ما حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة؟ فنظرًا لكثرة الوفيات بسبب فيروس كورونا الوبائي، وتزاحم أعداد الوفيات داخل المستشفيات وامتلاء ثلاجات الموتى في بعض الدول، مع الخوف من انتشار العدوى إلى الأحياء. فهل يجوز في هذه الحالة التخلص من جثث المتوفين بهذا الفيروس بالحرق أو الإذابة؛ خوفًا من انتقال عدوى كورونا من المتوفي للأصحاء؟
لا يجوز شرعًا التخلص من جثث المتوفين بفيروس كورونا بالحرق أو الإذابة خوفًا من انتقال العدوى للأصحاء؛ لِما فيه من إيذاء الميت وإهانته؛ لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وحرمته بعد موته باقية، ولِما تقرر أن جثة المتوفى بالفيروس لا يُسمح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية ووسائل الوقاية، وقد احتال الخبراء لذلك بوضع الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية، ثُم وضعها بعد ذلك في تابوت مُعَدٍّ لذلك، ولِما تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر ويتكاثر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، وهذا كله لا يتصور حصوله من الشخص المتوفى بهذا الفيروس.
المحتويات
كرَّم الله تعالى الإنسان وفضله على سائر المخلوقات؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء:70]، ومن مظاهر هذا التكريم أنْ شرَع اللهُ تعالى دَفنَ الميت ومُوارَاة بَدَنِهِ؛ إكرامًا للإنسان وصيانة لحرمته وحفظًا لأمانته؛ حتَّى تُمنَع رائحتُه وتُصانَ جُثَّتُه، وحتى لا تنهشه السباع أو الجوارح؛ قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وقال سبحانه في مَعرِض الِامتِنان: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۞ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26]، وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: 21].
قال الإمام الماتريدي في تفسيره "تأويلات أهل السنة" (7/ 287، ط. دار الكتب العلمية): [﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ إذا مـتُّمْ، أي: تُقبَرون فيها؛ فيخرج مخرج الامتنان علينا، وذلك لنا خاصة دون غيرنا من الحيوان؛ لئلا نتأذى بهم] اهـ.
وقد أجمع العلماء سلفًا وخلفًا على وجوب دفن الميت ومواراته بالتراب وجوبًا كفائيًّا؛ إذا قام به بعض الناس سقط الإثم عن باقيهم، ولا يسعهم تركه بلا دفنٍ، وإلَّا أثِموا جميعًا:
قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 44، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن دفن الميت لازم واجب على الناس، لا يسعهم تركُه عند الإمكان] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 539، ط. دار إحياء التراث العربي): [حَمْله ودفْنه فرضُ كفايةٍ، إجماعًا] اهـ.
والتخلص من جثة المتوفى تكون بالدفن في باطن الأرض، وقد عظَّم الشرع الشريف أجر من حفر لأخيه قبرًا يواري بدنه، وجعله كأجر مسكنٍ أسكنه فيه إلى يوم القيامة؛ فعن أبي رافع أسلم رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَفَرَ لِمَيِّتٍ قَبْرًا فَأَجَنَّهُ فِيهِ أُجْرِيَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَأَجْرِ مَسْكَنٍ أُسْكِنَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد رجالُه رجال الصحيح؛ كما قال الحافظ الدمياطي في "المتجر الرابح"، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الإمام الذهبي.
أما التخلص من جثة المتوفى عن طريق حرقها أو إذابتها: فإن ذلك ينافي تكريم الإنسان، ويسلبه خصوصيته التي منحها الله تعالى له دون باقي المخلوقات؛ بل هو إيذاء للميت وانتهاك لحُرمته، وقد تقرر أن حرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا؛ وقد روى أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا»؛ أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وعبد الرزاق في "المصنف"، وأبو داود وابن ماجه في "سننهما".
قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (13/ 144، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [هذا كلام عام يراد به الخصوص؛ لإجماعهم على أنَّ كسر عظم الميت لا دية فيه ولا قَوَد، فعلمنا أن المعنى ككسره حيًّا في الإثم، لا في القَوَد ولا الدية؛ لإجماع العلماء على ما ذكرت لك] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 113، ط. دار المعرفة): [ويستفاد منه: أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/ 136، ط. دار السلام): [(كسر عظم الميت) وكذلك جرحه وضربه ونحوهما] اهـ.
ولا يجوز الاحتجاج بخطر عدوى كورونا ونقل الفيروس إلى الأصحاء؛ لعدة أسباب:
أولها: أن جثث المتوفين بسبب الأوبئة لا يصرح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية الشخصية، وقاية لهم من العدوى.
ثانيها: اتخذ الخبراء عدة وسائل احترازية للتعامل مع هذه الجثث؛ حيث يضعون الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية معدة لها، ثُم يضعونها بعد ذلك في تابوت؛ كما نص على ذلك "الدليل الميداني" لإدارة الجثث بعد وقوع الكوارث؛ الصادر عن منظمة الصحة الأمريكية (ص: 55-56، ط. جنيف)، وعند الدفن يراعى وجود أقل عدد ممكن عند إدخال الجثة المقبرة، والالتزام التام بالتنظيف والتطهير بعد إتمام إجراءات الدفن؛ كما نص قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية.
ثالثها: تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، ولا يتصور شيء من ذلك بعد الوفاة عند الالتزام بوسائل الحماية، فإذا اتخذت الإجراءات الوقائية اللازمة لم يعد هناك أي خوف من عدوى الوباء.
بناءً على ذلك: فلا يجوز التخلص من جثث المتوفين بفيروس كورونا بالحرق أو الإذابة خوفًا من انتقال العدوى للأصحاء؛ لِما فيه من إيذاء الميت وإهانته؛ لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وحرمته بعد موته باقية، ولِما تقرر أن جثة المتوفى بالفيروس لا يُسمح بالتعامل معها إلا للخبراء المتدربين في مجال الأوبئة، مستخدمين معدات الحماية ووسائل الوقاية، وقد احتال الخبراء لذلك بوضع الجثث بعد تغسيلها في أكياس طبية واقية، ثُم وضعها بعد ذلك في تابوت مُعَدٍّ لذلك، ولِما تقرر طبيًّا أن الفيروس لا ينتشر ويتكاثر إلا في الخلايا الحية، عن طريق التنفس والرذاذ والتلامس ونحو ذلك، وهذا كله لا يتصور حصوله من الشخص المتوفى بهذا الفيروس.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم دفن النساء والرجال في عين واحدة؟
ما حكم التباعد بين المصلين في صلاة الجماعة خوفا من عدوى كورونا؟ فقد انتشرت مقاطع فيديو لصلوات الجماعة في المسجد الأقصى وبعض مساجد المسلمين في صفوف متباعدة، مع التباعد الكافي بين المصلين (متر فأكثر) من جميع الجهات، واستقلال كل مصل بسجادته الخاصة به، وذلك قبل أن تصدر القرارات بتأجيل إقامة الجُمَع والجماعات احترازًا من انتشار عدوى كورونا. فهل هذه الهيئة تنافي معنى تسوية الصفوف المأمور بها؟ وهل إذا تباعدت الصفوف واتسعت أثَّر ذلك في حصول الاقتداء؟ وما حكم صلاة الجماعة على هذا النحو؟ أفيدونا أفادكم الله.
جمعية ومنظمة مصرية أهلية مشهرة بالوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وتخضع لقانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تمارس العديد من الأنشطة التي تتلخص في الآتي:
أولًا: دُور رعاية الأيتام، حيث تقوم الجمعية برعاية الأيتام الأسوياء والمعاقين، ويقوم على رعايتهم أمهات بديلات ومجموعة متكاملة من المشرفين.
ثانيًا: دار ضيافة مرضى الأورام، حيث تقدم خدماتها للمرضى من جميع أنحاء الجمهورية ممن يتلقون العلاج، وتستضيف الدار المريض والمرافق.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية المتمثلة في: زواج اليتيمات بتقديم مساعدات عينية ومساعدات نقدية للحالة المستفيدة، ومساعدات نقدية شهرية لغير القادرين على العمل وذوي الاحتياجات الخاصة الذين ليس لهم مصدر دخل، وتبرعات عينية من الأثاث المنزلي للفقراء، وسداد مصروفات المدارس للأيتام، وتوزيع أجهزة لاب توب على ذوي الإعاقة البصرية في الجامعات المصرية.
رابعًا: الأنشطة الصحية، ومنها: عمليات القلب المفتوح والقسطرة العلاجية للمرضى غير القادرين، وعمليات العيون للمرضى من المحافظات المختلفة من مختلف الأعمار في كبرى المستشفيات المتخصصة، وتوفير الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وكراسي متحركة، وتوفير السماعات الطبية للمرضى غير القادرين، وتوفير الأدوية المستمرة بصفة شهرية للمرضى غير القادرين.
خامسًا: المشروعات التنموية تحت شعار (اكفُل قريةً فقيرة)، ومنها: مشروع تسليم رؤوس المواشي للأرامل والأُسر الأكثر احتياجًا في القرى المختلفة، شاملة التغذية لمدة سنة ونصف، والتأمين، ومشروع تسليم الأكشاك (الكشك شامل الثلاجة والبضاعة) إلى الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والأُسر الأكثر احتياجًا، وإعادة إعمار ورفع كفاءة المنازل في القرى الأكثر فقرًا، وذلك عن طريق بناء دورات مياه، وتعريش أسقف المنازل، وإضافة مواد عازلة للأسقف، وتركيب أبواب وشبابيك، ومحارة داخلية، وسيراميك للأرضيات، وتزويد هذه المنازل بالأثاث الخشبي والأجهزة الكهربائية، والمفروشات، وإقامة محطات تنقية المياه في القرى التي لا يوجد بها مصادر لمياه الشرب النقية لخدمة أهالي القرية بالمجان، وحفر آبار مياه في المناطق الصحراوية لخدمة أهالي المنطقة، وتوصيل كهرباء إلى المنازل التي لا يوجد بها كهرباء، والمساهمة في بناء واستكمال المساجد، وتأسيس المعاهد الأزهرية في المحافظات، وتكريم حفظة القرآن الكريم والمتفوقين.
سادسًا: الأنشطة الموسمية، وتتمثل في الآتي: توزيع كرتونة رمضان سنويًّا على الأُسر الأكثر احتياجًا، وذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأُسر الأكثر احتياجًا، وتوزيع البطاطين في موسم الشتاء على الأُسر الأكثر احتياجًا، وقوافل الخير الأسبوعية للجمعيات الصغيرة (معارض ملابس مجانًا في الجامعات والمدارس، وتوزيع مواد تموينية).
سابعًا: مستشفى لعلاج الأورام، حيث تقوم الجمعية بالإشراف على تمويل المستشفى بالمجان، ويهدف ذلك المستشفى إلى تقديم خدمات طبية متميزة طبقًا لأحدث المعايير والاعتمادات الطبية في العالم، ليكون هدية إلى أهلنا مرضى السرطان في صعيد مصر.
فهل تعد هذه الأنشطة سالفة الذكر ضمن مصارف الزكاة؟
هل زرع الأشجار بجوار القبور حرام أم حلال؟ علما بأن الشارع متران ونوع الشجر هو الفيقس.
ما حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين؟ فلي شقيقة تعيش في أمريكا مع زوجها، وعندهم خمسة من الأولاد كلهم مسلمون ومحافظون على الدين الإسلامي ويعظمون أركانه، ويعيشون عيشة هادئة في مجتمع يتبادلون فيه مع من يتعاملون معهم من مجاملات وتهاني، إلى غير ذلك. فهل يعتبرون كفارًا لأنهم يعيشون في مجتمع غير إسلامي، رغم إيضاحنا لفضيلتكم أنهم على الدين الإسلامي، ويؤدون ما يفرضه عليهم الدين من الشهادتين وأداء الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والتعامل الحسن بما يرضي الله ورسوله، مع العلم أنَّه لا يوجد من يؤثر على دينهم أو يمسُّ أو يقترب من جوهر عقيدتهم أو يحول بينهم وبين القيام بتكاليف الدين الإسلامي؟
ما الحكم الشرعي في الحجامة، وما مدى نفعها؟