حكم الغش في الامتحانات

تاريخ الفتوى: 19 فبراير 2017 م
رقم الفتوى: 3964
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم الغش في الامتحانات

انتشرت في هذه الأيام ظاهرة الغش في الامتحانات. فما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما يلي:

1- ما حكم الغش في لجان الامتحانات؟

2- توجد بعض المواد تكميلية بالنسبة للطالب لا ينتفع بدرجاتها أو لن تعود عليه بالنفع في المستقبل؛ فهل يجوز فيها الغش مثل الإنجليزية وما شابه في بعض المراحل؟

3- هل الغش في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات مقبول؟

4- هل يُعدّ الغش من التعاون على الإثم والعدوان؟

5- حكم المراقب الذي يتهاون في أداء عمله ويعطي فرصة للطلبة بالغش؟ أو يتجاهل الأمر فيترتب عليه غش الطلبة؟

6- هل يجوز الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه لمن يذكره بالمعلومة فقط؟ أم أن الأمور تستوي؛ بمعنى من يحتاج إلى التذكير أو من يأخذ المعلومات كلها وينقلها من زملائه؟

الغش في الامتحانات حرامٌ شرعًا، وهو من أخطر المشاكل التي تواجه العملية التعليمية؛ لاشتماله على كثير من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، ولما فيه من الإثم والعدوان والخروج عن مقتضى الفضائل والمكارم التي يجب على المسلم التحلي بها، علاوة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حذر من الغش في أحاديث عدة حتى عده الفقهاء من الكبائر. هذا، ويستوي في تحريم الغش في الامتحانات أن تكون في المواد الأساسية أو التكميلية أو في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات أو غيرها، ويدخل فيه أيضًا الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه إلى من يذكره ولو بجزء قليل من الإجابة أو المعلومات ليتذكر بقيتها؛ فكلّ ذلك منهيٌّ عنه، ومخالف للشرع والقانون.
كما يأثم شرعًا من يعين غيره على الغش، وكذلك المراقبُ المتهاون في أداء عمله وضبط اللجنة القائم عليها؛ سواء كان ذلك بمساعدة من يطلب الغش أو بترك الفرصة له أو بتجاهل منعه والإبلاغ عنه، ويصدق عليه حينئذٍ أنه متعاونٌ على الإثم والعدوان.

ودار الإفتاء المصرية إذ تبين هذا الحكم الشرعي، توصي الطالب بتقوى الله عز وجل، وبالحرص على التحلي بالفضائل ومكارم الأخلاق والتعاون على البر والتقوى، كما توصيه بالاعتماد على نفسه، وبالجِدِّ والاجتهادِ، والإخلاصِ لله تعالى في تحصيل العلم.

المحتويات

 

حث الشرع الشريف على تحري الصدق والأمانة

حثت الشريعة الإسلامية على الأمانة والصدق وطلب العلم وإتقان العمل الصالح وبذل النصيحة النافعة للآخرين ليقوم الناس بالقسط ويسود العدل والإحسان بين الناس، وذلك وفقًا لمكارم الأخلاق التي بعث الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليتممها؛ ففي الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» أخرجه أَحْمَدُ في "مسنده".

مفهوم الغش في الامتحانات

الغِشُّ في اللغة: نَقِيضُ النُّصْح، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الغَشَش المَشْرَب الكدِر. انظر: "لسان العرب" (6/ 323، مادة: غَ شَ ش، ط. دار صادر).
ويقول العلامة محمد بن علان البكري الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (8/ 421، ط. دار المعرفة): [الغش بكسر الغين أي: ترك النصيحة والتزيين لغير المصلحة] اهـ.

والامتحان: عبارة عن تكليف طالب العلم بإجابة أسئلة في علم أو أكثر لمنحه شهادة رسمية من جهة مؤسسة تعليمية تكشف عن مستواه في استيعاب المادة العلمية نظريًّا أو تطبيقيًّا.
والغش في الامتحانات يقصد به اعتماد الطالب في إجابته عن أسئلة الامتحان على أمر خارج عن ما حصله في ذهنه من العلم الذي يمتحن فيه، وذلك بطريقة فيها مخادعة للجهة التي تقوِّم مستواه العلمي، كاختلاس نقل الإجابة أو بعضها من شخص آخر أو من كتاب أو مذكرة أو تسجيل صوتي ونحو ذلك، وقد يتمّ الغش أيضًا بتسريب أسئلة الامتحان وتداولها بين الطلاب لمعرفة إجاباتها قبل حضور الامتحان.

حكم الغش في الامتحانات

هذا النوع من الغش والخداع يندرج كغيره في مسمّى الغش المحرم، الذي يتنافى مع أخلاق الإسلام ومقاصده وأحكامه؛ حيث يشتمل على كثيرٍ من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، مما يجعل ذلك من أخطر المشاكل العصرية التي تواجه العملية التعليمية وما يتبعها من عمل غير الأكفاء وتصدرهم في مختلف الوظائف التي يراد بها إقامة مصالح المجتمع، وحرمان المستحق ذي الكفاءة من شغل تلك الوظائف وتقديم المنفعة الكبرى والخدمة الجيدة لأفراد المجتمع، ولا شك أن في ذلك ضررًا، و"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام".

قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]. يقول العلامة محمد بن علان البكري الصديقي الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (8/ 421) بعد ذكر الآية الكريمة: [ومن أشد الإِيذاء: الغش؛ لما فيه من تزيين غير المصلحة، والخديعة؛ لما فيها من إيصال الشر إليه من غير علمه] اهـ.

حكم الغش في البيع وفي غيره من المعاملات

لقد حرّمت الشريعة الإسلامية الغش بكل أنواعه؛ سواء كان في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس؛ لما فيه من الإثم والعدوان والخروج عن مقتضى الفضائل والمكارم التي يجب على المسلم التحلي بها؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» أخرجه مسلم.

وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" و"الصغير" بإسناد جوَّده ابن حجر الهيتمي في "الزواجر"، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وفي رواية: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّارِ» أخرجه أبو داود عن الحسن مرسلًا.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغش وتوعد فاعله؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».

قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِنا الغِش، وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".

فهذا النهي والوعيد يدل على تحريم الغش مطلقًا سواء كان الغش في البيع أو في غيره من المعاملات بين الناس.

يقول شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 396-402، ط. دار الفكر): [عَدُّ هَذَا -يعني الغش في البيع وغيره- كَبِيرَةً كما هُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ... ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي "الرَّوْضَةِ" كَمَا مَرَّ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ. وَضَابِطُ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَعْلَمَ ذُو السِّلْعَةِ مِنْ نَحْوِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فِيهَا شَيْئًا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مُرِيدُ أَخْذِهَا مَا أَخَذَهَا بِذَلِكَ الْمُقَابِلِ... وَالْأَحَادِيثُ فِي الْغِشِّ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ كَثِيرَةٌ مَرَّ مِنْهَا جُمْلَةٌ، فَمَنْ تَأَمَّلَهَا وَوَفَّقَهُ اللهُ لِفَهْمِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا انْكَفَّ عَنْ الْغِشِّ وَعَلِمَ عَظِيمَ قُبْحِهِ وَخَطَرِهِ وَأَنَّ اللهَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَمْحَقَ مَا حَصَّلَهُ الْغَاشُونَ بِغِشِّهِمْ] اهـ.

ويقول شيخ الإسلام ابن حجر أيضًا في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 403): [وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ غَيْرُ الْبَائِعِ كَجَارِهِ وَصَاحِبِهِ وَرَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ الْعَيْبَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ لَهُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَبِيعُ شَيْئًا إلَّا بَيَّنَ مَا فِيهِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بَيَّنَهُ»، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَهْتَدُونَ لِذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ، يَمُرُّ الشَّخْصُ مِنْهُمْ فَيَرَى رَجُلًا غِرًّا يُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ فِيهِ عَيْبٌ وَهُوَ لَا يَدْرِيهِ، فَيَسْكُتُونَ عَنْ نُصْحِهِ حَتَّى يَغُشَّهُ الْبَائِعُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ، وَمَا دَرَى السَّاكِتُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ شَرِيكُ الْبَائِعِ فِي الْإِثْمِ وَالْحُرْمَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْفِسْقِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَهُوَ أَنَّ الْغَاشَّ الَّذِي لَمْ يُبِنْ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي لَا يَزَالُ فِي مَقْتِ اللهِ أَوْ لَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ يَعْمَلُ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَاشَّ سَنَّ تِلْكَ السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ وَهُوَ كَتَمَهُ لِلْعَيْبِ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ، فَكُلُّ عَمَلٍ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ يَكُونُ إثْمُهُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَيَانِ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ مَا يَرْدَعُ الْغَشَّاشِينَ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ مِنْ حَيِّزِ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: 43]. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ» أَيْ صَاحِبُهُمَا فِي النَّارِ. وَفِي رِوَايَةٍ: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّارِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ» أَيْ مَاكِرٌ] اهـ.

حكم الغش في امتحانات المواد التكميلية

يستوي في تحريم الغش في الامتحانات ارتكابه أثناء أداء الامتحان في المواد الأساسية التي تضاف درجاتها إلى مجموع درجات الطالب، أو في المواد التكميلية التي لا تضاف درجاتها إلى مجموع درجاته؛ لعدم انفكاك ذلك عن ارتكاب المنهيات الشرعية ومخالفة القانون.

حكم الغش في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات

كذلك يحرم الغش في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات؛ أمثال: (التربية الرياضية، والتربية النوعية "شعبة تربية فنية"، والسياحة والفنادق، والفنون الجميلة، والتمريض)؛ لعموم قول النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا» رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة، فهذه الامتحانات يقاس بها مستوى الطالب وبُعد المهارات لديه؛ وذلك بفحص عدد من القدرات والمهارات التي تؤهله للالتحاق بهذه الكليات، ومعرفة مدى قابليته للاندماج في العملية التعليمية القائمة فيها، ومدى أهليته للنجاح في ذلك والتخرج لنفع الناس بما درسه وتعلمه، فهذه الامتحانات تساعد في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

حكم الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه إلى من يذكره

يدخل في هذا الحكم الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه إلى من يذكره بجزء قليل من الإجابة أو المعلومات ليتذكر بقيتها؛ فهو أيضًا أمر محرم شرعًا؛ فقوة الحفظ أو استرجاع المعلومات المحفوظة مهارة علمية من المهارات المقصودة التي يمتحن من أجلها الطلاب وتتفاوت درجاتهم بسببها، فلا يجوز للمراقب أو لزملاء الطالب مساعدته في تذكر الإجابة بذكر بعض الكلمات أو المعلومات التي يستفيد منها ذلك، فالغش حرام بجملته؛ يستوي فيه من يحتاج إلى التذكير بالمعلومات كلها أو بعضها.

حكم مساعدة الغير على الغش في الامتحانات

من يعين غيره على الغش؛ سواء كان بالمساعدة أو تجاهل القيام بمسئولية منعه أو الإبلاغ عنه، يكون آثمًا ومقصرًا فيما أنيط به من عمل، وكان فعله ذلك من باب التعاون علي الإثم والعدوان المنهي عنه في قولِه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، فالمراقب الذي يتهاون في أداء عمله، ويعطي فرصة للطلبة بالغش، أو يلقنهم الإجابات، يكون قد أثم أمام الله سبحانه وتعالى، واعتدى علي حقوق الناس؛ لأن الرقابة مقصودة للحفاظ على نزاهة العملية التعليمية ومنح الشهادة والتقدير لمن يستحق ذلك، وتلك أمانة ومسئولية يسأل عنها المراقب أمام الله عز وجل، وأمام المجتمع والقانون أيضًا، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58]، وفي الحديث الشريف عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فالغش في الامتحانات حرامٌ شرعًا، ويستوي في الحرمة ارتكابه أثناء أداء الامتحان في المواد الأساسية أو التكميلية، ومن يعين غيره على الغش سواء كان بالمساعدة والتلقين أو كان بتقاعس المسئول عن الرقابة على الامتحان عن أداء واجبه يكون قد أثم واعتدى على حقوق الآخرين.
والطالب الذي يغش يظلم نفسه؛ من حيث ارتكابه عملًا محظورًا شرعًا يأثم عليه، ثم بسعيه لأخذ حق ليس له؛ فإنه يختلس مجهود زملائه وإجاباتهم دون علمهم، ويتعدى على حقوق من يستحقون التقدم عليه في الترتيب بحسب التفوق في نيل الدرجات التي مناط تحصيلها يتطلب مزيدًا من الجهد في التحصيل العلمي عند التلقي والأداء، ويشاركه في هذا الإثم المراقب الذي يسهل ذلك الأمر؛ فهو من باب التعاون على الإثم والعدوان، والوسائل تأخذ أحكام المقاصد.

وتهيب دار الإفتاء المصرية بالطلاب ألَّا يتورطوا في ارتكاب الغش في الامتحانات، وتنصحهم بالاجتهاد في التحصيل العلمي، وإخلاص القصد في تحصيل المهارات وتكوين الملكات العلمية النافعة لهم ولمجتمعهم، كما تنصحهم بدوام الحرص على التحلي بالفضائل ومكارم الأخلاق، وبالتعاون على البر والتقوى، فالقلوب إذا امتلأت بأنوار الإيمان بالله وحبه ومراقبة الله تعالى في جميع التصرفات لا يمكن أن تقدم على مثل هذه الأعمال والسلوكيات السيئة، فضلًا عن أن في ذلك سخطًا وغضبًا من الله سبحانه وتعالى، فالذي يعتمد على الغش قد يظن أن في ذلك ربحًا له أو فوزًا بثمرة نجاح، لكن عاقبة الغش محق بركة ما حصله الغاش بغشه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.


يقول السائل: نرجو منكم بيان فضل عيادة المريض وثوابها.


ما ثواب كفالة مجهول النسب ورعايته؟ وهل ورد في الشرع الشريف الحث على كفالة اليتيم والإحسان إليه ورعايته وشموله بالحنان والحب، وهل يدخل اللقيط ومجهول النسب في هذا الحكم؟


ماذا وردَ في سماحة النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ومراعاته مشاعر الآخرين وجبر خواطرهم؟


ما حكم ادعاء الكفر للضرورة؟ فأنا مسلم منذ ما يقارب العشر سنوات، وقد كنت أعيش في بلدي حياة مرفهة ومريحة بحكم عملي كرجل أعمال رصيدي يقدر بـ 3.4 مليون دولار أمريكي، وأمتلك منزلًا كنت أعيش فيه مع خطيبتي السابقة والتي تمتلك نصفه يقدر بـ 4.5 مليون دولار أمريكي، لكن حين أصبحت مسلمًا أصبحت الحياة صعبة بالنسبة لي في بلدي؛ لأن أسرتي وأصدقائي أخذوا بالضغط علي لأترك الإسلام وأعود للكنيسة، وعندما يئسوا مني تبرأت من أسرتي، وابتعدت عن أصدقائي، وكانت بيننا شراكة في العمل، وقد نقل والدي أموالي من حسابي في البنك إلى حساب آخر، وذلك بموجب توكيل قد أعطيته إياه خلال إحدى رحلات عملي، وكذلك رفضت خطيبتي السابقة بيع المنزل أو شراء حصتي فيه، وقد تركت بلدي منذ ما يقارب الست السنوات وذهبت إلى الكويت؛ لأتمكن من الصلاة وقراءة القرآن والذهاب إلى المسجد واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه كان من الصعب أن أقوم بهذه الشعائر في منزلي، وأنا الآن متزوج من سيدة كويتية ولي ابن يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وخلال هذه الفترة كنت أحاول أن أمارس عملي كرجل أعمال، لكن للأسف هناك العديد من العراقيل، فالكثيرون كانوا يريدون رشوة لتسهيل حصولي على صفقات تجارية؛ ولعلمي أنها حرام لا أوافق، وأما بالنسبة لمعارفي في بلدي فوالدي يتحدث إليهم كلما أردت أن أعقد صفقات عمل معهم فيتراجعون عن العمل معي، وقد أصبحت حياتي صعبة جدًّا خصوصًا وأنا لدي عائلة لأعولها، وقد كثرت ديوننا لعدم تمكني من العمل، وأصبحت العلاقة متوترة بيني وبين زوجتي، وأنا الآن أعيش وحيدًا وزوجتي في منزل أسرتها إلى أن أجد حلًّا لهذه الحالة التي نعيشها.
وقد اتصلتُ بوالدي منذ عدة أيام لأطلب أموالي؛ لأتمكن من سداد ديوننا وشراء منزل للاحتفاظ بعائلتي ومزاولة عملي، ولكنه رفض، وقال إنه حذرني من المسلمين، وإنهم يقتلون بعضهم بعضًا ويقتلون الأمريكيين، إلى جانب أن الحكومة الأمريكية حاليًّا تترصد المسلمين وتراقبهم في المساجد، والكثيرون في أمريكا يكرهون التعامل مع المسلمين؛ وقال: إنه لكي أتمكن من استرداد أموالي علي أن أطلق زوجتي وأريه قسيمة الطلاق، ثم أعود للكنيسة وأنضم لمجموعة فري مايسون التي ينتمي إليها، وأعترف أمام الجميع أني كنت مخطئًا بخصوص الإسلام، وأن أتزوج خطيبتي السابقة.
ولقد أصبحت مسلمًا لما علمته من أخلاقيات الإسلام في القرآن الكريم والسنة، لكن للأسف لم أرَ في الدول المسلمة التي ذهبت إليها أي دليل على ذلك؛ فقد رأيت الكذب، والرشوة، وشرب الخمر، وطعن الأصدقاء من الخلف، وبدأت أعتقد أن هذه الأخلاقيات كانت موجودة أيام الرسول والصحابة فقط، وقد قرأت أن المصاعب تزيد المسلم إيمانًا لكن للأسف إيماني في تناقص. فهل يستطيع المسلم الانضمام لمجموعة بطريقة سرية مثل الفري مايسون على أن يكون داخله مسلمًا؟ وللعلم فإن والدي وإخوته وأولادهم وعائلة خطيبتي يتبعون هذه المجموعة، ويَتَبَوَّءون فيها مراكز عالية.
وكما سبق أن ذكرت فإن لدي منزلًا ترفض خطيبتي السابقة بيعه أو شراء حصتي فيه، فهل أستطيع السكن فيه واستخدام غرف منفصلة عنها؟ وهل باستطاعتي التحايل على والدي وادعاء الرجوع للكنيسة والزواج من خطيبتي السابقة للحصول على أموالي، ثم العودة مرة أخرى إلى الكويت لزوجتي وابني؟ مع العلم بأنه مجرد ادعاء ولا يزال الإسلام في قلبي.


سائل يسأل عن ضوابط اللعب المباح في الشرع؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28