعْلَى في "المسند".

حكم شراء السلع بخصومات ثم بيعها بسعر أعلى من سعر الشراء

الخصومات التي تقدِّمُها بعض جهات البيع للعامَّةِ، أو لفئةٍ محدَّدةٍ مِن عملائها -كالعاملين بها كما هي مسألتنا- بما يخوِّل لهم الحصول على السِّلع أو الخدمات بثمنٍ أقل -إنما هي حطٌّ وتخفيضٌ مِن ثمن السلعة المعلَن لجمهور المستهلِكين قبل تمام عقد البيع، فيصبح الثمن بعد الخصم هو ثمن البيع لا الثمن الأول قبل الخصم؛ لأنه هو ما تراضى عليه العاقدان في ذلك البيع إيجابًا وقَبُولًا.

ومِن المقرَّر أن عقدَ البيع مِن عقود المعاوضَةِ، وهو ما "اجتمعتِ الأمة على كونه سببًا لإفادة المِلك"، كما قال حُجة الإسلام الغَزَالِي في "الوسيط" (3/ 3، ط. دار السلام).

فبتمام البيع تنتقل السلعة المشتراة بالخصم إلى مِلكِ المشتري، وتصيرُ قابلةً لكافَّةِ تصرفاتِهِ مِن نحو الاستعمالِ، والإجارة، والبيعِ، والهبةِ وغيرها، كسائر أملاكه؛ إذ مِن المقرَّر وفقًا للقواعد العامَّة للشريعة الإسلامية أنَّ مُقتضى المِلكيَّة هو حريةُ التصرف المشروع في الشيء المملوك، فمن مَلَك شيئًا أُبيح له التَّصرُّف فيه من غير شرطٍ ولا قيدٍ.

قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي في "الفروق" (3/ 216، ط. عالم الكتب): [المِلك إباحةٌ شرعيَّةٌ في عينٍ أو منفعةٍ تقتضي تمكُّن صاحبها مِن الانتفاع بتلك العين أو المنفعة أو أخذ العِوَض عنهما] اهـ.

وقال العلامة محمد قدري باشا في "مُرشِد الحيران" (ص: 4، مادة: 11): [المِلك التام مِن شأنه أن يتصرف به المالكُ تصرفًا مطلقًا فيما يملكه عينًا ومنفعة واستغلالًا، فينتفع بالعين المملوكة وبِغَلَّتِهَا وثمارها ونِتَاجِهَا، ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة] اهـ.

وكون المشتري غيرَ محتاجٍ لاقتناء السلعة ذات الخصومات وقت شرائها، وإنما يشتريها بقصد التربح من بيعها بعد ذلك بالثمن الشائع لها في الأسواق -لا يؤثر في صحَّةِ البيع أو الشراء شرعًا ما دامت تلك العقود مستوفية لشروطها؛ إذ "لَا فَسَادَ فِي قَصدِ البَائِع، فإنَّ قَصْدَه التِّجَارَةُ بالتَّصرُّف فيما هو حلالٌ لِاكتِسَابِ الرِّبِح"، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (24/ 6، ط. دار المعرفة)؛ فحقيقة التجارة المشروعةِ: "الاسترباح بالبيع والشراء"، كما في "عقد الجواهر الثمينة" للإمام جلال الدين ابن شَاس (3/ 901، ط. دار الغرب الإسلامي).

إلا أنَّه يجب عليه أن يراعي عند الشراء قَصدَ الشركة المانحةِ لتلك الخصومات، فإن قصَدَت بتلك الخصومات تيسير وسائل المعيشة على العاملين بها، فإنه -وإن كان واحدًا منهم- يستحبُّ له أن يَرغَب في وصول الخير والتيسير لكافة إخوانه وزملائه العاملين بالشركة، بحيث إن علم أنهم تفوتهم فرصةُ الحصول على تلك الخصومات إن أكثر مِن الشراء عن الحَدِّ المعتاد فإن عليه ألَّا يُكثِر منه؛ لكي يَعُمَّ النفعُ المراد مِن تلك الخصومات، خاصَّةً إذا كان الخصم يُطَبَّق على عدد محدود مِن السلع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» أخرجه الشيخان.

كما ينبغي عليه عند البيع أن يكون الربح معقولًا دون جشع أو استغلال؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث جابرٍ رضي الله عنه. والسماحة: الجُود والكرم، والمسامحة: المساهَلَة، كما في "لسان العرب" للعلامة ابن مَنْظُور (2/ 489، مادة: "س م ح"، ط. دار صادر).

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 210، ط. مكتبة الرشد) عند ذكر هذا الحديث: [فيه: الحضُّ على السماحة وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة والرقة في البيع، وذلك سببٌ إلى وجود البركةِ فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يحض أمَّته إلا على ما فيه النفع لهم في الدنيا والآخرة] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الخصومات المُقدَّمة مِن بعض الشركات للعاملين بها أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا يقدح في تملُّك المشتري للسلعة بهذا الشراء، بما يُخوِّل له التصرف فيها بعد شرائها بحسب إرادته كسائر أملاكه، فيجوز للرجل المذكور بعد شرائه السلع ذات الخصومات مِن شركته أن يبيعها بثمن السوق طلبًا للربح، مع وجوب مراعاة كافة شروط التجارة الشرعية وأخلاقها المرعية مِن نحو الصدق والأمانة، والسماحة، وعدم الاحتكار وغيرها، وبما لا يخالف عقد عمله بالشركة ولوائحها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الشرع في قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع الأدوية المهربة مجهولة المصدر غير المصرح بها من وزارة الصحة؟ علمًا بأن تناول مثل هذه الأدوية قد يترتّب عليه الإضرار بالمرضى؛ لعدم مطابقة هذه الأدوية للمواصفات.


ما حكم شراء الزكاة بعد التسليم للفقير؟ فأنا صاحب محل تجاري أُخرج زكاة مالي حبوبًا لمستحقيها، ثم يأتيني أحد المستحقين لبيع ما أخَذَه، فأشتريه منه بأقل من ثمنه الحقيقي؛ فما حكم ذلك؟


ما حكم الرجوع في شراء دار لوجود مقبرة أحد الصالحين فيها؟ فقد اشترى رجل من آخر دارًا بثمن متفق عليه بينهما، ودفع جزءًا منه، واتفقا على دفع باقي الثمن لحين تحرير عقد البيع، وحددا لذلك ميعاد ثلاثين يومًا، وقبل مُضي هذا الميعاد وقبل استلام المشتري المبيع اتضح له أن بالدار المبيعة قبر شيخٍ يدعى الشيخ صابر، وهذا القبر كان خفيًّا على المشتري، ولم يخبره به البائع، ولو كان المشتري يعلم به ما كان حصل منه اتفاق على شراء الدار المذكورة.
فهل وجود القبر المذكور في الدار المذكورة عيبٌ من العيوب الشرعية التي تجعل للمشتري حقًّا في فسخ البيع والعدول عنه، ولا حق للبائع في طلب تنفيذ هذا البيع، أو لا؟
نرجو التكرم بالجواب مع العلم بأن هذا القبر هو قبر ولي مشهور بصلاح الدين وله ضريح.


ما حكم شراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام؟ فقد تعاقدت مع شركة عقارية تبيع وحدات سكنية بنظام التقسيط، وجميع إجراءات التعاقد والشيكات تكون مع الشركة وباسمها، ويكون تسلم الوحدة المُتَعَاقَد عليها بعد سنتين، وتشترط هذه الشركة على نفسها بإعطائي مبلغًا ماليًّا ثابتًا من نسبة مُقَدَّم الحجز الذي سأدفعه لجدِّية التعاقد، وذلك في صورة شيك مُسْتَحَق كل ثلاثة شهور حتى مدة الاستلام، فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم شراء السلع وبيعها بالتقسيط؟ فأنا أعمل في مجال بيع الأجهزة الكهربائية بالتقسيط، ولكن أحيانًا يأتي إليَّ من يريد سلعة معينة بعيدة عن مجال الأجهزة؛ كمواد البناء مثلًا -من حديد وأسمنت- فأذهب وأتصل بالتجّار الذين يبيعون هذه السلع، وأعرف منهم الأسعار، ثم أتصل على من يريد الشراء وأقول له: سعر طن الحديد مثلًا 1000 جنيه؛ وذلك بالتقسيط على سنة مثلًا، هل أشتري لك ما تريد؟ فإن وافق اشتريت له السلعة وذهبت بها إلى بيته وسلمته إياها، وهي في ضماني إلى أن تصل إلى بيته، علمًا أنه حتى وإن أعرض عن الشراء بعد أن اشترينا السلعة له ووصلت إلى بيته فلا شيء عليه إطلاقًا، وإذا ما تأخر عن المدة المحددة للسداد لا آخذ منه جنيهًا واحدًا زيادةً عن المبلغ المتفق عليه، وإذا تبين في السلعة خللٌ أو عيب أو تلف قبل وصولها إليه تحملنا ذلك عن المشتري.


ما حكم شراء السلع المدعومة من السوق السوداء؟ وهل من يشتري منهم يكون معاونًا ومشاركًا في الإثم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28