حكم حساب الربح في المضاربة من إجمالي التجارة

تاريخ الفتوى: 04 سبتمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8445
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الاستثمار
حكم حساب الربح في المضاربة من إجمالي التجارة

ما حكم احتساب ربح صاحب رأس مال المضاربة من إجمالي أرباح التجارة؟ فأنا عندي شركة تعمل في مجال تجارة الملابس يُقدر رأس مالها بحوالي مليون ونصف مليون جنيه، واحتجت إلى سيولة مالية للتجارة، فأردت الاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يدفع لي مبلغًا من المال لتشغيله له دون أن يكون له الحق في الإدارة، فدفع لي خمسمائة ألف جنيه، واتفقت على أن يكون الربح الحاصل له (15%) من إجمالي أرباح الشركة، وليس من خصوص أرباح المال الذي دفعه، فهل هذا الشرط جائز شرعًا؟ وهل يجب عليَّ سداد هذا المقدار من الربح فعلًا؟ وإذا لم يجب عليَّ سداد هذا المقدار، فما الواجب عليَّ؟

المعاملة المذكورة في السؤال والتي تمت بين الطرفين معاملةٌ صحيحةٌ من حيث الأصل، ولا يقدح فيها تخصيص أحد الطرفين بالنسبة المذكورة من الربح، والتي توزع على أساس رأس المال كُلِه لا على ما دفعه الطرف الآخر فقط، ما دام ذلك تم بالاتفاق والتراضي بينهما، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذه المعاملات.

المحتويات:

 

الشروط العامة لصحة العقود المتعلقة بالمعاملات الجارية بين الناس

من المقرر شرعًا بعمومات النصوص والأدلة الشرعية والسنن المرعيَّة أن المعاملات الجارية بين الناس يراعى فيها ابتداءً تحقُّقُ شروط العقود عامة، من: أهلية المتعاقدين، وحصول الرضا بينهما، وانتفاء الغرر، وكذلك خلو المعاملة من الشروط الممنوعة شرعًا حفظًا لأموال الناس، فمن مقاصدِ الشرع الشريف المتفق عليها حفْظُ الأموال عن الضياع، كما في "الفروق" للإمام القَرَافي (3/ 249، ط. عالم الكتب).

وأصل ذلك ما ورد في الحديث الشريف الذي أخرجه الإمام التِّرْمِذِي في "سننه" عن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جَده رضي الله عنهم، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا».

التكييف الشرعي لواقعة السؤال

المعاملة المسؤول عنها هي من قبيل عقد "المُضاربة" أو "القِراض" -على اختلاف تسميات الفقهاء له-، ووجه ذلك أنَّ صاحب المال قد أعطى غيرهُ ماله ليتَاجر له به مع نسبة ربحٍ متفق عليها بين الطرفين، دون أن يكون لصاحب المال أي مسؤولية في إدارته، وهذه هي حقيقة "المُضاربة" أو "القِراض"، فهي وإن اختلفت تعبيرات الفقهاء في بيانها إلا أن المعنى يدور على أنَّه عقدٌ بين اثنين: أحدُهما يقدِّم مالًا، والآخَر يَستثمره له، على أنْ يكون للعامل جزءٌ شائعٌ من الربح، ويقال لصاحب المال: (ربُّ المال) وللعامل: (مضارِب)، كما في "الدر المختار" للإمام  الحَصْكَفِي الحنفي (ص:  545، ط. دار الكتب العلمية)، و"المختصر" للشيخ خليل المالكي (ص: 198، ط. دار الحديث)، و"أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي (2/ 380، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"منتهى الإرادات" للإمام ابن النجار الحنبلي (3/ 20، ط. مؤسسة الرسالة).

مدى مشروعية عقد المضاربة في التعامل بين الناس

عقد المُضاربة أو القِراض من العقود المشروعة في الجملةِ بالإجماع، فقد بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم والناسُ يتعاملون بالمضاربة فيما بينهم، فأقرَّهم على ذلك وندبهم إليها، وتعامل بها المسلمون مِن بَعْدُ إلى وقتنا هذا من غير نكيرٍ بينهم، وقد نقل الإجماعَ على ذلك جماعةٌ من الأئمة، كالإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 91، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (7/ 3، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام أبي الوليد ابن رُشْد في "بداية المجتهد" (4/ 21، ط. دار الحديث).

مدى مشروعية خلط مال المضاربة  بمال المضارِب في الشركة وكيفية اقتسام الربح

من الأمور الظاهرة في المعاملة المسؤول عنها، خلط مال المضاربة محل الاستثمار بمال المضارِب (عامل المضاربة) في الشركة، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى جوازه على تفصيل بينهم في بعض شروطه، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (6/ 98، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (7/ 449، ط. دار الكتب العلمية)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (7/ 320، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (5/ 36، ط. مكتبة القاهرة)، و"الإنصاف" للإمام المَرْدَاوِي الحنبلي (5/ 438، ط. دار إحياء التراث العربي).

ولا خلاف بين الفقهاء في أنَّ الأصل في المضاربة حال خلط مال المضاربة بغيره أن يكون اقتسام الربح بين الطرفين على مال المضاربة بعينه بحصة شائعة بينهما كالربع أو النصف أو نسبة مئوية على حسب الاتفاق والتراضي بينهما لا بقدر محدد منسوب إلى رأس المال كعشرة أو عشرين.

اتفاق الطرفين على أن يكون الربح بينهما على إجمالي مال المضاربة وما خُلط به

اختلف الفقهاء فيما إذا كان الاتفاق بين الطرفين أن يكون الربح بينهما على إجمالي مال المضاربة وما خُلط به، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنَّ هذا الاتفاق لا يستقيم شرعًا مع حقيقة عقد المضاربة؛ إذ الأصل أن يكون الربح بين طرفي المضاربة على قدر نسبة المال المضارب به، لا على مجموع المال المختلط، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (6/ 98)، و"الشرح الصغير" للشيخ الدردير المالكي (3/ 682، ط. دار المعارف)، و"البيان" للإمام العِمْراني الشافعي (7/ 220، ط. دار المنهاج).

وذهب الحنابلة إلى صحة هذه الصورة من المضاربة، باعتبار أنها تجمع بين شركة العنان والمضاربة، فمن حيث إنَّ المال المستثمَر من كلا الطرفين فشركة عنان، ومن حيث إن أحدهما يعمل في مال صاحبه بجزء من الربح فمضاربة، كما في "شرح مختصر الخِرَقي" للإمام الزَّرْكَشِي الحنبلي (4/ 130، ط. دار العبيكان).

قال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5/ 20، ط. مكتبة القاهرة): [أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم، لأحدهما ألف، وللآخر ألفان، فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها على أن يكون الربح بينهما نصفين صح، ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله، والباقي وهو ثلثا الربح بينهما، لصاحب الألفين ثلاثة أرباعه، وللعامل ربعه، وذلك لأنه جعل له نصف الربح، فجعلناه ستة أسهم، منها ثلاثة للعامل، حصة ماله سهمان، وسهم يستحقه بعمله في مال شريكه، وحصة مال شريكه أربعة أسهم، للعامل سهم وهو الربع] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة

المختار للفتوى في هذه المسألة ما ذهب إليه الحنابلة من صحة المعاملة المذكورة بناءً على الاتفاق والتراضي بين الطرفين، واللذَينِ هما من أهم ضوابط جواز المعاملات الماليَّة وصحتها، خاصَّة وأنَّ المعاملة قد تمت بين طرفيها فعلًا، وقد تقرَّر أنَّ أفعال العوامِّ بعد صدُورِها منهم محمولةٌ على ما صح من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحِلِّ أو بالصِّحة؛ فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم ما أمكن ذلك.

قال العلَّامة ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 90، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإن لم يستفت أحدًا وصادف الصحة على مذهب مجتهدٍ أجزأه ولا إعادة عليه] اهـ.

وهذا هو المعتمد في الفتوى، والذي جرت عليه دار الإفتاء المصرية في عهودها المختلفة، قال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة): [متى وافق عمل العامِّيِّ مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا] اهـ.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ تلقي الأموال من أصحابها للاتجار فيها واستثمارها ينبغي أن يتم وفق الإطار الذي حدده ولي الأمر من خلال التشريعات القانونية التي تحفظ الأموال على أصحابها ولا تجعلها معرضة للضياع أو الجحود.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فالمعاملة المذكورة في السؤال والتي تمت بين الطرفين معاملةٌ صحيحةٌ من حيث الأصل، ولا يقدح فيها تخصيص أحد الطرفين بالنسبة المذكورة من الربح، والتي توزع على أساس رأس المال كُلِه لا على ما دفعه الطرف الآخر فقط، ما دام ذلك تم بالاتفاق والتراضي بينهما، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذه المعاملات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم اشتراط صاحب المال على المضارب أن يعمل في سلعة بعينها؟ فقد اتفقت مع صديق لي يعمل في مجال الاستيراد على أن أدفع له مبلغًا من المال، واشترطت عليه أن يتَّجِرَ بمالي والربح بيننا مناصفة، وذلك في نوعٍ معينٍ من التليفونات؛ لعلمي أنَّ الربح في هذا المجال وفير؟


ما حكم احتكار مستلزمات التطهير وأدوات التعقيم؟ فبعد اجتياح فيروس كورونا الوبائي بلدان العالم، وجدنا كثيرًا من التجار يستغلون هذا الوباء في مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية، فاحتكروا المستلزمات الطبية؛ كالكمامات والقفازات ومساحيق التعقيم والتنظيف التي تساعد على عدم انتشار هذا الفيروس، فرفعوا ثمنها، واستغلوا حاجة الناس إليها، فألحقوا بهم المشقَّة والضرر، فما رأي الشرع في ذلك؟


ما هي حقوق التأليف والنشر؛ فنحن نتعامل في بيع وتوزيع ونشر الكتب الإسلامية والعلمية، وهدفنا الأول في العمل في هذا الميدان هو نشر العلوم الإسلامية، وما نتقاضاه من أثمان لهذا العمل نَتَقوَّى به على إتمام الهدف الأول بتطويره وتوسيع الاستفادة منه لعموم طلاب العلم وتعرض لنا مشكلة يختلف الحكم بها من دولة إلى دولة ومن مُفْتٍ إلى مُفْتٍ وهي حقوق التأليف، وصورة تقاضي حقوق التأليف كالآتي:
الصورة الأولى: أن يؤلف شخص كتابًا ويقدمه للناشر بخط المؤلف، ويطلب من الناشر مبلغًا من المال؛ إما أن يدفع مقطوعًا لطبعة واحدة، أو لعدة طبعات معينة، أو لمدة محددة، أو غير محددة، أو بنسبة مئوية من سعر بيع الكتاب لطبعة أو لطبعات.
الصورة الثانية: أن يقوم شخص بتحقيق نص كتاب أو تعليق أو شرح عليه وهذا الكتاب لغيره ويقدمه للناشر بخط يده، ويطلب من الناشر مبلغًا ماليًّا حسب الطريقة السابقة في الصورة الأولى.
الصورة الثالثة: أن يقدم المؤلف كتابًا مطبوعًا ويحمل اسمه تأليفًا كالصورة الأولى، أو تحقيقًا أو تعليقًا أو شرحًا كالصورة الثانية، ويطلب التعاقد مع الناشر بمبلغ مالي حسب الطريقة الواردة في الصورة الأولى.
وسؤالنا هو:
1- هل أخذ هذا المبلغ من الناشر حلال للمؤلف أم حرام عليه؟ وإذا كان حرامًا فهل يأثم الناشر بتسليمه له؟
2- لو طبع ناشر كتابًا ولم يعط مؤلفه مالًا هل عليه إثم أم لا؟
3- إذا كان للمؤلف حق وعلم الموزع أن الناشر لم يعط المؤلف حقه هل على الموزع إثم في بيع هذا الكتاب، ومن ثم التعامل مع هذا الناشر؟
4- إذا كان للمؤلف حق فمتى ينتهي حقه في هذا الكتاب؟ هل ينتهي حقه لوقت معين كما في القوانين الوضعية؟ وإذا كان ينتهي بفترة معينة فهل يعتبر حقه حق ملكية أم أجرة؟ أم يبقى له ولورثته سلالة بعد سلالة؟ وماذا تكون الحال بمن لم يعرف وارثه سواء من المعاصرين أم القدماء؟
5- يترتب على إخراج الطبعة الأولى من كل كتاب أمور فنية مدفوع عليها أموال من قِبَل الناشر، وتستمر هذه الأمور تفيد كل من طبع الكتاب بعد الطبعة الأولى، منها ما ينتهي بإعادة صف حرف الكتاب، ومنها ما لا ينتهي، ومن هذه الأمور شهرته وتعالم الناس به وهو ما يسمى الآن -دعاية وإعلام- وإخراجه وتصحيح أخطائه بحيث يكون سليمًا من الخطأ وصف حرفه وتشكيله وفهرسته وتقسيم سطوره وتقسيم صفحاته وترتيبه، وهذه أمور يقوم بها الناشر، فهل للمؤلف أن يسلبه حقه بعد انتهاء فترة التعاقد معه كما في الصورة الثالثة، أم تبقى حقا له؟ وهل هذه الأحقية تثبت شركته في الكتاب؟
6- صاحب الكتاب المحقق أو المعلق عليه أو المشروح واقع الحال الآن أنه لا يُعطَى شيئًا من المال كما في الصورة الثانية، فما حكمه؟ هل يسقط حقه بمجرد تعليق أو تحقيق يلحق بكتابه؟ أم أنه لا حق له في الأصل؟
وأن غرضنا الأول من هذا الاستفسار: هو استبيان الوجه الشرعي من الحل والحرمة؛ قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون﴾.
وغرضنا الثاني: هو قطع الطريق على تيار القوانين الوضعية في أمور الحقوق بين المسلمين وكشف الغطاء عن الوجه الشرعي لهذه القضية التي كثر الحديث عنها والتعامل بها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.


يقول السائل: يتكاسل بعض الناس عن البحث عن العمل بحجّة أنه متعلّم وينتظر الوظيفة المناسبة؛ وينفق على نفسه من مال والده وكذلك بسؤال غيره من المعارف؛ فنرجو من فضيلتكم بيان رأي الشرع في ذلك.


يقول السائل: يدَّعي بعض الناس جواز الاتّجار في المخدرات من غير تعاطيها، وأنه ليس حرامًا؛ لأنه لم يرد نصٌّ في القرآن الكريم أو السنة المشرفة بحرمة ذلك. فنرجو من منكم الردّ على ذلك وبيان الرأي الشرعي الصحيح.


ما حكم الشرع في الربح الناتج عن التعامل في المواد المخدرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :42
الظهر
12 : 49
العصر
4:17
المغرب
6 : 55
العشاء
8 :13