01 يناير 2017 م

المبادرة إلى جواب المستفتي في الدين

المبادرة إلى جواب المستفتي في الدين


جاء عن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا". رواه مسلم.

يحمل هذا الحديث رافدًا جديدًا من روافد التعامل مع المواقف وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع خطبته لأمرٍ من المؤكد أنه من الأمور الهامة، وإلا لما قطع خطبته.

يحمل هذا الحديث لنا حالة رجل غريب، وهذا أول سبب من أسباب قطع الخطبة، فهو رجل غير معروف، وبالتالي إذا فُقد فربما لا يمكن العثور عليه مرة أخرى، ثم إن هذا الرجل جاء يسأل عن دينه حيث لا يدري عنه شيئًا، فهو لا يسأل عن فروع دينية لا تؤثر في أصل الإيمان، وإنما يسأل عن أمور في أصل الدين يخشى منها أن يضيع عليه الفوز بالإيمان والتحقق بحقيقة هذا الدين الحق الواصل إليه من طريق خاتم المرسلين عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم، لذلك لم يكن هناك بد من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المبادرة إليه بالجواب وشفائه من الجهل بأصول الدين.

يحمل لنا الحديث بالإضافة إلى ذلك عدة فوائد؛ ينبئنا بها الإمام النووي؛ حيث يقول: "فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلَطُّفِ السَّائِلِ فِي عِبَارَتِهِ وَسُؤَالِهِ الْعَالِمَ، وَفِيهِ تَوَاضُعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَرِفْقُهُ بِالْمُسْلِمِينَ وَشَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ وَخَفْضُ جَنَاحِهِ لَهُمْ، وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى جَوَابِ الْمُسْتَفْتِي وَتَقْدِيمُ أَهَمِّ الْأُمُورِ فَأَهَمِّهَا، وَلَعَلَّهُ كَانَ سَأَلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَقَوَاعِدِهِ الْمُهِمَّةِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِيمَانِ وَكَيْفِيَّةِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَجَبَ إِجَابَتُهُ وَتَعْلِيمُهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَقُعُودُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَى الْكُرْسِيِّ لِيَسْمَعَ الْبَاقُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْا شخصه الكريم".

ولسائل أن يسأل عن حكم قطع خطبة الجمعة؟
ويجيب عن هذا السؤال أيضًا الإمام النووي فيقول: "وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فِيهَا خُطْبَةُ أَمْرٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا قَطَعَهَا بِهَذَا الْفَصْلِ الطَّوِيلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا كَانَتِ الْجُمُعَةَ وَاسْتَأْنَفَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ طَوِيلٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ كَلَامَهُ لِهَذَا الْغَرِيبِ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْخُطْبَةِ فَيَكُونُ مِنْهَا ولا يضر المشي في أثنائها". "شرح النووي على مسلم" (6/ 166).

ويضيف الإمام القرطبي صاحب "المُفهِم" سببًا آخر من أسباب قطع الخطبة فيقول: "لما أخبره بذلك تعيَّن عليه أن يُعلِّمه في الحال، ولخوف الفوت، ولأنه لا يناقض ما كَانَ فيه منْ الخطبة، ومشيه صلى الله عليه وآله وسلم وقربه منه فِي تلك الحال مبادرة لاغتنام الفرصة، وإظهار التَّهَمُّم بشأن السائل، وأيضًا فإن هَذَا الرجل الغريب الذي جاء سائلًا عن دينه هو مِنَ النوع الذي قَالَ فيه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أُناسًا يأتونكم منْ أقطار الأرض يطلبون الِعلم، فاستوصوا بهم خيرًا"؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ لا يأمر بشيء إلا كَانَ أوَّل آخذٍ به، وإذا نهى عن شيء كَانَ أوَّل تارك له". "المفهم لما أشكل من صحيح مسلم" (2/ 515).

عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» رواه البخاري.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم؟


عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا


عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاريُّ.


عن شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ (أي: جرحه)، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 03 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :15
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :13