حكم الصدقة الجارية لتدريب وتأهيل القائمين على رعاية الأيتام

تاريخ الفتوى: 31 ديسمبر 2019 م
رقم الفتوى: 4983
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم الصدقة الجارية لتدريب وتأهيل القائمين على رعاية الأيتام

هل يعتبر بناء الإنسان من خلال التدريب والتأهيل والتعليم صدقة جارية، مثال: تدريب القائمين على رعاية الأيتام من أطفال وشباب في دور الرعاية؟

 

التدريب والتأهيل والتعليم من وجوه الصدقة الجارية؛ لأنه عمل نافع يجري نفعه إلى غير فاعله، ويستمر نفعه زمنًا، ويزيد من استحسان الأمر اختصاص هذا التدريب والتعليم بالقائمين على رعاية الأيتام؛ لما فيه من إكرام اليتيم والإحسان اليه، بتأهيل من يقوم عليه، حتى يتضاعف نفعه منه في الإصلاح والإكرام، وهذا مأمور به شرعًا.

 

المحتويات

 

مفهوم الصدقة الجارية

الصدقة الجارية: هي كل ما يفعله المسلم من وجوه الخير ويجري نفعه إلى غيره، فيكون ذلك سببًا في دوام أجره واستمراره.
قال القاضي عياض المالكي في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/ 145، ط. المكتبة العتيقة): [صدقة جارية: أي يجري نفعها وأجرها ويدوم] اهـ.
وقال العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح" (1/ 285، ط. دار الفكر): [يجري نفعها فيدوم أجرها، كالوقف في وجوه الخير] اهـ.
فكل ما يفعله المسلم من خير يثاب عليه، فإذا تجاوز نفعه إلى غيره كان مثابًا على ذلك أيضًا إلى أن ينتهي أثر فعله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ: «مَا عِنْدِي»، فقال رجل: يا رسول الله، أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

نشر العلم من الصدقة الجارية

تواردت النصوص على أن العلم النافع هو مما يتناقل أثره، ويدوم أجره، والتدريب وتأهيل وتعليم القائمين على الشباب والأطفال في دور الأيتام هو من العلم النافع؛ لما في تدريبهم وتعليمهم من تناقل النفع عنهم إلى الأيتام، مما يكون له الأثر الدائم في حياتهم، ثم في حياة من يخالطونهم.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه". وابن خزيمة في "صحيحه"، والبيهقي في "شعب الإيمان"
قال القاضي عياض المالكي في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (5/ 373، ط. دار الوفاء): [وذلك لأن عمل الميت منقطع بموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها؛ من اكتسابه الولد، وبثّه العلم عند من حمله فيه، أو إيداعه تأليفًا بقى بعده، وإيقافه هذه الصدقة، بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (11/ 85، ط. دار إحياء التراث): [قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه كان سببها؛ فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف.. وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه، وبيان فضيلة العلم، والحث على الاستكثار منه، والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح، وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع] اهـ.

المقصود بالعلم النافع

العلم في ذلك ليس مقتصرًا على العلوم الشرعية، بل يشمل كل علم نافع يجري نفعه لغيره، ومن ذلك تدريب العاملين وتأهيلهم لأعمالهم، فإذا كان ذلك التدريب والتأهيل يجري نفعه على الأيتام، كان أجره عند الله أعظم؛ لشدة عناية الإسلام بالأيتام وحثه على إكرامهم والإحسان إليهم.
كما أن الصدقة باب واسع من أبواب العبادات، لم يحدد الله لها مصارف مخصصة كالزكاة، فيجوز صرفها في كل سبل الخير الممكنة، فإذا تخير المسلم من هذه السبل دفعها للتدريب والتأهيل والتعليم، فقد جمع في ذلك بين أمرين حسنين. وهما: عبادة التصدق، وعبادة الحرص على نشر النفع بالعلم وتأهيل القائمين على أعمالهم؛ لما في ذلك من بناء للإنسان، والذي هو مقصد من مقاصد الزكاة مع ضيق مصارفها، فالصرف عليه من الصدقات هو من باب أولى.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» أخرجه ابن ماجه في "السنن"، وحسنه المنذري في "الترغيب والترهيب".
قال العلامة المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 184، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [«أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا» أي: شرعيًّا، أو ما كان آلة له «ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» فتعليم العلم لغيره صدقة منه عليه، وهو من أفضل أنواع الصدقة؛ لأن الانتفاع به فوق الانتفاع بالمال لأنه ينفد والعلم باق] اهـ.

فضل رعاية الأيتام

يزيد من استحسان الأمر اختصاص هذا التدريب والتعليم بالقائمين على رعاية الأيتام؛ لما فيه من إكرام اليتيم والإحسان اليه، بتأهيل من يقوم عليه، حتى يتضاعف نفعه منه في الإصلاح والإكرام، وذلك مما هو مأمور به شرعًا؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ [البقرة: 220]، وقال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ [الفجر: 17].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن ماجه في "السنن"، والطبراني في "الوسط".

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الصدقة الجارية تشمل كل عمل نافع يجري نفعه إلى غير فاعله، ويستمر نفعه زمنًا، وتعليم العلم من وجوه الصدقة الجارية، ومن ذلك تدريب القائمين على رعاية الأيتام والأطفال ونحوهم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

ما حكم إخراج شنطة رمضان مِن أموال الزكاة؟


ما حكم إطعام غير المسلم من لحم الأضحية؟ حيث اعتاد والدي كل عام في عيد الأضحى أن يهدي جارنا غير المسلم شيئًا من لحم الأضحية، وظل على ذلك إلى وقتنا الحالي، ثم اعترض عليه بعض الناس بعدم جواز إطعام غير المسلمين من الأضحية. فما حكم الشرع في هذه المسألة؟


 يطلب السائل الحكم الشرعي عن الآتي:
أولًا: كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعَة بالبنك؟ وهل الزكاة تكون على قيمة الشهادات وحدها، أو على قيمتها مضافًا إليها العائد؟
ثانيًا: هل تدخل المساهمات العينية والنقدية التي يُعطيها الوالد لأولاده الذين يستقلون بمعيشتهم ضمن الزكاة المفروضة؟ علمًا بأن دخلهم لا يكفي.
ثالثًا: هل تدخل الصدقات للمحتاجين وغير القادرين والأقارب من ضمن الزكاة المفروضة؟
رابعًا: هل يجوز إخراج زكاة أزيد من المفروض لتطهير الذمة من شبهة دخول أيّ حق للغير فيها بنية احتسابها من الزكاة لهم عند إخراجها؟


هل يجوز إخراج زكاة المال لصالح معهد الأورام؟ وهل يجوز التبرع بمالٍ لمعهد الأورام كصدقة جارية؟


نرجو منكم بيان المراد بزكاة الفطر ومقدارها ودليل وجوبها.


لقد يسرنا الله تعالى لإنشاء جمعية خيرية، ونشاطها الأساس يهدف إلى إعداد حَمَلة القرآن ليكونوا صالحين كقدوة لغيرهم في أخلاقهم وشخصيتهم، حيث نعد لهم برامج تدريبية متخصصة بطريقة عملية لننمي فيهم حفظ القرآن والتخلُّق بالأخلاق الحميدة وتمسكهم برسول الله كقدوة، مع الاتفاق مع المراكز المتخصصة في التنمية البشرية لتنمية المهارات السلوكية ومهارات التفكير لهم، وذلك لبناء شخصيتهم متعددة المواهب، واكتشاف مواهبهم وتنميتها وتأصيل انتمائهم لأجدادهم المسلمين. والسؤال: هل يجوز أن نصرف أموال الزكاة على هذه البرامج حيث إنها تحتاج لدعم مالي ضخم يصل إلى ألف وخمسمائة جنيه شهريًّا للطفل الواحد، أمكن تخفيضها لتصل إلى ثلاثمائة وثمانين جنيهًا شهريًّا عن طريق الاعتماد على المتطوعين؟ وهل يجوز أن نصرف هذه الأموال على تعليمهم الحِرَف والمهارات اليدوية؟ حيث إنها تنمِّي الفصَّ الأيمن من المخ، وتعلمهم معنى الاعتماد على النفس، وتعلمهم معنى الكسب من عمل اليد، وتوجِّه طاقتهم، وهل يجوز أن نصرف منها على تعليمهم الرياضة البدنية لتنمية أجسامهم؟ وهل يجوز أن نصرف منها على إيجارات أو تمليك مقر لتعليم القرآن وإعداد حمَلة القرآن؟ أرجو من سيادتكم بيان الحكم الشرعي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :54
الشروق
6 :24
الظهر
11 : 41
العصر
2:36
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :18