ما هو توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب؟ فأنا أسكن في برج يتجاوز عدد طوابقه 150 طابقًا، ويختلف موعد شروق الشمس وغروبها نسبيًّا بين الطابق السفلي والطابق العلوي، مما يجعلني في حيرة من أمر الإمساك والإفطار؛ فما توقيت الإمساك والإفطار بالنسبة لي؟
الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة -ناطحات السحاب- يُمْسِك عن المفطرات قبل إمساك الأشخاص الذين يسكنون في المنازل العادية على سطح الأرض، كما أنه لا يفطر معهم في نفس التوقيت، وإنما يفطر بعدهم، حينما يرى غروب الشمس من مكانه، ويمكن الرجوع إلى أهل الاختصاص لتحديد فوارق هذه المدة في الإمساك والإفطار.
الجواب
أمَرَ الشرع الشريف بمراعاة العلامات الظاهرة في بداية الصوم ونهايته، فقال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
والعبرة في إمساك الصائم عن المفطرات بالتحقق من طلوع الفجر الصادق إما حسًّا أو بإخبار مَن يُعْتدُّ بإخباره أو سماع أذان الفجر في الوقت ونحو ذلك، وكذا الحال في الإفطار؛ فالعبرة فيه تكون بتحقق الصائم من غروب الشمس ودخول الظُّلمة إما حسًّا أو خبرًا أو سماع أذان المغرب في الوقت، فـ"دخول الوقت وخروجه يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم منه أن تزول في المغرب، وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس؛ بل كلما تحركت الشمس درجةً فتلك طلوع فجر لقومٍ وطلوع شمسٍ لآخرين وغروبٍ لبعضٍ ونصف ليلٍ لغيرهم". كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (1/ 321، ط. الأميرية)، وهو أمرٌ مُشَاهَدٌ عيانًا.
بالنسبة لمسألتنا، وهي بيان توقيت إفطار وإمساك الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة (ناطحات السحاب)، فقد أفتى بعض فقهاء الحنفية في مسألة نظيرة لها، والتي ورد فيها السؤال عن كيفية صيام شخصٍ على رأس منارة الإسكندريَّة، والتي هي إحدى عجائب الدنيا، وقد بلغ ارتفاعها نحو 122م - 152م.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [وحكي عن أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير أنه استُفتِي في أهل إسكندرية أن الشمس تغرب بها، ومَن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير.
فقال: يحل لأهل البلد الفطر، ولا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس؛ لأنَّ مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيعتبر في أهل كلِّ موضع مغربه] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 420، ط. دار الفكر): [قال في "الفيض": ومَن كان على مكانٍ مرتفعٍ كمنارة الإسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده، ولأهل البلدة الفطر إن غربت عندهم قبله، وكذا العبرة في الطلوع في حقِّ صلاة الفجر أو السحور] اهـ.
وهو مقتضى نصوص فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة حيث أفادت أنَّ لكلِّ إنسانٍ حكمه بحسب البلدة والمكان الذي هو فيه لحظة الشروق والغروب، بل للمكان الواحد بالنسبة لمن هو في مكان منخفض أو مكان مرتفع، وهو جارٍ على رواية الإمام الطحاوي من الحنفية.
قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 237، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي الأقضية صحح رواية الطحاوي واعتمد عليها لقلة الموانع، فإن هواء الصحراء أصفى فيجوز أن يراه دون أهل المصر، وكذا إذا كان على مكانٍ مرتفع في المصر لاختلاف الطلوع والغروب باختلاف المواضع في الارتفاع والانخفاض، قال في "خزانة الأكمل": أهل إسكندرية يفطرون إذا غربت الشمس، ولا يفطر مَن على منارتها؛ فإنه يراها بعدُ حتى تغرب له، هذا على رواية الطحاوي] اهـ.
وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 392، ط. دار الفكر): [قال ابن بشير: ووقت المغرب إذا غاب قرص الشمس بموضع لا جبال فيه، فأما موضع تغرب فيه خلف جبال فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلًا على مغيب الشمس. انتهى، وقال في "الجواهر": والمُرَاعَى غيبوبةُ جِرمها وقرصها دون أثرها وشعاعها، وقاله ابن الحاجب، قال ابن فَرْحُون: ولا عبرة بمغيب قرصها عمن في الأرض حتى تغيب عمن في رؤوس الجبال] اهـ.
وقال العلامة البُجَيْرِمِي الشافعي في "حاشيته على الإقناع" (1/ 391، ط. دار الفكر) عند قول الشارح "والمراد تكامل الغروب، ويُعرَف في العمران بزوال الشعاع عن رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق": ["بزوال الشعاع" هذا فيما فيه جبال أو فيه بناء، فعلامته زوال الشعاع من رؤوس الجبال وأعالي الحيطان، وأما الصحاري فيكفي فيها تكامل سقوط القرص وإن بقي الشعاع] اهـ.
وقال العلامة ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (1/ 302، ط. دار الكتب العلمية): [وغيبوبة الشمس سقوط قرصها، وحكى الماوَرْدِي أنه لا بد من غيبوبة الضوء المستعلي عليها، قلت: ويعرف الغروب في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال، وإقبال الظلام من المشرق] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة -ناطحات السحاب- يُمْسِك عن المفطرات قبل إمساك الأشخاص الذين يسكنون في المنازل العادية على سطح الأرض، كما أنه لا يفطر معهم في نفس التوقيت، وإنما يفطر بعدهم، حينما يرى غروب الشمس من مكانه، ويمكن الرجوع إلى أهل الاختصاص لتحديد فوارق هذه المدة في الإمساك والإفطار.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إمساك المرأة عن المفطرات إذا طهرت من الحيض في نهار رمضان؟ حيث كانت زوجتي حائضًا في رمضان، ثم طَهُرَت مِن الحيض أثناء النهار وأمسكت عن المفطرات بقيَّة اليوم تشبهًا بالصائمين.
ما حكم الفطر للصائم الذي نام وفاته الإفطار والسحور واشتد عليه الجوع والعطش؟ فهناك شخص يعمل في مجال صناعة الملابس، ويبدأ موسم العمل والإنتاج بقوة في شهر رمضان الكريم، بحيث يستغرق وقت العمل يوميًا ثماني عشرة ساعة تقريبًا، وغالبًا ما يؤذن المغرب والفجر على العمال أثناء العمل، وفي يوم نسي أحد العمال أن يتناول فطوره واقتصر على شرب المياه وبعض التمرات بعد أذان المغرب حتى أذن عليه الفجر وفاته تناول السحور، فلما دخل اليوم التالي لم يقوَ على الصيام بسبب شدة الجوع والعطش؟
ما حكم اشتراط النية في صيام التطوع؟ وما هو وقتها؟ فقد كان لدي عمل مهم، وانتهيت منه بعد آذان العصر، ولانشغالي في هذا العمل لم أتناول شيئًا، فأردت أن أصوم هذا اليوم تطوعًا؛ فهل تشترط النية لذلك؟ وهل تصح إذا نويت الصيام بعد العصر؟
تسحرت وأنا شاكَّة في طلوع الفجر، ثم تبين لي بعد الانتهاء من الأكل أن وقت الفجر قد انتهى وبدأ النهار، فما حكم ما فعلتُه؟ وما حكم صومي؟ وهل يجب عليَّ قضاء ذلك اليوم؟ وما الحكم لو أفطرتُ وأنا أظنُّ أن الشمس قد غربت ثم تبين أنها لم تغرب بعد؟
ما رأي الدين في وجود موائد الرحمن؟
ما حكم وضع مريض القلب حبة تحت اللسان في نهار رمضان لعلاج الذبحة الصدرية؟ فأنا أعاني من ذبحة صدرية وأحيانًا -حالَ الصيام- تأتيني النوبةُ، فأحتاج إلى وضع حبة دواء تحت اللسان من أجل عودة الأمور إلى طبيعتها؛ فهل يفسد ذلك الصوم؟