التحذير من التعصب المذهبي

تاريخ الفتوى: 03 أكتوبر 2021 م
رقم الفتوى: 6651
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
التحذير من التعصب المذهبي

يقول السائل: بعض الناس المنتسبين للمذاهب الفقهية لا يقبلون اختلاف المذاهب الأخرى، ومنهم من ينكر العمل بها؛ فما حكم ذلك؟

المذاهب الفقهية الإسلامية: مدارس علمية متعددة متكاملة، اجتهدت في فهم النصوص الشرعية وفق المقاصد المرعيَّة تحت سقف الإجماع واللغة، وهذه المذاهب هي أعظمُ مظهرٍ من مظاهر الرُّقِيِّ في الحضارة الإسلامية التي قامت على خدمة النصِّ الشرعيّ؛ نقلًا، وإسنادًا، وتوثيقًا، وتدوينًا، وكتابةً، وفهمًا، وتوظيفًا، وتطبيقًا؛ فكان النَّص في هذه الحضارة:

هو المنطلق: الذي منه البدء.

وهو المنتهى: الذي هو الغاية والقصد.

وهو المحور: الذي شُكِّلَت على وفقه الحضارة.

وهو المعيار: الذي به تقويم الحراك البشري والحضاري.

والمذاهب الفقهية تنوعٌ مؤصَّل، واختلافٌ متكامل، بدأ بانتشار الصحابة في البلدان، وإدراكهم لطبائعها وبيئاتها، وتفاعلهم مع أعرافها وعاداتها؛ حتى نتجت من ذلك المدارس الفقهية السُّنّية؛ بدءًا بمدرسة الرأي عند الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في الكوفة، ثم مدرسة النص وعمل أهل المدينة عند إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ثم مدرسة الجمع بينهما عند عالم قريش؛ الإمام الشافعي الذي ملأ الأرض علمًا، وانتهاء بمدرسة الحديث في بغداد عند إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم؛ فمذاهبهم إنَّما هي ضوابط لفهم الشريعة، ومسالك لاستنباط الأحكام من الوحي؛ حيث تفاعل كل إمام مع مقتضيات عصره وأعراف مصره، فجاء فقههم مُحقِّقًا لمصالح مجتمعاتهم، ومتلائمًا مع أعراف بيئاتهم في مختلف جوانب حياتهم، وطبَّقوا الأحكام تطبيقًا تَغيَّوْا فيه مقاصد الشرع ومصالح الخلق؛ فرأينا تنوع المذاهب على اختلاف الأقطار، واشتهر أهل كل بلدٍ بمذهبٍ مُعيَّن من المذاهب التي اتفقت الأمة الإسلامية على قبولها والعمل بها جيلًا بعد جيل.

قال الإمام الشعراني في "الميزان" (1/ 59، ط. عالم الكتب): [الشريعة كالشجرة العظيمة المنتشرة، وأقوال علمائها كالفروع والأغصان] اهـ، وقال (1/ 74): [الشريعة المُطهرة جاءت شريعةً سمحاءَ واسعةً شاملةً قابلةً لسائر أقوال أئمة الهُدى مِن هذه الأمة المُحمَّدية، وأنَّ كُلًّا منهم -فيما هو عليه في نفسه- على بصيرةٍ من أمره وعلى صراطٍ مستقيم، وأنَّ اختلافهم إنَّما هو رحمة بالأمة، نشأ عن تدبير العليم الحكيم] اهـ.

وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (1/ 140-141، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال الزناتي: والمذاهبُ كلها مسالكٌ إلى الجنة، وطُرقٌ إلى السعادة، فمن سَلَكَ منها طريقًا وصَّله] اهـ.

وذلك كلّه من التيسير الذي جاءت به الشريعة للمُكلَّفين، وأسباب رفع الحرج عنهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ» أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح".

ولذا فتنبه دارُ الإفتاء المصرية على أنَّ اتِّباع مذهبٍ بعينه لا يجوز أن يكون مبعثًا على التعصب في مجال الفتوى والعمل؛ فإنَّ فقهاء المذاهب وأئمتها كانوا ربما تركوا مذاهبهم في مسائل معينة وعملوا -في أنفسهم وفي الإفتاء لغيرهم- بالأقوال التي كانوا يرون أنها أكثر تحقيقًا لمقصود الشريعة، وأكثر مراعاة لمصالح الناس، وإنما فعلوا ذلك لأنَّ هناك فارقًا بين التعلُّم والإفتاء؛ ولذلك راعى العلماء المسائل الخلافية بين المذاهب من جهات متعددة؛ فأداروا الأقوال الخلافية بين الرُّخص والعزائم، وأجازوا العمل بقول مَن أباح تخلصًا من الإثم، ونَصُّوا على مشروعية طلب الأيسر والفتوى به، وجعلوا من قواعدهم الإمساكَ عن الإنكار على المخالف وحرَّموا تفسيقه، ونَصُّوا على وجوب تصحيح تصرفات المكلفين وحملها على الصحة ما دام أنَّ لها وجهًا صحيحًا في مذهب مُعْتَبَرٍ، ونَصُّوا أيضًا على أنَّ للمفتي أن يحيل المستفتيَ إلى مفتٍ غيره ما دام يرى أنَّ مذهب المحال عليه أنفع له أو أيسر عليه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى عدم صحة وصف المسلم بالنجاسة إذا تأخر في غسل الجنابة؟ فسائل يقول: هل المسلم الذي يُؤخِّر الاغتسال من الجنابة يكون نجسًا حتى يغتسل؟


ما حكم الشرع فيمن بتعمَّد السخرية والاستهزاء من أصحاب الاضطرابات والمشاكل النفسية؛ كـ«مرضى التَّوحُّد»، و«مرضى متلازمة داون»؟


ما حكم قضاء الحاجة بجوار المقابر؟ فقد سئل في رجل أجرى بناء حوش بجبانة المسلمين بأرض الإمام الليث رضي الله عنه، وجعل في بناء الحوش مرحاضًا عموميًّا بجوار المقابر، حتى إن حيطان هذا المجرور سالت منها المياه النجسة، وبها بعض من الغائط على المقابر التي بجوارها؛ حيث جئت بميت لي لدفنه، وبفتح القبر الذي بجوار المجرور فوجدته مملوءًا بالمياه ويتبعها شيء من الغائط، وشاهد ذلك كثيرٌ من المُعزّين -أي: المؤاجرين في الجنازة-، وقد أحضر بعضهم من الأتربة لتجفيف القبر ونزول الجثة، ولم يزل هذا المحل يصبُّ من جميع جوانبه إلى القبور المجاورة له، فهل يجوز فتح هذا المجرور بأرض وقف المسلمين وبها موتى المسلمين ويكون ذلك شرعًا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الأجر والثواب.


ما حكم حمل الناس في سيارة لزيارة قبر السيدة آمنة وأخذ الأجرة على ذلك؟ حيث إن زوجي يملك سيارة أجرة، ويقوم بحمل الزوَّار لزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويأخذ مقابل ذلك أجرة مالية يشترطها قبل إركاب الزائرين والحجاج والعمَّار معه، أو يتفق مع المسؤول عن حَمْلَةِ من يقومون بالمناسك على ذلك، فهل عمله ذلك جائز شرعًا؟ وهل ما يأخذه من أجرة تجوز له؟


ما حكم التهنئة بالعام الهجري؛ حيث يدعي البعض أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع؛ لأن بداية العام ليست من الأعياد التي يُهنَّأ بها، وإنما هو شيء ابتدعه الناس؟


كيف تعامل الشرع الشريف مع الأمراض المعدية؛ كوباء كورونا المستجد؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 يوليو 2025 م
الفجر
4 :25
الشروق
6 :7
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :25