ما حكم شراء سيارة عن طريق مبادرة إحلال السيارات؟ فقد أطلقت وزارة التجارة والصناعة المصرية برامج إحلال السيارات، والذي يتبنَّاه البنك المركزي المصري عن طريق تمويل شراء سيارة جديدة تعمل بالغاز الطبيعي، وذلك في إطار المبادرة القومية لإحلال السيارات؛ فهل شراء السيارات بالتقسيط عن طريق هذه المبادرة جائزٌ شرعًا؟
شراء السيارات الجديدة عن طريق المبادرة القومية لإحلال السيارات جائزٌ ولا حَرَج فيه شرعًا، فهو يشتمل على عقدِ بيعٍ للسيارة القديمة "وهو التخريد"، وخَصْم ثمن التخريد من ثمن السيارة الجديدة المتعاقد عليها بالدَّعْم الـمُقَدَّم من الدولة، ومرابحةٍ يتوسَّط فيها البنك بين المعرض -صاحب السيارة الجديدة- والعميل بعد قبضٍ حكميٍ من البنك للسيارة الجديدة، وكلاهما جائزٌ بلا شُبْهَة شرعية، كما أنَّ الشراء بالتقسيط في هذه الحالة لا يُعَدُّ من الربا؛ وذلك لتَوسُّط السلعة -وهي السيارة- بين البائع والمشتري.
المحتويات
"المبادرة القومية لإحلال السيارات" -وفقًا لما أعلنته وزارة التجارة والصناعة المصرية- هي إحدى المبادرات المصرية التي تَهْدِف إلى الاستغلال الأَمْثَل للطاقة، ويقوم فيها العميل بالحضور إلى مقر المبادرة لاختيار السيارة التي يريد شراءها من إحدى الشركات المشتركة في المبادرة، وذلك بعد إجراءات "تخريد" سيارته القديمة، والتي تتم من خلال تقديم طلب عبر موقع إلكتروني خاص بالمبادرة، وبعد فحص الطلب المستوفي للشروط يتم توجيه صاحبه لإحدى البنوك المشارِكة في المبادرة للتعاقد حول السيارة الجديدة التي اختارها، والتي يُرَاعى فيه ثمن التخريد كمُقَدَّم تعاقد بدعمٍ مُقَدَّم من الدولة.
ويتم التعاقد مع العميل عن طريق سداد البنك لقيمة السيارة التي رَغِب العميل في شرائها للمعرض، ويقوم البنك بتحصيل هذه القيمة من العميل بالأجل البعيد على أقساط معلومة القَدْر ومُحدَّدة في الآجال حسب ما وضعه البنك المركزي من نُظُمٍ ولوائح.
والصورة التي يتم فيها الشراء -من التخريد والتعاقد على السيارة الجديدة- تشتمل على عقدين مُرَكَّبين، الأول: بيعٌ للسيارة القديمة (وهو التخريد)، وخَصْم ثمن التخريد من ثمن السيارة الجديدة المتعاقد عليها. والثاني: مرابحة يتوسَّط فيها البنك بين المعرض صاحب السيارة الجديدة والعميل.
والعقد الأول لا حرج فيه؛ فهو بيعٌ مُسْتَكمِل الأركان والشروط الشرعية.
والعقد الثاني تكييفه شرعًا: أنه تضمن معاملتين؛ يأخذ البنك في المعاملة الأولى المنتَجَ -وهو السيارة الجديدة- نقدًا من المعرض أو الشركة المنتجة بثمن حالٍّ، ثم يبيعه في المعاملة الثانية للعميل المتعاقِد صاحب السيارة القديمة بثمن مؤجَّل معلوم الأجل والأصل والزيادة.
ومن المقرر شرعًا أنَّه يصحُّ البيعُ بثمنٍ حالٍّ وبثمن مُؤجَّل إلى أجل معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا؛ لأنها من قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأنَّ الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلَّا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لِأَجْلِهِ إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين. ولا يُعَدُّ ذلك مِن قبيل الربا؛ لأن القاعدة الشرعية أنه "إذا توسَّطت السلعة فلا ربا".
الاعتراض بأنَّ العقد الثاني لا يَحْصُل فيه للبنك قبضٌ حقيقيٌّ حسيٌّ للسيارة قبل بيعها للعميل، -وهو شرط من شروط المرابحة؛ لئلا يؤول العقد لبيع ما لم يملك-؛ هو اعتراضٌ غير صحيحٍ وليس في محله؛ وذلك لأنَّ القبض الحقيقي أو الحسي وإن لم يكن حاصلًا في هذه الصورة؛ لكن ما يُعْرَف بـالقبض الحكمي أو القبض الاعتباري حاصل فيها، وهو قائم مقام القبض الحقيقي؛ فالقبض يدور معناه في اللغة على الأخذ، والملك، والتناول، والحوز، والإمساك، ويستعار لتحصيل الشيء. ينظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 1100، ط. دار العلم)، و"لسان العرب" لابن منظور (7/ 214، ط. دار صادر).
ومعنى القبض في اصطلاح الفقهاء يدخل فيه التخلية والتخلي، وهو أن يُخلِّي البائع بين المبيع والمشتري برفع الحائل بينهما على وجهٍ يجعل المشتري يَتَمكَّن من التصرُّف فيه، وهو ما يُسَمَّى بـالقبض الحكمي، وهو قائم مقام القبض الحقيقي أو الحسي.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 244، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) تفسير التسليم، والقبض؛ فالتسليم والقبض عندنا هو التخلية، والتخلي وهو أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلمًا للمبيع، والمشتري قابضًا له، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع] اهـ.
وقال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 145، ط. دار الفكر): [ولما بَيَّنَ صفة قبض المثلي بَيَّنَ صفة قبض غيره بقوله: (وقبض العقار)، وهو الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر (بالتخلية) بينه وبين المشتري وتمكنه من التصرف فيه بتسليم المفاتيح إن وجدت، وإن لم يخل البائع متاعه منها إن لم تكن دار سكنى، وأما هي، فإن قبضها بالإخلاء ولا يكفي التخلية (و) قبض (غيره) أي غير العقار من عروض وأنعام ودواب (بالعرف) الجاري بين الناس] اهــ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 466، ط. دار الفكر) عند كلامه على بيان مفهوم القبض: [والرجوع في حقيقته -أي: معنى القبض- إلى العرف فيه؛ لعدم ما يضبطه شرعًا أو لغةً؛ كالإحياء، والحرز في السرقة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 85، ط. مكتبة القاهرة): [وقبض كل شيءٍ بحسبه؛ فإن كان مكيلًا أو موزونًا، بيع كيلًا أو وزنًا، فقبضه بكيله ووزنه، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: التخلية في ذلك قبض. وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى: أنَّ القبض في كل شيءٍ بالتخلية مع التمييز؛ لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل، فكان قبضًا له؛ كالعقار] اهـ.
وتعدُّد هذه المعاني يَدُلُّ على أنَّ مفهوم القبض يتحقق بأي صورةٍ تمكَّن بها كلٌّ من طَرَفي المعاملة -بيعًا وشراءً وصرفًا.. إلخ- من التصرُّف في بَدَلِه وتحقَّق له القدرة على الاستلام، وهذا كلُّه مردُّه إلى العرف في كل المعاملات المستحدثة أو التي أطلقها الشرع الشريف ولم يقيدها بحدود؛ ولذلك يقول ابن تيمية الحنبلي في "مجموع الفتاوى" (29/ 16، ط. مجمع الملك فهد): [وما لم يكن له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع: فالمرجع فيه إلى عرف الناس؛ كالقبض المذكور في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْه حتَّى يَقْبِضه»] اهـ.
على ذلك وفي واقعة السؤال: فشراء السيارات الجديدة عن طريق المبادرة القومية لإحلال السيارات جائزٌ ولا حَرَج فيه شرعًا، فهو -أي: الشراء- يشتمل على عقدِ بيعٍ للسيارة القديمة "وهو التخريد"، وخَصْم ثمن التخريد من ثمن السيارة الجديدة المتعاقد عليها بالدَّعْم الـمُقَدَّم من الدولة، ومرابحةٍ يتوسَّط فيها البنك بين المعرض -صاحب السيارة الجديدة- والعميل بعد قبضٍ حكميٍ من البنك للسيارة الجديدة، وكلاهما جائزٌ بلا شُبْهَة شرعية، كما أنَّ الشراء بالتقسيط في هذه الحالة لا يُعَدُّ من الربا؛ وذلك لتَوسُّط السلعة -وهي السيارة- بين البائع والمشتري.
ودار الإفتاء تهيب بالناس عدمَ إثارة البلبلة فيما شأنه المصلحة العامة التي تَعْكِس الرؤية الثاقبة لمؤسسات الدولة لما فيه صالح البلاد والعباد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إنشاء صندوق للحج والعمرة وإيداع أمواله في البنك؟ فنحن بصدد إنشاء صندوق أو نظام للحج والعمرة للسادة الزملاء بشركتنا، على أن يكون رأس مال الصندوق قائمًا على اشتراكات السادة الأعضاء، والذي يخصم من راتبهم الشهري بانتظام بعد موافقتهم على نسبة الخصم، بجانب جزء صغير تدفعه الشركة سنويًّا كمساهمة اجتماعية للعاملين، علمًا بأن الصندوق يساهم بنسبة 35% من ثمن العمرة أو الحج للعامل، و20% للمرافق كمنحة لا ترد، ويتم تقسيط باقي المبلغ على الذين استفادوا من الخدمة؛ حيث إنه لا يشترط استفادة جميع المشتركين؛ حيث إن الأعداد محدودة، ويتم اختيار المستفيدين عن طريق عمل قرعة علنية.
فما هي شرعية وضع النقود بالبنك على شكل وديعة ذات فائدة سنوية ثابتة، أم يفضل شراء أذونات خزانة بالنقود المودعة، أم يتم إيداع النقود بحساب جاري بدون فائدة؛ أيها أفضل؟
ما حكم إيداع مبلغ في جمعية للحج بالقرعة؛ فقد تراضى لفيف من أعضاء إحدى الجمعيات على أن يدفع كلٌّ منهم ثلاثين قرشًا شهريًّا لنية الحج، وفي نهاية كل عام يجري اقتراع ليحج من بينهم عدد يتناسب والمبلغ المجموع، ويعتبر ما يستلمه العضو من مال الحج وديعة يسددها على أقساط شهرية عند العودة، مع العلم بأن مبلغ الثلاثين قرشًا الذي يدفع شهريًّا يعتبر كوديعة لدى الجمعية، بحيث يكون للدافع أن يسترد ما دفعه في أي وقت شاء، وهذه الفكرة نشأت بعد صدور قانون الجمعية فهو لا يتناولها وإن كان لا يتنافى معها.
ما دور الحساب الفلكي والوسائل العلمية الحديثة في تحديد بداية الشهور الهجرية؟ وما هو الرأي الشرعي في البحث المسمى: "الجدلية العلمية بين علماء الفلك وعلماء الشريعة حول بدايات ونهايات الشهور القمرية" لكاتبه السيد/ عبد السلام مهاجر خليفة قريرة، فوجدناه يدور حول عدة قضايا؛ منها:
- قضية الخلاف بين علماء الفلك وعلماء الشريعة.
- وقضية اعتبار الحساب الفلكي في إثبات هلال شهور رمضان وشوال وذي الحجة، باعتبارها حجر الزاوية بين الشهور القمرية.
- وقضية اختلاف المطالع، وأثرها على ثبوت دخول الشهر.
- وقضية شروق الشمس والقمر وغروبهما في الحسابات الفلكية، وفي القرآن الكريم.
- وقضية الصيام والحج، وما يترتب عليهما من عبادات.
- وقضية المراكز الفلكية واختلاف معاييرها.
- وقضية ميلاد الهلال، ورؤية الهلال.
- وقضية الوسائل العلمية الحديثة في التماس هلال أوائل الشهور القمرية، ومنها القمر الاصطناعي، وإمكانية بث صورة الهلال بعد غروب شمس التاسع والعشرين؛ ليراها جميع المسلمين في كل بقاع الأرض.
- وقضية الفرق بين علم الفلك، ومهنة التنجيم.
- وقضية توحيد أوائل الشهور القمرية لجميع المسلمين في العالم.
ما الحكم الشرعي للعقود الفورية مؤجلة التنفيذ لظرف طارئ بعد إبرامها وقبل تنفيذها؟ فنحنُ مكتب بيع قطع غيار سيارات، وتعاقدنا مع أحد الأشخاص على بيع صفقة بمواصفات محدَّدة بعد وصولها من الخارج، وتَمَّ الاتفاق على أن يدفع العميل كامل مبلغ الصفقة، على أن يتم التسليم الفعلي بعد شهرين، لكن فوجئنا بظروف استثنائية حالت دون وصول البضاعة في الوقت المحدد للتسليم، وقابل ذلك ارتفاع سعر الدولار مما أدى إلى زيادة أسعار مشمولات هذه الصفقة، بشكل يجعل تنفيذ هذا التعاقد غير مُجْدٍ اقتصاديًّا لنا، ونقع جراء ذلك في إرهاق مالي. فهل يجوز تعديل سعر هذا التعاقد نظرًا لهذا العارض الطارئ أو لا؟
ما حكم استخدام التمويل في غير الغرض المنصوص عليه في العقد؟ فقد حصل أحد الأشخاص على تمويل وتسهيلات ائتمانية من أحد البنوك لأغراض معينة تم تحديدها في العقود المبرمة بينه وبين البنك؛ فهل عليه وزر في ذلك شرعًا؟ وما حكم استخدامها في غير الأغراض والمجالات التي حددت في الموافقات الائتمانية؟
ما حكم ضمان عيوب الصناعة في السلعة المشتراة من البنك؟ فقد طلبت إحدى محاكم الاستئناف استخراج فتوى رسمية من دار الإفتاء في الدعوى القضائية المتضمنة: باع البنك سيارة الي أحد العملاء بنظام المرابحة، ووَجَدَ العميل عيوب صناعةٍ بالسيارة، وبعد فحصها من قِبل لجنة الرقابة الصناعية أقرَّت إلى وجودِ عيبٍ جسيم في الصناعة يستوجب تغيير المحرك كاملًا. فهل يضمن البنكُ عيوب الصناعة بالسيارة محل الدعوى من عدمه؟ وذلك طبقًا للشريعة الإسلامية.