ما حكم بيع شعر الآدمي؛ فقد ظهر في الآونة الأخيرة عن طريق عددٍ من المواقع الإلكترونية والشركات والمحلَّاتِ التجارية عروضٌ لشراء وبيع الشعر الآدمي بمواصفاتٍ معينةٍ على حسب طوله وكثافته ولونه وغير ذلك من المواصفات المطلوبة كل حسب سعره. فما حكم الشرع في ذلك؟
الالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.
المحتويات
لما كان الإنسان هو المستخلف في هذا الوجود كان لا بد من وضع منهجٍ له يسير عليه في حياته لتحقيق خلافته الشرعية عن الله في هذه الحياة، ولا يُترك لنفسه وهواه، فأحاطه الله بسياجِ العقلِ الذي ميزه به عن سائر المخلوقات، وعن طريقه يعرف الخيرَ من الشر والنافعَ من الضار، وأرسل إليه الرسل بالشرائع السماوية التي تنظِّمُ علاقةَ الإنسان بربِّهِ وعلاقته بنفسه وببني جنسِه، واختتمت الشرائع والرسالات السماوية كلها بدين الإسلام وشريعته الغرَّاء الذي كملت به الشرائع والأديان الإلهية السابقة، وارتضاه اللهُ للناس مكمِّلًا ومُتَمِّمًا لما سبقه من شرائع وأديان ومهيمنًا عليها؛ كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48]، ولهذا كانت نصوصُ وقواعدُ ومبادئُ الشريعة الإسلامية كلياتٍ صالحةً للتطبيق العملي في كل زمانٍ ومكانٍ حتى يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها.
ولهذه المكانة الرفيعة للإنسان كَرَّمه اللهُ سبحانه وتعالى بأنواع التكريم فجعله نَفيسًا غيرَ مبذول؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً؛ فلا يجوز التصرف فيه بما يسوؤه أو يرديه ولو كان التصرف من صاحب الجسدِ نفسِه، ومن هنا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح وإتلافَ البدن إلا بالحقِّ؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195]، حتى نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن التصرف بما يُلمَحُ منه معنى الدونية؛ فقال: فيما رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابرٍ رضي الله عنه: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ، فَلَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، وَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرَّمَ».
من مقتضيات تكريمِ الإنسانِ واحترامِ بنيانِ جسدِهِ حُرمةُ بيع جزءٍ منه أو عضوٍ من أعضائه، ويشمل ذلك الشَّعرَ عند جمهور الفقهاء، وذكروا في ذلك عدة معانٍ؛ منها:
- أولًا: أن بيع الإنسان شَعرَهُ الذي هو جزءٌ منه ينافي تكريم الله تعالى له، فليس الإنسان سلعةً تباع وتشترى، وشعر الإنسان جزءٌ محترمٌ من خلقته؛ سواء في ذلك المقصوص أو المتساقط؛ قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(ولا يجوز بيع شعور الإنسان..) لأن الآدميَّ مكرمٌ لا مبتذلٌ فلا يجوز أن يكون شيءٌ مِن أجزائه مُهانًا ومُبتذلًا] اهـ. قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (1/ 429، ط. دار الكتب العلمية) معلقًا: [(ولنا: أن عدم الانتفاع به والبيع لكرامته) ش: أي لأجل كرامته؛ لأن الآدميَّ مكرمٌ بالنص، والضميرُ في (به) يرجع إلى الشعر، وفي (كرامته) يجوز أن يرجع إلى الشعر أيضًا، ولكونه مكرمًا بكرامة صاحبه] اهـ.
وقال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(قوله: ولا يجوز بيع شعر الإنسان) مع قولنا بطهارته (..لأن الآدمي مكرمٌ غير مبتذلٍ؛ فلا يجوز أن يكون شيءٌ من أجزائه مهانًا ومبتذلًا) وفي بيعه إهانة] اهـ.
وقال الإمام أبو الحسن العدوي المالكي [ت: 1189هـ] في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ.
والكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ رضي الله عنه حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم -انظر: "الكافي" (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية، بيروت)-، وهو ما رجّحه الإمامُ محمد الأمير في حاشيته "ضوء الشموع على شرح المجموع" (1/ 91-92، ط. المكتبة الأزهرية للتراث)؛ حيث لم يتحقق في الشعر كونه مالًا معتدًّا به شرعًا ولو كان شعرَ رقيقٍ؛ فقال معلقًا على متن "المجموع" على قوله: (فكأنه استبعد تَمَوُّلَهُ) بعد أن ذكر عن الإمام مالكٍ كراهةَ بيع الشعر: [أتى بالكأنية ولم يجزم بعدم المالية -فإن الآدميَّ الحرَّ لا يُباعُ منه شيءٌ- ليشمل شعر الأرقاء، وهذا يقتضي أن الكراهة للتحريم؛ حيث لم تتحقق فيه ماليةٌ معتدٌّ بها] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شعر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي احترامه] اهـ.
وما حرم استعماله والانتفاع به حرم التعامل فيه بيعًا وشراءً.
- ثانيًا: أن من شروط البيع الصحيح أن يكون البائع مالكًا لما يبيع، وشعر الإنسان ليس ملكًا له؛ فلا يؤذَن له في بيعه ولا أن يُعَاوض عليه، فإن باعه كان بيعه داخلًا في "بيع ما لا يملك".
القول بحرمة بيع الشعر لا يعارض فتوى جوازِ التبرعِ بالشعر لمرضى السرطان المبتَلَين بسقوط شعرهم جرّاء العلاج الكيماوي؛ فهذا الجواز إنما هو على سبيل الإذن بالانتفاع لحاجةٍ معتبرةٍ شرعًا؛ هي المساعدة في تخفيف الضرر النفسي الواقع عليهم من سقوط شعورهم جَرَّاء العلاج الكيماوي.
على ذلك وفي واقعة السؤال: فالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء؟ فقد اشترى مجموعةٌ من الأفراد ماكينة رَيٍّ على المشاع لِسَقْيِ المحاصيل الزراعية، وبعد فترة بَاعَها أحدُ الشركاء بدون إذن الآخَرين، فما حكم هذا البيع شرعًا؟
ما حكم التجارة في أجهزة التلفاز داخل مصر، وكما تعلمون الغالب على مادة التلفاز الآن ليست من الخير النافع بل على العكس من ذلك. فهل هذا من التعاون على الإثم؟
ما حكم زيادة البائع على السعر الذي اشترى به على الرغم من الاتفاق على عدم الزيادة؟ فهناك رجلٌ اشترى بهيمةً مِن السُّوق، وبعد شرائها بوقت قليل وقبل أن ينفضَّ السوقُ احتاج إلى المال، فعَرَضَها للبيع، فأقبَلَ عليه شخصٌ غيرُ الذي ابتاعَها منه ليشتريها منه، واتفَقَ معه على أنه سيبيعُها له بالثمن الذي اشتراها به مِن غير زيادة عليه، وأخبره بهذا الثمن، فوافَقَ المشتري على ذلك، وأعطاه الثمن الذي أخبره به، وأخذ البهيمة، وقبل أن يَنْفَضَّ السُّوقُ عَلِمَ هذا المشتري أن الثمن الذي اشترى به البهيمةَ أكثرُ مِن الثمن الذي اشتُرِيَت به، فاستحلَفَ ذلك الرجلَ، فأقرَّ بأنه قد زاد عليه في الثمن، لكن تَمَسَّك في الوقت ذاته بأن المشتريَ قد رَضِيَ بالثمن الذي أخبره به. والسؤال: هل للمشتري المذكور بعد تمام البيع أن يَستَرِدَّ الزيادة التي زادها عليه هذا الرجلُ (البائعُ) في ثمن البهيمة المذكورة؟
ما حكم الرجوع في البيع لعدم سداد باقي الثمن؟ حيث أن جمعية زراعية خصَّصت للسائل مساحةَ أرض زراعية مقدارها عشرون فدانًا، ومساحة أخرى للبناء ومقدارها سبعمائة وثمانية وعشرون مترًا مربعًا وذلك سنة 1978م، وقد باعها السائلُ لإحدى السيدات سنة 1983م مقابل مبلغ قدره ثلاثون ألف جنيه قامت بسدادها المشترية كاملة، وقامت بالتوقيع على العقد بحضور زوجها، وضمن نصوص العقد المحرر بينهما أنه على المشترية الالتزام بالتقدم للجمعية لاستكمال إجراءات تثبيت الملكية وكذلك سداد الأقساط التي تطالب بها الجمعية، إلا أنه فوجئ باستمرار الجمعية في مخاطبته كمالكٍ ومطالبته بالأقساط المتأخرة حتى بلغت اثني عشر ألفًا وثمانمائة وثلاثين جنيهًا، ثم تسلم إنذارًا من الجمعية أخيرًا بسداد المبلغ المتبقي وإلا اعتبر العقد مفسوخًا مع الالتجاء إلى القضاء، علمًا بأن المشترية قد اختفت.
والسؤال الذي يطرحه السائل: هل يقع عليَّ ذنبٌ لو تصرفت ببيع الأرض لسداد مستحقات الجمعية واسترداد ما سبق سداده إلى الجمعية قبل البيع والاحتفاظ للمشترية بالمبلغ الذي سبق لها سداده عند الشراء وهو الثلاثون ألفًا يضاف إليها قيمة الأرباح المستحقة طول الفترة السابقة، أم أترك الأرض بصورتها الصحراوية للجمعية وأنهي العلاقة معها دون مسؤولية أدبية من جانبي عن ضياع أموال المشترية؟
ما حكم عدم التزام الصيدلي بشراء الدواء من غير الشركة المنتجة له بالسعر المحدد؟ فأنا أعمل صيدليًّا، وفي بعض الأحيان يأتي إليَّ شخص ببعض الأدوية كي يبيعها لي كان قد اشتراها لعلاجه ثم فاضت عن حاجته، فإن اشتريت الدواء منه بسعره المدوَّن من قِبل الشركة للبيع للجمهور فلن أربحَ شيئًا، فهل يجوز لي أن أشتري هذا الدواء منه بسعر أقل من السعر المدوَّن حتى أحقق ربحًا؟
سائل يقول: اشتريت من أخي قطعة أرض تابعة لجمعية العاملين بهيئة معينة، ودفعت له الثمن، وأخي كان قد اشترى الأرض من شقيق زوجته، وتمَّ تحرير العقد مع المالك الأول الذي يعمل بالهيئة، وعند مطالبة الأرض تم رفض الاعتراف بهذا العقد، لأن لائحة الجمعية تنصُّ على أنَّ الأرض للعاملين بها، ولا يجوز بيعها للآخرين، وقد حاولت استرداد ما دفعته دون جدوى.
وسؤالي: ممَّن أطلب مالي الذي دفعته؟ وما رأي الشرع فيمَن يمتنع عن ردّ مالي ممَّن يثبت في حقه أنه مطالبٌ بالسداد؟