حكم الشراء بالتقسيط عن طريق تطبيق إلكتروني

تاريخ الفتوى: 31 مارس 2022 م
رقم الفتوى: 6835
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم الشراء بالتقسيط عن طريق تطبيق إلكتروني

يقول السائل: هناك تطبيقٌ إلكتروني تابعٌ لإحدى المنصات يقوم بالبيع بالتقسيط اعتمادًا على المتجر الخاص بالتطبيق، فيقوم العميل من خلال التطبيق باختيار السلعة وطريقة التقسيط من حيث المدة والثمن، وبمجرد الضغط على خيارٍ معينٍ في التطبيق يكون الشخص قد اشترى ما اختاره؛ وفقًا لأنظمة التقسيط المتاحة والرصيد المتاح للعميل، وهذا كله يتم بعد التعاقد بين العميل والشركة مالكة المنصة الإلكترونية، والذي تشترط الشركة فيه بعض الشروط لمعرفة المقدرة المالية لكل عميلٍ، والذي على أساسه يتم إتاحة الرصيد الخاص به.
والسؤال: ما حكم الشرع في التعامل بهذا التطبيق الإلكتروني؟
 

 الشراء بالتقسيط عن طريق التطبيقات الإلكترونية التابعة للمنصات التي تقوم بالبيع بالتقسيط جائزٌ ولا حَرَج فيه شرعًا، فالمعاملة المذكورة تشتمل على عقدٍ مباحٍ بين الشركة والعميل، ثُمَّ عقد مرابحةٍ تتوسَّط فيه الشركة بين المتجر والعميل، بعد قبضٍ حكميٍّ من الشركة للمُنْتَج المراد تقسيطه، وكلاهما جائزٌ شرعًا، كما أنَّ الشراء بالتقسيط في هذه الحالة لا يُعَدُّ من الربا؛ وذلك لتَوسُّط السلعة المراد تقسيطها بين الشركة البائعة والمشتري

المحتويات

 

حكم الشراء بالتقسيط عن طريق تطبيق إلكتروني

واقع التعامل بهذا التطبيق -كما ورد في السؤال- يتم عن طريق عقدين مُرَكَّبين، الأول: عقدٌ طرفاه العميل والشركة، والثاني: عقد أطرافه العميل والشركة والمصنع أو معرض السلع الإلكترونية.

والعقد الأَوَّل لا حَرَج فيه؛ فالأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم؛ لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ١١٩]، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: ١٣]، فكل ما لم يَنْهَ الشرعُ عنه فهو مباحٌ؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَسَنَّ لَكُمْ سُنَنًا فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَشْيَاءَ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَتَرَكَ بَيْنَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ رَحْمَةً مِنْهُ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الطبراني في "مسند الشاميين" -واللفظ له- وفي "المعجم الكبير"، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله": عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ، وصَحَّحه الحافظ ابنُ الصلاح، وحَسَّنه الإمام النوويُّ.

وأما العقد الثاني فتكييفه شرعًا: أنَّه مُركَّبٌ أيضًا من معاملتين متعاقبتين؛ تأخذ الشركة في المعاملة الأولى المنتَجَ المراد شراؤه نقدًا من المتجر بثمن حالٍّ تدفعه الشركة للمتجر، ثم تبيعه الشركة القائمة على التطبيق في المعاملة الثانية للعميل المتعاقِد معها بثمن مؤجَّلٍ معلوم الأجل والأصل والزيادة.

الأدلة على جواز هذه المعاملة ونصوص الفقهاء في ذلك

من المقرر شرعًا أنَّه يصحُّ البيعُ بثمنٍ حالٍّ وبثمن مُؤجَّل إلى أجلٍ معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا؛ لأنها من قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأنَّ الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلَّا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لِأَجْلِهِ إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين. ولا يُعَدُّ ذلك مِن قبيل الربا؛ لأن القاعدة الشرعية أنه "إذا توسَّطت السلعة فلا ربا".

ولا يُؤثِّر في هذا الجواز أَنَّ العقد الثاني لا يَحْصُل فيه للشركة قبضٌ حقيقيٌّ حسيٌّ للمُنْتَج قبل بيعه بالتقسيط للعميل، -وهو شرط من شروط المرابحة؛ لئلا يؤول العقد لبيع ما لم يملك-؛ لأنَّ القَبْضَ الحقيقي أو الحسي وإن لم يكن حاصلًا في هذه الصورة؛ لكن ما يُعْرَف بـالقبض الحكمي أو القبض الاعتباري متحقِّق فيها، وهو قائم مقام القبض الحقيقي؛ فالقبض يدور معناه في اللغة على الأخذ، والملك، والتناول، والحوز، والإمساك، ويستعار لتحصيل الشيء. ينظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 1100، ط. دار العلم)، و"لسان العرب" لابن منظور (7/ 214، ط. دار صادر).

ومعنى القَبْض في اصطلاح الفقهاء يدخل فيه التخلية والتخلي، وهو أن يُخلِّي البائع بين المبيع والمشتري برفع الحائل بينهما على وجهٍ يجعل المشتري يَتَمكَّن من التصرُّف فيه، وهو ما يُسَمَّى بـالقبض الحكمي، وهو قائم مقام القبض الحقيقي أو الحسي.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 244، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) تفسير التسليم والقبض؛ فالتسليم والقبض عندنا هو التخلية والتخلي، وهو أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه، فيجعل البائع مُسَلِّمًا للمبيع، والمشتري قابضًا له، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع] اهـ.

وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 145، ط.  دار الفكر): [ولما بَيَّنَ صفة قبض المثلي بَيَّنَ صفة قبض غيره بقوله: (وقبض العقار)، وهو الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر (بالتخلية) بينه وبين المشتري وتمكنه من التصرف فيه بتسليم المفاتيح إن وجدت، وإن لم يُخْلِ البائع متاعه منها إن لم تكن دار سكنى، وأما هي، فإن قبضها بالإخلاء ولا يكفي التخلية، (و) قبض (غيره) أي: غير العقار من عروض وأنعام ودواب (بالعرف) الجاري بين الناس] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 466، ط. دار الفكر) عند كلامه على بيان مفهوم القبض: [والرجوع في حقيقته -أي: معنى القبض- إلى العرف فيه؛ لعدم ما يضبطه شرعًا أو لغةً؛ كالإحياء، والحرز في السرقة] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (4/ 85، ط. مكتبة القاهرة): [وقَبْض كل شيءٍ بحسبه؛ فإن كان مكيلًا أو موزونًا، بيع كيلًا أو وزنًا، فقبضه بكيله ووزنه، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: التخلية في ذلك قبض. وقد روى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى: أنَّ القبض في كل شيءٍ بالتخلية مع التمييز؛ لأنه خلى بينه وبين المبيع من غير حائل، فكان قبضًا له؛ كالعقار] اهـ.

وتعدُّد هذه المعاني يَدُلُّ على أنَّ مفهوم القبض يتحقق بأي صورةٍ تمكَّن بها كلٌّ من طَرَفي المعاملة -بيعًا وشراءً وصرفًا.. إلخ- من التصرُّف في بَدَلِه وتحقَّق له بها القدرة على الاستلام، وهذا كلُّه مردُّه إلى العرف في كل المعاملات المستحدثة أو التي أطلقها الشرع الشريف ولم يقيدها بحدود؛ ولذلك يقول ابن تيمية الحنبلي في "مجموع الفتاوى" (29/ 16، ط. مجمع الملك فهد): [وما لم يكن له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع: فالمرجع فيه إلى عرف الناس؛ كالقَبْض المذكور في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْه حَتَّى يَقْبِضه»] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ الشراء بالتقسيط عن طريق التطبيقات الإلكترونية التابعة للمنصات التي تقوم بالبيع بالتقسيط جائزٌ ولا حَرَج فيه شرعًا، فهو -أي: الشراء بالتقسيط- يشتمل على عقدٍ مباحٍ بين الشركة والعميل، ثُمَّ عقد مرابحةٍ تتوسَّط فيه الشركة بين المتجر والعميل، بعد قبضٍ حكميٍ من الشركة للمُنْتَج المراد تقسيطه، وكلاهما جائزٌ بلا شُبْهَة شرعية، كما أنَّ الشراء بالتقسيط في هذه الحالة لا يُعَدُّ من الربا؛ وذلك لتَوسُّط السلعة المراد تقسيطها بين البائع -وهي الشركة- والمشتري كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع الثمار قبل نضجها؟ حيث يقول السائل: في بلادنا يتعاقد الفلاح (البائع) والمشتري على القمح والشعير وأمثالهما من الحبوب قبل نضجها؛ فالبائع يأخذ المال مقدمًا، وحين تظهر الحبوب وتنضج يحصدها المشتري ويأخذها؛ فهل هذا البيع جائز؟ وهل يدخل تحت بيع السلم مِن منظور المذهب الحنفي؟


ما حكم زيادة البائع على السعر الذي اشترى به على الرغم من الاتفاق على عدم الزيادة؟ فهناك رجلٌ اشترى بهيمةً مِن السُّوق، وبعد شرائها بوقت قليل وقبل أن ينفضَّ السوقُ احتاج إلى المال، فعَرَضَها للبيع، فأقبَلَ عليه شخصٌ غيرُ الذي ابتاعَها منه ليشتريها منه، واتفَقَ معه على أنه سيبيعُها له بالثمن الذي اشتراها به مِن غير زيادة عليه، وأخبره بهذا الثمن، فوافَقَ المشتري على ذلك، وأعطاه الثمن الذي أخبره به، وأخذ البهيمة، وقبل أن يَنْفَضَّ السُّوقُ عَلِمَ هذا المشتري أن الثمن الذي اشترى به البهيمةَ أكثرُ مِن الثمن الذي اشتُرِيَت به، فاستحلَفَ ذلك الرجلَ، فأقرَّ بأنه قد زاد عليه في الثمن، لكن تَمَسَّك في الوقت ذاته بأن المشتريَ قد رَضِيَ بالثمن الذي أخبره به. والسؤال: هل للمشتري المذكور بعد تمام البيع أن يَستَرِدَّ الزيادة التي زادها عليه هذا الرجلُ (البائعُ) في ثمن البهيمة المذكورة؟


ما حكم الشراء الوهمي لمنتجات بعض التجار لزيادة رواج بضاعتهم وأخذ عمولة على ذلك؟ حيث أعمل على موقع على الإنترنت، لمساعدة التجار على إظهار السلعة بسرعة على مواقع بيع السلع، حيث نقوم بشراء وهمي لمنتجاتهم، حيث إنه كلما زادت مبيعاتهم تظهر أسرع؛ لكي يراها الناس بسرعة، ونأخذ عمولة على ذلك، فما الحكم؟


ما حكم رد المال المستقطع لصندوق الحج والعمرة بجهة العمل عند عدم استفادة العضو منه؟ حيث إننا بصدد إنشاء صندوق أو نظام للحج والعمرة للسادة الزملاء بشركتنا، على أن يكون رأس مال الصندوق قائمًا على اشتراكات السادة الأعضاء، والذي يخصم من راتبهم الشهري بانتظام بعد موافقتهم على نسبة الخصم، بجانب جزء صغير تدفعه الشركة سنويًّا كمساهمة اجتماعية للعاملين، علمًا بأن الصندوق يساهم بنسبة 35% من ثمن العمرة أو الحج للعامل، و20% للمرافق كمنحة لا ترد، ويتم تقسيط باقي المبلغ على الذين استفادوا من الخدمة؛ حيث إنه لا يشترط استفادة جميع المشتركين؛ حيث إن الأعداد محدودة، ويتم اختيار المستفيدين عن طريق عمل قرعة علنية.
والسؤال هو: في حالة وفاة أي عضو لم يستفد من الخدمة؛ هل يسترد قيمة ما تم دفعه بالكامل من الصندوق ويُسَلَّم للورثة، أم يمكن استقطاع جزء من المبلغ، أم يمكن عدم رد المبلغ بالكامل، كذا في حالة بلوغه سن التقاعد؛ هل يمكن عدم رد القيمة بالكامل؟


 ما حكم ما يدفعه المستأجِر من مَالٍ زائدٍ على القيمة الإيجاريَّة للمؤجِّر؛ لبيان الملاءة المالية، وضمان المتلفات التي قد يتسبب فيها المستأجر أثناء مدة تأجير العين، وقد يتم سداد قسط مُتأخِّر من الإيجار منها، وهل يجوز للمُؤجِّر أخذ هذا المال الزائد؟ وهل له أن يتصرف فيه كما يشاء؟


ما حكم المطالبة بزيادة الثمن بعد إتمام البيع؟ حيث باعت أختي لشقيقي مساحةً من الأرض بعقد ابتدائي، وبعد فترة وجيزة تم عمل طريق رسمي بجوار هذه الأرض ومُدت خطوط الكهرباء فيه؛ مما أدى إلى ارتفاع قيمة الأرض. فهل من حق أختي أن تطالب بفرق الثمن؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يوليو 2025 م
الفجر
4 :24
الشروق
6 :6
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :26