سائل يقول: الإسلام دين الإصلاح وينهي عن الفساد والإفساد؛ فنرجو منكم بيان كيف حذَّر الإسلام من المساس بأمن الوطن، وترويع المواطنين؟
المحتويات
الوطن لغة: المَنْزِلُ تقيم به، وهو مَوْطِنُ الإنسان ومحله، والجمع أَوْطان، ووَطَنَ بالمكان وأَوْطَنَ: أَقام، وأَوْطَنَهُ: اتخذه وَطَنًا، يقال: أَوْطَنَ فلانٌ أَرض كذا وكذا، أَي: اتخذها محلًّا ومسْكَنًا يقيم فيها. ينظر: "لسان العرب" للعلامة ابن منظور (13/ 451، ط. دار صادر).
من المقرر شرعًا أن الإسلام دعا إلى المحافظة على سلامة الأوطان؛ فجعل حفظ الوطن مقصد شرعي مرعي، يأثم من يخل به، وارتقى بهذا المقصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56]، وقال عز من قائل: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22-23].
وجعل حبَّ الوطن معنًى فطريًّا غريزيًّا نابعًا من شعور الإنسان بالانتماء إليه وحنينه إلى المكان الذي ترعرع فيه وأصبحت له فيه ذكريات تربطه بمن نشأ بينهم من أهل وأحباب، وقد ظهر ذلك جليًّا في أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان حب الوطن من أخلاقه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا» أخرجه البخاري في "صحيحه"، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: زَادَ الحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ: حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا.
قال الإمام ابن بطال في "شرحه" (4/ 453، ط. مكتبة الرشد) [قوله: (من حبها) يعني: لأنها وطنه، وفيها أهله وولده الذين هم أحب الناس إليه، وقد جبل الله النفوس على حب الأوطان والحنين إليها، وفعل ذلك عليه السلام، وفيه أكرم الأسوة] اهـ.
وقال الإمام الزمخشري في "أساس البلاغة" (2/ 343، ط. دار الكتب العلمية): [كلٌّ يحب وطنه وأوطانه وموطنه ومواطنه] اهـ.
ونجد أنَّ الله تعالى قرن بين مشقة قتل النفس والخروج من الوطن امتحانًا واختبارًا للمنافقين؛ فقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 66].
يقول الإمام أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط" (3/ 696، ط. دار الفكر): [وفي الآية دليل على صعوبة الخروج من الديار؛ إذ قرنه الله تعالى بقتل الأنفس] اهـ.
حذَّر الإسلام من المساس بأمن الوطن، وترويع المواطنين؛ فروى الإمام ابن ماجه في "سننه" عن عمرو بن الحَمِق الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ، فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وفي رواية الإمام البيهقي في "السنن" والطيالسي في "مسنده" «إِذَا أَمِنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا».
وروى الشيخان في "صحيحيهما" عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ».
والمساس بسلامة الوطن يعدُّ من الإفساد في الأرض، فيستوجب أشد العقوبة وأغلظها؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ماذا تقول فضيلتكم للفتاة التي تلبس الحجاب في رمضان وتخلعه بعد رمضان؟
يقول السائل: سمعت أنّ التعرّض لماء المطر سنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهل هذا صحيح؟ وما الحكمة من ذلك؟
ما حكم الجمع بين أكثر من شيء عند الحلف في يمين واحد؟ فنرجو منكم بيان الحكم الشرعي في اليمين الطبية التي يُقسمها طالبُ الطبّ مرة واحدة حين تسلمه شهادة إتمام الدراسة بصيغة معينة وهي: "أقسم بالله العظيم بأني سأكرس حياتي لخدمة الإنسانية، سأقوم بتقديم واجب الاحترام والشكر اللائقين لأساتذتي الكرام، سأؤدي واجباتي الطبية بكل وعي وشرف.." إلى آخر الصيغة.
ما مدى صحة حديث «مَنْ لَمْ يَهْتَمّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ»، وما معني: «فَلَيْسَ مِنْهُمْ»؟
سائل يطلب بيان الحكم الشرعي في مَن يتحايل على الأحكام الشرعية والقانونية بقصد التهرب من العقوبة؟
رجل تبرع بجزءٍ من ماله لعمارة المسجد، ويريد تركيب لوحة إعلانية على حوائط المسجد للترويج لتجارته، فما حكم ذلك شرعًا؟