حكم الشراء من ماكينات البيع الذاتي

تاريخ الفتوى: 13 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8321
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم الشراء من ماكينات البيع الذاتي

ما حكم الشراء من ماكينات البيع الذاتي؟ حيث تُخصِّص بعض المتاجر ماكينات للبيع الذاتي، وهي ماكينات مشتملةٌ على بعض السلع المعروضة مثل المشروبات الغازية، والعصائر، والأغذية المغلفة، وتُبرمَج على تمييز ثمن كلِّ سلعةٍ وعرضه عند اختيار المشتري لها، وإخراج تلك السلع للمشتري في الدرجِ المُعد لذلك بمجرد دفع الثمن بالطريقة المتاحة بها، سواء بوضع المال نفسه فيها أو خصمه مِن البطاقة البنكيَّة للمشتري، فهل الشراء مِن تلك الماكينات بتلك الصورة الخالية مِن التعامل مع البائع مطلقًا جائزٌ شرعًا؟

الشراء من "ماكينات البيع الذاتي" المذكور بيع وشراء -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وذلك على ما تقرَّر عند جمهور الفقهاء مِن جواز البيع بالمعاطاةِ، وأنَّ عدم وجود الصِّيغة القولية في المعاملة لا يؤثر عليها بالبطلان، ما دامت مقبولة عرفًا وجَرَت بها العادة، مع ضرورة مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا النوع مِن المعاملات وحيازة تلك الماكينات.

المحتويات

 

المقصود ب "ماكينات البيع الذَّاتي"

ماكينات البيع الذَّاتي بحسب ما تم توضيحه في السؤال وكما هو مشاهَدٌ في بعض المحِلات التجارية يتم ملؤها بالسلع والمعروضات، مع تخصيص أثمان تلك السلع مِن قِبَلِ مُلَّاكِها -الثابت لهم مطلقُ التَّصرف فيها وفق ما تقرره اللوائح والقوانين- أو مَن ينوب عنهم في ذلك العمل، وهي إحدى التطبيقات المعاصرة لإدخال الآلات والتقنيَّات في التعاملات الإنسانيَّة بقصد التيسير مع زيادة الدِّقَّة وسرعة الإنجاز.

وقد تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن البيع والشراء مِن المعاملات الجائزة متى استوفت أركانها وشروطها ولم يكن المبيع مما يَحرُم تناوله أو استعماله شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، فـ"هذا مِن عموم القرآن، والألف واللام للجنس لا للعهد؛ إذ لم يتقدم بيعٌ مذكورٌ يرجع إليه.. مُخَصَّصٌ بِما ذَكَرنَاه مِن الرِّبَا وغير ذلك مما نُهِي عنه ومُنِعَ العقد عليه"، كما قال الإمام شمس الدين القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 356، ط. دار الشعب).

ومِن تلك الأركان باتفاق الفقهاء رُكنُ الصِّيغة مِن إيجابٍ وقبولٍ، بحيث لو فُقِدت لم يسمَّى بيعًا بل غَصبًا، كما في "البحر الرائق" للإمام زَينِ الدِّين ابن نُجَيم الحنفي (5/ 278، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (4/ 228، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 338، ط. المكتب الإسلامي)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 5، ط. عالم الكتب).

حكم الشراء من ماكينات البيع الذاتي

الصِّيغة هي الأمارة الدالة على الرِّضا المطلوب حصولُه شرعًا مِن المتبايِعَين، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].

وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الأئمة: عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن ماجه في "سننه" واللفظ له، وابن حِبَّان في "صحيحه".

قال الإمام شهاب الدين الزِّنْجَانِي في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل الذي تُبْنَى عليه العقود المالية مِن المعاملات الجارية بين العباد: اتِّباع التَّرَاضي.. غير أنَّ حقيقة الرضا لَمَّا كانت أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا، اقتضت الحكمةُ رَدَّ الخلق إلى مَرَدٍّ كُلِّيٍّ وضابِطٍ جَلِيٍّ يُستَدَلُّ به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدَّالَّان على رضا العاقدين] اهـ.

والصيغة قد تكون قوليَّة وهو الأصل، وقد تكون فعليَّة خاليةً مِن التلفظ بالإيجاب والقبول، فيعطي البائعُ السلعةَ للمشتري ويأخذ منه الثمن، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بـ"بيع المعاطاة" أو التعاطي.

والشراء مِن ماكينات البيع الذاتي يندرجُ تحت هذا النوع مِن البيوع، حيث يقوم عَرْضُ البائع لسلعتِه والثَّمنِ الذي ارتضاه لها بواسطة الماكينة المذكورة، مقامَ الإيجاب الفعلي منه والإعطاء، ودفعُ المشتري للثمن مع قبض السلعة مِن الماكينة هو قبولٌ فعليٌ منه وافَقَ إيجابًا صحيحًا مِن البائع فتحقَّق الرِّضا وانعقد البيعُ.

والبيع بهذا النَّسَق الخالي عن الصيغة قد أجازه جماهير الفقهاء مِن الحنفية، والمالكية، وبعض الشافعيَّة كالإمام ابن سُرَيْجٍ وقال: "وَهذَا هُوَ المُختَار لِلفَتوَى"، والحنابلة؛ لأنَّ المقصود هو تحقُّق الرِّضا بين المتعاقدين وقد حصل بالمعاطاة على ما جَرَت به العادة في مثل تلك البيوع، فيقع العقدُ لازمًا بتمام المعاطاةِ وقَبضِ كلٍّ مِن البائع والمشتري ما تملَّكه بالعقد مِن الثمنَ، أو السلعة، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين الحنفي (4/ 513، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي (3/ 3، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام الدُّسُوقِي")، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (9/ 163، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 481، ط. مكتبة القاهرة).

والمشاهَد أنَّه قد جَرَت العادةُ بين الناس على قبول تلك الطريقة في القبض والمعاطاة بينهم بواسطة تلك الماكينات أو بدونها، ولم ينكرها أحدٌ، مع كونها لا يترتب عليها نزاعٌ.

كما أن التقابض الذي يلزم به البيعُ متحققٌ في صورة الشراء مِن ماكينات البيع الذاتي، فقَبْض السلعةِ قبضًا حقيقيًّا أمرٌ ظاهرٌ ومعلومٌ، وأمَّا إقباض الثمن للبائع فإن كان بإيداعِ عينِ المال فيها فظاهرٌ كذلك، حيث إن الماكينة بما فيها مِلكٌ للبائع، فتعتبر حِرْزًا له في حِفظ تلك الأثمان المودَعةِ بها، والقبضُ الحقيقيُّ ما هو إلا حيازةُ الشيء والتمكنُ منه، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (5/ 148، ط. دار الكتب العلمية)، و"القوانين الفقهية" للعلامة ابن جُزَي المالكي (ص: 533، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (9/ 275، ط. دار الفكر)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (2/ 19، ط. دار الكتب العلمية).

وإن كان دفع الثمن في تلك الماكينة عن طريق بطاقات الخصم المباشر ونحوها، فإنه قد تقرَّر أنَّ ذلك النوع مِن الإقباض يحصل به القبض الحقيقي؛ حيث إنه يُحقِّق المعنى العام للقبض الحقيقي وهو النقل مِن حيازة وملكيَّة الدَّافع إلى حيازة وملكيَّة القابض، وهو ما يختلف باختلاف طبيعة المال المقبوض، فقَبْض كلِّ شيءٍ بحسبه، والضابط في ذلك هو العادةُ والعرف، كما في "بدائع الصنائع" للإمام عَلَاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 141)، و"عقد الجواهر الثمينة" للإمام ابن شَاس المالكي (2/ 725، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 518)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (4/ 85).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الشراء مما يُسمَّى بـ"ماكينات البيع الذاتي" المذكور وصفُ التعامل مِن خلالها بيعًا وشراءً -جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، وذلك على ما تقرَّر عند جمهور الفقهاء مِن جواز البيع بالمعاطاةِ، وأنَّ عدم وجود الصِّيغة القولية في المعاملة لا يؤثر عليها بالبطلان، ما دامت مقبولة عرفًا وجَرَت بها العادة، مع ضرورة مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا النوع مِن المعاملات وحيازة تلك الماكينات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم البيع والشراء من نفس الطرفين في مجلس واحد؟ حيث وجد تاجر يرغب في زيادة استثمار أمواله، وتوسعة نشاط تجارته في الأسواق، بأن يشتري الذهب مِن مالِكِيه بثمن حالٍّ، وقبل أن ينقدهم ثمنَه يتفق معهم على أن يبيعَه لهم بثمن مؤجل مع زيادة في الثمن، بحيث إنه إن اتَّفَقَ مع العميل على الثمن في البَيعَتَين، فإنه يَخصِمُ أولَ قِسط مِن ثمن البَيعَة الثانية (وهي شراء العميل منه بالتقسيط) ويعطيه باقي ثمن البَيعَة الأُولى (وهي شراؤه من العميل)، فإن لم يرض مالِكُ الذهب بشرائه منه مرةً أخرى بالأجل لم يشتره منه التاجرُ ابتداءً، فهل تصح هذه المعاملة شرعًا؟


قام والدي بعرض قطعة أرض يمتلكها للبيع، فأتى مشترٍ واتفقنا على أن نبيع له وقرأنا الفاتحة، ثم جاء في اليوم الثاني هذا الشخص بمشترٍ آخر غيره يصحبه ليعرض عليه الأرض، وفي اليوم الثالث جاء بمشترٍ آخر غيره وغير السابق فعرفنا أنه سمسار، وأخبره والدي وأخي بأن الفاتحة منقوضة وغير سارية، والبيع غير منعقد إذا لم يدفع العربون، فذهب ولم يحضر عربونًا، ثم جاء مشترٍ آخر غير السابقين واتفق معنا على البيع ودفع عربونًا وتم التوقيع على عقد البيع مع وجود شرط جزائي قيمته مائة ألف جنيه وذلك في مجلس واحد. فهل المشتري الأول له الحق في العين المباعة؟ وما صحة العقد في البيع الثاني؟ وهل علينا تَبِعات في الفاتحة التي قرأناها في البيع الأول الذي أُخبر الشخص الأول بفسخه من جانب البائع إذا لم يحضر ماله؟


 ما حكم الرجوع فيما تم شراؤه منذ مدة للاستفادة بانخفاض سعره؟ فقد اشترى رجلٌ ثلاجة من أحد المعارض، وفي اليوم التالي وجد تخفيضًا على مثيلتها في المعرض، ويريد أن يرجعها بسعرها الذي اشتراها به ليشتريها مرة أخرى بسعرها المنخفض، فهل هذا جائزٌ شرعًا؟

علمًا أنه قد جاء في بنود سياسة الاستبدال والإرجاع لهذا المنتج ما يلي:

في حالة رغبة العميل في استبدال أو استرجاع المنتج رغم عدم وجود عيب صناعة به خلال مدة الـ 14 يومًا من تاريخ استلام المنتج يراعى الآتي:

1- فى حالة أنه لم يتم فتح كرتونة الجهاز أو استخدمه والجهاز مازال بحالته الأصلية: طبقاً لنص المادة 17 من قانون حماية المستهلك، يحق للمستهلك طلب استبدال أو استرداد قيمة المنتج خلال 14 يومًا من تاريخ استلام المنتج، وذلك إذا لم يكن الجهاز به عيب صناعة، ولكن بشرط أن يكون بالحالة التى كانت عليها السلعة عند التعاقد (أي لم يتم فتحها أو استخدامها).

2- في حالة قيام العميل بفتح كرتونة الجهاز: طبقاً لنص المادة 17 فقرة 2 من قانون حماية المستهلك لايحق للمستهلك استبدال الجهاز أو استرجاعه في حالة فتح كرتونة الجهاز أو استخدام الجهاز في الحالات التالية: أ- إذا كانت طبيعة السلعة أو خصائصها أو طريقة تعبئتها أو تغليفها تحول دون استبدالها أو ردها أو يستحيل معها إعادتها للحالة التى كانت عليها وقت التعاقد.

ب- إذا لم تكن بذات الحالة التى كانت عليها وقت البيع بسبب يرجع إلى المستهلك.

واستثناءً من نص هذه المادة يتم استبدال المنتج مع تحصيل رد فرق السعر بين الموديلات إن وجد أو استرجاع الجهاز للعميل ورد قيمته ولكن بعد خصم (5%) تغليف من إجمالي قيمة الجهاز.


ما حكم بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها؟ فرجلٌ اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه احتاج إلى بيعِها قبل دخول وقت الأضحية، فهل يجوز له بيعها قبل ذبحها للحاجةِ إلى ثمنها؟ علمًا بأنه لم يَنذُرها ولم يوجبها على نفسه بأي لفظٍ أو نية.


ما حكم التجارة في الملابس النسائية؟ فأنا أتاجر في الملابس النسائية (بناطيل جينز)، واعترض عليّ بعض الناس أنَّ ما أتاجر فيه حرامٌ شرعًا، فهل المتاجرة في الملابس النسائية كلها حرامٌ شرعًا أو لا؟


ما حكم الاحتكار وتضليل البائعين في أسعار السلع واستغلال الأحوال الاقتصادية؛ حيث يقول السائل: في ظِلِّ الظَّرْف الاقتصادي الذي تَمُرُّ به بلادنا يحتكر بعض التجار السلع، ويُضَلِّلون في أسعارها، ويبيعونها بضعف السعر؛ ويُبرِّرون ذلك بأنهم يتَصدَّقون بالزيادة في السعر على الفقراء؛ فنرجو موافاتنا بالحكم الشرعي لهذا الفعل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :53
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 31
العشاء
7 :48