18 مايو 2022 م

ظاهرة الطلاق

ظاهرة الطلاق

أحاط الشرع الشريف الأسرة بالعناية والرعاية والصيانة من المؤثرات المهددة لتثبيت بنيان هذه الحياة ذات الميثاق الغليظ بكل وسائل الاستقامة والسلامة والاستقرار؛ فأرشد إلى أن الأصل في إنشاء رابطتها هو المودة والرحمة.

كما أرشد الشرع الشريف الزوجين إلى عدم التسرع في قطع رباط الزوجية عند أي مشكلة أو حدوث عقبة، بل ينبغي عليهما التمسك به؛ وذلك من خلال إجراءات وقائية مبكرة، وهي ضرورة المعاملة بالرفق والرحمة، وحسن الظن، واعتدال الغيرة، والمشاركة في تحمل أعباء الحياة، ومراعاة كل طرف لظروف الآخر.

ثم يتلوها وسائل ناجعة للعلاج بطريقة تحافظ على الأسرة وكرامتها؛ من تقرير وجوب النظر إلى الإيجابيات واستحضارها، وعدم افتعال المعارك لأخذ الحقوق والتنصل من الواجبات، فضلًا عن النصح والتوجيه، فإن اشتد الخلاف يتم إشراك الأهل في الصلح بينهما؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: 35]، فإذا لم تنجح هذه المحاولات فقد أذن الله للزوجين بالفراق بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: 130]؛ حيث يصبح الفراق في هذه الحالة خيرًا من سوء العشرة وفساد المعاملة.

ولهذا نال الطلاق وغيره من الفُرَق التي تنهي عقد الزواج عناية التشريع والفقه، فاعتنى الفقهاء بدراسة أحكامها على وجه التفصيل عنايةً فائقة دقيقة بحيث لا يُنقض هذا العقد الوثيق إلا عن إرادةٍ حرة، وعن اختيارٍ كامل، ومع ذلك نجد كثيرًا من حالات الطلاق المعاصرة يقدم فيها الزوجُ على استباحة الطلاق في كل الظروف والأحوال، حتى أصبحت ألفاظ الطلاق يمينًا مرتجلة تستعمل كثيرًا في توافه الأمور أو في التأكيد على صدق الأقوال وجدية المطالب أو أمارة على إنفاذ الوعد.

وبالاستقراء للواقع يمكن أن نلخص أسبابَ انتشار الطلاق في عصرنا في أمور منها: سطحية الوعي لكل من الزوجين أو أحدهما بأهمية الزواج والآثار المترتبة عليه، تحت شعار الحرية والبحث عن الذات، واختلاط المسئوليات والأدوار بين الزوجين، وكثرة استخدام الإيذاء اللفظي والجسدي، وانعدام التوافق الفكري، أو تلاشي الانسجام العاطفي والروحي بين الزوجين.

ومواجهةً لهذا التطور الملحوظ لحالات الطلاق المعروضة على دار الإفتاء المصرية ومعدلاتها ونوعيتها، تقوم دار الإفتاء بعدة إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة مشاركة في الجهود المبذولة من أجهزة الدولة المختلفة، فضلًا عن وجود عدة مبادرات مع الأزهر الشريف ووزارة التضامن لتوحيد الجهود في برنامج قومي.

وتتخذ دار الإفتاء عدةَ تدابير وقائية من أجل تحصين بناء الأسرة؛ حيث أطلقت في الأعوام الأخيرة عدة برامج متخصصة في هذا الشأن، كبرنامج "تأهيل المقبلين على الزواج" والذي يهدف إلى توعية المقبلين على الزواج ونشر الوعي والثقافة الخاصة بمعايير اختيار كل من الزوجين للآخر؛ سواء كانت شرعيةً أو عرفية ترجع إلى العادات والتقاليد، والتعريف بحقوق كل من الزوجين وواجباته تجاه الآخر، وكيفية إدارة الحياة الزوجية.

كما أنشأت دار الإفتاء أيضًا وحدة متخصصة للإرشاد الأسري حيث تحال إليها المشكلات من إدارات الفتوى المختلفة، وكذلك إدارة فض المنازعات الأسرية، ويتمُّ في جلسات الإرشاد الأسري بحثُ مسائل الطلاق، بحضور ممثل شرعي من دار الإفتاء، ومسئول عن التنمية وبرامج السعادة، وكذلك أطلقت دار الإفتاء برنامجًا آخر لتنمية مهارات التوافق الزوجي؛ فضلًا عن رصد أهم المشكلات والمستجدات المتعلقة بفُرَق الزواج خاصة الطلاق لدراستها والعمل على حلِّها بإيجاد معالجة شرعية من خلال اعتماد اختيارات فقهية تعدُّ مخارجَ شرعية لكثير من حالات الطلاق مراعاة لأحوال الناس وتحقيقًا لمصلحة بقاء العلاقة الزوجية.

كما يتمُّ معالجة حالات الطلاق وَفق طريقة منظمة ومنضبطة؛ بحيث لا يفتي بالتفريق في حالة انسداد الطرق الشرعيَّة والمخارج الفقهية إلا كاتبُ هذه السطور؛ وذلك إذا لم يتيسر الحلُّ للسادة أمناء الفتوى واللجان المختصة؛ وهذا من باب المحافظة على الأسرة التي هي نواة المجتمع.

****

12/09/2019

تحيط بالحياة الأسرية بين الزوجين تحديات جسام ومواقف متتالية تحتاج إلى التفاف كِلَا الزوجين حول أنفسهما بسلامة ونقاء قلب، فيمسك كل طرف بالآخر لمواجهة هذه الصعاب جنبًا إلى جنب بما يحقق سعادتهما، ويؤكد نجاح الاختيار لكل منهما في شريك الحياة المناسب.


قرر الإسلامُ كرامة المرأة وأعلى شأن الأنثى إلى أرفع مقام، وعصم بالزواج البشريةَ من استغلال الغرائز واتِّباع الشهوات؛ لأنه عقد غليظ في حقيقة أمره ليس من مقصودِه تمتع الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل فحسب، بل المقصود منه إلى جانب ذلك المحافظةُ على الإنسان وتحقيقُ التناسل وبقاء النوع الإنساني، ويكون به الأنس والسكن الروحي والنفسي وفرح النفس وسط شدائد الحياة ومتاعبها؛ كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].


أرسى الشرع الشريف للأسرة الأسس المتينة والآداب الحكيمة الضابطة لهذه العلاقة ذات الميثاق الغليظ؛ حتى تكون بمراعاتها محل اطمئنان الزوجين وواحة الراحة والهدوء التي يلجأون إليها؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].


1- الأسرة محل نظر الله فمهما تعرضت لضغوط ومشكلات، فهي قادرة بمدد الله مع إرادة الزوجين على العودة للحياة بتوافق جديد. 2- أقرب طريق لقلب زوجتك الإحسان والود لأهلها. 3- من أهم قواعد إدارة المشكلات بين الزوجين: يجب التفكير في الحلول ومن العبث البحث عن المتسبب والأسباب.


جعل الله تعالى الزوج راعيًا ومؤتمنًا على أسرته عبر مراحل حياتهما، يرتاد لها الأحوال المرضية، ويهيئ لها الأجواء السعيدة بدنيًّا وفكريًّا ونفسيًّا، بما يعود عليها بالنفع والاستقرار والأمان والتكامل، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُم». متفقٌ عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :55
الشروق
6 :27
الظهر
12 : 58
العصر
4:33
المغرب
7 : 28
العشاء
8 :49