18 مايو 2022 م

الأمومة واستقرار الأسرة

الأمومة واستقرار الأسرة

غرس الشرع الشريف جذورًا إنسانية وشرعيَّة جعلت للأمومة خاصة وللمرأة عامة عند المسلمين معنًى رفيعًا له دلالته السامية في تراثهم الديني وموروثهم الحضاري والثقافي؛ فالأم لبنة قوية في الصلات العائلية الـمُكَوِّنة لأصل نظام الاجتماع البشري عبر العصور.

وإكرام الوالدين، وإظهار كلِّ ما يصدق عليه الإحسان من الأقوال والأفعال، أمر مطلوب شرعًا، وواجبٌ حتمًا على الأبناء أصالةً وابتداءً تجاه والديهم؛ وذلك امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: 14]، بل يتأكد الطلب الشرعي في حق الأم لمكانتها الكبيرة، حيث جعلها صلى الله عليه وسلم أولى الناس بالإحسان وحسن الصحبة؛ كما هو ثابت ومقرر في الحديث النبوي الشريف والمشتهر على ألسنة الناس جميعًا، وهذا اهتمام حكيم من الشارع يناسب ما تبذله الأم من مشقة في القيام على شئون أولادها، مع التحلي بقيم راقية تتمثل في الحنان والصبر لأنواع متعددة من الآلام عبر حياة ولدها بمراحلها المختلفة؛ من تعب الحمل، وأوجاع الوضع، ودفع ألم الجوع عنه برضاعه، ورعايته الدائمة حتى بلوغه وزواجه، فلا أمد لهذه العلاقة الطبيعية بينهما؛ لذا فقد باتت الأم لدى المسلمين عبر العصور رمزًا للتواصل العائلي، ولبنة أساسية من لبنات الاجتماع البشري، فليس أحدٌ أحق وأولى بهذه النسبة من الأم التي يستمر بها معنى الحياة، وتتكوَّن بها الأسرة وتتجلى فيها معاني الرحمة.

وفي نطاق الأسرة بمعناها الواسع فإنه يدخل في البر المأمور به شرعًا تبعًا للوالدين والدا الزوج والزوجة؛ بسبب الزوجية والمصاهرة، وباعتبار أن هذين الوالدين سواء كانا للزوج أو للزوجة يمثلان الإطار الاجتماعي لتلك الأسرة، وتظهر معانى الأمومة في الحياة الزوجية في الحماة؛ فأم الزوج هي أم للزوجة وكذا أم الزوجة هي أم للزوج نتيجة المصاهرة الحاصلة بين هذيْن الزوجين؛ فالمصاهرة خلطة تشبه القرابة؛ حيث جعل الله تعالى الصهر قسيمًا للرحم كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان: 54]، وتفرع على ذلك عَدُّ أم الزوجة من المحرمات على الرجل بمجرد العقد على ابنتها.

إن إكرام والدي الزوج أو الزوجة وقرابتهما يُعَدُّ من موجبات مكارم الأخلاق التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث أكرم أصهاره حين تزوج السيدة جويرية بنت الحارث رضى الله عنها؛ فأعتق -إكرامًا لها- مائةَ أهلِ بيتٍ من عائلتها بني المصطلق من الأسر والسبي، كما أوصى صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرًا وطلب معاملتهم بالحسني؛ وذلك لكونهم «لَهُمْ ذِمَةً وَصِهْرًا».

وتتأسس من خلال هذه الدلالات الشرعيَّة الإجراءات التي ينبغي على كل طرفٍ في العلاقة الزوجية مراعاتها في إطار تعاملاته تجاه والِدَيِّ الطرف الآخر خاصة الأم؛ حيث وجوب احترامهما وتوقيرهما ومعاملتهما بالحسنى والثناء عليهما بالخير وترك التنقيص من قدرهما وزيارتهما وتفقد أحوالهما وقبول توجيهاتهما، بل واحترام خصوصية العلاقة بين هذا الطرف وبينهما.

وعلى الجهة الأخرى؛ فإن الحماة مطالبة شرعًا بمعالجة غيرتها، والتقليل من دواعي فضولها بعدم التوسع والتغلغل داخل الأسرة بما يصل إلى حد تحفيز أحد الطرفين ضد الآخر، وكذا ترك تصيد الأخطاء واستغلالها في كسب ولاء ولدها لها ضد زوجه، بالإضافة إلى وجوب المعاملة بالحسنى وعدم الإساءة إلى الطرف الآخر بالقول أو بالفعل.

وبذلك تتجلى سمات اهتمام الشرع بدور الأمومة المهم في بناء الأسرة، وهذا يجعل الأزواج يحرصون في مثل هذه المناسبات الهادفة كـ "يوم الأم" على المبادرة إلى فعل الخير ودعم التواصل الاجتماعي حتى يُعبِّرَ كل من الزوجين عن بِرِّه وتوقيره لوالديّ زوجه خاصة الأم؛ وذلك نشرًا لقيمة البر بالأصهار، وإحياء هذه المعاني الطيبة وتنشيطها، وهذا يؤدي إلى المحافظة على استقرار الأسرة وتهيئة الأجواء الصالحة بين أفرادها.

****

جريدة الأهرام عدد الجمعة بتاريخ 15 رجب 1440هــ الموافق 22 مارس 2019م السنة 143 العدد 48318

الرابط: http://www.ahram.org.eg/NewsQ/701491.aspx

فطر الله تعالى الكون على وجود ثنائياته من أجل أن تتكامل؛ فخلق الشمس والقمر، والليل والنهار، والسماء والأرض، وكذلك الذكر والأنثى، وهيأ سماتٍ خاصةً بكل جنس وما هو مخلوق لأجله على قدر طاقته وخصائصه، وتترتب على هذه السمات والخصائص مجموعة الوظائف، وفى ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49]، وقال سبحانه أيضًا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُون﴾ [يس: 36].


جعل الله تعالى الزوج راعيًا ومؤتمنًا على أسرته عبر مراحل حياتهما، يرتاد لها الأحوال المرضية، ويهيئ لها الأجواء السعيدة بدنيًّا وفكريًّا ونفسيًّا، بما يعود عليها بالنفع والاستقرار والأمان والتكامل، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُم». متفقٌ عليه.


تُمثِّل الأسرةُ نواة المجتمع الإنساني الأصليَّة التي تضمن استمرارَه في الوجود، من وقت أن ظهرت في شكلها الأوَّل بين أبينا آدم وأمِّنا حواء عليهما السلام؛ كما في قوله تعالى لهما على سبيل الامتنان: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35].


حفظ أسرار الزوجية له أهمية كبرى في بناء الحياة الأسرية السعيدة؛ باعتباره قيمةً أسرية شرعية واجتماعية وأخلاقية؛ لذا حظر الشرع الشريف على كلا الزوجين التحدث عنها والكشف عن مستور هذه العلاقة؛ خاصة أنها ذات طبيعة خاصة مبنية على الامتزاج والميثاق الغليظ ودوام الألفة.


يتناول بعض الباحثين قضية تنظيم النسل بصورة معكوسة؛ حيث يتوهم أنها تتعارض مع قضية الرزق، مع استشهادٍ ببعض النصوص الشرعيَّة المحرِّمة لقتل الأولاد من أجل الفقر والعجز عن الاكتساب؛ كما في قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام: 151].


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :25
الشروق
6 :51
الظهر
12 : 43
العصر
4:4
المغرب
6 : 34
العشاء
7 :51