الأربعاء 19 نوفمبر 2025م – 28 جُمادى الأولى 1447 هـ

حكم هدي التمتع إذا خرج المتمتع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة

تاريخ الفتوى: 10 أغسطس 2022 م
رقم الفتوى: 6876
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم هدي التمتع إذا خرج المتمتع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة

ما حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة؟ فقد اعتمرتُ في شهر شوال، ثم تحلَّلتُ وعُدتُ إلى مصر، ثم سافرتُ بعد ذلك وأدَّيتُ فريضة الحج؛ فهل يُعدّ ذلك تمتعًا بالعمرة إلى الحج، ويكون عليَّ هدي التمتع؟

لا يجب عليك هدي التمتع ما دمتَ قد أديت مناسك العمرة في شهرِ شوال، وتحلَّلت منها، ثم عدت إلى مصر؛ لأنه بعودتك قد انقطع نُسُكُ التمتع في حقك، وبسفرك بعد ذلك إلى مكة المكرمة وأدائك فريضةَ الحج في نفس العام لا تكون متمتعًا.

المحتويات

 

حكم التمتع بالعمرة إلى الحج

التَّمَتُّعُ: هو أنْ يُحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو من غيره من المواقيت التي يمر بها أو ممَّا يحاذيها، وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.

وسُمّي بالتمتع؛ لتمتع صاحبه بإحلالِ محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدِ إلى الميقات ليُحرِمَ بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا؛ كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (2/ 45، ط. المطبعة الكبرى الأميرية)، و"الفواكه الدواني" للعلَّامة النفراوي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).

وبداية أشهر الحج: غرة شهر شوال المبارك بلا خلاف بين الفقهاء؛ قال الإمام الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 16، ط. دار الفكر): [ولا خلاف أنَّ أوَّل أشهر الحج شوال] اهـ.

فإذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام على النحو المذكور سابقًا: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء؛ قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 68، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أنَّ مَن أَهَلَّ بعمرةٍ في أشهر الحج مِن أهل الآفاق، وقدِم مكة ففَرَغَ منها، فأقام بِها، فَحَجَّ مِن عامِهِ: أنه متمتِّعٌ، وعليه الْهَديُ إذا وجد، وإلا فالصيام] اهـ.

ويجب عليه حينئذٍ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة: 196].

قال الإمام الزمخشري في "الكشاف" (1/ 241، ط. دار الكتاب العربي): [﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ﴾ أي: استمتع ﴿بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ واستمتاعه بالعمرة إلى وقت الحج: انتفاعه بالتقرُّب بها إلى الله تعالى قبل الانتفاع بتقرُّبه بالحج. وقيل: إذا حلَّ من عمرته انتفع باستباحة ما كان محرَّمًا عليه إلى أنْ يحرم من الحج ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ هو هدي المتعة] اهـ.

حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة

إذا قام مريد العمرة والحج من أهل الآفاق بأعمال العمرة، ثم تحلَّل منها وغادر مكة وعاد إلى أهله ووطنه بعد تحلّله من عمرته تلك، ثم عاد في نفس العام للحج مرة أخرى؛ فإنه لا يُعَدّ في هذه الحالة متمتعًا، ولا يُلزم حينئذٍ بهدي التمتع؛ لأنَّ هدي التمتع إنما هو لأجل القربة التي حصلت بالجمع بين الحج والعمرة في رحلة واحدة، وقد انقطعَت بسفره وعودته إلى بلده، ولأنَّ الدم إنما يجب بسبب ترك الإحرام بالحج من الميقات، والمعتمر في مسألتنا هذه لم يترك الإحرام بالحج من الميقات؛ بل إنه قد أحرم بالحج مِن الميقات المخصص له عند سفره مِن بلده إلى مكة مرة أخرى ولو كان ذلك في نفس العام الذي اعتمر فيه؛ فخلاصة ذلك: أنَّ الآفاقي إذا أقام بمكة بعد التحلل مِن العمرة في أشهر الحج: صارت مكة ميقاته للحج ولزمه هدي التمتع، أما إذا رجع إلى بلده بعد التحلل مِن تلك العمرة؛ فإنَّ عليه أنْ يحرم بالحج مِن ميقات بلده أو الميقات الذي يمر عليه قبل أنْ يصل إلى مكة، ولا هدي عليه في هذه الحالة؛ وهذا ما ذهب إليه جماهير الفقهاء؛ حتى حكى بعضهم فيه الإجماع، غير أنَّ الحسن البصري يرى وجوب الهدي عليه بأداء العمرة في أشهر الحج؛ سواء حج في عامه أو لم يحج.

فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ: فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ رَجَعَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 172، ط. دار الكتب العلمية): [وإنْ اعْتَمَرَ وَحَلَّ من عمرتهِ ثُمَّ عادَ إلى أَهْلِهِ حلالًا، ثُمَّ عادَ إلى مكةَ وحجَّ مِنْ عامهِ ذلكَ: لا يكونُ متمتعًا بالإجماعِ؛ لأنَّ إلمامَهُ بأهلهِ صحيحٌ، وأنَّهُ يَمْنَعُ التَّمَتُّع] اهـ.

وقال الإمام الطحاوي الحنفي في "مختصر اختلاف العلماء" (2/ 166، ط. دار البشائر): [قَالَ الْحسن بن صَالح: فوجدناهم لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الكُوفِي إِذا قدم بِعُمْرَة فِي أشهر الحجِّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله، ثمَّ حجَّ مِنْ عَامه ذَلِك: أَنَّهُ لَا يكونُ مُتَمَتِّعًا] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (8/ 345، ط. أوقاف المغرب): [فَإِنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَمَنْزِلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صِيَامَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا، إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ هَدْيٌ؛ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ، قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 174، ط. دار الفكر) في بيان شروط وجوب الهدي على المتمتع: [(والثاني): أن يحج من سنته، فأما إذا حج في سنة أخرى: لم يلزمه دم؛ لما روى سعيد بن المسيب قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتمرون في أشهُر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يُهدوا"، ولأن الدم إنما يجب لترك الإحرام بالحج من الميقات، وهذا لم يترك الإحرام بالحج من الميقات؛ فإنه إن أقام بمكة صارت مكة ميقاته، وإن رجع إلى بلده وعاد فقد أحرم من الميقات. (والثالث): أن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات، فأما إذا رجع لإحرام الحج إلى الميقات وأحرم فلا يلزمه دم؛ لأن الدم وجب بترك الميقات، وهذا لم يترك الميقات] اهـ.

وقال الإمام الخرقي الحنبلي في "مختصره" (ص: 61، ط. دار الصحابة): [ومن اعتمر في أشهر الحج، فطاف وسعى وحَلَّ، ثم أحرم بالحج من عامه، ولم يكن خرج من مكة إلى ما تقصر فيه الصلاة: فهو متمتع، وعليه دم] اهـ.

قال شمس الدين الزركشي الحنبلي في "شرحه عليه" (3/ 298، ط. دار العبيكان) في بيان شروط التمتع وذكر مسافة الخروج المعتبرة لانقطاعه: [ألَّا يخرج من مكة إلى ما تُقصر فيه الصلاة، فإن خرج إلى ما تُقصر فيه الصلاة: لم يكن متمتعًا؛ نص عليه أحمد، إلا أن لفظه: إن خرج من الحرم سفرًا تُقصر في مثله الصلاة، ثم رجع فحج: فليس بمتمتع. وبينه وبين كلام الخرقي فرق؛ إذ الخرقي اعتبر الخروج من مكة، وأحمد اعتبر الخروج من الحرم] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنك ما دمتَ قد أدَّيت مناسك العمرة في شهرِ شوال، وتحلَّلت منها، ثم عدت إلى مصر؛ فقد انقطع نُسُكُ التمتع في حقك، وبسفرك بعد ذلك إلى مكة المكرمة وأدائك فريضةَ الحج في نفس العام لا تكون متمتعًا، ولا هدي عليك في هذه الحالة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز الأكل من الهدي التطوعي غير دم التمتع والقران؟ فقد أدَّى والدي مناسك الحج، وقال له أحد أصدقائه: إنه يستحب له أن يذبح هديًا في رحلته إلى الحج، وأن يأكل منه، وبالفعل ذبحه وأكل منه، فهل ما فعله والدي صحيح؟


 ما حكم مَنْ ترك السعي في الحج أو العمرة، سواء كان الترك بعذرٍ أو بغير عذرٍ؟


ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟ فقد سألني بعض الأصدقاء أنَّه يعتاد وضع بعض أنواع الكريمات على جَسَده بعد الغُسْل، وبعضُ هذه الكريمات ذات رائحةٍ عِطْريةٍ، فهل يجوز له ذلك؟


ما حكم طواف من  طافت للإفاضة وبعد الانتهاء من طوافها رأت دم الحيض ولا تعرف وقت نزوله؟ مع العلم أنها قد عادت إلى بلدها ويتعذر عليها الرجوع إلى البيت الحرام والطواف مرة أخرى.


ما حكم السَّعي في المسعى الجديد الذي أنشأته الحكومة السعودية؛ بغرض توسعة مكان السعي بين الصفا والمروة، وما حكم الإقدام على هذه التوسعة ابتداءً، حيث يَذكر بعض الناس أن عَرض المسعى مُحَدَّدٌ معروف لا تجوز الزيادة عليه، وأن الزيادة عليه افتئات على الدين واستدراك على الشرع؟


هل يجزئ المرور بعرفة بالطائرة عن الوقوف بها؟ فأحدُ الحجاج أُصيبَ يوم عرفة قبل وقوفه بها بوَعْكَةٍ صحيَّةٍ شديدةٍ ومفاجئةٍ، استلزَمَت نَقلَه إلى إحدى الوحدات الطبية المتخصصة، ونظرًا لازدحام الطرقات، تم نَقلُه بإحدى طائرات الإخلاء الطبي، فمَرَّت به فوق أرض عرفة في وقت الوقوف، وكان واعيًا، فهل مروره على عرفة بالطائرة يُجزِئه عن الوقوف بها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :53
الشروق
6 :23
الظهر
11 : 40
العصر
2:37
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :18