31 يناير 2024 م

سيدنا أبو قرصافة رضي الله تعالى عنه

سيدنا أبو قرصافة رضي الله تعالى عنه

من الصحابة الذي سكنوا فلسطين وعاشوا فيها: سيدنا أبو قرصافة جندرة بن خيشنة بن نفير رضي الله تعالى عنه، والذي كان يسكن أولًا بلاد تهامة بأرض اليمن، ثم فلسطين بعد فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15هـ، وقد استطاب العيش له في عسقلان بفلسطين؛ فأقام بها ما يزيد عن عشرين سنةً من عمره وله فيها ذرية كبيرة لا سيَّما من بناته رضي الله عنه وعنهن.

 وكانت روحه تهنأ وتسكن بهذه الأرض المباركة؛ فكان يشعر فيها براحة غريبة، خصوصًا وأنه قد كان كثير العبادة والتهجد والصيام؛ فلقد كان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، فقد روى الإمام البخاري في "الأدب المفرد"، عن بلال بن كعب العكي رضي الله عنه قال: «زرنا يحيى بن حسان في قريته، أنا وإبراهيم بن أدهم، وعبد العزيز بن قرير، وموسى بن يسار، فجاءنا بطعام، فأمسك موسى، وكان صائمًا، فقال يحيى: أَمَّنَا في هذا المسجد رجلٌ من بني كنانة من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يُكَنَّى أبا قرصافة أربعين سنةً، يصوم يومًا ويُفْطِرُ يومًا، فَوُلِدَ لأبي غلامٌ، فدعاه في اليوم الذي يصوم فيه فأفطر، فقام إبراهيم فكنسه بكسائه، وأفطر موسى».

وقد شهدت أرض عسقلان من بلاد فلسطين المباركة من أبي قرصافة كرامات ظاهرة، ومن ذلك ما ذكره أبو القاسم الطبراني رحمه الله قال: «بلغني أنَّ ابنًا لأبي قرصافة أسَرتْه الروم وكان أبو قرصافة يناديه من سور عسقلان في كل صلاة يا فلان الصلاة، فيسمعه فيجيبه، وبينهما عرض البحر»، فلنا أن نتخيل بُعد المسافة بينهما، وفي هذا إشارة إلى أن هذه البلاد التي هي موطن راحة وسكن واستقرار الأنبياء والمرسلين كذلك- هي موطن عباد الله الصالحين، وأحبابه المقربين، ولم لا؟ وهي البلاد المباركة التي مدحها أصحاب سيدنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فقد قال عنها سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لكل شيء ذُروة وذُروة الشام عسقلان»؛ والذُّروة تعني: أفضل الشيء وأعلاه، وكان يقول عنها سيدنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: «طوبى لمن أسكنه الله إحدى العروسين عسقلان وغزة»، قال الإمام المناوي معلقًا: "هذا تنويه عظيم بفضل البلدين وترغيب في السكنى بهما"، وهذه البركة من أهم الأسباب التي دفعت سيدَنا أبا قرصافة للإقامة بهذه الأرض المباركة، وأن يُدفَن تحت ترابها الذكي.

 وقد تُوفي رضي الله عنه ما بين 61هـ و70هـ، ودُفن بالقرب من عسقلان، وقبره مشهور بقرية سناجية، وتسمى الآن: "قرية أبي قرصافة"؛ فقد سُميت هذه القرية باسمه؛ مما يدلُّ على آثاره الطيبة بهذه البلاد العامرة.

المراجع:

  • الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر القرطبي 4/ 1733، ط. دار الجيل.
  • أسد الغابة، لعز الدين ابن الاثير 1/ 571، ط. دار الكتب العلمية.
  • تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لجمال الدين المزي [المتوفى: 742هـ] 5/ 150، ط. مؤسسة الرسالة.
  • صورة الأرض، لمحمد بن حوقلف البغدادي [المتوفى: بعد 367هـ] 1/ 36، ط. دار صادر.
  • تاريخ الإسلام، لشمس الدين الذهبي [المتوفى: 748هـ] 2/ 625، ط. دار الغرب الإسلامي.
  • الفردوس بمأثور الخطاب، للديلمي 2/ 450، ط. دار الكتب العلمية.

بداية العلاقة بين سيدنا تميم الدار وبين فلسطين كانت منذ مولده؛ حيث وُلِدَ رضي الله عنه وأرضاه في بيت لحم بفلسطين، وسيدنا تميم بن أوسٍ بن خارجة من بني عبد الدار، هو راهب هذه الأمة، وواعظهم في زمانه، وكُنْيَتُه: أبو رُقيَّة، وينتسب إلى بني عبد الدار بطنٍ من لخم، ويصل نسبُه إلى جده "الدار بن هانيء" الذي كان مقيمًا في أرض الخليل إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس.


منذ فجر التاريخ وبلاد فلسطين المباركة أرض تقتبس من أنوار الأنبياء الذين وُلِدُوا بها، وعاشوا على تُرابها الذكي، ودُفِنُوا بها، ومن هؤلاء الأنبياء الذين شَرُفَت بهم أرض الأنبياء أرض فلسطين: الكريمُ بن الكريم نبيُّ الله إسحاقُ بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام.


الثابت تاريخيًّا أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام استقرَّ في آخر حياته بفلسطين ودُفن بها، وقد اختُلف في موطن ولادته؛ فقيل: وُلِدَ بِالسُّوسِ من أرض الْأَهْوَازِ. وقيل: ولد بِبَابِلَ. وقيل غير ذلك. ولكن المتفق عليه أنه تنقَّل كثيرًا بين بلدان متعددة؛ منها: مصر، والحجاز، والشام، وغيرها، وكانت فلسطين هي مستقرَّ وموطنَ إقامة نبي الله إبراهيم عليه السلام الأخير.


شهد الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم المسجدَ الأقصى باعتباره قبلةً يصلون إليها قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام، فلم تكن مقولة (أولى القبلتين) بالنسبة لهم حدثًا نقله تاريخ الإسلام إليهم، بل كان ذلك بالنسبة لهم واقعًا يعيشونه، ونسيمًا صافيًا يتنفسون وينهلون من هوائه الصافي.


من الصحابة الذين اتجهوا إلى فلسطين سيدنا شدادُ بن أوس الأنصارِي الخَزْرَجِي رضي الله عنه، ولا شك في أن مجيئه إلى دولة فلسطين مما يزيدها بهاءً، وليس ذلك لأنه من أعلام الصحابة الكرام فحسب، بل لأنه كان رضي الله عنه مِن الاجتهاد في العبادة على جانب عظيم، وكان إذا أخذ مضجعه -تعلَّق على فراشه وتقلَّب عليه- يقول: اللهم إن خوف النار قد أقلقني، ثم يقوم إلى صلاته. وقد قال عبادة بنُ الصامت: كان شدادٌ من الذين أُوتوا العلم والحلم. وقال أبو الدرداء: إن الله عز وجل يؤتي الرجل العلم ولا يؤتيه الحلم، ويؤتيه الحلم ولا يؤتيه العلم، وإن أبا يعلى شداد بن أوس ممن آتاه الله العلم والحلم.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أبريل 2025 م
الفجر
4 :38
الشروق
6 :13
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 32
العشاء
8 :56