31 يناير 2024 م

سيدنا إسحاق عليه السلام

سيدنا إسحاق عليه السلام

منذ فجر التاريخ وبلاد فلسطين المباركة أرض تقتبس من أنوار الأنبياء الذين وُلِدُوا بها، وعاشوا على تُرابها الذكي، ودُفِنُوا بها، ومن هؤلاء الأنبياء الذين شَرُفَت بهم أرض الأنبياء أرض فلسطين: الكريمُ بن الكريم نبيُّ الله إسحاقُ بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام.

 فسيدنا إسحاق عليه السلام هو ذاك النبيُّ الذي بشَّرت به الملائكة أباه الخليل عليه السلام وهو مقيمٌ في فلسطين المقدسة، وكان عُمُرُ الخليل حين أتته البُشرى قد بلغ المائة عام، وعُمُرُ زوجِه سَارةَ قد بلغ التسعين عامًا، فقد كانت ولادته عليه السلام فرجًا وفرحة كبيرة لأبيه وأمِّه، لا سيَّما وأنها قد كانت بعدَ ولادة أخيه إسماعيل عليه السلام بأربع عشرة سنة، قال تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: 112، 113].

وقد شَرُفَت أرض فلسطين المقدسة المباركة بمولده عليه السلام على ترابها الطاهر الزكي.

 وقد حبا الله عبده ونبيه إسحاق عليه السلام وهو مقيمٌ بأرض فلسطين المباركة بالنعم والبركات المناسبة لهذه الأرض المباركة، فاصطفاه الله نبيًّا إلى الكنعانيين في بلاد الشام وفلسطين، حيث شَرُفَت تلك الأرض الطاهرة باستقبال دعوته المباركة على ترابها الطاهر ولم تخرج عن حيِّزها كما وُلِدَ فيها ونهل من نعيم الله وخيراته على أرضها المباركة، وبرَّأه الله تعالى مما نسبه إليه الجاهلون، وأمر الله تعالى قومه بالإيمان به كغيره من سائر الأنبياء والرسل.

ومن الأشياء الحسنة التي تُذكر في هذا أنه عليه السلام عاش وقتًا طويلًا جدًّا على هذه الأرض المعمورة؛ فقد كان مُعمِّرًا بفلسطين ومن المصلحين بها، ولما كَبِرَ سِنُّه عليه السلام كُفَّ بصره فكان لا يرى.

وقد كان لكرمه أثرٌ بالغ في حياته على أرض فلسطين؛ لأنه كان فيها من المصلحين، ولقد مدح سيد البشرية صلَّى الله عليه وآله وسلم نبيَّ الله إسحاق وأثنى عليه أعظمَ ثناء؛ حيث وصفه بأنَّه "الكريم بن الكريم"، فقد روى ذلك الإمام البخاري في "صحيحه" بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الكَرِيمُ، ابْنُ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ، ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ».

فقد عاش نبيُّ الله إسحاق عليه السلام بفلسطين المباركة ودُفِنَ في ترابها الطاهر؛ حيث دُفِنَ أبوه إبراهيم عليه السلام، وحيث عاش ودعا إلى الله، وأَبَى إلا أن يُدْفَن حيث وُلِدَ وعاش عليه السلام، أُسوةً بأبيه الخليل عليه السلام، وقبره موجود في فلسطين في الحرم الإبراهيمي، ويقع في مغارة تحت الحرم بعمق ثمانية عشر مترًا تقريبًا تحت بناء الحرم.

وقد تُوفيَ عليه السلام عن عمرٍ ناهز المائة والثمانين عامًا، ودفنه ولداه في قرية "حبرون" -"مدينة الخليل حاليًّا"- حيث دُفِن وعاش عليه السلام، ويقع القبر في قرية "ممدنة" وفي مسجدها قبر إبراهيم وإسحاق عليهما السلام، وتبعد عن بيت لحم بثمانية عشر ميلًا، وهذه المدينة تقع بين جبال كثيفة الأشجار من شجر الزيتون والتِّين والجُمَّيْز وفواكه كثيرة.

المراجع:

  • الكامل في التاريخ، لابن الأثير [المتوفى: 630هـ] 1/ 123، ط. دار الكتاب العربي.
  • قصص الأنبياء لابن كثير [المتوفى: 774هـ] 1/ 297، ط. دار التأليف.
  • البداية والنهاية لابن كثير 1/ 372، ط. دار هجر.
  • نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق، للشريف الإدريسي [المتوفى: 560 هـ] 1/ 363، ط. عالم الكتب.
  • "تاريخ ابن خلدون" الإشبيلي [المتوفى: 808هـ] 2/ 44، ط. دار الفكر.

شهد الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم المسجدَ الأقصى باعتباره قبلةً يصلون إليها قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام، فلم تكن مقولة (أولى القبلتين) بالنسبة لهم حدثًا نقله تاريخ الإسلام إليهم، بل كان ذلك بالنسبة لهم واقعًا يعيشونه، ونسيمًا صافيًا يتنفسون وينهلون من هوائه الصافي.


من الصحابة المبرزين الذين عاشوا في فلسطين الحبيبة وأقاموا بها، سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي هو أحد النقباء الاثني عشر، وقد شهد بيعتي العقبة، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنويِّ رضي الله عنه، وكان من كبار الصحابة.


تفضَّل الله تعالى على أرض فلسطين وخصها بمجموعة من المزايا والخصائص، وأكرمها بكثير من العطايا والهبات: فمنها أن جعلها مَسْرَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعراجَه، ومنها أن قَدْ أمّ صلى الله عليه وآله وسلم جميعَ أنبياء الله تعالى فيها، ومنها أنه تعالى جعلها أرضًا مباركة كما أخبر عن ذلك في كتابه العزيز: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾، ومنها أنَّ أكثرَ الأنبياء عليهم السلام قد بُعثوا منها وانتشرت شرائعهم وآثارُ بركتهم وطاعتهم لله تعالى فيها، فلا مراءَ في أن أرضًا يسكن بها أنبياء الله ورسله لابد أنها تشتمل على قدُسية وفضائل وهبات من الله تعالى.


بداية العلاقة بين سيدنا تميم الدار وبين فلسطين كانت منذ مولده؛ حيث وُلِدَ رضي الله عنه وأرضاه في بيت لحم بفلسطين، وسيدنا تميم بن أوسٍ بن خارجة من بني عبد الدار، هو راهب هذه الأمة، وواعظهم في زمانه، وكُنْيَتُه: أبو رُقيَّة، وينتسب إلى بني عبد الدار بطنٍ من لخم، ويصل نسبُه إلى جده "الدار بن هانيء" الذي كان مقيمًا في أرض الخليل إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس.


من الصحابة الكرام الذين عاشوا وأحبوا فلسطين وكان لهم أثرٌ في فتحها وإنارتها بالعلم والنور: الصحابيُّ الجليل أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، وهو أبو أمامة صُدَيُّ بنُ عَجلان بن الحارث، وكنيته "أبو أمامة" من بني سهم، وغلبت عليه كُنيته، وقد كان للوقت الذي عاشه بفلسطين أثرٌ واضح وقيمة بارزة؛ وذلك لأنه كان من المُكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وقد حجَّ مع النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حجةَ الوداع وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وكان من أطول الصحابة عمُرًا رضي الله عنه؛ فهذه الأشياء جعلت أهل فلسطين يستفيدون من وجود سيدنا أبي أمامة ببلادهم؛ ولهذا كان من أهم الصحابة الذين عاشوا بهذه البلاد العامرة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55