حكم تأخير سنة الصبح بدعوى التأكد من دخول وقت الفجر

تاريخ الفتوى: 30 أكتوبر 2014 م
رقم الفتوى: 5620
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم تأخير سنة الصبح بدعوى التأكد من دخول وقت الفجر

ما حكم تأخير سُنةَ الفجرِ إلى بعد صلاة الصُّبح احتياطًا لِلتأكد مِن دُخُول الوقت؟
حيث يقول بعض مدعي العلم من غير المتخصصين بأنّ مَوعِدَ أذانِ الفَجرِ المُحدَّدِ الآن يَقَعُ قَبلَ مَوعِدِه الصحيح، وينشرون هذا القول بين عامّة الناس.

لا يجوز تأخير سُنةَ الفجرِ إلى ما بعد صلاة الفريضة بدعوى عدم صحة توقيت صلاة الصبح؛ فالتوقيتُ الحاليُّ لصلاة الفجر صحيحٌ يَجبُ الأخذُ به؛ لأنه ثابِتٌ بإقرارِ المُتخصِّصين، وهو ما استَقَرَّت عليه اللِّجانُ العِلمية.
ودعوى الخطأ في ذلك دعوى باطلة وغير قائمة على علم شرعيٍّ أو كونيٍّ صحيح؛ فهي صادرة عن غير المتخصصين، وفيها تجاوز لأهل الذكر وأولي العلم، وتفريقٌ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الأخذ بما قال بصحته العلماء والمتخصصون، فلا يجوز القول بذلك ولا نشره في الناس، ولا ينبغي إثارةُ أمثالِ هذه المسائلِ إلَّا في الدوائر العِـلميةِ المتخصصة.

المحتويات

 

علامات دخول وقت صلاة الفجر

الفجر يعرف بعلاماته التي جعلها الشارع أسبابًا دالةً عليه، وذلك بانتشار ضوئه المستطير في الأفق؛ كما بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بسنته بيانًا واضحًا: فَرَّقَ فيه بين الفجر المستطير الصادق الذي يدخل به وقتُ صلاة الفجر والذي ينتشر ضوؤه يمينًا وشمالًا، وبين الفجر المستطيل الكاذب الذي هو كهيئة المخروط المقلوب؛ فأخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ، وَلِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الفَجْرُ -وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل- حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا»، وقال زهير -أحد رواة الحديث-: بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى، ثم مدها عن يمينه وشماله.

وأخرج أبو داود والترمذي وحسَّنه في "سننهما" عن طَلْق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَلَا يَهِيدَنَّكُمُ السَّاطِعُ الـمُصْعِدُ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا، حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الأَحْمَرُ».
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (2/ 105، ط. المطبعة العلمية): [الساطع: المرتفع، وسطوعها: ارتفاعها مصعدًا قبل أن يعترض، ومعنى الأحمر ههنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل حمرة؛ وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة، والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل لما فيه من بياض وحمرة] اهـ.
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 288، ط. مكتبة الرشد): عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْفَجْرُ فَجْرَانِ، فَأَمَّا الَّذِي كَأَنَّهُ ذَنَبُ السِّرْحَانِ، فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَلَكِنِ الْمُسْتَطِيرُ».
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/ 136، ط. دار المعرفة): [أي: هو الذي يحرم الطعام ويُحل الصلاة] اهـ.
وأخرجه الدارقطني في "سننه" (3/ 114، ط. مؤسسة الرسالة): من حديث عبد الرحمن بن عائشٍ رضي الله عنه، وقال: [إسناده صحيح] اهـ.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 304، ط. دار الكتب العلمية): عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: [هذا حديث صحيح على شرط الشيخين في عدالة الرواة ولم يخرجاه، وأظن أني قد رأيته من حديث عبد الله بن الوليد عن الثوري موقوفًا والله أعلم، وله شاهد بلفظ مفسر، وإسناده صحيح] اهـ. ووافقه الحافظ الذهبي.

الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر

قد فَهِم علماء الفلك المسلمون والمختصون في المواقيت هذه العلاماتِ والمعاييرَ الشرعية فَهمًا دقيقًا، ووضعوها في الاعتبار، وضبطوها بالمعايير الفلكية المعتمدة.
فالتوقيتُ الحاليُّ صحيحٌ يَجبُ الأخذُ به؛ لأنه ثابِتٌ بإقرارِ الـمُتخصِّصين، وهو ما استَقَرَّت عليه اللِّجانُ العِلمية، ولا ينبغي إثارةُ أمثالِ هذه المسائلِ إلَّا في الغُرَفِ العِـلميةِ الـمُغلَقةِ التي يَخرجُ بَعدَها أهلُ الذِّكر فيها مِن الفَلَكِيِّين وعلمـاءِ الجيوديسيا بقرارٍ مُوَحَّدٍ يَسِيرُ عليه الناسُ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، وما لم يَحصُل ذلك فالأصلُ بَقاءُ ما كان على ما كان؛ لأنَّ أمرَ العباداتِ الجماعيةِ الـمُشتَرَكةِ في الإسلام مَبنِيٌّ على إقرارِ النِّظامِ العامِّ بِجَمْعِ كَلِمَةِ المسلمين ورَفْضِ التناوُلَاتِ الانفِرادِيَّةِ العَشْوَائيَّةِ للشَّعَائرِ العامَّة، وفي مِثلِ ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» أخرجه الترمذي وصَحَّحَه مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

كما أن دعوى الخطأ في تحديد الفلكيين وعلمـاءِ الجيوديسيا لوقت الفجر هي دعوى باطلة لم تُبْنَ على علمٍ شرعيٍّ أو كَوْنيٍّ صحيح، وهي افتئاتٌ على أهل الاختصاص وأولي الأمر، وشقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الالتفاف حول العلماء والأخذ بما صوَّبوه، فلا يجوز القول بها، ولا نشرها في الناس.
ومن الشواهدِ التي تشهد بصحَّة التوقيت الحالي والتي يراها كلُّ أحد:
أن الله تعالى قد أجرى عادة الدِّيَكة بالصياح عند وقت الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ» أخرجه الإمام أحمد، والطيالسي، والحميدي، وعبد بن حميد في "مسانيدهم"، وأبو داود في "سننه"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وابن حبان في "صحيحه" عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.
وفي روايةٍ للطبراني في "المعجم الأوسط" و"الكبير": «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِوَقْتٍ».
وأخرجه الحافظ أبو طاهر السلفي في الجزء التاسع من "المشيخة البغدادية" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ».
قال الإمام الحليمي الشافعي -فيما نقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 353، ط. دار المعرفة)-: [معناه: أن العادة جرت بأنه يصرخ عند طلوع الفجر وعند الزوال؛ فطرةً فَطَرَهُ الله عليها] اهـ.
وقال الحافظ العيني في "عمدة القاري" (15/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [وللديك خاصية ليست لغيره من معرفة الوقت الليلي؛ فإنه يقسط أصواته فيها تقسيطًا لا يكاد يخطأ، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده؛ سواء طال الليل أو قصر، وفيه دلالة أن الله تعالى جعل للديك إدراكًا] اهـ.
وقال الإمام الدميري في "حياة الحيوان الكبرى" (1/ 478، ط. دار الكتب العلمية): [أعظم ما في الديك من العجائب: معرفة الأوقات الليلية، فيقسط أصواته عليها تقسيطًا، لا يكاد يغادر منه شيئًا سواء طال أو قصر، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، فسبحان من هداه لذلك، ولهذا أفتى القاضي حسين والمتولي والرافعي بجواز اعتماد الديك المجرّب في أوقات الصلوات] اهـ.
وليس معنى هذا أن صياحه علامةٌ على دخول الوقت، وأن صياحه بمجرده هو موضع الاعتماد، بل المقصود الاعتضاد بذلك مع انضمام العلامات الشرعية الدالة على دخول وقت الصلاة، بل قد نصَّ جماعة من العلماء على أن صياح الديك أمارة على دخول وقت الفجر يؤخذ بها عند الاشتباه؛ لحصول غلبة الظن بدخول الوقت بها.
قال الحافظ شمس الدين السفيري في "المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية" (1/ 319، ط. دار الكتب العلمية): [ذكر العلماء أنه يجوز الاعتماد على الديك المجرَّب في أوقات الصلوات، وكانت الصحابة يسافرون معهم بالديك تُعَرِّفهم أوقات الصلاة] اهـ.
وقال الحافظ القسطلاني في "إرشاد الساري" (5/ 309، ط. المطبعة الكبرى الأميرية) في شرح الحديث المتقدم: [ولا يجوز لهم أن يُصَلُّوا بصراخه من غير دلالة سواها، إلا مَن جُرِّب منه ما لا يُخْلَف فيصير ذلك له إشارة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 120، ط. دار الكتاب الإسلامي) مبينًا حكم الاعتماد على صوت الديك المجرّب: [(وللبصير والأعمى وإن قدرا على اليقين بالصبر)، أو بغيره (الاجتهادُ للوقت في الغَيْمِ) أو نحوه مما يحصل به الاشتباه في الوقت، (بمُغَلِّبٍ ظنًّا) بدخوله؛ (كالأوراد وصوت الديك المجرَّب) إصابته الوقت، هذا (إن لم يخبرهما ثقةٌ عن عِلْمٍ) أي مشاهدة، وإن أخبرهما عن علمٍ امتنع عليهما الاجتهاد كوجود النص] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فإن دعوى الخطأ في تحديد أهل العلم من الفلكيين والشرعيين لوقت الفجر دعوى باطلة، لم تُبْنَ على علم شرعي أو كوني صحيح، وهي افتياتٌ على أهل العلم وأولي الأمر، وشقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الأخذ بما صوَّبه العلماء، فلا يجوز القول بها ولا نشرها في الناس.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما هى فتوى دار الإفتاء المصرية في توقيت الفجر؟ فقد اطَّلعنا على الخطاب المقدم من رئيس الهيئة المصرية العامة للمساحة، والمتضمن: كتاب وزارة الموارد المائية والري، والمرفق به شكوى متكررة؛ بشأن طلب تعديل حساب وقت صلاة الفجر؛ حسب كتاب معهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية الموجه للإدارة المركزية للشئون الهندسية بوزارة الأوقاف، والمرفق بالخطاب، والذي أفاد:
بأن المعهد بصفته الجهة البحثية التي يمكنها القيام بمثل هذه الأبحاث، وبما لديه من أبحاث وكوادر علمية متخصصة في مواقيت الصلاة ورؤية الهلال، قد قام بالعديد من الأبحاث العلمية بما يخص صلاة الفجر، بداية من 1984م وحتى الآن، والمنشور في مجلات علمية متخصصة، بالإضافة إلى رحلات علمية جماعية من المتخصصين وغيرهم في مواقع عدة من جمهورية مصر العربية حول صحة ميقات صلاة الفجر، وقد خلصت فيها النتائج إلى أن ميقات صلاة الفجر يحين عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار 14.7°، وأن زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق المعمول بها حاليًّا 19.5°، علمًا بأن الجهة التنفيذية المسئولة عن حساب مواقيت الصلاة ونشرها في المحافظات هي هيئة المساحة المصرية.


ما حكم صلاة السنن لمن عليه فوائت؟ فقد وقع في بلدتنا خلافٌ في هذه الأيام ما بين العلماء الجاويين في مسألة السُنَّة والقضاء، وقد أفتى جمهورهم ببطلان السُنَّة وتركها، ويحرم فعلها إذا كان عليه قضاء مطلقًا بلا قيد ولا شرط، فبناءً على هذه الفتاوى الصادرة قد اتخذ العوام ذلك سلاحًا عظيمًا وبرهانًا جليًّا وساطعًا لهدم سنن أشرف العباد وفقًا لأهوائهم، مرتكزين على أقوال علمائهم الذين أعانوهم بكل صراحة، فقد دب وسرى ذلك الداء في قلوبهم حتى أمثال العيدين وصلاة الجنائز والتراويح بطلت، ولم يفعلها إلا القليل النادر، ولهذه الحالة أصبحت شعائر الإسلام آخذة في الوهن، مع أن السلف الصالح رحمهم الله تعالى قالوا: "إذا كان عليه فوائت فلا بد من صرف زمنه للقضاء، إلا ما اضطر كنوم ومؤنته ومؤنة من تلزمه جاز له ذلك على قدر الضرورة"، فهذا مراد السلف الصالح في كتبهم بتحريم السنة، فمِن أين للعلماء المذكورين الآن هذا الاستنباط بتجويز كل عمل ما عدا السنة لا يجوز فعلها على الإطلاق، وإذا فعلها كانت إثمًا مبينًا وذنبًا عظيمًا، وهناك الطَّامة الكبرى كما يُفهَم من كلامهم وتصريحهم؟! وبعكسه إذا لم يصرف جميع زمانه للقضاء، أبفعل السنة يؤثم أو يثاب على الترك عمدًا؟ أفيدونا مأجورين.


هل تصح إمامة الطفل البالغ من العمر تسع سنوات لأمه من باب تشجيعه على الصلاة؟


ما حكم الصلاة بالقفازين لشدة البرد؟ فأنا أحيانًا في فصل الشتاء أرتدي في يدي القفاز أو ما يعرف بـ"الجوانتي"، ويشق عليَّ نزعه بسبب شدة البرد؛ فهل يجوز لي أن أصلي به أو يجب عليَّ نزعه؟


هل تصحُ صلاة الفريضة أو النافلة مع وجود الجنازة مستعرضة في خشبتها في قبلةِ المصلين؟


ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :53
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 31
العشاء
7 :48