29 يوليو 2018 م

المُغِيرَةُ بن شُعْبَة

المُغِيرَةُ بن شُعْبَة

 المغيرةُ بن شُعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتِّب رضي الله عنه، من كِبار الصَّحابة ذوي الشَّجاعة والدَّهاء، كان رجلًا طوالًا، مَهيبًا، وكان يُقال له: "مغيرة الرأي"، وشهد بيعة الرضوان.
حَدَّث عنه أبناؤه عروة وحمزة وعقار، والمِسْوَر بن مَخرمة، وأبو أُمَامةَ البَاهِلي، وقيس بن أبي حازم، ومسروقٌ، وأبو وائل، وعروة بن الزبير، والشَّعبي، وأبو إدريس الخولاني، وعلي بن ربيعة الوالبي، وطائفة.
وله في "الصحيحين" اثنا عشر حديثًا.
وانفرد له البخاري بحديثٍ، ومسلم بحديثين.
وفي قِصَّةِ إِسلامِه رضي الله عنه موقفٌ مثاليٌّ نبيلٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُبيِّن سُمُوَّ أخلاقِ المسلمين وتحرُّزَهُم عن أخذِ ما ليس لهم بحقٍّ؛ يقول المغيرةُ بن شُعبة رضي الله عنه: "كنَّا متمسِّكينَ بدينِنَا ونحن سَدَنَةَ اللَّاتِ، فأُرَاني لو رأيتُ قومنا قد أسلموا ما تَبِعتهم، فأجمع نفرٌ من بني مالك الوفودَ على المقوقس، وإهداء هدايا له، فأجْمَعْتُ الخروج معهم، فاستشرت عمي عروة بن مسعود، فنهاني، وقال: ليس معك من بني أبيك أحد.
فَأَبَيْتُ، وَسِرْتُ معهم، وما معهم من الأحلاف غيري؛ حتى دخلنا الإِسكندرية، فإذا المقوقس في مجلسٍ مُطِلٍّ على البحر، فركبتُ زَوْرَقًا حتى حاذيتُ مجلسَه، فأنكرني، وأمر من يسألني، فأخبرته بأمرنا وقدومنا.
فأمر أن ننزل في الكنيسة، وأجرى علينا ضيافةً، ثم أدخلنا عليه، فنظر إلى رأس بني مالك، فأدناه، وأجلسه معه، ثم سأله: أَكُلُّكم من بني مالك؟
قال: نعم، سوى رجلٍ واحدٍ.
فعرَّفه بي، فكنت أهونَ القوم عليه، وَسُرَّ بهداياهم، وأعطاهم الجوائز، وأعطاني شيئًا لا ذكر له.
وخرجنا، فأقبَلَت بنو مالكٍ يشترون هدايا لأهلهم، ولم يعرض عليَّ أحدٌ منهم مواساة، وخرجوا، وحملوا معهم الخمر، فكنَّا نَشرب.
فأجمعت على قتلهم، فتمارضتُ، وعصبت رأسي، فوضعوا شرابهم، فقلت: رأسي يُصَدَّعُ، ولكني أسقيكم.
فلم يُنكروا، فجعلت أصرف لهم (أي يسقيهم الخمر صرفًا من غير مزج بالماء)، وأُتْرِعُ لهم الكأس، فيشربون ولا يدرون، حتى ناموا سُكْرًا، فَوَثَبْتُ، وقتلتُهم جميعًا، وأخذتُ ما معهم.
فقدمتُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجده جالسًا في المسجد مع أصحابه، وعليَّ ثيابُ سَفَرِي، فسلَّمتُ، فعرَفني أبو بكر رضي الله عنه.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلإِسْلاَمِ».
قال أبو بكر رضي الله عنه: أَمِنْ مِصر أَقْبَلْتم؟
قلتُ: نعم.
قال: ما فعل المالكيون؟
قلت: قتلتُهم، وأخذتُ أسلابَهم، وجئتُ بها إلى رسول الله لِيَخْمُسَهَا.
فقال النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَّا إِسْلَامُكَ فَنَقْبَلُهُ، وَلَا آخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِم شَيْئًا، لأَنَّ هَذَا غَدْرٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الغَدْرِ».
فأخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ، وقلت: إنما قتلتُهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة.
قال: «فَإِنَّ الإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ».
فبالرغم من أنَّ هذه الأموال أخذها المغيرة وقتَ أن كان على غير دينِ الإِسلاِم، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رفض أن يأخُذَها؛ لأنها جاءت من طريق الغدر.
وكان دهاءُ المغيرة رضي الله عنه مما تعجب منه العقول، فحدَث أن أهل البحرين كرهوا المغيرة بن شعبة، بعد أن ولَّاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليها، فعزله عمر، وخافوا أن يعيد توليته مرة أخرى، فأرادوا أن يوقعوا بينه وبين عمر باتهامه بالخيانة، حيث قال أحد كبرائهم: "إن فعلتم ما آمركم، لم يرده علينا".
قالوا: "مُرنا".
قال: "تجمعون مائة ألف حتى أذهب بها إلى عمر، فأقول: إن المغيرة اختان هذا، فدفعه إليَّ".
فجمعوا له مائة ألف، وأتى عمرَ، فقال ذلك.
فدعا عمرُ المغيرةَ، فسألَه، قال: "كَذَبَ -أصلحكَ الله-، إنما كانت مائتي ألف".
قال عمر: "فما حملك على هذا؟"
فقال المغيرة: "العيال والحاجة".
فقال عمر للرجل: "ما تقول؟"
قال: "لا والله لَأَصْدُقَنَّكَ؛ ما دفع إليَّ قليلًا ولا كثيرًا".
فقال عمر للمغيرة: "ما أردتَ إلى هذا؟"
فقال المغيرة: "الخبيث كذبَ عليَّ؛ فأحببتُ أن أخزيَه".
وعن الشَّعبي قال: "سمعت قبيصَة بن جابر رضي الله عنه يقول: صحبت المغيرة بن شعبة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب، لا يُخرج من باب منها إلا بمكرٍ -أي: تخطيط-، لخرج من أبوابها كلها".
وحين دعا معاويةُ رضي الله عنه عمرو بن العاص رضي الله عنه لإمارة الكوفة وقال له: "أعني على الكوفة".
فقال له عمرو: "كيف بمصر؟"
فقال معاوية: "أستعمل عليها ابنَك عبد الله بن عمرو".
قال: "فنعم".
فبينا هم على ذلك، جاء المغيرة بن شعبة -وكان معتزلًا بالطائف-، فناجاه معاوية.
فقال له المغيرة: "تُؤمِّر عَمرًا على الكوفة، وابنه على مصر، وتكون كالقاعد بين لَحْيَيِ الأسد".
فقال معاوية: "ما ترى؟"
فقال المغيرة: "أنا أكفيك الكوفة".
فقال معاوية: "فافعل".
ثم قال معاوية لعمرو حين أصبح: "إني قد رأيت كذا".
ففهم عمرو، فقال: "ألَا أدلك على أمير الكوفة؟"
قال: "بلى".
قال: "المغيرة، واستغن برأيه وقوته عن المكيدة، واعزلْه عن المال، قد كان قبلك عمر وعثمان فَفَعَلَا ذلك".
فقال معاوية: "نعم، ما رأيت".
فدخل عليه المغيرة، فقال: "إني كنت أمَّرتك على الجند والأرض، ثم ذكرت سُنَّةَ عمر وعثمان قبلي".
قال: "قد قبلت".
وقد تُوفي المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في سنة خمسين من الهجرة، في شعبان، وله سبعون سنة.
المصادر:
- "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي (3/ 21، وما بعدها).
- "تاريخ دمشق" للإمام ابن عساكر (60/ 13، وما بعدها).

من القصص الشَّيِّقة التي يرويها لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، قصة الرجل المؤمن الذي سمع بقدوم رسلٍ لمدينته، فرفض أهل المدينة دعوة هؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله إليهم، وهمُّوا بقتلهم، إلا أنَّ هذا الرجل لم يأبه برفض قومه وعنادهم، بل واجههم وحاول إنقاذ الرسل بدعوة قومه إلى الإيمان بالله واتباع هؤلاء الرسل


الصحابي الجليل، سيدنا عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه، كان قد أسلم مبكرًا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها، وأخفى إسلامه، وهاجر إلى المدينة مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فذهب أبو جهل والحارث بن هاشم -وهما أخويه لأمِّه- وقالا له: "إن أمَّك قد نَذَرَتْ أن لا يمسَّ رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، وقد حلفتْ لا تأكل طعامًا ولا شرابًا حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيءٍ، ولا نحول بينك وبين دينك"، فاستشار عياشٌ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له: "يا عياش، إنه والله إن يريدك


سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه له مكانة رفيعة في الإسلام، وله منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى، فقد أنزل فيه قرآنًا يتلى، ووافق الوحيُ كلامَه رضي الله عنه في أكثر من موضع، أوصلها بعضهم لعشرين موافقة، ومما يُرْوَى في هذا الباب أن عمر كان يرى الرأي فينزل به القرآن. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، "وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ:﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]. وَآيَةُ


لم يذكر القرآن اسم أم سيدنا موسى عليه السلام صراحةً، ولم يَرد كذلك في السنة النبوية المطهَّرة، وقد اختلف العلماء في تحديد اسمها، فقيل: محيانة بنت يصهر بن لاوي، وقيل: يوخابذ بنت لاوي بن يعقوب، وقيل: يارخا، وقيل: يارخت، وقيل غير ذلك.


كان سيدنا سهيل بن عمرو قبل دخوله الإسلام من عتاة المشركين وكان أحد أشراف قريش وعقلائهم وخطبائهم وساداتهم، ومفاوضها مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، أُسر يَوْم بدر كافرًا، وروي أن عمر قال وسهيل في الأسر: "يا رَسُول اللَّهِ، أنزع ثنيتيه، فلا يقوم عليك خطيبًا أبدًا؟" فقال: «دعه يا عمر، فعسى أن يقوم مقامًا تحمده عليه»، فكان ذلك المقام أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 مايو 2025 م
الفجر
4 :16
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 52
العصر
4:28
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :17