حكم إخراج الأضحية في صورة لحم أو مال للفقراء

تاريخ الفتوى: 10 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7878
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم إخراج الأضحية في صورة لحم أو مال للفقراء

ما حكم إخراج الأضحية في صورة لحم أو مال للفقراء؟ فقد سمعنا أن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يشتري اللحم بدلًا من الأضحية ويقول: "هذه أضحيتنا"، فهل يجوز استبدال اللحم أو المال بالأضحية؟

ما يجزئ في شعيرة الأضحية هي أن تكون من بهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، ولا يجزئ شراء اللحم وغيره أو التصدق بالمال؛ لكونها عبادةً مقصودةً لذاتها.

وما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من شراء اللحم، فإنما هو محمول على معنى خاص هو بيان عدم وجوب الأضحية وجوبًا محتمًا، ولئلا يظن الناس أنها واجبة، وهو إمام يقتدى به.

ولمريد الأضحية أن يتصدق بالمال إذا رأى أن مَن حوله في حاجة إلى المال أكثر من اللحم، إلا أنها لا تُعَدُّ حينئذٍ أضحية، وإنما صدقةٌ من الصدقات.

المحتويات

حكم الأضحية وبيان ما يجزئ فيها

الأضحية شعيرة من شعائر الدين ومَعْلَمٌ من معالمه الثابتة، وهي مشروعة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع، وهي على المختار للفتوى سنة مؤكدة، فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأَمَر بها ورَغَّب فيها أصحابه، فعن أنس رضي الله عنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" متفقٌ عليه.

ويكره تركها في حقِّ القادر عليها؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" وابن ماجه في "السنن".

ومن المقرر شرعًا أَنه لا تُجزئ الضحية بغير الإِبل والبقر والغنم وما يصح أن يندرج تحت ذلك كالجاموس والماعز، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء، كالإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (23/ 188، ط. وزارة الأوقاف)، والإمام النووي في "المجموع" (8/ 394، ط. دار الفكر).

ومقتضى ذلك أنه لا يجزئ في الأضحية إعطاء المال أو شراء اللحم ونحوه والتصدق به على أنه أضحية، وما ورد عن بعض السلف من التصدق بالمال بدلًا من الأضحية، فإن ذلك محمول على أن بعضهم كان يرى أن التصدق على اليتيم والمحتاج بثمن الأضحية أفضل من ذبحها، وبذلك قال الشعبي وهو قول لمالك وأبي ثور، كما في "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (15/ 107-108، ط. دار الكتب المصرية).

توجيه ما ورد عن ابن عباس من شراء اللحم بدلا من الأضحية

ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما -مما هو مستشهد به في السؤال-: من أنه كان يشتري اللحم ويضحي به، فإن ذلك لا يعني أن اللحم يغني عن شعيرة الأضحية أو يسد مسدها، وإنما كان ذلك بقصد تعريف الناس أن الأضحية ليست بواجبة محتمة، بل هي سنةٌ مؤكدةٌ اختياريةٌ في حق القادر عليها.

فعن عكرمة أنه قال: أرسلني ابن عباس رضي الله عنهما أشتري له لحمًا بدرهمين، وقال: "قل: هذه ضحية ابن عباس" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" واللفظ له، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار".

قال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 246، ط. دار الفكر): [وقد بلغنا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان؛ كراهية أن يقتدى بهما ليظن من رآهما أنها واجبة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جلس مع أصحابه ثم أرسل بدرهمين فقال: "اشتروا بهما لحمًا، ثم قال: "هذه أضحية ابن عباس"، وقد كان قلما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة، وإنما أراد بذلك مثل الذي روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يعدو القول في الضحايا هذا أن تكون واجبة] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (23/ 194-195): [محمله عند أهل العلم لئلا يعتقد فيها للمواظبة عليها أنها واجبة فرضًا، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم؛ لأنهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أمته، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم، والأصل في هذا الباب أن الضحية سنة مؤكدة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعلها وواظب عليها أو ندب أمته إليها] اهـ.

وقال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (15/ 108) في ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: [ومحمل هذا وما روي عن أبي بكر وعمر أنهما لا يضحيان عند أهل العلم؛ لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبةٌ فرض، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم؛ لأنهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أمته، فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم] اهـ.

فما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما إذن من شرائه اللحم: إنما كان لعدم اقتداء الناس به وظنهم أن الأضحية واجبة، وليس أن شراء اللحم أو غيره يجزئ عن الأضحية، بل إنه محمول أيضًا على أنه ضحى وتصدق بجميع لحم الأضحية، واشترى لنفسه لحمًا.

قال الإمام القدوري في "التجريد" (12/ 6327، ط. دار السلام): [وأما ابن عباس فيجوز أن يكون ضحى وتصدق بجميع اللحم وابتاع لنفسه لحمًا، وقال: "هذه أضحية ابن عباس" أي: عوض نصيبه من الأضحية] اهـ.

بالإضافة إلى أنه رضي الله عنه كان كثير الذبح والنحر كل يوم كما أفادت الأخبار والآثار عنه، فكيف له أن يذبح كل يوم ولا يذبح في يوم النحر؟

فعن طاوس رحمه الله قال: "ما رأيت بيتًا أكثر لحمًا وخبزًا وعلمًا من بيت ابن عباس رضي الله عنهما، يذبح وينحر كل يوم، ثم لا يذبح يوم العيد! وإنما كان يفعل ذلك؛ لئلا يظن الناس أنها واجبة، وكان إمامًا يُقتَدى به"، ذكره الإمام الطرطوشي في "الحوادث والبدع" (ص: 43، ط. دار ابن الجوزي)، والإمام الشاطبي في "الاعتصام" (2/ 603، ط. دار ابن عفان).

حكم إخراج الأضحية في صورة لحم أو مال للفقراء

شراء اللحم للتصدق به أو إعطاء الأيتام والمحتاجين من الفقراء والمساكين مالًا أمرٌ محمودٌ شرعًا ويثاب عليه، ولكنه لا يجزئ عن الأضحية ولا يقوم مقامها.

الخلاصة

بناء على ذلك: فإن ما يجزئ في شعيرة الأضحية هي أن تكون من بهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، ولا يجزئ شراء اللحم وغيره أو التصدق بالمال؛ لكونها عبادةً مقصودةً لذاتها.

وما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من شراء اللحم، فإنما هو محمول على معنى خاص هو بيان عدم وجوب الأضحية وجوبًا محتمًا، ولئلا يظن الناس أنها واجبة، وهو إمام يقتدى به.

ولمريد الأضحية أن يتصدق بالمال إذا رأى أن مَن حوله في حاجة إلى المال أكثر من اللحم، إلا أنها لا تُعَدُّ حينئذٍ أضحية، وإنما صدقةٌ من الصدقات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع لحوم الأضاحي؟ فبعض الفقراء يحصل في عيد الأضحى المبارك على ما يزيد على حاجتهم مِن لحوم الأضاحي، فيدَّخر بعضها لنفسه وأهله، ثم يقوم ببيع الفائض مِن تلك اللحوم والانتفاع بثمنها في تيسير أموره وقضاء حوائج أخرى، فهل يجوز لهم شرعًا بيع لحوم الأضاحي؟ وهل يجوز أيضًا بيع المُضحِّي لحم الأضحية لغير الجَزَّار لإعطاء الجَزَّار أجرته؟


جمعية للخدمات الاجتماعية تخضع لأحكام قانون ممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية، تمارس العديد من الأنشطة، منها: صكوك الأضاحي، لذا نرجو إفادتنا بالحكم الشرعي فيما يأتي:

- هل يجوز شرعًا أن يحصل كل مضحٍّ على الكمية المخصصة له من اللحوم (18 كيلو جرامًا من صك العجل، و15 كيلو جرامًا من صك الخروف) من أي ذبيحة تم ذبحها في اليوم نفسه، وذلك بعد توثيق ذبح الأضحية عن طريق الفيديو وتسمية المشتركين في هذه الأضحية قبل ذبحها وعددهم، أو يجب شرعًا أن تصله لحوم من نفس الذبيحة التي اشترك فيها تحديدًا؟ علما بأن محاولة المطابقة التامة قد تؤدي إلى وقوع أخطاء تنظيمية بسبب كثرة الذبائح والإجراءات في ذات اليوم.

- وهل يجوز للجمعية التصرف في حواشي الذبائح التي تبرع بها المضحي ضمن صكه، مثل: الكرشة، الكبدة، الجلد، وغير ذلك، وذلك ببيعها واستخدام العائد في تغطية مصروفات تنفيذ المشروع، أو توجيهها للفئات المستحقة للدعم داخل الجمعية؟


يحتج البعض ممن يطلق عليهم نُشطاء حقوق الحيوان على الطريقة التي يتمُّ بها معاملة الحيوان في الإسلام؛ حيث يزعمون أن ذبح الماشية يُعدُّ من الوحشية وتعذيب للحيوان، حتى طالبت إحدى المنظمات بوقْف بيع الحيوانات لدول الشرق الأوسط، مدعين أن طريقة ذبح المسلمين للحيوان خالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل موته!
فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟ وهل لم يراع الإسلام جانب الرحمة بالحيوان عند ذبحه؟ أفيدونا أفادكم الله تعالى.


ما حكم أكل الذبيحة إذا تركت الجوزة بالرقبة المتصلة بالجسم؟ فهناك رجل ذبح ذبيحة وترك الجوزة بالرقبة المتصلة بالجسم. فهل الذبيحة حلال أم حرام؟ وما حكم مَن أكَلَها؟ وهل عليه كفارة؟


هل يجوز التضحية بحيوان صغير السن كثير اللحم، أم لابد أن يكون مستوفيًا للسن وإن كان قليل اللحم؟


ما هو وقت نحر أضحية العيد في دول جنوب شرق آسيا؟ فمن المعروف أن الشمس تشرق في الدول التي تقع في جنوب شرق آسيا قبل الدول الإسلامية التي تقع في الشرق الأوسط وأفريقيا، وبالنسبة لرؤية الهلال، إذا ثبت رؤية هلال ذي الحجة في حقِّ بلدٍ من البلاد الإسلامية التي تشترك معنا -كالمواطنين في جنوب شرق آسيا- في جزء من الليل مثل مصر والسعودية فإننا نأخذ هذه الرؤية ونحدد أيام عيد الأضحى بها، فتبدأ أيام عيد الأضحى عندنا قبل بدايتكم، ونصلي صلاة العيد، ونكبِّر ونضحِّي قبلكم بأربع ساعاتٍ تقريبًا، وإذا كان الأمر كذلك ونحرنا القربان في بلدنا يوم النحر بعد مضي صلاة العيد وخطبتها، فهل تعتبر هذه التضحية قبل وقتها أم لا؟ وهل يجوز لنا أن ننحر بعد صلاة العيد وخطبتها في بلدنا مباشرةً أو ننتظر وننحر بعد صلاتكم وخطبتكم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 21 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 57
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :33