ما حكم الشك في عدد مرات الطواف لمن عادته الشك؟ فقد حجَّ رجلٌ، وهو دائم الشك، وأثناء طوافه بالبيت الحرام شَكَّ في عدد ما أدَّى مِن أشواط الطواف هل طاف ثلاثًا أو أربعًا، فماذا عليه أن يفعل لتكملة أشواط الطواف سبعًا؟
إذا شَكَّ الطائفُ ببيت الله الحرام في عدد الأشواط التي أدَّاها مِن هذا الطواف، وكان الشَّكُّ مِن عادته وملازمًا له لمرضٍ أو نحوه، فإنه يَبني على الأكثر، بحيث لو شَكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتمد الأربعة، وطاف عليها ثلاثة أشواط تكملة للسبعة، أو يَعتَمِد على إخبار غيره له بالعدد الذي رأى أنه قد أدَّاه مِن الأشواط ولو كان شخصًا واحدًا ثِقَةً، ولا يختصُّ هذا الحُكم بطوافٍ دون طوافٍ، بل هو في أيِّ طوافٍ يؤدِّيه، سواء كان طوافًا واجبًا أو تطوُّعًا.
المحتويات
الطواف موضوعٌ لغةً لمعنًى معلوم لا شبهة فيه؛ وهو: الدوران حول البيت؛ كما قال شمس الأئمة السرخسي في "الأصول" (1/ 138، ط. دار المعرفة).
وهو عبادةٌ مِن أَهَمِّ العبادات وأعظَمِها، وقربةٌ مِن أفضل القربات وأرفَعِها، وركنٌ في الحج والعُمرة فلا يَصِحَّان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا فيهما، وشعيرةٌ يثاب عليها المسلم في جميع حالاته، سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على جهة الندب والتطوُّع.
وقد شُرِعَ الطواف بعموم قول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا» أخرجه الشيخان.
ويبتدئ الحاجُّ طوافَه مِن الركن الذي فيه الحَجَر الأسود، فيستقبله، ويستلمه، ويُقَبِّله -إن لم يُؤْذِ الناسَ بالمزاحمة-، ويحاذي بجميع بَدَنه الحَجَر، ثم يبتدئ طوافَه جاعِلًا يَسَارَه إلى جهة البيت، فيدور بالبيت حتى ينتهي إلى ركن الحَجَر الأسود، وهو المكان الذي بدأ منه طوافَه، فيَتِم له بذلك شَوْطٌ واحدٌ، ثم يكرِّر فِعل ذلك حتى يتمم سبعة أشواط.
لَمَّا كان الإنسانُ مُعَرَّضًا للسهو والنسيان أو الخطأ، سواء في عدد أشواط الطواف أو في غير ذلك، فقد أجمع الفقهاء على أنه إذا نسي الطائفُ أو أخطأ في عَدِّ الأشواط أو شَكَّ في العدد الذي أدَّاه منها، وذلك على غير عادةٍ منه، بمعنى أن الشَّكَّ غيرُ ملازِمٍ له ولكن عَرَض له مِن غير أن يكون مصابًا بالوسواس المَرَضِيِّ، وكان شَكُّهُ هذا في أثناء الطواف، فإن عليه في هذه الحالة أن يبني على اليقين وهو الأقل، فلو شكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتَبَر الثلاثة، وأكمل عليها أربعة أشواط تمامًا للسبعة، وهكذا. ينظر: "الإشراف" (3/ 281، ط. مكتبة مكة الثقافية) و"الإجماع" (ص: 55، ط. دار المسلم) كلاهما للإمام ابن المُنْذِر، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 268، ط. الفاروق الحديثة).
أما إذا كان الطائفُ دائمَ الشَّكِّ -كما هي مسألتنا-، وهو ما يُعرَف بـ"المُسْتَنْكَح" عند فقهاء المالكية، ويختلف عن غيره بأنه يَدخُلُه الشَّكُّ كثيرًا، وذلك بأنْ يَطْرَأَ له مع كلِّ وضوءٍ أو عند كلِّ صلاةٍ، أو يَطْرَأ له ذلك الشَّكُّ في اليوم مرةً أو مرتين؛ كما في "مواهب الجليل" لشمس الدين الحَطَّاب (2/ 20، ط. دار الفكر)، فالمختار للفتوى: أنه يبني على الأكثر، فلو شَكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتَبَر الأربعة، وبَنَى عليها ثلاثة أشواط تمامًا للسبعة، أو يَعْتَدُّ بإخبار غيره له بعدد الأشواط الذي رآه قد أدَّاها ولو كان شخصًا واحدًا موثوقًا به، ولا يختصُّ هذا الحُكم بطوافٍ واجبٍ أو غيرِه، وهو مذهب المالكية.
قال العلامة الخَرَشِي في "شرح مختصر خليل" (2/ 316، ط. دار الفكر): [(ص) وعلى الأقل إنْ شَكَّ (ش) معطوفٌ على المعنى، أي: يبني على ما طاف قبل رُعَافِهِ أو عِلْمِهِ بالنجاسة، وعلى الأقل أي: المحقق إنْ شَكَّ في عدد الأشواط ما لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا] اهـ.
وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 531، ط. دار الفكر): [(قوله: إذا شَكَّ في الطواف بَنَى على الأقل) ما لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا حيث كان عدلًا] اهـ.
وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير في "الشرح الكبير" (2/ 33، دار الفكر): [(و) بَنَى (على الأقل إنْ شَكَّ) في عدد الأشواط إن لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا] اهـ.
بناءً على ذلك: فإذا شَكَّ الطائفُ ببيت الله الحرام في عدد الأشواط التي أدَّاها مِن هذا الطواف، وكان الشَّكُّ مِن عادته وملازمًا له لمرضٍ أو نحوه، فإنه يَبني على الأكثر، بحيث لو شَكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتمد الأربعة، وطاف عليها ثلاثة أشواط تكملة للسبعة، أو يَعتَمِد على إخبار غيره له بالعدد الذي رأى أنه قد أدَّاه مِن الأشواط ولو كان شخصًا واحدًا ثِقَةً، ولا يختصُّ هذا الحُكم بطوافٍ دون طوافٍ، بل هو في أيِّ طوافٍ يؤدِّيه، سواء كان طوافًا واجبًا أو تطوُّعًا.
وفي واقعة السؤال: على الحاج المذكور أن يَبني على الأكثر، بأن يطوف ثلاثة أشواط تكملةً للسبعة، ويَتم بذلك طوافُه، ولا حرج عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ما تم دفعه من ثمن الأضحية التي ماتت قبل استلامها من البائع؟ فقد اشتريت بهيمة للأضحية من أحد تجار المواشي وعاينتُها، ودفعتُ أكثر ثمنها بناءً على وزنها مبدئيًّا وقت المعاينة، مع الاتفاق على أنها في ضمان البائع حتى موعد تسليمها المتفق عليه بيننا وهو يوم العيد؛ حيث يتم الوزن حينئذ ودفع باقي الثمن الذي يتحدد بناءً على هذا الوزن النهائي، وتراضينا على ذلك، وبعد يومين ماتت هذه البهيمة، وأرجع لي التاجر المبلغ الذي كنت قد دفعته له. وسؤالي حتى لا أقع في الإثم: هل يجب عليَّ شيءٌ تجاه البائع؟ وهل يحصل لي ثواب الأضحية في هذه الحالة؟
ما حكم استلام الحجر الأسود باليد بالنسبة للمُحرِم عند الطواف؟ وماذا يفعل عند عدم المقدرة والتَّمكُّن من فعل ذلك؟
ما حكم الإحرام من التنعيم للعمرة الثانية؟ حيث إنه قد عزم رجلٌ على السفر لأداء العمرة، وحسب برنامج الرحلة ستكون إقامته في مكة لمدة أسبوع، ويريد أن يعتمر أكثر مِن مرة خلال هذا الأسبوع، فهل يجوز له أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، أو يجب عليه الرجوع لميقات بلده؟
ما حكم الحج عن مُتَوفًّى والعمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدة؟ فأنا أريد أن أعرف الحكم الشرعي فيمَن سَافر إلى الحَجِّ، ونوى عمرةً عن أُمِّه الـمُتوفَّاة، وحَجَّة لأبيه الـمُتَوفَّى، والعام الثاني يعكس، أي: يحج لأمِّه الـمُتوفَّاة، ويعتمر لأبيه الـمُتَوفَّى. فهل يجوز ذلك؟
ما حكم الإحرام قبل الميقات؟ فأنا سافرت إلى الحجّ هذا العام، وخَشيتُ أن لا أنتَبِهَ للميقات أو يفوتني وأنا في الطائرة، فأَحْرَمْتُ من المطار، فهل إحرامي هذا صحيحٌ؟
هل يجب أن تُجمع الحصيات لرمي الجمار من مزدلفة؟