رجلٌ يصلي في محل عمله منفردًا، ويسأل: هل عليه أن يَضَعَ سُترةً أمامه عند الصلاة؟
المحتويات
مِن السُّنَّة أن يَضَع المصلي سُترةً أمامَهُ حتى لا يَمُرَّ أمامَهُ أحدٌ؛ لِمَا روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا» أخرجه الأئمة: أبو داود -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن".
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» أخرجه الأئمة: الحميدي وإسحاق وأحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن".
قد اتفق الفقهاء على استحباب وضع السُّترة أمام المصلي إذا كان منفردًا أو يصلي بالناس إمامًا، وسواء كان في الحَضَر أو في السَّفَر، ونَقَل بعضُهم الإجماعَ على ذلك.
قال الإمام ابن رُشْد في "بداية المجتهد" (1/ 121، ط. دار الحديث): [واتفق العلماء بأجمَعِهِم على استحباب السُّترة بين المصلي والقبلة إذا صلَّى منفردًا كان أو إمامًا] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 247، ط. دار الفكر): [السُّنَّة للمصلي أن يكون بين يديه سُترةٌ مِن جِدارٍ أو سارِيَةٍ أو غيرهما، ويَدنو منها، ونَقَل الشيخُ أبو حامِدٍ الإجماعَ فيه] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (2/ 174، ط. مكتبة القاهرة): [يُستحب للمصلي أن يُصلي إلى سُترة.. ولا نَعلَم في استحباب ذلك خلافًا] اهـ.
وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح في "المبدع" (1/ 436، ط. دار الكتب العلمية): [(ويُستحب أن يُصلي إلى سُترة) مع القدرة عليها بغير خلافٍ نَعْلَمُهُ، وظاهِرُهُ: لا فَرق بين الحَضَر والسَّفَر] اهـ.
هذا، وقد فرَّق الفقهاءُ بين المصلي الذي يَخشى مُرورَ أحدٍ مِن أمامِهِ في أثناء صلاته -منفردًا كان هذا المصلي أو إمامًا-، وبين مَن لَم يَخْشَ ذلك.
فذهب الحنفية -وهو المشهور مِن مذهب المالكية- إلى أن استحباب وَضْعِ السُّترة إنما هو في حال ما إذا خشي المصلي أن يَمُرَّ مِن أمامِهِ أحدٌ، ولا بأس بتَرْكها إذا لَم يَخْشَ المُرور، كأن يكون في مكان ليس فيه سواه، أو في صفٍّ متقدِّمٍ بحيث لا يَتَقَدَّمُ عليه بين يَدَيه أحدٌ.
قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي في "الهداية" (1/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا بأس بترك السترة إذا أمن المرور ولَم يُواجِهِ الطريق] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 532، ط. دار الفكر): [قال في "المدونة": ويصلي في السفر والحضر في موضِعٍ يَأمَن فيه مِن مرور شيءٍ بين يديه -إلى غير سُترة. ابن ناجي: ما ذكره هو المشهور] اهـ.
وذهب الشافعية والحنابلة، والمالكية في القول الثاني، إلى استحباب وَضْع السُّترة مطلقًا، سواءٌ خَشِيَ مُرورَ غيره بين يديه أثناء صلاته أو لَم يَخْش ذلك.
قال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 532) في بيان أحكام السُّترة للمصلي حاكيًا القول الثاني في اتخاذها للمصلي: [وقال مالك في "العتبية": يُؤْمَرُ بها مُطلَقًا. واختاره اللَّخْمِيُّ، وبه قال ابن حَبِيب] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 274): [السُّنَّة للمصلي أن يكون بين يديه سُترةٌ مِن جدارٍ أو ساريةٍ أو غيرهما، ويدنو منها] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 461، ط. دار الكتب العلمية): [(وتُسَنُّ صلاةُ غيرِ مأمومٍ) إمامًا كان أو منفردًا (إلى سُترةٍ) مع القدرة عليها بغير خلاف نعلمه، قاله في "المبدع"، (ولو لَم يَخْشَ) المصلي (مارًّا) حَضَرًا كان أو سَفَرًا] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يُستحب للرجل المذكور أن يضع سُترةً أمامَهُ إذا خَشِيَ مرورَ أحدٍ بين يديه أثناء الصلاة حال كونه يصلي في محل عمله منفردًا أو إمامًا، فإنْ أَمِنَ عَدَمَ مرورِ أحدٍ بين يديه أثناء صلاته فإنَّ له أنْ يصلي مِن غير اتخاذ سُترة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قراءة القرآن قبل الجمعة والأذان الثاني؟ فقد اختلطت الأمور علينا بين ما تقوم به المساجد التابعة لإدارة الأوقاف والمساجد التي تتولاها الجماعات الإسلامية من إقامة الشعائر لصلاة الجمعة من تلاوة القرآن قبل الصلاة والأذان الثاني، وزاد الخلاف بين رواد المساجد ومن يمثل هذه الجماعات. أرجو من السادة علماء الدين والقائمين على الفتوى الفَصْلَ بشكل واضح بين الحلال والحرام في إقامة شعائر صلاة الجمعة والأذان الثاني حتى تتضحَ الأمورُ ونُنْهِيَ الخلاف.
ما هي شروط صلاة الجنازة على الغائب؟ حيث تُوفِّيَ صديق لي أثناء عمله بالخارج ولم أعرف بذلك إلا بعد شهر من وفاته، وأريد أن أصلي عليه صلاة الغائب؛ فأخبرني شخص أنه بمرور شهر على وفاته لا تجوز الصلاة عليه؛ فهل يحق لي أن أصلي عليه؟ وهل هناك مدة معينة لصحة الصلاة على الغائب من بعد موته؟ وما شروط صلاة الجنازة على الغائب؟
تعلمون فضيلتكم أنه قد يضطر القائمون على المساجد إلى إضافة أدوار عليا فوق المسجد نظرًا لضيق الأماكن، ولكن تقابلنا مشكلة تبزغ من وقت لآخر، وهي: أن المصلين في هذه الأدوار العليا لا يتمكنون من رؤية الإمام ولا المصلين خلفه بالدور الأرضي، وإنما يتابعون الصلاة عن طريق السماع فقط (بمكبرات الصوت)، ولا يخلو الأمر أحيانًا من وجود سهو في الصلاة كأن يقوم الإمام بدلًا من الجلوس للتشهد أو تكون هناك سجدة تلاوة أو سجود للسهو، وغير ذلك مما لا يفطن إليه المصلون بالأدوار العليا، فيستمرون في صلاتهم حتى يكتشفوا الخطأ فيحدث ارتباك في المسجد، بل وقد ترتفع الأصوات ويشك الناس في صلاتهم.
وقد فكرنا في الاستفادة من الأجهزة الحديثة في التغلُّب على هذه المشكلة قياسًا على الاستفادة من مكبرات الصوت والإضاءة الحديثة وقبل أن نقدم على ذلك نودُّ أن نتعرَّف على الحكم الشرعي في ذلك حتى لا نفتح بابًا للبدع في المساجد بغير قصد، لذلك نعرض على فضيلتكم اقتراحنا أولًا، ونسأل الله أن يوفقكم في الإجابة وفق ما يُحبُّه ويرضاه. وهذا الاقتراح يتمثل في الآتي:
1- تثبيت عدسة مراقبة (كاميرا تصوير) خلف الإمام فقط لمتابعة حركته من قيام وركوع وسجود، ولا تستعمل إلا عند إقامة الصلاة وتغلق عند انتهاء التسليمتين (على غرار الكاميرات المستعملة للمراقبة في الشركات والهيئات).
2- اتصال هذه الكاميرا بشاشة عرض صغيرة (كمبيوتر أو تلفزيون) أو فانوس إسقاط -بروجكتور- توضع في قِبلة الأدوار العليا بالمسجد ليتمكن المصلون من متابعة الإمام بين الحين والآخر.
فيرجى التكرم بالإفادة عن مدى شرعية هذا الأمر قبل تنفيذه.
ما حكم الأذانين لصلاة الفجر؟ فقد ثار نزاع بين الناس في قريتنا حول أذان الفجر، هل هو أذان واحد أو أذانان، فنرجو الإفادة عن حكم الأذانين لصلاة الفجر، وأي المسلكين هو الأصح: الإتيان بأذان واحد أم الإتيان بأذانين؟
ما حكم الطهارة لصلاة الجنازة؟ وهل هي واجبة؟
ما حكم صلاة السنن لمن عليه فوائت؟ فقد وقع في بلدتنا خلافٌ في هذه الأيام ما بين العلماء الجاويين في مسألة السُنَّة والقضاء، وقد أفتى جمهورهم ببطلان السُنَّة وتركها، ويحرم فعلها إذا كان عليه قضاء مطلقًا بلا قيد ولا شرط، فبناءً على هذه الفتاوى الصادرة قد اتخذ العوام ذلك سلاحًا عظيمًا وبرهانًا جليًّا وساطعًا لهدم سنن أشرف العباد وفقًا لأهوائهم، مرتكزين على أقوال علمائهم الذين أعانوهم بكل صراحة، فقد دب وسرى ذلك الداء في قلوبهم حتى أمثال العيدين وصلاة الجنائز والتراويح بطلت، ولم يفعلها إلا القليل النادر، ولهذه الحالة أصبحت شعائر الإسلام آخذة في الوهن، مع أن السلف الصالح رحمهم الله تعالى قالوا: "إذا كان عليه فوائت فلا بد من صرف زمنه للقضاء، إلا ما اضطر كنوم ومؤنته ومؤنة من تلزمه جاز له ذلك على قدر الضرورة"، فهذا مراد السلف الصالح في كتبهم بتحريم السنة، فمِن أين للعلماء المذكورين الآن هذا الاستنباط بتجويز كل عمل ما عدا السنة لا يجوز فعلها على الإطلاق، وإذا فعلها كانت إثمًا مبينًا وذنبًا عظيمًا، وهناك الطَّامة الكبرى كما يُفهَم من كلامهم وتصريحهم؟! وبعكسه إذا لم يصرف جميع زمانه للقضاء، أبفعل السنة يؤثم أو يثاب على الترك عمدًا؟ أفيدونا مأجورين.