الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ
28 أغسطس 2018 م

النَّصيحة

النَّصيحة

التَّناصُح بين الناس من الأخلاق المهمَّة التي حرص الإسلامُ على ترسيخها في المجتمع، وهي مشتقَّة من الإِخلاص؛ فالنَّاصِح يُخلِص القولَ لمن يَنْصحُه ويسعى في هدايتِه وصلاحِه.
وقد ذكر اللهُ سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في قَصَصِ عددٍ من الأنبياء عليهم السلام أنهم حَرِصوا على النُّصح وكانت لديهم رغبةً صادقةً في هداية أقوامهم؛ كما أخبر اللهُ بذلك عن نوحٍ عليه السلام: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 61، 62]، وعن هود عليه السلام: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف: 67، 68]، وعن صالح عليه السلام: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: 71]، وعن شعيب عليه السلام: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [الأعراف: 93].
ولقد جعل الله سبحانه وتعالى النُّصحَ للهِ ورسولِه؛ لأهميته ومنزلته، رافعًا للحرجِ عن الضعفاء والمرضى الذين لا يستطيعون القيام بواجب الجهاد، فإذا نصحوا لله ورسوله أثناء تخلُّفهم عن الجهاد، بالتوقُّف عن بثِّ الأراجيف وإثارة الفتن، وسعوا في إيصال الخير للمجاهدين، كان هذا من باب الإعانة على الجهادِ، ورافعًا للإثم عنهم؛ قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 91].
وعن تميمٍ الدَّاريِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قلنا -أي الصحابة-: لِمَنْ؟ قال: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه مسلم.
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ" متفق عليه.
فالنصيحةُ من الأمور المهمة في الإسلام، فيجب على المسلمين أن يتحلَّوا به، وأن يريد كل مسلم الخير لأخيه المسلم، وأن يعمَّ هذا الخيرُ العالمين، فيسود السلام والأمن والتعاون بين الأفراد والجماعات والأمم.
والنصيحةُ -كما وردت في الحديث الشريف- لها أنواعٌ ومستويات مختلفة؛ قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في "صيانة صحيح مسلم" (1/ 221-222) : "النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلًا؛ فالنصيحة لله تعالى: توحيده ووصفه بصفات الكمال والجلال، وتنزيهه عما يضادها ويخالفها، وتجنب معاصيه، والقيام بطاعته ومحآبِّه بوصف الإخلاص، والحب فيه والبغض فيه، وجهاد من كفَرَ به تعالى وما ضاهى ذلك، والدعاء إلى ذلك، والحث عليه.
والنصيحة لكتابه: الإيمانُ به وتعظيمه وتنزيهه، وتلاوته حقَّ تلاوتِه والوقوف مع أوامره ونواهيه، وتفهُّم علومِه وأمثالِه، وتدبر آياته، والدعاء إليه، وذَبُّ تحريف الغالين وطعنِ الملحدين عنه.
والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم قريب من ذلك: الإيمان به وبما جاء به وتوقيره وتبجيله، والتمسك بطاعته، وإحياء سنته واستثارة علومها ونشرها ومعاداة من عاداه وعاداها، وموالاة من والاه ووالاها، والتخلق بأخلاقه، والتأدُّب بآدابه، ومحبة آله وصحابته، ونحو ذلك.
والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحقِّ، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولطف، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك.
والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، وستر عوراتهم، وسد خلَّاتهم، ونصرتهم على أعدائهم، والذب عنهم، ومجانبة الغش، والحسد لهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وما شابه ذلك".
فالنَّصيحةُ في الإسلامِ عامةٌ لكل الخلق ومن كل الخلق، كبيرهم وصغيرهم، حاكمهم ومحكومهم، غنيهم وفقيرهم .. إلخ؛ فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ»، قيل: ما هُنَّ يا رسول الله؟، قال: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» رواه مسلم.
وقال فيمن يتولَّى أمرًا: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» متفق عليه.
وقال فيمن يتولَّاه غيره: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا، وَرَضِيَ لَكُمْ ثَلَاثًا: رَضِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا، وَأَنْ تَنْصَحُوا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» رواه أحمد.
على أنه لِيتبوَّأ المرءُ موقعَ النَّاصح فإنه ينبغي عليه أن يتخلَّق بما ينصح به، ويُراعي معرفة حقيقة ما ينصح به؛ حتى ينصح ويرشد على بينة، قال الإمام أبو بكر الآجري: "ولا يكون ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إلا من بدأ بالنصيحة لنفسه، واجتهد في طلب العلم والفقه؛ ليعرف به ما يجب عليه، ويعلم عداوة الشيطان له وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إليه النفس حتى يخالفها بعلم".
المصادر:
- "صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط" للإمام أبي عمرو ابن الصلاح (1/ 221-222).
- "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب (1/ 215-225).
- "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بطال (1/ 30).
- "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي (16/ 121).
- "النصيحة" للدكتور شوقي علي عمر، ضمن "موسوعة الأخلاق" (ص: 577-584، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
 

الكرب بفتح الكاف وسكون الراء هو ما يُحزِنُ المرء، ويجعله في غم وهم، ومعنى تفريج الكربات: رفع الضر وإذهاب ما يدهم الإنسان ويأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه. وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو المثل الأعلى في القدوة والتأسى به، فقد ورد عن أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله تعالى في وصفها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عند بدء نزول الوحي، قالت: "وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنكَ لَتَصِلُ الرحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَل، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ،


اليقين من الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وبه يزداد المسلم قربًا من الله تعالى متوكلًا عليه زاهدًا فيما عند الناس، كما أنه يجعل صاحبه عزيز النفس، صادقًا مع الله مخلصًا في عبادته، مترفعًا عن مواطن الذلة والهوان، ومن علاماته: قلة مخالطة الناس رغبة فيهم واحتياجا إليه، وترك مدحهم عند العطاء، وترك ذمهم عند المنع، والتوكل عليه سبحانه والرجوع إليه في كل أمر. وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يدعونا إلى اليقين وأن ثوابه الجنة إن شاء الله، فعن شَداد بْن


يعد الاختلاف من سنن الله تعالى في الكون، فكل مظاهر الكون والحياة تُعبِّر عن هذه الحقيقة، فالكون كله في تنوع واختلاف وتباين، سماء وأرض ونجوم وكواكب وجبال وسهول وصحاري ووديان وبحار وأنهار وأنواع لا تعد ولا تُحصى من الأشجار والنباتات والثمار والكائنات الحية على اليابسة أو في المياه، والإنسان كذلك مختلفة أجناسه وأعراقه وألوانه ولغاته، وهو ذكر وأنثى، وينتقل في أطوار مختلفة، من الطفولة إلى المراهقة، إلى الشباب والفتوة، إلى الكهولة إلى الشيخوخة، وعلى مستوى التفكير والإدراك يشعر الإنسان في خاصة نفسه بتغير أطوار فكره ومعرفته وإدراكه لحقائق الأمور وتباين وجهة نظره إزاءها حينًا بعد آخر.


تُعَدُّ الغَيْرَةُ من الأخلاق المهمة التي ينبغي على الإنسان المسلم أن يتحلَّى بها، لكن عليه أن يُراعي أن لهذه الغَيرة ضوابط وحدود تجعلها غَيرة نافعة، تحافظ على الفضائل وتأبى الرذائل، أما الغَيرة المذمومة فهي تلك التي تدَّعي الحفاظ على الفضائل، ثم ترتكب في سبيل الحفاظ عليها مخالفات شرعية، كالحقد والحسد والإيذاء والاعتداء على الغير، فينقلب الحفاظ -الزائف- على الفضائل إلى رذيلة بما تتضمنه من مخالفات للشرع الشريف وللآثار النفسية والاجتماعية الضارَّة التي تترتب عليها.


لا ينبغي للمسلم أن يكون جُلَّ همِّه أن يسعى لتحصيل لذائذ الدنيا والتَّمتُّع بما فيها من شهوات، بل عليه أن يكتفيَ من المتع التي أحلَّها الله له بالقدر المعقول والمشروع الذي به يتحقَّقُ ما يحتاجه من الضرورات


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20