سائل يقول: سمعت أنه لابدّ عند الاغتسال من الجناية أن يقوم الإنسان بتدليك أعضاء الجسد؛ فأرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في ذلك.
المحتويات
اختلف الفقهاء في اشتراط دَلْك الأعضاء في الغُسْل: فيرى جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة أنَّه من سُنن الغسل؛ حيث نصُّوا على أنَّ مجرد الانغماس في الماء كافٍ في تَحقُّق المفهوم الشرعي للغُسْل، ووافقهم في ذلك الإمام أبو الفرج المالكي.
قال الإمام أبو بكر الزبيدي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 10، ط. المطبعة الخيرية): [ولو انغمس الجنب في البحر، أو الغدير العظيم، أو الماء الجاري انغماسة واحدة ووصل الماء إلى جميع بدنه وتمضمض واستنشق أجزأه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 7، ط. المكتب الإسلامي): [ولو انغمس جنب فيما دون قلَّتين حتَّى عمَّ جميع بدنه، ثمَّ نوى، ارتفعت جنابته بلا خلاف] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 76، ط. مكتبة القاهرة): [ولو انغمس الجنب في ماءٍ كثير، أو توضَّأ في ماءٍ كثير، يغمس فيه أعضاءه.. صحَّ غُسله ووضوؤه] اهـ.
استدلوا على ذلك بما روته أم سلمة رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لَا إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
ووجه الدلالة: أنَّ الحديث ليس فيه تعرُّضٌ للدَّلك، واسم الغُسْل شرعًا ولغةً لا يفتقر إليه. ينظر: "تحفة المحتاج" للإمام ابن حجر الهيتمي (1/ 280، ط. الحلبي).
بينما عدَّ المالكيةُ في المذهب الدَّلكَ من فرائض الغسل؛ قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/ 169، ط. دار الفكر): [يجب على مَن أراد أن يغتسل لشيءٍ مما مرَّ أن يدلك جسده] اهـ. وقوله: ممَّا مرّ، أي: من موجبات الغسل.
وقال العلامة الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (1/ 322، ط. دار الكتب العلمية): [ولابن رشد: أجمعوا أنَّ الجنب إذا انغمس في النهر وتدلَّك فيه للغسل أنَّ ذلك يجزئه، وإن كان لم ينقل الماء بيديه إليه ولا صبَّه عليه] اهـ.
وحجة وجوب الدَّلْك: أنَّه داخلٌ في مسمَّى الغُسْل، فلا يحصل الغسل مِن دونه. ينظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للإمام ابن عرفة الدسوقي (1/ 90، ط. دار الفكر).
المختار للفتوى ما عليه الجمهور: أنَّ الدَّلك من سنن الغسل ومستحبَّاته، وليس من فرائضه وأركانه؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها المتقدِّم.
بناءً على ذلك: فيستحبُّ لمن أراد الاغتسال التدليك خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه من الفقهاء؛ إذ الخروج من الخلاف مستحبٌّ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما كيفية وضوء ذوي الهمم من أصحاب الاحتياجات الخاصة لأداء الصلاة؟
هل تشترط الطهارة في حقِّ المؤذن؟
ما حكم غسل القدمين في الوضوء لمريض السكري؟ فامرأة مريضة بالسكَّر والقلب، وتُعاني من التهابات مستمرة في القدمين خاصة بين الأصابع، وقد وصف لها الطبيب بعض المراهم، وأمرها بعدم غسلها بالماء أكثر من مرة واحدة في اليوم إذا لزم الأمر، فماذا تفعل عند الوضوء؟
ما حكم صيام من أصابها ورم في الرحم فهي تنزف طيلة شهر رمضان؟ فقد أصاب امرأة ورمٌ في الرحم فهي تنزف طيلة أيام الشهر، فكيف تصوم في رمضان؟
ما هي الطريقة الشرعية لتغسيل الميت وتكفينه؟ وهل يصح تجفيف بدنه من ماء الغسل بقطعة من القماش؟
هل يجب غسل العين في الطهارة الشرعية، حيث إني ألبس عدسات لاصقة، فهل يجب عليَّ نزعها وقت الطهارة الشرعية؟