ما حكم إخراج زكاة الفطر عن الابن الكبير الموسر؟ فقد اعتدتُ إخراج زكاة الفطر عن نفسي وزوجتي وجميع أبنائي، ولي ابنٌ كبيرٌ يعمل وله مالٌ ولله الحمد؛ فهل يجوز لي شرعًا إخراج زكاة الفطر عنه مع كونه قادرًا على إخراجها عن نفسه ويجزئ ذلك عنه؟تجب زكاة الفطر على المسلم إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَأَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه.
تجب زكاة الفطر على المسلم إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَأَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه.
المحتويات
زكاة الفطر: هي مقدارٌ مُتَقَوَّمٌ مِن المال يَجِبُ على المسلم إخراجه بإتمامه شهر رمضان المبارك؛ صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، وقد قدَّرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصاع مِن تمر، أو شعير، أو قُوتِ البلد، وهو ما مقداره (2.04) كجم -على مذهب الجمهور وهو المختار للفتوى-، على كُلِّ نَفْسٍ من المسلمين؛ كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ» متفق عليه. وفي رواية أخرى: «عَلَى الْعَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد نقل الإجماعَ على وجوبها غيرُ واحد من الأئمة؛ كالإمام ابن المنذر في "الإشراف" (3/ 61، ط. مكتبة مكة)، والإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 79، ط. مكتبة القاهرة)، والحافظ وَلِيُّ الدين العراقي في "طرح التثريب" (4/ 46، ط. المطبعة المصرية القديمة).
والحكمة مِن مشروعيتها: التزكية للصائم، والطُّهرة له، وجَبْر نُقصان ثواب الصيام، والرِّفق بالفقراء، وإغناؤهم عن السؤال في مناسبة العيد، وجَبْر خواطرهم، وإدخال السُّرور عليهم في يومٍ يُسَرُّ فيه المسلمون؛ كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ» أخرجه الأئمة: أبو داود وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في زكاة الفطر: «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ» أخرجه الإمام الدارقطني في "السنن"، وفي رواية: «أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» أخرجه الأئمة: ابن وهب في "جامعه"، وابن زنجويه في "الأموال"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
قال شمس الدين الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (2/ 365، ط. دار الفكر): [حكمة مشروعيتها: الرفق بالفقراء في إغنائهم عن السؤال يوم الفطر] اهـ.
أجمع أهل العلم على أن زكاة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه؛ كما قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 47، ط. دار المسلم)، والإمام ابن القَطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 218، ط. الفاروق الحديثة)، والإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 41، ط. دار الحديث).
فإذا اعتاد الأبُ إخراج زكاة الفطر عن ابنه الكبير القادر على إخراجها عن نفسه -كما هي مسألتنا-؛ سواء كان معه في معيشة واحدة أو مستقلًّا عنه: جاز له ذلك شرعًا على جهة التبرع والإكرام، لا على جهة الوجوب والالتزام، لكن اختلف الفقهاء في اشتراط إعلامه أو استئذانه عند إخراجها عنه، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى اشتراط ذلك، وذهب الحنفية إلى عدم اشتراطه؛ لوجود الإذن من الابن لأبيه عادةً، ولا فرق في ذلك بين المتزوج منهم وغير المتزوج، ولا بين مَن يُقيم معه ومَن لا يُقيم، ما دام ذلك باختيار الأب ورضاه.
قال الإمام المَرْغِينَانِيُّ الحنفي في "الهداية" (1/ 113، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا عن أولاده الكبار وإن كانوا في عياله)؛ لانعدام الولاية، ولو أدَّى عنهم.. بغير أمرهم أجزَأَه استحسانًا؛ لثبوت الإذن عادةً] اهـ.
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص:724، ط. دار الكتب العلمية) في الرجل يخرج زكاة الفطر عن ابنه الكبير: [ولو أدَّى عنه بغير إذنه، فالقياس عدم الإجزاء كالزكاة، وفي الاستحسان الإجزاء؛ لثبوت الإذن عادة] اهـ.
وقال العلامة الخَرَشِيُّ المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 230، ط. دار الفكر): [يُخْرِج الأبُ عن ابنه وإن لم يُعلِمه بها إنْ صَغُرَ، فإن بلغ -أي: قادرًا- فلا بد مِن إعلامه؛ لأنه لا بد في الزكاة مِن النية على المذهب، قاله ابن فرحون، وإعلامه قائم مقامها] اهـ.
وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 513، ط. دار الفكر): [وإن أخرج عنه فلا بد من إعلامه؛ لأنه لا بد في الزكاة من النية، وإعلامه قائم مقامها، بخلاف الصغير أو مَن في حكمه، فيُخرج عنه وإن لم يُعلِمه] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (3/ 360، ط. دار الكتب العلمية): [البالغ لَمَّا وجبت نفقته في ماله وجبت زكاة فطره في ماله.. فإذا ثبت أنها في أموالهم؛ فإنْ تطوَّع الأب فأخرجها عنهم من ماله: أجزأ، وكان متطوعًا بها] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 136، ط. دار الفكر) في إخراج زكاة الفطر عن الابن الكبير: [ولو كان كبيرًا رشيدًا لم يَجُز إلا بإذنه؛ لأنه لا يستقل بتمليكه] اهـ.
وقال الإمام تقي الدين الحِصْنِيُّ الشافعي في "كفاية الأخيار" (ص: 189، ط. دار الخير): [لا يُخرِج عنه إلا بإذنه كالأجنبي] اهـ.
وقال شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (4/ 225، ط. مؤسسة الرسالة): [ومن أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ، وإلا فلا، قال أبو بكر الآجُرِّيُّ: هذا قول فقهاء المسلمين] اهـ.
وقال أبو السعادات البُهُوتِيُّ الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 251، ط. دار الكتب العلمية): [وإن أخرج مَن يصح تبرُّعه عمن لا تلزمه فطرته كأجنبي بإذنه أجزأ إخراجه عنه، وإلا فلا، قال الآجري: هذا قول فقهاء المسلمين] اهـ. والابن الكبير الموسر لا تلزم الأبَ نفقتُه؛ كما في "كشاف القناع" لأبي السعادات البُهُوتِيِّ (5/ 482)، و"مطالب أولي النهى" للعلامة الرحيباني (5/ 643، ط. المكتب الإسلامي).
بناءً على ذلك: فإن زكاة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه؛ كما سبق بيانه.
وفي واقعة السؤال: يجوز لكَ إخراج زكاة الفطر عن ابنك الكبير مع كونه قادرًا على إخراجها عن نفسه، ويجزئ عنه ذلك شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
على من تجب صدقة الفطر؟ ومن هم الذين يستحقون صدقة الفطر؟
ما حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه؟ حيث يوجد شخص يعمل في معمل لتصنيع الملح ويستنشق غبار الملح وهو صائم رغمًا عنه، فما الحكم في ذلك؟ وهل يفسُد صيامه؟
ما حكم الخلوة بين المرأة والمطلِّق أثناء فترة العدة؟ فقد طَلَّق زوجٌ زوجتَه طلاقًا بائنًا، وعنده منها طفلٌ رضيعٌ يريد رؤيته، فهل يجوز التواجد معها في المنزل لرؤية طفله، أو يشترط وجود مَحْرَمٍ؟
ما حكم بناء منازل الأيتام أو ترميمها من الصدقة الجارية؟ حيث رغب بعض المتبرعين من دولة الكويت في بناء منازل أو ترميم منازل لبعض أسر الأيتام المكفولين لدى المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة. والمطلوب الإفادة حول كون هذه الأعمال من الصدقات الجارية أم لا؟
ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.
ما حكم الصلاة والسلام على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهيئة جماعية بين الركعات في صلاة التراويح؟