26 يوليو 2017 م

لقمان الحكيم

لقمان الحكيم

 يُعَدُّ لقمانُ من الشخصيات الشَّهيرة في القرآن؛ حيث أفردَ الله سبحانه وتعالى سورة خاصَّةً به، تحمل اسمه، وتذكُر طرفًا من حِكَمِه ووصاياه القيِّمة لابنه.
والظَّاهر أن لقمان لم يكن نبيًّا، وإنما كان عبدًا صالحًا آتاه الله الحكمة.
وقد ذكر الله في بداية هذه السورة قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان: 6]، وقيل إنَّ هذه الآية نزلت في النَّضرِ بن الحارث؛ وذلك أنه كان يخرج تاجرًا إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويُحَدِّثُ بها قريشًا، ويقول لهم: إنَّ محمَّدًا يحدِّثكم بحديثِ عادٍ وثمود، وأنا أحدِّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فكانت هذه الآية بمثابة تقريع لهؤلاء الذين يغريهم الحديث عن قَصَصٍ لا يُفيد، بقدر ما يقدِّمه لهم قَصَصُ القرآن من أفكار مهمَّةً وحِكَمٍ نفيسَة؛ فذكَرَ الله بعد ذلك قصَّة لقمان الحكيم؛ وكأنها الوجه المقابل لمثل هذا القصص الذي يجلبه النَّضر بن الحارث من بلاد فارس، ولا يستفيد منه السَّامعون إلا مجرَّد الاستمتاع الروائي، دون فائدةٍ علميَّةٍ أو قِيَمِيَّةِ أو أخلاقيَّة أو سلوكيَّة؛ فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [لقمان: 12]؛ فقد أنعم الله تعالى عليه بالحكمة، وهذا من أجلِّ النِّعم؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269].
والحكمة: إتقان العلم وإجراء الفعل على وَفق ذلك العلم المستفاد من شريعة الله عزَّ وجلَّ، ومنه العبرة بأحوال الأمم الماضية، وإدراك مصالح الدين، وأسرار الشريعة، وبعبارة أخرى: هي الصواب في المعتقدات، والفقه في الدين، والعقل.
ثم عدَّد القرآن نصائح لقمان الحكيم لابنه، التي يحُضُّه فيها على توحيد الله تعالى أولًا وعدم الإشراك به، وهذا أساس مهم من أسس التربية؛ أن يبدأ المُرَبِّي بتخلية النَّفس من الخبائث حتى تتعرَّض للتزكية والفضائل، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]، وأخبره أن الله يعلم كل شيء وقادر على كل شيء، حتى إن كانت حبة دقيقة جدًّا داخل صخرة أو في السماء أو في الأرض فإنَّ الله يعلم بها ومتمكِّنٌ منها؛ قال تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 16].
وبعد أن علَّمه أصول العقيدة انتقل معه إلى تعليمه أصول الأعمال الصالحة؛ فأمره بإقامة الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على ما يصيبه جَرَّاء أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أو في أي حال آخر، قال تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 17].
ثم علَّمه آداب معاملة الناس؛ فنهاه عن احتقارهم والتعالي عليهم، وعلَّمه الاعتدال في حال نفسه؛ فطالبه بالقصد في المشي وخفض الصوت، فبعد أن ذكر له الخُلُق الذَّميم ذكر له الخُلُق الكريم؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ۞ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 18-19].
لقد كانت نصائح لقمان الحكيم لابنه التي ذكرها القرآن في سورة لقمان، نصائح تربوية جامعة، وفق منهج تربوي منضبط واضح، منطلق من تصحيح العقيدة وبيانها بشكل واضح؛ حتى يكون الإنسان على بيِّنة فيما يعبد وغايته النهائية من عبادته وسعيه في الحياة الدنيا، ثم هو في هذا السَّعي وتلك العبادة مطالَبٌ بأعمال عليه أن يلتزم أداءها، وسيواجه في حياته عناءً يجب أن يصبرَ عليه ويتحمَّلَه، وهناك مجتمع يعيش فيه هذا الإنسان عليه أن يحمل همَّه، ويرتبط به، ويسعى في خيره ورفعة شأنه، وعليه أن يُعامله بالحسنى، ويصبر على أذاه، ولا يتكبَّر عليه، كما أنَّ عليه أن يعتدل في أموره كلها، فلا يُفرِطُ ولا يُفَرِّطُ، ولا يتوصَّلُ إلى مراده أو حقوقه بالغوغائية أو عُلُوِّ الصوت، بل بالموضوعية والإقناع.
هذه بعض ثمرات منهج لقمان الحكيم التي بيَّنها لنا الله عزَّ وجلَّ في محكمِ التَّنزيلِ.
نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها، وأن يوفقنا لما فيه الخير والرشاد.
المصادر:
- "أسباب النزول" للواحدي (ص: 345).
- "التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور.
- "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لابن عطية.

من القصص الشَّيِّقة التي يرويها لنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، قصة الرجل المؤمن الذي سمع بقدوم رسلٍ لمدينته، فرفض أهل المدينة دعوة هؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله إليهم، وهمُّوا بقتلهم، إلا أنَّ هذا الرجل لم يأبه برفض قومه وعنادهم، بل واجههم وحاول إنقاذ الرسل بدعوة قومه إلى الإيمان بالله واتباع هؤلاء الرسل


المغيرةُ بن شُعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتِّب رضي الله عنه، من كِبار الصَّحابة ذوي الشَّجاعة والدَّهاء، كان رجلًا طوالًا، مَهيبًا، وكان يُقال له: "مغيرة الرأي"، وشهد بيعة الرضوان. حَدَّث عنه أبناؤه عروة وحمزة وعقار، والمِسْوَر بن مَخرمة، وأبو أُمَامةَ البَاهِلي، وقيس بن أبي حازم، ومسروقٌ، وأبو وائل، وعروة بن الزبير، والشَّعبي، وأبو إدريس الخولاني، وعلي بن ربيعة الوالبي، وطائفة


كان سيدنا سهيل بن عمرو قبل دخوله الإسلام من عتاة المشركين وكان أحد أشراف قريش وعقلائهم وخطبائهم وساداتهم، ومفاوضها مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، أُسر يَوْم بدر كافرًا، وروي أن عمر قال وسهيل في الأسر: "يا رَسُول اللَّهِ، أنزع ثنيتيه، فلا يقوم عليك خطيبًا أبدًا؟" فقال: «دعه يا عمر، فعسى أن يقوم مقامًا تحمده عليه»، فكان ذلك المقام أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الصحابي الجليل سيدنا زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد النَّجَّاريّ الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، ترجمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحِبّه، وأحد كُتَّاب الوحي، ومن أعلم الصحابة بالفرائض.


من القصص المهمة في القرآن، تلك القصة التي تحدَّثت عن طالوت، أحد ملوك بني إسرائيل؛ ففيها الكثير من العبر والدِّلالات. فبعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام، تعاقب على بني إسرائيل عدد من الأنبياء، وبعضهم كانوا ملوكًا عليهم، وقد أهمل بنو إسرائيل التمسك بتعاليم التوراة، وعبدوا الأصنام، وأُخذ منهم التابوت الذي تركه لهم سيدنا موسى فيه سكينةٌ من الله عزَّ وجلَّ، وألواح التوراة وبعض الأشياء الأخرى، من بعض القبائل، وساءت أحوالهم، وكان بينهم نبي طلبوا منه أن يسأل الله أن يبعث لهم ملكًا لكي يقاتلوا بدلًا مما يعانوه من إهانةٍ وتشريدٍ،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :31