18 مايو 2022 م

أهمية الأسرة ووظائفها

أهمية الأسرة ووظائفها

اعتنى الشرع الشريف بالأسرة عناية خاصة؛ لما تؤديه من وظائف أساسية تحافظ من خلالها على وجود النوع البشري واستمرار الحياة الإنسانية وفق ضوابط وأحكام ومقاصد شرعية تحفظ مراعاتها ديمومة الصلاح والخير والعمران، فهي نواة أصلية لهذه الحياة، وصورة مصغرة من مجتمعاتها التي بدونها تنقرض السلالة البشرية وتنتهي الحياة الإنسانية.

وتتنوع تلك الوظائف تنوعًا يشمل جوانب الإنسان، فمن الناحية البيولوجية تعتبر الأسرة الملاذ المباشر لتوفير الرعاية البدنية والصحية والمسكن والغذاء لأفرادها، فضلًا عن كونها الوسيلة الوحيدة التي تحافظ على بقاء النوع الإنساني بالتوالد والإنجاب، وهي مهمةٌ قائمة منذ هبط سيدنا آدم إلى الأرض وكوَّن الأسرة، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1].

وتبرز أهمية الأسرة من قيامها بوظيفة ذات أهمية كبرى في بناء المجتمعات والأوطان على أسس قوية، وهي الوظيفة التربوية، سواء كان ذلك دينيًّا، أو علميًّا، أو جسميًّا، أو خُلُقيًّا، ويكون ذلك من خلال التنشئة على القيم الصحيحة، والأخلاق الرفيعة، والعادات والتقاليد النافعة التي تتكون منها شخصية الفرد وتغرس فيها المعاني السامية؛ كحب الخير، وفعل الصلاح، وأهمية الوقت وتنظيمه، وحب الأوطان والنهوض بها.

كما أن هناك منافعَ لا يدركها الزوجان إلا في يوم القيامة؛ أولها: امتثال أمر الله الكوني والشرعي بالسعي في طلب الولد من أجل استمرار جنس الإنسان، وثانيها: طلب محبة النبي صلى الله عليه وسلم في تكثير أمته وتابعيه الكثرة التي تحقق المعنى الحقيقي لوجود الإنسان في هذه الدنيا، لا الكثرة العددية، وثالثها: ابتغاء صلة الولد الصالح بعد الممات بالدعاء والعمل الصالح، ورابعها: التعرض لما أعده الله تعالى لمن مات ولده صغيرًا قبله من الشفاعة.

ورغم ترتب هذه الفوائد على قيام الأسرة بوظيفتها الموضحة سابقًا فقد ضبط الإسلام ذلك بضوابط محكمة تضمن إخراج ذرية طيبة تَقَرُّ بها عين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع والوطن، وذلك بمراعاة وجود هذا النسل قويًّا خاليًا من الأمراض والمشاكل الوراثية مع اعتبار مدى استطاعتها على القيام برعاية الأولاد رعاية متكاملة دون إرهاق أو حرج، فضلًا عن المحافظة على صحَّة الأمهات من أضرار الولادة المتتالية وكثرة الحمل وتفرغها لتربية أبنائها، وفى ذلك يقول الله تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233]، فالضرر مرفوعٌ ومُزالٌ في شريعة الإسلام في كل حال.

إن الأسرة تمثل ساحة انطلاق والتقاء الثقافة والمجتمع والشخصية؛ فهي العامل الأصيل في تحويل الإنسان من فرد بيولوجي إلى شخصية اجتماعية، باعتبار كونها النافذة الأولى التي ينظر من خلالها على أخلاق المجتمع وثقافته، ومن ثَمَّ تقوم الأسرة بتشكيل ضمير الفرد الداخلي مع تحديد أدواره ومكانته في شبكة العلاقات الاجتماعية بدوائرها المختلفة، وهي سمات مميزة للدور الاجتماعي الذي تنطلق منه الأسرة لتعليم أفرادها كيفية التعامل مع الآخرين وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال إرشادهم إلى انتقاء الأصحاب وأساليب التفاعل مع من حولهم؛ فضلًا عن تحذير الأبناء من المخاطر المحيطة بهم؛ كرفقاء السوء، والعادات السيئة، والانحرافات الفكرية..

ويضاف إلى ذلك الجهود التي تقوم بها الأسرة في الارتقاء بالجانب النفسي للفرد؛ من المساعدة في تحقيق الاستقرار لدى أفرادها والإحساس بالأمان، وزيادة شعورهم بالحنان والرحمة والحب والسلام والراحة النفسية، وضرورة الابتعاد عن مواطن الهلاك ودوائر الضياع.

وبهذه المعاني تبرز أهمية الأسرة وتتضح سمات وظائفها المنوطة بها حتى تتحقق فيها شروط الحاضنة الحيوية للإنسان التي تتكون فيها مهاراته ومعارفه، وتتشكل من خلال قيمها النافعة اتجاهاته الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والاقتصادية، بما يكوِّن ذريةً طيبة تَقَرُّ بها عيون المجتمع، ويتقدم بجدها واجتهادها الوطن وتفخر بها الأمة.

*****

 

أودع الله تعالى في الإنسان فطرة طبيعية تُولِّد بين كلا نوعيه -الذكر والأنثى- مَيْلًا إلى الآخَر؛ ومن ثَمَّ كان الرباط المخصوص والميثاق الغليظ الذى ينظِّم حياتهما معًا، حتى يكون أحدهما للآخر بمنزلة جُزئِه وبعضِه المُتَمِّم لوجودِه، ومن أجل المحافظة على الإنسان واستمرار نوعه، وتوفير حواضن اجتماعية يحقق فيها حاجاته الطبيعية.


يمثِّلُ الزَّواج حاجةً اجتماعيَّةً تعكس مطلوب الأفراد والمجتمعات من الحياة؛ حيث أداءُ الوظائفِ والمسئوليات المتعلِّقَة بالنَّوعِ بحسب الخصائص والطَّبيعة، وكذلك الوظائف الشَّرعية؛ لكونها محلًّا تتعلق به التكاليف والأحكام الضابطة لأفعال المكلَّف وتصرفاتِه، والناظمة لسائر العلاقات والدوائر المحيطة بالإنسان.


حفظ أسرار الزوجية له أهمية كبرى في بناء الحياة الأسرية السعيدة؛ باعتباره قيمةً أسرية شرعية واجتماعية وأخلاقية؛ لذا حظر الشرع الشريف على كلا الزوجين التحدث عنها والكشف عن مستور هذه العلاقة؛ خاصة أنها ذات طبيعة خاصة مبنية على الامتزاج والميثاق الغليظ ودوام الألفة.


من مقومات الحياة الأسرية السعيدة تفاهم الزوجين واتفاقهما المشترك حول كافة المعاملات، وبخاصة المعاملات المالية؛ فتكون مبنيةً على أسس واضحة وصحيحة بما يضمن استمرار الحب والتراضي والمودة بين جناحي الأسرة.


خلق الله تعالى البشرية من أصل واحد وهو آدم عليه السلام، ثم أخرج منه زوجته حواء عليها السلام، ثم بثَّ منهما كل أفراد الإنسان عبر سلاسل متصلة ومتعاقبة ينتمي كل فرع إلى أصل فوقه؛ كما في قولِه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1].


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 مايو 2025 م
الفجر
4 :20
الشروق
6 :0
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 43
العشاء
9 :11