بيان معنى حديث: «من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»

تاريخ الفتوى: 12 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8239
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: السمعيات
بيان معنى حديث: «من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان»

ما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ»؟

معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» أنَّ كل من كان من أهل الصيام -دعي من باب الصيام المسمى بـ"باب الريان"؛ جزاءً وإكرامًا لهم، ولمَّا تحمَّلوا مِن تعبِ العطش في صيامهم في الدنيا خُصُّوا بباب فيه الرِّي والأمان من العطش قبل تمكنهم من الجنة والدخول في رضوان الله تعالى.

المحتويات

 

بيان فضل الصيام

الصيام له فضائل عظيمة، وآثار جليلة، أوضحتها نصوص الشرع الحنيف، منها: ما أعدَّه المولى عزَّ وجلَّ وكرَّم به الصائمين من تخصيص بابٍ من أبواب الجنة لهم، لا يُزاحمهم فيه غيرُهم، يسمَّى: "باب الريان"؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَة»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا"، قَالَ: «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» متفقٌ عليه.

وعن سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» متفقٌ عليه.

يتجلى من ذلك اختصاص المولى عزَّ وجلَّ الصائمين ببابٍ لا يزاحمهم فيه غيرهم، ولا يدخل منه سواهم، يسمى: باب الرَيَّان؛ بفتح الراء وتشديد التحتية: فَعْلان من "الرِّيِّ"، وترجع تسمية هذا الباب بـ "الريان": إمَّا لكونه اسم عَلَم للباب نفسه مختص للصائمين، وإمَّا بنفسه ريان؛ لكثرة الأنهار الجارية إليه، والأزهار والأثمار فيه، وإمَّا لكون مَن وصل إليه يزول عنه العطش قبل تمكنهم في الجنة؛ ليزولَ عطشهم، جزاءً عَلَى عطشهم وجوعهم بالصوم في الدنيا، كما قال الإمام الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (5/ 1542، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز)، والعلامة المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 393، و443-444، ط. دار الفكر).

قال الإمام بدر الدين العَيْني في "عمدة القاري" (10/ 262، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: هذا باب يذكر فيه الريان الذي هو اسم علم لباب من أبواب الجنة مختص للصائمين، ووزن رَيَّان فَعْلان، وقد وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه؛ لأنه مشتق من الري الكثير الذي هو ضد العطش، وسمي بذلك؛ لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتفى بذكر الري عن الشبع؛ لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه، وأفرد لهم هذا الباب إكرامًا لهم واختصاصًا وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش] اهـ.

وقال العلامة المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 393، ط. دار الفكر): [«دعي من باب الريان» أي: من باب الصيام، المسمى: باب الريان، ضد العطشان، قيل: وهو باب يُسقَى الصُّيَّامُ فيه شرابًا طهورًا قبل وصوله إلى وسط الجنة ليزول عطشه] اهـ.

الحكمة من اختصاص باب الصائمين باسم الريان

هذا، وناسب باب الصيام أن يسمى باب الريان ولم يُسمَّ باب الصيام؛ لأن الصيام هو إمساك وانقطاع عن الطعام والشراب وباقي الملذات، وقد كان هذا التكليف في الدنيا، أما في الآخرة فهي دار الجزاء وتنعيم الطائعين، ومنهم الصائمون الذي تحملوا العطش والجوع امتثالًا وابتغاء مرضاة الله عزَّ وجلَّ، فناسب الريان من الري الكثير في مقابل العطش والمشقة الواقعة بالصيام.

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" (4/ 341، ط. مكتبة الرشد): [(إنَّ في الجنة بابًا يقال له الريان) هو نقيض العطشان، وهو مناسب لحال الصائمين؛ لأنهم بتعطيشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من بابه؛ ليأمنوا من العطش] اهـ.

والذي يستفاد من إطلاق لفظ الصائمين اتساع المراد؛ ليشمل كلَّ صائم ولو كان مقتصرًا على صيام الفريضة:

قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 17، ط. دار السلام): [(يدخل منه الصائمون يوم القيامة) مطلق في صائم الفرض والنفل، والأصل الفرض عند الإطلاق؛ لأنَّه الفرد الكامل. إن قلت: يلزم أن يدخل منه كلُّ المؤمنين، قلت: ذلك ملتزم ولا ضير فيه] اهـ.

الخلاصة

بناءً عليه: فمعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» أنَّ كلّ من كان من أهل الصيام -دعي من باب الصيام المسمى بـ"باب الريان"؛ جزاءً وإكرامًا لهم، ولمَّا تحمَّلوا مِن تعبِ العطش في صيامهم في الدنيا خُصُّوا بباب فيه الرِّي والأمان من العطش قبل تمكنهم من الجنة والدخول في رضوان الله تعالى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيح؟


ما الأحداث التي وقعت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة الإسراء والمعراج؟ وما الواجب على المسلم في اعتقاده تجاه هذه الرحلة المباركة؟


هل يجب الغُسل على من احتلم في نهار رمضان ورأى أنه يجامع وأنزل تبعًا لذلك؟ وهل لذلك أثر على صيامه؟ علمًا بأنه لم ير بَلَلًا أو أثرًا لذلك في ثيابه بعد استيقاظه من نومه.


هل توقيت السحور في رمضان من منتصف الليل إلى أذان الفجر، أو إلى مدفع الإمساك الذي هو قبل الأذان بثلث الساعة؟


نرجو منكم بيان الأحداث التي وقعت للنبي عليه السلام في رحلة الإسراء والمعراج.


ما حكم من تصوم الإثنين والخميس على نية إن كان بقي عليها من القضاء شيء فهو قضاء وإلا فهو نفل؟ حيث تقول السائلة: عليَّ أيام أفطرتها في رمضان ولعدة سنوات ماضية، ولم أكن أحسب هذه الأيام، وبعد انتهاء رمضان الماضي وأنا أصوم يومي الإثنين والخميس على نية إن كان عليَّ قضاء فتلك الأيام تكون صيام قضاء، وإن لم يبق عليَّ شيء يكون صيام نافلة، فهل يجزئ ذلك عن القضاء؟ وإن لم يكن كذلك، فهل أصوم من جديدٍ؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13