ما حكم الشرع في رجل يتلصَّص ويتجسَّس على الجيران ويُسيء الظن بهم وينظرُ نظرات سوء لجميع من يقابلهم، ويتلذَّذ باغتياب الناس، ويلفِّق التهم مدعيًا أنها شائعات لمجرد إشباع غريزته على حساب أقرب الناس إليه؟
كل هذه الأفعال والخصال الوارد ذكرها في السؤال محرمة شرعًا، قد نهانا الله عنها في بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 11- 12].
تضمن هذا السؤال أفعالًا وخصالًا مذمومة جاء النَّهي القاطع عنها في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 11-12]. وهذه الأفعال:
أ- السخرية بمعنى الاستهزاء؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره الجامع لأحكام القرآن": [اختلف في سبب نزولها.. وقيل نزلت في عكرمة بن أبي جهل حين قدم المدينة مسلمًا، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا ابن فرعون هذه الأمة، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت، وبالجملة فينبغي أن لا يجترئ أحد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رث الحال، أو ذا عاهة في بدن، أو غير لبق في محادثته، فلعله أخلص ضميرًا أو أنقى قلبًا ممن هو على ضد صفته؛ فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله، والاستهزاء بمن عظمه الله، ولقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم وتَصَوّنهم من ذلك أن قال عمر بن شراحبيل: "لو رأيت رجلًا يرضع عنزًا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل الذي صنع". وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا".. وقال عليه السلام: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»] اهـ.
ب- اللمز: بمعنى العيب، نهانا الله عن أن يعيب بعضنا البعض، وأن يطعن بعضنا البعض، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ تنبيه إلى أن العاقل لا يعيب نفسه، فلا ينبغي أن يعيب غيره؛ لأنه كنفسه.
وقيل: من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره، فمن فعل ما نهى الله عنه من السخرية والهمز والنبز فذلك فُسُوقٌ لا يجوز.
ج- التنابز: نبزه أي: لقبه بلقب السوء الذي يكرهه، وهو في النهي عنه كاللمز.
د- الظن: في الآية التهمة التي لا سبب لها يوجبها؛ كمن يُتَّهَمُ بالفاحشة، أو بشربِ الخمر مثلًا ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك.
فكلّ ظن لم تعرف له أمارةٌ صحيحة وسببٌ ظاهر يكون حرامًا واجب الاجتناب إذا كان المظنون به ممن شُوهد منه الستر، وعُرِف بالأمانة في الظاهر، فظن الفساد به محرم؛ قال عليه السلام: «إِن الله حرم من الْمُسلم دَمه وَعرضه وَأَن نظن بِهِ ظن السوء».
هـ- التجسس: البحث عما يُكْتَم، وقد نهى الله عن تتبع عورات المسلمين؛ أي لا يبحث أحدٌ عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله؛ قال عليه السلام: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَةَ أَخِيهِ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ» رواه أحمد.
و- الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره؛ قال عليه السلام فيما رُوِي عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» رواه مسلم.
وقال الحسن: "الغيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله؛ الغيبة والإفك والبهتان؛ فأما الغيبة: فهي أن تقول في أخيك ما هو فيه، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه، وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه، وقد مثل الله الغيبة بأكل لحم الميتة؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنما ضرب الله هذا المثل للغيبة؛ لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذا الغيبة حرام في الدين، وقبيح في النفوس، وهي كبيرة من الكبائر تجب التوبة منها لله عز وجل".
هذه هي الفعال المذمومة التي ورد النهي عنها في الآيات والأحاديث الكريمة السابقة، وطلب من فاعلها التوبة منها؛ لأنها إثم وبهتان ولا تخرج الأفعال المسؤول عنها في السؤال، وقد بينا حكمها فيما سبق. ومنه يعلم الجواب عما سأل عنه السائل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم اتباع الإنصاف لغير المسلم المتقن في عمله؟ حيث بعض الناس يرفض ذلك ويقول بأن هذا مخالف لمبدأ الولاء والبراء؛ فما مدى صحة ذلك؟
ما الفرق بين الحسد والغبطة؟ فبعض الناس عندما يرى ما يعجبه عند الآخرين يتمني حصول مثل النعمة التي عندهم من غير تمني لزوالها منهم، فقال له أحد أصدقائه: إن هذا حسد، وهو أمر منهي عنه شرعًا؛ فنرجو منكم بيان ما يفعله المسلم إذا رأى شيئًا أعجبه عند غيره وتمناه.
سائل يقول: شخص حلف بالله على شيء يظنه كما حلف، فبان هذا الأمر بخلاف ما قسم. فهل تجب عليه كفارة اليمين؟
ما ضابط الغيبة في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12]؟ وهل ما يقوم به بعض الناس من الحديث مع غيرهم بما تضيق به نفوسهم وهو ما يُسمى بالتنفيس عن النفس (الفضفضة) يُعدُّ من الغيبة الممنوعة شرعًا؟
ما حكم صلاتي في المنزل بدلًا من المسجد خوف الوقوع في الرياء وحبّ الظهور؟ وما الذي يجب عليَّ فعلُه؟
ما حكم أخذ الوكيل فرق السعر من البائع لنفسه دون علم الموكل؟ فهناك رجلٌ وكَّل صديقَه في شراء سيارةٍ مِن نوعٍ معيَّن -لخبرته في هذا المجال- بمقابلٍ معلومٍ مِن المال، فذهب هذا الصَّديق (الوكيل) إلى أحد معارِض السيارات، وبعد معاينة السيارة والاتفاق على ثمنها عاد وأخبر الرجل (الموكِّل) بما اتفق عليه مع صاحب المعرض، فوافَقَ وأعطاه ثمن السيارة ليشتريها، ولَمَّا عاد الوكيلُ إلى صاحب المعرض أَلَحَّ عليه في عمل تخفيضٍ مِن ثمنها، فوافق صاحبُ المعرض وخَصَم له مبلغًا لا بأس به مِن المتَّفَق عليه مُسبَقًا، ويسأل: هل يجوز له أَخْذُ هذا المبلغ الذي تم خصمُه بعد تَعَبٍ ومجاهَدَةٍ مع صاحب المعرض دون إخبار الموكِّل بما جَرَى؟