ما حكم كسر عظام العقيقة؟ فقد قمت بالعقيقة عن ولدي، وعند قيامي بتقطيع العقيقة إلى أجزاء لتوزيعها، منعني أحد الحضور عن كسر عظامها، وأخبرني أنَّ العقيقة يحرُم كسر عظامها، فما حكم كسر عظام العقيقة؟
لم يذهب أحد من العلماء إلى القول بحُرمة كسر عظام العقيقة، وإنَّما كرهه الشافعية في أحد الوجهين تنزيهًا، وتفاؤلًا بسلامة أعضاء المولود وطيب عيشه، بل ذهب فقهاء الحنفية والمالكية إلى جواز ذلك.
المحتويات
العقيقة: تُطلق ويُراد بها الذبيحة التي تُذبح للمولود في اليوم السابع من ولادته استحبابًا، كما جاءت بذلك السُّنَّة النبوية المشرفة، فيكون تسمية الذبيحة باسم "العقيقة" من باب تسمية الشيء بما يصاحبه أو بما كان سببه. ينظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (1/ 47، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"الصحاح" للجوهري (4/ 1527، ط. دار العلم للملايين).
العقيقة في أصلها من العادات المعروفة عند العرب، حيث كانوا بها يتلطَّفون بإشاعة نسب الولد بعد ولادته بإكرام الناس وإطعامهم، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقرها وأمر بها، وفعلها هو وصحابتُهُ الكرام رضوان الله عليهم، والسلف والخلف من بعدهم.
فعن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدةَ رضي الله عنه يقول: "كنا في الجاهلية إذا وُلِدَ لأحدنا غلامٌ ذبح شاةً، وَلَطَّخَ رأسَهُ بِدَمِهَا، فلما جاء اللهُ بالإسلام، كنا نذبح شاةً، ونَحْلِقُ رأسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بزعفران" أخرجه أبو داود في "السنن"، والطحاوي في "مشكل الآثار"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، والحاكم في "المستدرك".
وعن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» أخرجه البخاري.
وهي سنة مؤكدة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "النوادر والزيادات" للإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي (4/ 332، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 426، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (9/ 459، ط. مكتبة القاهرة).
وذهب الحنفية إلى أنَّها من قبيل التطوع إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها. ينظر: "العقود الدرية" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 212، ط. دار المعرفة).
كسر عظام العقيقة من الأفعال التي أفصح العلماء القول فيها، فذهب الحنفية والمالكية إلى جوازه.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 336، ط. دار الفكر): [يُستحبُّ لمن وُلِدَ له ولد أن يُسَمِّيَه يوم أسبوعه... ثمَّ يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في "الجامع" المحبوبي، أو تَطَوُّعًا على ما في "شرح الطحاوي"، وهي: شاة تصلح للأضحية تذبح للذكر والأنثى، سواء فرَّق لحمها نِيئًا أو طبخه بحموضة أو بدونها مع كسر عظمها أو لا، واتخاذ دعوة أو لا] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 393، ط. دار الكتب العلمية): [(وجاز كسر عظمها) في "الموطأ": العقيقة بمنزلة الضحايا، وتكسر عظامها، ولا يمس الصبي بشيء من دمها. عبد الوهاب: ليس كسر عظامها بمسنون، إنما هو جائز] اهـ.
بينما استحبَّ الشافعية والحنابلة فَصْل أعضائها وعدم كسر عظامها، مع نص الشافعية على أن كسرها هو خلاف الأولى.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 430) في المسألة الخامسة من مسائل أحكام العقيقة: [يستحب أن تفصل أعضاؤها، ولا يكسر شيء من عظامها؛ لما ذكره المصنف، فإن كسر فهو خلاف الأولى، وهل هو مكروه كراهة تنزيه؟ فيه وجهان: (أصحهما) لا؛ لأنَّه لم يثبت فيه نهيٌ مقصود] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 463): [ويستحب أن تفصل أعضاؤها، ولا تكسر عظامها] اهـ.
وممَّا ينبغي التنبيه عليه أنَّه لم يجنح أحد من العلماء إلى القول بحُرمة كسر عظامها -كما ورد بواقعة السؤال-، وإنَّما كرهه الشافعية في أحد الوجهين تنزيهًا، تفاؤلًا بسلامة أعضاء وطيب عيش المولود. ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (15/ 129-130، ط. دار الكتب العلمية).
كما أنَّه لم يصح شيءٌ في النهي عن كسر عظامها، إلا ما ورد مُرسلًا عن محمد الباقر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: فِي الْعَقِيقَةِ الَّتِي عَقَّتْهَا فَاطِمَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم السلام: «إِنْ تَبْعَثُوا إِلَى الْقَابِلَةِ مِنْهَا بِرِجْلٍ، وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْمًا» أخرجه أبو داود في "المراسيل"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"، و"السنن الكبرى".
بناءً على ذلك: فلا حرج شرعًا عليك في كسر عظام الذبيحة التي تكون عقيقة عن ولدك أخذًا بما ذهب إليه المالكية ومن وافقهم، كما سبق.
والله سبحانه وتعالى أعلم
ما المراد بالأضحية في الشرع؟ وما حكمها؟
ما حكم ذبيحة أهل الكتاب وعدم تسميتهم عليها؟ فالسائل قرأ تفسيرًا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللغة الإنجليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد، والمنشور في 1979م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيرًا لهذه الآية ما ترجمته: "اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب. كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور".
والسؤال هو: هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد خنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟
ما أنواع الذبائح والحيوانات التي يُباح أكلها؟ وما طريقة الذبح الشرعي؟
هل غير الأضحية من الصدقات يقوم مقامها؟ وهل الأضحية أفضل أو الصدقة؟
ما حكم الأضحية للحاج وذبح الهدي بنية الهدي والأضحية؟ فرب الأسرة في حالة سفر للحج وعليه هدي في حجه؛ هل يكون الهدي كافيًا عن الأضحية، أو يجب أن يضحي في بلده؟ وهل يجوز ذبح الهدي في أثناء الحج بنيتين: نية الهدي ونية الأضحية؟
ما هو وقت نحر أضحية العيد في دول جنوب شرق آسيا؟ فمن المعروف أن الشمس تشرق في الدول التي تقع في جنوب شرق آسيا قبل الدول الإسلامية التي تقع في الشرق الأوسط وأفريقيا، وبالنسبة لرؤية الهلال، إذا ثبت رؤية هلال ذي الحجة في حقِّ بلدٍ من البلاد الإسلامية التي تشترك معنا -كالمواطنين في جنوب شرق آسيا- في جزء من الليل مثل مصر والسعودية فإننا نأخذ هذه الرؤية ونحدد أيام عيد الأضحى بها، فتبدأ أيام عيد الأضحى عندنا قبل بدايتكم، ونصلي صلاة العيد، ونكبِّر ونضحِّي قبلكم بأربع ساعاتٍ تقريبًا، وإذا كان الأمر كذلك ونحرنا القربان في بلدنا يوم النحر بعد مضي صلاة العيد وخطبتها، فهل تعتبر هذه التضحية قبل وقتها أم لا؟ وهل يجوز لنا أن ننحر بعد صلاة العيد وخطبتها في بلدنا مباشرةً أو ننتظر وننحر بعد صلاتكم وخطبتكم؟