ما مدى ولاية وليّ شخص من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة على زوجة هذا الشخص وأولاده؟
الأصل أن الوليَّ قائمٌ مقام مَنْ تحت ولايته من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة في رعاية شؤون زوجته وأولاده، وما يحتاجون إليه من نفقاتٍ وطعامٍ وكسوةٍ ونحو ذلك، ولذلك فإنه ينوب عنه فيما كان سيباشره من قرارات وأمور تتعلق بنفسه وأسرته لو كان عاقلًا، على أن يكون تصرفه هذا بما فيه مصلحته والأفضل له.
المحتويات
الأصلُ أن الوليَّ قائمٌ مقام مَنْ تحت ولايته من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة في رعاية شؤون زوجته وأولاده؛ فسبب نصْبِ الوليّ هنا: هو صيانة ناقص الأهلية، والتصرف له بما فيه الأحَظُّ له، ولذلك فإنه ينوبُ عنه فيما كان سيباشره من قراراتٍ وأمورٍ تتعلق بنفسه وأسرته لو كان عاقلًا.
وكلامُ الفقهاءِ دالٌّ على هذا صراحةً ولزومًا فيما يتعلق بالمجنون، ولا فرق بين المجنون والمعاق ذهنيًّا؛ بجامعِ نقصانِ الأهليّة في كلٍّ؛ من ذلك:
ما ذكروه من أنَّ ما يَتَعَلَّق بزوجةِ المجنون من نفقةٍ وكسوةٍ إنما تستوفيها من وَلِيِّه، كما أنه هو الذي ينظّم قَسْم المجنونِ بين زوجاته إن كان له أكثر من زوجة؛ يقول الشيخ محمد عليش في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (3/ 536، ط. دار الفكر-بيروت): [(و) يجب (على وليِّ) الزوج البالغ (المجنون) الذي له زوجتان أو أكثر (إطافته) على زوجتيه أو زوجاته؛ بأن يُدخله على إحداهما عَقِب غروب الشمس، ويبقيه عندها إلى غروب شمس اليوم الذي يليها -أي: الليلة السابقة-، فيخرجه من عندها ويُدخله على أخرى كذلك، وهكذا، كما يجب عليه نفقتهن وكسوتهن؛ لأنها من الحقوق البدنية التي يتولَّى وليُّه استيفاءَها له أو تمكينَه منها حتى يستوفِيَها] اهـ.
ومنه: ما قاله شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "فتح الوهاب شرح منهج الطلاب" (1/ 184، ط. دار الفكر): [(ولو أحرم رقيقٌ) ولو مكاتبًا (أو زوجة بلا إذن) فيما أحرم به (فلمالكِ أمرِه) من سيّد أو زوج (تحليلُه)، بأن يأمره بالتحلُّلِ؛ لأن تقريرهما على إحرامهما يعطّل عليه منافعهما التي يستحقها، فلهما التحلُّلُ حينئذٍ] اهـ.
قال العلامة الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (2/ 548، ط. دار الفكر): [(قوله: فلمالك أمره.. إلخ) نعم، لو سافرت معه وأحرمت؛ بحيث لم تُفَوِّت عليه استمتاعًا؛ بأن كان محرمًا، ولم تطل مدة إحرامها على مدة إحرامه، فليس له تحليلها على الأَوجَه. وكذا لو أحرمت بنذر معين قبل النكاح مطلقًا، أو بعده بإذنه، أو بقضاء فوري، ولوليّ زوج أو سيّد المنع مطلقًا] اهـ.
فهذا النَّص من العلامة الجمل يبين أنه لو قام بالشخص ما يوجبُ قيام ولاية الغير عليه -كما في المجنون والمعاق ذهنيًّا- فإنَّ هذا الوليّ له أن يتدخّل بمنع زوجة المولى عليه من إكمال الإحرام في الصورة المذكورة؛ وليس ذلك إلَّا لأنه يقوم مقام مولِّيه في الإذن والمنع.
قد بحث فقهاءُ الشافعيَّةِ أيضًا مسألة: هل يمتنع على زوجة المجنون صوم التطوع مع حضوره أو ينوب عنه وليه في الإذن وعدمه؟ أو يُقال: إن كان الاستمتاع يضرّه أذن لها وليه، وإن كان ينفعه أو لا يضره فلا؟ قال العلامة الشهاب الرملي -بعد أن ذكر هذا- في "حاشيته على أسنى المطالب" (3/ 435، ط. دار الكتاب الإسلامي: [وفيه احتمالٌ، قاله الأَذرَعي] اهـ.
فكأنَّ ترددهم بين اعتبار الوليّ في الإذن وعدمه، وبين حكمهم بعدم جواز صوم زوجة المجنون في التطوع مع حضوره، منشؤه تنازع أمرين:
الأول: أنَّ الأصلَ في الولي أنه كما ينوب عن المجنون في إدارةِ شؤونه، فكذلك ينوب عنه فيما يتعلق بإدارة شؤون أسرته.
والثاني: أن المَجنونَ لا يصحّ إذنه، وقد تتجدد عليه دواعي الوطء، وهذا أمرٌ لا مدخل لوليه في ضبطه، فلم يمكن ردّ السماح للزوجة بالصوم إلى إذن الولي، أو يمكن أن يعتبر إذن الولي إذا كان المجنون يتضرر بالوطء؛ لأن الإذن في هذه الحالة سببه حجب الضرر عن المجنون، فهو تصرّف بما تقتضيه مصلحته، بخلاف ما إذا كان ينفعه أو لا يضره؛ لاحتمال تجدد الدواعي، وتضرره حينئذ بالامتناع.
ومنه: ما قاله العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 147، ط. عالم الكتب): [(ولوَلِيّ مجنونٍ) طَلَّقَ بلا عِوَضٍ دون ما يملكه وهو عاقل ثم جُنَّ (في عدتها رجعتُها، ولو كرهت) المطلقةُ ذلك؛ لقيام وَلِيِّه مقامَه؛ خشية الفوات بانقضاء عدتها] اهـ، وهذا تصريح منه بأن الولي يقوم مقام المجنون الذي تحت ولايته.
يستفاد مما سبق ما يلي:
1- الأصل أن الوليَّ قائمٌ مقام مَنْ تحت ولايته من ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة في رعاية شؤون زوجته وأولاده وما يحتاجون إليه من نفقاتٍ وطعامٍ وكسوةٍ ونحو ذلك.
2- أقرَّ الشَّرعُ الشَّريفُ تصرف الولي فيما يخص المعاق ذهنيًّا بما فيه الأحَظُّ له، ولذلك فإنه ينوب عنه فيما كان سيباشره من قرارات وأمور تتعلق بنفسه وأسرته لو كان عاقلًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم رجوع البالغ على القاصر بما سدده من دين المورث؛ فقد سأل شخص في رجل مات عن ابنين قاصر وبالغ، وترك قطعة أرض ومنزلًا يسكنان فيه، وقطعة الأرض المذكورة لا تغل شيئًا، وقد بقي الابنان المذكوران بعد موت أبيهما في عائلة واحدة ومعيشة واحدة، يأكلان من سعي الابن البالغ وكسبه، وقد مات أبوهما المذكور وعليه دين لأشخاص ثابت بالوجه الشرعي، فصار الابن البالغ يسدد ذلك الدين من كسبه، ثم إنه جدد الابن البالغ قطعة أرض أيضًا.
فهل والحالة هذه يكون للبالغ أن يرجع على القاصر بعد بلوغه ببعض ما سدده من الدين عن أبيه بمقدار ما يخصه، ولا يكون لأخيه القاصر المذكور بعد بلوغه أن يشارك أخاه البالغ في قطعة الأرض التي جددها من كسبه، أو لا يكون للقاصر مشاركة أخيه البالغ في قطعة الأرض التي جددها من كسبه، ولا يكون للبالغ الرجوع على الابن القاصر ببعض الدين الذي سدده عن أبيه، أو ما الحكم في كل ذلك؟ أفيدوا مأجورين.
من الأحق بولاية الأبناء الصغار؟ قفد تزوجت من سيدة وأنجبت منها مولودًا في 1/ 7/ 1997م، فما هو حقي الشرعي في الولاية الكاملة على ابني، ومدى حقي في اختيار المدارس وتعليمه وأي شيء يتعلق بالصغير، ومدى حق زوجتي الشرعي في ولايتها على الصغير؟ وهل من حقها التصرف في مستقبله التعليمي؟
ما حكم زواج ذوي الهمم من أصحاب القصور الذهني، وإنجابهم بعد ذلك؟
هل يجوز للأشخاص من ذوي الهمم -وخاصة فاقدي حاسة السمع والكلام -أن يستعينوا في التعبير عن إرادتهم بمترجم إشارة، أو التعبير بالكتابة لمن يجيدها، وذلك في إجراءات التقاضي والشهادة في المحكمة؟
هل تصح كفالة الأخرس في الديون؛ فأتشرف بأن أستطلع رأي فضيلتكم عن حكم الشريعة الإسلامية الغراء في المسألة الآتية:
امرأة أمية من أوساط الفلاحين بالغة تميز بالإشارة ما تفهمه من ظواهر الأمور العادية، وهي صماء بكماء، وقَّعت على صك يتضمن دينًا جسيمًا على أمها بأنها ضامنة لها على وجه التضامن، وذكر في صك الدين أن هذه المرأة أفهمها زوجها بالإشارة موضوع العقد، فهل تصح كفالتها شرعًا؟ وهل يمكن أن يصح عقد الكفالة بالتضامن بالإشارات؟ نرجو التفضل بإفادتنا في ذلك. مع قبول أسمى عبارات الإجلال والإعظام.
امرأة ادعت على آخرين دعوى شرعية بأنها وابنها القاصر يرثان في زوجها المتوفى والد القاصر المذكور الذي تزوجها بدون وثيقة زواج، واعترفت بأنها قبل أن تتزوج به كانت متزوجة برجل آخر، ودخل بها بمقتضى وثيقة عقد زواج تاريخه 20 شعبان سنة 1311هـ، ثم طلقها على الإبراء طلاقًا بائنًا بينونةً صغرى بمقتضى إشهاد طلاق رسمي تاريخه 5 رمضان سنة 1311هـ، وأنها مكثت بعد طلاقها منه وقبل أن تتزوج بالمتوفى عشرة أشهر وهي عزباء، ثم تزوجت به، وباحتساب المدة ما بين تاريخ إشهاد الطلاق المذكور الذي هو خمسة رمضان سنة 1311هـ وبين تاريخ محضر ميلاد القاصر الذي تدعي بنوته للزوج الثاني المتوفى تبين أنها تسعة أشهر عربية وعشرة أيام، فهل لإقرارها هذا قيمة بالنظر لبنوة القاصر المذكور الذي تؤيد بنوته من أبيه المتوفى المذكور شهادات الميلاد وتطعيم الجدري والمعافاة من القرعة العسكرية فلا تسمع دعواه بعد أن بلغ رشيدًا بأنه ابن للمتوفى المذكور بحجة أن أمه اعترفت الاعتراف السالف الذكر، أو لا قيمة لهذا الاعتراف وتسمع دعواه؟ مع ملاحظة أن هذا الولد وأمه المذكورة كانا يعيشان في منزل هو ملك المتوفى وسكنه حال حياته، وكان ينفق عليهما إلى أن بلغ الولد المذكور عشر سنين هي المدة التي مكثها أبوه بعد ولادته إلى أن مات، وقد قبل التهنئة بولادته وأجرى ختانه بمعرفته، كما أن الأم المذكورة ولدت بعده من المتوفى المذكور ولدًا آخر كانت حال أبيه معه كحاله مع القاصر المذكور، وقد توفي قبل وفاة أبيه وهو الذي كفنه وجهزه من ماله وأقام له المأتم وقبل التعزية فيه، وكانت الزوجية بين الأم والمتوفى معروفة بالشهرة العامة وليس معها وثيقة زواج، وكان زواجها به بعد أن خرجت من عدة الأول بالحيض ثلاث مرات كوامل في شهرين ونصف تقريبًا فور انقضاء عدتها، وعادتها أن تحيض في أول الثلث الثاني من كل شهر خمسة أيام ثم يبتدئ طهرها إلى آخر الثلث الأول من الشهر الثاني وهكذا، ولا تزال عدتها كذلك إلى الآن، وقد ولدت هذا القاصر وهي متزوجة بالزوج الثاني المتوفى، وهل تسمع من الأم دعوى زوجيتها بالمتوفى زوجية صحيحة بعد اعترافها السالف الذكر؟ لاحتمال تأخر قيد زواجها وطلاقها من الزوج الأول، ولاحتمال خطئها أو نسيانها للمدة التي مكثتها بعد الطلاق منه، إذ المسافة بين تاريخ إشهاد طلاقها من الأول وبين تاريخ الإقرار المذكور تبلغ ثمانية عشر عامًا وهي كافية لوقوع الخطأ والنسيان. نرجو الإفادة. لا زلتم نورًا للمسترشدين وهدًى للسائلين.